الجمعه ٢٦ - ٤ - ٢٠٢٤
 
التاريخ: تشرين الثاني ١, ٢٠١٨
المصدر: جريدة الحياة
«الإخوان» من الدعوة إلى عنف الدعوة - منير أديب
تيار «الإخوان المسلمين» منذ اللحظة الأولى لنشأته في عشرينات القرن الماضي وهو يدعو إلى ممارسة العنف؛ فقد وجَه مؤسسه حسن البنا رسائله إلى أتباعه الذين مارسوا العنف تحت إمرته لعقود طويلة حتى مقتله في 12 شباط (فبراير) عام 1949، وعمّم المرشدون من بعده رسالة «التعاليم» والتي وجهها إلى «النظام الخاص»؛ الذراع العسكرية للجماعة وتمَّ تعميمها على كل أفراد التنظيم، بغرض جعله شبه عسكري. وجاء فيها: «رسالتي إلى الإخوان المجاهدين من الإخوان المسلمين الذين آمنوا بسمو دعوتهم وقدسية فكرتهم وعزموا على أن يعيشوا بها أو يموتوا في سبيلها. إلى هؤلاء الإخوان فقط أوجه هذه الكلمات الموجزة، وهي ليست دروساً تحفظ ولكنها تعليمات تنفذ»، ثم أردف قائلاً: «أما غير هؤلاء، فلهم دروس ومحاضرات وكتب ومقالات ومظاهر وإداريات، ولكل وجهة هو وليها».

حسن البنا كان واضحاً في رسالة «التعاليم» وفي غيرها من رسائله، فقد كان مرشداً للتنظيمين؛ التنظيم الدعوي الذي أنشأه والتنظيم الخاص الذي أشرف عليه ومارس العنف بتوجيه منه. كان يوجه رسائله لكل منهما على حدة؛ إدراكاً منه للفرق بينهما وأنه لم يحن الوقت حتى يصبحا شيئاً واحداً. وجَّه حسن البنا رسالة «التعاليم» إلى أعضاء التنظيم من الذراع العسكرية للجماعة، فقد خصهم بكل ما جاء في هذه الرسالة، فقام أتباعه من المرشدين التالين بتعميمها، حتى أصبح لا فرق بين التنظيم الدعوي والذراع العسكرية. «الإخوان المسلمون» نجح من خلال مؤسسه حسن البنا في الانتقال من مربع «الدعوة» التي سارت «الجماعة» في ركابها 10 سنوات كاملة منذ نشأتها عام 1928 حتى نشأة «النظام الخاص» في نهاية الثلاثينات وأوائل الأربعينات من القرن الماضي. وهنا أحدث الانتقال السلس بدعوته إلى المؤتمر الخاص الذي أعلن فيه هذا الانتقال برسالة نعرض نصها.

عندما اطمأن البنا إلى قوة تنظيمه طوال عقد كامل من نشأته ترجم أفكاره وأعلن عنها في المؤتمر الخامس للجماعة عام 1939 والتي قال فيها: «أيها الإخوان؛ كنت أود أن نظل دائماً نعمل ولا نتكلم، وأن نوكل للأعمال وحدها الحديث عن الإخوان وخطوات الإخوان، وكنت أحب أن تتصل خطواتكم اللاحقة بخطواتكم السابقة في هدوء وسكون من غير هذا الفاصل الذي نحدد به جهاد عشر سنوات مضت لنستأنف مرحلة أخرى من مراحل الجهاد الدائب في سبيل تحقيق فكرتنا السامية». وهنا أعلن بداية العمل المسلح عندما أشار إلى استئناف مرحلة أخرى من مراحل الجهاد الدائب في سبيل تحقيق فكرة «الإخوان». فلسفة العنف بدأت من البنا، الذي أنشأ الذراع العسكرية للجماعة، وعندما مات لم يتم حلها، وهو ما يفهم منه أن نشأة دعوة «الإخوان» ارتبطت بفكرة العنف ولم تجنح لاستخدامها كما يظن البعض. تأخر البنا فقط في إعلان الذراع العسكرية للجماعة 10 سنوات، فالأمر كان مرتبطاً فقط باختيار الوقت المناسب لهذا الإعلان.

أما ما يخص أحداث العنف التي ارتكبها «النظام الخاص»، فهي كثيرة، فهم مَن قتلوا رئيس الوزراء المصري محمود فهمي النقراشي في 28 كانون الأول (ديسمبر) عام 1948، فضلاً عن استهداف بعض القضاة مثل أحمد الخازندار واغتيال أحد قادة الجماعة على يد «الإخوان»؛ وهو السيد فايز، وقرار قتله اتخذه عبد الرحمن السندي، مسؤول «النظام الخاص». وهو ما دفع البنا إلى أن يصف القتلة بأنهم «ليسوا إخواناً وليسوا مسلمين» عندما فجّروا محكمة الاستئناف في 13 كانون الثاني (يناير) 1949 لسبب يرتبط بأن «النظام الخاص» ينفذ عملياته المسلحة من دون العودة إلى المرشد، حتى وإن كان يسير على الخط الذي أنشأه.

تمت ترجمة دعوة حسن البنا لأتباعه بإنشاء «النظام الخاص» أولاً ثم تعميم رسائل العنف من خلال المرشدين بعده، فظهر سيد قطب، وغيره من قادة العنف، كأسامة بن لادن، وأبي بكر البغدادي، وهو ما نطلق عليه «عنف الدعوة» الذي بات عنواناً لعمل «الإخوان»، والتنظيمات التي خرجت من رحم ذلك التنظيم.

* كاتب مصري


الآراء والمقالات المنشورة في الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الشبكة العربية لدراسة الديمقراطية
 
تعليقات القراء (0)
اضف تعليقك

اطبع الكود:

 لا تستطيع ان تقرأه؟ جرب واحدا آخر
 
أخبار ذات صلة
منظمة حقوقية مصرية تنتقد مشروع قانون لفصل الموظفين
مصر: النيابة العامة تحسم مصير «قضية فيرمونت»
تباينات «الإخوان» تتزايد مع قرب زيارة وفد تركي لمصر
الأمن المصري يرفض «ادعاءات» بشأن الاعتداء على مسجونين
السيسي يوجه بدعم المرأة وتسريع «منع زواج الأطفال»
مقالات ذات صلة
البرلمان المصري يناقش اليوم لائحة «الشيوخ» تمهيداً لإقرارها
العمران وجغرافيا الديني والسياسي - مأمون فندي
دلالات التحاق الضباط السابقين بالتنظيمات الإرهابية المصرية - بشير عبدالفتاح
مئوية ثورة 1919 في مصر.. دروس ممتدة عبر الأجيال - محمد شومان
تحليل: هل تتخلّى تركيا عن "الإخوان المسلمين"؟
حقوق النشر ٢٠٢٤ . جميع الحقوق محفوظة