Deprecated: Optional parameter $Href declared before required parameter $Img is implicitly treated as a required parameter in /home/ademocr/public_html/Arabic/include/utility.inc.php on line 254
الشبكة العربية : دراسات في العمارة والفنون لدى الاقباط - محمد عبدالفتاح السروري
الخميس ٢٨ - ٣ - ٢٠٢٤
 
التاريخ: تشرين الثاني ١٧, ٢٠١٨
المصدر: جريدة الحياة
دراسات في العمارة والفنون لدى الاقباط - محمد عبدالفتاح السروري
يعتقد الكثير من الباحثين أن حياة الرهبنة الأولى في مصر بدأت مباشرة بعد وفاة القديس مرقس الإنجيلى (الذي بشّر بالدين المسيحي في مصر خلال القرن الأول الميلادي، حيث أنه يُعد من ضمن السبعين رسولاً الذين تفرقوا في أنحاء البلاد للتبشير بالمسيحية الوليدة آنذاك)، ونشأ وترعرع بين الرهبان نوع من الزهد والتقشف وإن كانت أعباء الحياة لم تمكنهم من القيام بواجباتهم الدينية على الوجه الصحيح، مما دفع الكثير منهم إلى الخروج إلى الجبال والصحراء ليعيشوا في أماكن معزولة يمارسون فيها نوعاً من حياة الزهد على نطاقٍ واسع.

وفي الدراسة كتبها مصطفى عبدالله شيحة عن العمارة والفنون القبطية، والتي صدرت عن سلسلة الثقافة الأثرية والتاريخية لهيئة الآثار المصرية يذكر مراجع أرّخت أن القديس مرقس الإنجيلي هو من أسس أول كنيسة في مصر في مدينة الاسكندرية في منطقة (بوكوليا) وعليه فإن كنيسة الاسكندرية تُعد الكنيسة الأولى بالنسبة إلى نشأة الكنائس في مصر. ولكن المؤرخ الكنسي (أبو صالح الأرمني) يشير إلى أن أول كنيسة بُنيت في مصر كانت في الوجه القبلي في صحراء قوسقام بالمحرقة وقام ببنائها الأشمونيون حيث يورد قوله: (بيعة - كنيسة - السيدة الطاهرة مرتمريم - مذكور في متن البحث مرتمريم وليس مريم كما هو معتاد وذلك من قبيل التوضيح - بالمحرقة من أعمال الأشمونيين وفيها عاد المسيح إلى مصر ومنها إلى الشام، وهى أول كنيسة أنشأت في الوجه القبلي وهذه البيعة تعُرف باسم قوس قام).

والواقع أن تتبع حركة البناء والتجديد في المنشآت القبطية في مصر قبل بداية العصر الإسلامي يُعد من الأمور العسيرة ويرجع ذلك إلى الصراع المرير بين المسيحية والوثنية في مصر خلال القرون الثلاثة الأولى وما صاحب هذه الفترة من استشهاد الكثير من مسيحيي مصر، وتعد سيرة بطاركة الكنيسة المصرية وسيرة رهبان الرعيل الأول من أهم المصادر التاريخية التي يمكن الاعتماد عليها في معرفة حركة البناء والتعمير في الكنيسة المصرية إلى حدٍ كبير.

ومما ساعد على تأريخ حركة إنشاء الكنائس والأديرة في مصر أن كُتب سيرة هذا الرعيل الأول بالإضافة إلى الكتب التي كتبها الرحالة– وكان بعضاً منهم من رجال الدين - رصدت حركة الإنشاء ووثقتها مثل روفينيوس الذي زار منطقة وادي النطرون في القرن الرابع الميلادي وكتب في تاريخ الرهبنة في مصر، وبالليديوس الذي قام بتأليف كتاب بستان الراهب الذي يؤرخ للرهبنة المصرية، والراهب كاسيان الذي عاش فترة من حياتهِ في بعض الأديرة المصرية.

ومن النصوص التاريخية الهامة ما أشار إليه المؤرخ (تقى الدين المقريزي) والتي يستفاد منها بوجود كنائس بُنيت سراً في القرن الثاني الميلادي ما بين فترة البطريرك (ابريموس) وفترة البطريرك (ديميتريوس)، إذ يذكر النص الذي أورده المقريزي في هذا الشأن (وفي أيام ديميتريوس آثار الملك سوريانوس قيصر على المسيحيين بلاءً كثيراً في جميع مملكته وقتل منهم خلقاً كثيراً وقدِم مصر وقتل جميع من فيها وهدم كنائسهم وبنى بالإسكندرية هيكلاً لأصنامه).

أما عمارة الأديرة في مصر فتذكر الإشارات التاريخية عنها أنها بدأت في فترة بطركية ديوناسيوس (244–256م) حيث بدأها الراهب أنطونيوس والذي وصف بأنه أول من بدأ عمارة الأديرة في البراري وأنزل بها الرهبان، وحين تولى واثاناس منصب البطريرك في الفترة ما بين (273-293م) ركز جهده في محاولة لعمل علاقاتٍ طيبة مع الحكام الرومان، لكى يتمكن من أن يؤمن الكنيسة في مصر قدر جهده، وقد نجح في هذا الأمر وتمكن أن يبنى كنيسة السيدة العذراء في الإسكندرية حيث صلى بها المسيحيون لأول مرة جهراً ولم تستمر تلك العلاقة الطيبة كثيراً حيث تولى الأمبراطور دقلديانوس دفة الأمور وقام باضطهاده الديني الكبير عام 284م وكان من بين ما شمله هذا الاضطهاد بطبيعة الحال حرق وتدمير الكنائس المصرية حيثما وجدت، بل أنه قتل البطريرك بطرس (294-302م) والذي عُرف باسم خاتم الشهداء وقتل معه مجموعة كبيرة من الأساقفة والرهبان، ثم أخذت حركة إنشاء الكنائس في مصر طريقها الملموس اعتباراً من اعتناق الإمبراطور قسطنطين للمسيحية أو أنها جعلها أحد الشرائع المسموح باعتناقها.

