الجمعه ٣ - ٥ - ٢٠٢٤
 
التاريخ: تشرين الثاني ٢١, ٢٠١٧
المصدر: جريدة النهار اللبنانية
مسؤولية لبنان عن أعمال الحزب كـ "شريك" - روزانا بومنصف
مع ان لبنان الرسمي ارتاح الى قدرته على الغاء عبارات في بيان وزراء الخارجية العرب تحمّله المسؤولية عما يقوم به "حزب الله"، فان ما ورد في البند التاسع الذي "يحمّل حزب الله الارهابي - الشريك في الحكومة اللبنانية - مسؤولية دعم الارهاب"، انما يجعل الحكومة اللبنانية مسؤولة بحكم الشركة والتحالفات القائمة بما لا يعفيها من اتخاذ ما يتعين عليه اتخاذه لدرء هذا الاتهام عنها او لردع الحزب عن القيام بما يقوم به، اقله وفقا للمنطق في البيان، وكذلك الامر بالنسبة الى منطق دول غربية يقول ديبلوماسيوها انهم ابلغوا الامر نفسه الى وزير الخارجية جبران باسيل في اثناء جولته الاوروبية تحت عنوان "تحرير" الرئيس سعد الحريري. فالحزب الشريك في الحكومة يعني انه يحمّل شركاءه مسؤولية، او انهم في الموقع نفسه بحيث لا يمكن لبنان ان يعفي نفسه من المسؤولية او هؤلاء الشركاء عن اتخاذ ما يفترض من مواقف من اجل منع الارتدادات عليهم وعلى لبنان نتيجة هذه الشركة. وبداية تصحيح هذا الامر عكسه موقف اول لرئيس الجمهورية العماد ميشال عون قال بالتزام النأي بالنفس بعد يوم من تصعيده ضد المملكة العربية السعودية في الوقت الذي اعلن وزير الخارجية من تركيا في ختام جولته الاوروبية "ان الشعب اللبناني هو من يقرر في شأن سلاح حزب الله من خلال الحوار الوطني، واننا لا نقبل استخدام سلاح الحزب ضد الآخر خارج لبنان ولا ان يعتدى على اي دولة عربية"، على رغم ارفاقه هذا الكلام بما اعتبرته مصادر ديبلوماسية ينسف مضمونه من خلال عبارات استدرجت حملة اعلامية خليجية طاولت مواقفه وحالت دون مشاركته شخصيا في اجتماع وزراء الخارجية العرب في القاهرة. ولكن بالنسبة الى مصادر ديبلوماسية مراقبة، فان هذه المواقف كشفت ان رئيس الجمهورية تلقف الرسالة بوجوب تعديل مواقفه في الدرجة الاولى، وكذلك تعديل السياسة الخارجية التي يعتمدها على نحو يستبق عودة الحريري ربما بهدف اقناع الاخير بان اسباب استقالته وجدت صدى ايجابيا وهي قيد المعالجة. غير ان بيان وزراء الخارجية العرب سلّط الانظار على "حزب الله" الشريك في الحكومة وكـ "ارهابي"، ما يطيح دعم دوره المقاوم سابقا لدى العرب ويرتب جملة تداعيات بالنسبة الى لبنان.  

وتكشف مصادر ديبلوماسية ان اعلان الرئيس الحريري استقالته من الرياض وما حصل تزامناً مع هذا الاعلان في الداخل السعودي، كان امرا مفاجئا وغير متوقع حتى بالنسبة الى ابرز حلفاء المملكة، اي الولايات المتحدة الاميركية التي وفقاً لبعض المعلومات لم تحبذ لا الاسلوب ولا المقاربة التي اعتُمدت ولا كذلك الازمة التي ادت اليها خصوصا بالنسبة الى لبنان. لكن على رغم كل الصيغ التي اثيرت في معرض الكلام على اسباب اعلان الحريري استقالته من المملكة السعودية والمتصلة بالوضع الداخلي في المملكة، فان قضية فُتحت في لبنان يراها البعض ايجابية لجهة وقف التنازلات التي حصلت من اجل المحافظة على الاستقرار ودفع الافرقاء الآخرين الى ان يساهموا بنصيبهم في التنازل للمحافظة على هذا الاستقرار. وتجدر الاشارة الى ان ايا من الدول بما فيها الحريصة على استقرار لبنان بأي ثمن، لا تستطيع الدفاع عن موضوع "حزب الله" او تبرير تصرفاته بما خص انخراطه في ازمات المنطقة او السعي الى السيطرة على مفاصل القرار السياسي في لبنان، وهذا يشمل حلفاء الحزب في لبنان المربَكين على هذا الصعيد.

