الجمعه ١٩ - ٤ - ٢٠٢٤
 
التاريخ: تشرين الأول ٣, ٢٠١٧
المصدر: جريدة النهار اللبنانية
حل الدولتين، هل لا يزال موجوداً؟ - زياد ج. عسلي
أحدثَ الربيع العربي تغييرات دراماتيكية وولّد وقائع إقليمية جديدة.  

لا تتيح الوقائع الإقليمية والجيوسياسية الراهنة بتاتاً الوصول إلى تسوية للنزاع. لا يتمتع أي فريق بالصدقية أو الرأسمال السياسي أو الإرادة من أجل تسوية مسائل الوضع النهائي. حان الوقت للسعي خلف هدف قابل للتحقيق. غياب الحلول التي تؤدّي إلى إنهاء النزاع عن طريق التفاوض لا يعني أن المفاوضات يجب أن تنتهي. بل العكس هو الصحيح. حان الوقت لاعتماد سياسة تركّز على إزالة العراقيل التي تعترض التوصّل إلى اتفاق عن طريق التفاوض. ليست السياسة المقترحة دعوة إلى إبرام اتفاق موقت. فلنسمِّها سياسة "ما الذي يمكن فعله خلال المرحلة الانتقالية؟" لا يستطيع الطرفان القيام بذلك بمفردهما. وحدها الولايات المتحدة تملك ما يلزم للإشراف على هذه المرحلة وحمل حلفائها على المساعدة في تأمين الإشراف.

عبر التركيز على المرحلة الانتقالية، يجب أن تأتي الحوكمة الرشيدة في رأس جدول الأعمال من أجل تشييد البنى التحتية الفلسطينية. تجميل الاحتلال مفهوم مشين، غير أن بناء المؤسسات وتحسين ظروف العيش هدف نبيل يساهم في التمكين. تقوم الحوكمة الرشيدة على تطبيق سيادة القانون لحماية حقوق المدنيين. يُتوقَّع منها بناء قطاعات الصحة والتعليم والمواصلات والمؤسسات والخدمات. ويُفترَض بها تأمين الوظائف، وبناء اقتصادٍ، وتعزيز التعاون التجاري والحرَكية. لا يمكن الانتظار حتى تتم تسوية مسائل الوضع النهائي من أجل العمل على تحقيق هذه الأهداف. التمكين الذاتي الفلسطيني شرط مسبق أساسي من أجل الاستقرار في المستقبل. ينبغي على المانحين أن يصرّوا باحترام على وجوب إرساء آليّات تتيح للمجتمع الدولي الإشراف على المشاريع وسير العمل بما يتماشى مع أعلى معايير المساءلة والشفافية. أُغدِق الثناء والجوائز على برنامج تشييد البنى التحتية الذي وضعه رئيس الوزراء الفلسطيني السابق سلام فياض، لكنه لم يُعمّر طويلاً، فقد تعثّر بسبب غياب الدعم السياسي والمالي. ومع ذلك، شكّل نموذجاً أوّلياً يمكن الركون إليه.

الهدف من المرحلة الانتقالية القائمة على تشييد البنى التحتية هو التأثير في حياة الفلسطينيين كما في السياسة الفلسطينية والإسرائيلية. السلاح الأكثر فاعلية ضد الإرهاب هو الحوكمة الرشيدة التي تضع التعليم الجيد في صدارة أولوياتها. الاحتلال نقيض الاستقرار. يمقت عدد كبير من الفلسطينيين والعرب كلمة "تطبيع" التي يعتبرون أن معناها الحقيقي هو "استسلام" و"خيانة". غير أن التطبيع هو طريق في اتجاهَين. لا يعيش الفلسطينيون حياة طبيعية في ظل الاحتلال. من شأنهم أن يكونوا المستفيدين الأساسيين من التطبيع. ولن يعيش الإسرائيليون حياة طبيعية وهم يواصلون الاحتلال.

أخيراً، أحدثَ الربيع العربي تغييرات دراماتيكية وولّد وقائع إقليمية جديدة. يجب إعادة النظر في الافتراضات، ودراسة خيارات جديدة لمعرفة تأثيرها على هذا النزاع. النزاعات والمشكلات التي تعاني منها مختلف دول المنطقة مترابطة، لأن كل واحدة منها تلعب في ملعب الدول الأخرى. سوف يعيث الإرهاب مزيداً من الخراب والدمار قبل إلحاق الهزيمة به. يمكن النظر في حلول استراتيجية، بما في ذلك إنشاء منظومة أمنية شرق أوسطية مشابهة لمنظومة "حلف شمال الأطلسي" (الناتو) من أجل بسط الاستقرار في المنطقة بغية معالجة العجوزات الكثيرة التي تعاني منها. تتقاطع التحالفات والمصالح عبر المنطقة، بما في ذلك مع إسرائيل وفلسطين.

يقع على عاتق رجال الدولة التاريخيين من أصحاب الرؤية والقوة أن يبنوا مستقبلاً سلمياً لهذه المنطقة المضطربة. 

 رئيس ومؤسس منظمة فريق العمل الأميركي من أجل فلسطين 

ترجمة نسرين ناضر


الآراء والمقالات المنشورة في الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الشبكة العربية لدراسة الديمقراطية
 
تعليقات القراء (0)
اضف تعليقك

اطبع الكود:

 لا تستطيع ان تقرأه؟ جرب واحدا آخر
 
أخبار ذات صلة
وقف نار غير مشروط في غزة بوساطة مصرية
تل أبيب ترفض التهدئة وتستدعي قوات الاحتياط
مصير الانتخابات الفلسطينية يحسم اليوم
استطلاع: «فتح» تتفوق على «حماس» والبرغوثي يفوز بالرئاسة
المقدسيون مدعوون للانتخابات عبر مراكز البريد
مقالات ذات صلة
أيضاً وأيضاً: هل يتوقّف هذا الكذب على الفلسطينيّين؟ - حازم صاغية
حرب غزة وأسئلة النصر والهزيمة! - أكرم البني
لا قيامة قريبة لـ«معسكر السلام» - حسام عيتاني
إعادة اختراع الإسرائيليّة والفلسطينيّة؟! - حازم صاغية
... عن مواجهات القدس وآفاقها المتعارضة - حازم صاغية
حقوق النشر ٢٠٢٤ . جميع الحقوق محفوظة