وبفضل الحركة الدينية التي قامت على أساس الاعتراف بالدين المسيحي تمكن البطريرك تيوثاوس (396-402م) من أن يُشّيد عدة كنائس خلال فترة بطركيته، وفي أيام الإمبراطور أركاديوس (395-408م) تم بناء دير القيصر في جبل المقطم. على أن الخراب الكبير الذي لحق بمعظم الأديرة المصرية وكنائسها حدث خلال الغزو الفارسي لمصر (616م) الذين ظلوا يحتلون مصر حتى عام (629م) إلى أن أجبرهم الإمبراطور هرقل على الرحيل عنها بعد أن حاربهم في بلادهم نفسها. وقد قدّر بعض المؤرخين أن الأديرة والكنائس التي خربها الفرس بمدينة الإسكندرية وحدها بحوالى ستمائة كنيسة ودير بالإضافة إلى سلبها ونهبها، كما خرّب الفرس أيضاً ما كان في ريف مصر من أديرةٍ وكنائس كانت عامرة برهبانها بالإضافة إلى ما كان في مدينة الفرما - بورسعيد حالياً - من كنائسٍ وأديرة ولم ينجُ من هذا الخراب الكبير سوى دير الزجاج بالإسكندرية وهو الدير الذي يعرف بدير الهانطون وكذلك دير قبريوس إلى الشمال الشرقي من المدينة.

أما من حيث تخطيط الكنائس فيكاد ينحصر تخطيط الكنيسة بصفة عامة في ثلاثة أنواع رئيسة هي التخطيط البازيليكي، والبيزنطي، والقبطي.

التخطيط البازيليكي، يعتبر هذا الطراز من أقدم الطرز المعمارية الخاصة في تخطيط الكنيسة المسيحية وهو طراز أنتشر إلى حدٍ بعيد في كل أرجاء العالم، وهو يتألف من مساحة مستطيلة الشكل يقع مدخله من الناحية الشرقية، وتتكون الكنيسة في الداخل من ثلاثة أروقة رئيسية ويوجد في الكنيسة (الحنية) أو المحراب ويكون على شكل نصف دائري وكان يوضع بهذا المحراب كرسي الأسقف.

أما التخطيط البيزنطي فهو من الطرز المعمارية التي لاقت انتشاراً كبيراً بين العالم المسيحي ويعتبره البعض الطراز المفضل الذي يناسب بناء الكنيسة المسيحية ويختلف الطراز البيزنطي عن الطراز البازيليكي في أن الطراز البيزنطي مربع الشكل في حين أن الكنيسة البازيليكية مستطيلة الشكل كما سبق وأن ذكرنا، كما تمتاز الكنيسة البيزنطية باستخدام القباب في تغطية الكثير من مساحتها بينما نجد أن وسيلة التغطية في الكنيسة البازيليكية تكون باستخدام السقوف المسطحة الشكل.

أما التخطيط القبطي، فهو قائم في جوهره على التخطيط البازيليكي ولكن مع بعض التغيرات ومن أهم هذه التغيرات هو انفراد الكنيسة القبطية بوجود عدة هياكل في النهاية الشرقية من جسم الكنيسة يختلف عددها وإن كان يغلب وجود ثلاثة هياكل في البناء الكنسي وفي البعض الأخر خمس هياكل وسبعة هياكل ولكن هذا فيما ندر، وفي كل هيكل من هذه الهياكل عناصر معمارية ثابتة: مثل وجود الحنية (المحراب) بالزخرفة أو بدون، كما لا يظهر بروز هذا المحراب من خارج الجدار ويغطى هذه الهياكل غالباً قباب خاصة وأخيراً فإن هياكل الكنيسة تنفصل عن جسم الكنيسة الرئيس بواسطة أحجبة خشبية تعرف بالإيقونستات وتعد تلك الإيقونستات من أدق خصائص الكنيسة القبطية.


الآراء والمقالات المنشورة في الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الشبكة العربية لدراسة الديمقراطية
 
تعليقات القراء (0)
اضف تعليقك

اطبع الكود:

 لا تستطيع ان تقرأه؟ جرب واحدا آخر
 
أخبار ذات صلة
منظمة حقوقية مصرية تنتقد مشروع قانون لفصل الموظفين
مصر: النيابة العامة تحسم مصير «قضية فيرمونت»
تباينات «الإخوان» تتزايد مع قرب زيارة وفد تركي لمصر
الأمن المصري يرفض «ادعاءات» بشأن الاعتداء على مسجونين
السيسي يوجه بدعم المرأة وتسريع «منع زواج الأطفال»
مقالات ذات صلة
البرلمان المصري يناقش اليوم لائحة «الشيوخ» تمهيداً لإقرارها
العمران وجغرافيا الديني والسياسي - مأمون فندي
دلالات التحاق الضباط السابقين بالتنظيمات الإرهابية المصرية - بشير عبدالفتاح
مئوية ثورة 1919 في مصر.. دروس ممتدة عبر الأجيال - محمد شومان
تحليل: هل تتخلّى تركيا عن "الإخوان المسلمين"؟
حقوق النشر ٢٠٢٤ . جميع الحقوق محفوظة