إلا ان التفاؤل ليس كبيرا بالنسبة الى المصادر المعنية انطلاقا من ان الكباش طاول حتى الان اطاحة الغطاء الشرعي والرسمي الذي كانت تؤمنه الحكومة للحزب، وليس واضحا تماما ما اذا كان الحزب ومعه ايران هما في وارد التنازل من اجل عودة الحريري عن استقالته او تقديم تنازلات تسمح بتأليف حكومة مقبولة من الجميع وتحظى بصدقية داخلية وخارجية قبل موعد الانتخابات النيابية، في الوقت الذي ستعتبر ايران انها حققت مكسبا ليس في وجه السعودية بل في وجه الولايات المتحدة من خلال انخراطها المباشر وليس عبر النظام السوري وعبر قائدها العسكري قاسم سليماني في السيطرة على معبر البو كمال بين العراق وسوريا، في ما يمكن ان يترجم ان ايران لن تكون في وارد تقديم اي تنازلات ايا تكن، علما ان التساؤلات كثيرة في هذا الشأن حول الموقف الاميركي الذي كان يقول بمنع ايران من الربط بين العراق وسوريا، وان وجود التحالف الدولي في سوريا يساهم بذلك. والحسابات في هذا الاطار ان الكباش سيكون حادا خلال الاشهر المقبلة، ليس على وقع حتمية تأليف حكومة جديدة بل على حتمية اجراء الانتخابات النيابية في موعدها في ايار المقبل. ففي الوقت الذي يتم الرهان على ان عدم تأليف حكومة جديدة او اعادة تعويم حكومة الحريري ربما يؤدي الى تأجيل الانتخابات وفق ما يُعتقد ان المملكة السعودية قد تكون تدفع في هذا الاتجاه خوفا من قانون انتخاب يصب في مصلحة الحزب بما يمكّنه من السيطرة مع حلفائه على الاكثرية في المجلس النيابي، فان المفارقة ان المجتمع الدولي قد يكون يلتقي بقوة مع ايران والحزب في الدفع الى اجراء هذه الانتخابات تحت وطأة انه لن يكون مقبولا باي طريقة استمرار التمديد للمجلس النيابي الحالي، اذ يُخشى ان يؤدي تطيير موعد الانتخابات الى ادخال البلد في دوامة لن يكون في الامكان معرفة متى يمكن اعادة اجراء هذه الانتخابات، علماً ان الاخيرة هي جزء مباشر وجوهري في الكباش القائم ايضا في لبنان في هذه المرحلة، ولذلك فان جزءا من السيناريوات المتداولة يشكك في احتمال اجراء الانتخابات.


الآراء والمقالات المنشورة في الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الشبكة العربية لدراسة الديمقراطية
 
تعليقات القراء (0)
اضف تعليقك

اطبع الكود:

 لا تستطيع ان تقرأه؟ جرب واحدا آخر
 
أخبار ذات صلة
ماكرون يتوقع الأسوأ... والحريري يدرس الاعتذار
الفاتيكان يدعو البطاركة إلى «لقاء تاريخي» لحماية لبنان
البنك الدولي: لبنان يشهد إحدى أسوأ الأزمات الاقتصادية العالمية منذ منتصف القرن 19
عون: الحريري عاجز عن تأليف حكومة
اشتباكات متنقلة في لبنان على خلفيّة رفع صور وشعارات مؤيدة للأسد
مقالات ذات صلة
حروب فلسطين في... لبنان - حازم صاغية
نوّاف سلام في «لبنان بين الأمس والغد»: عن سُبل الإصلاح وبعض قضاياه
حين يردّ الممانعون على البطريركيّة المارونيّة...- حازم صاغية
عن الحياد وتاريخه وأفقه لبنانياً
جمهوريّة مزارع شبعا! - حازم صاغية
حقوق النشر ٢٠٢٤ . جميع الحقوق محفوظة