الجمعه ١٩ - ٤ - ٢٠٢٤
 
التاريخ: كانون ثاني ٥, ٢٠١٩
المصدر: جريدة النهار اللبنانية
إيران تنسحب من سوريا مثلما تدفع مكسيكو تكاليف الجدار
موناليزا فريحة
أطلق الرئيس الاميركي دونالد ترامب يد ايران في سوريا، قائلاً إنها تستطيع أن تفعل ما تريد ما أن تخرج قواته من هناك، وذلك بعد أشهر وأشهر من التهديد والوعيد بتقويض طموحاتها الاقليمية ووضع حد لسلوكها "الخبيث" في المنطقة، الأمر الذي أثار صدمة إسرائيل وانتقادات باحثين أميركيين.

منذ اعلانه سحب القوات الاميركية من سوريا مننتصف الشهر الماضي، ينتقل ترامب من موقف الى آخر محاولاً الدفاع عن قرار أثار انتقادات داخلية وخارجية له، ودفع وزير الدفاع جيمس ماتيس والمبعوث الاميركي لدى التحالف الدولي ضد "داعش" بريت ماكغورك الى الاستقالة. وفي آخر مواقفه الدفاعية المثيرة، لم يتوان خلال اجتماع للحكومة الأميركية الاربعاء عن القول إن "إيران تغيرت كثيراً وباتت دولة تختلف عما كانت".

وفي سلسلة مواقف تناقض تماماً سياسته المعلنة ضد ايران منذ سحب بلاده من الاتفاق النووي، قال: "باتت إيران دولة مختلفة اليوم، وهي تسحب رجالها من سوريا. الحق يجب أن يقال، هم يرغبون في تنفيذ كل ما كانوا يفكرون فيه في سوريا، لكنهم يضطرون إلى سحب رجالهم من هناك. اليوم نراهم يسحبون رجالهم من اليمن، لأن هدفهم الوحيد اليوم، بات البقاء على قيد الحياة ". وبعد أقل من ثلاثة أشهر من بدء سريان الرزمة الثانية من العقوبات الاميركية على ايران، قال إن "واشنطن تمكنت من كبح الزخم الإيراني في المنطقة، وفي الوقت الراهن، يجري آيات الله تعديلات على حساباتهم"، مضيفاً أن "إيران كانت تهدف إلى ضم الجميع تحت راياتها وتدمير إسرائيل خلال هذه العملية، لكنها باتت اليوم بلداً آخر... لديهم تمرد كل أسبوع في كل دولة... أمور سيئة تحصل في إيران وذلك بفضل سياساتنا الاقتصادية وعقوباتنا. إيران تغيرت كثيراً منذ مجيئي إلى الرئاسة وإلغاء الاتفاق النووي السخيف السخيف... سأكون سعيدا بالتفاوض مع إيران".

وكان رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير الخارجية الاميركي مايك بومبيو بحثا الثلثاء في البرازيل في "كيفية تكثيف التعاون الاستخباري وعمليات الاستخبارات الإسرائيلية في سوريا"، لكن كلام ترامب يعكس تغييراً في مسار اللعبة في سوريا، بقوله إنه لن يتدخل في أي نشاط ايراني هناك بعد خروج قواته، و"بصراحة يمكنهم القيام بما يريدون هناك".

كلام ترامب لم يمر مرور الكرام في اسرائيل. ونسب موقع "يديعوت أحرونوت" الى مسؤول إسرائيلي بارز انتقاده الرئيس الاميركي لاطلاقه يد ايران في التوسع عسكرياً أكثر في سوريا. وقال: "من المحزن أنه لا يولي المعلومات الاستخباراتية أهمية... أنا مصدوم تماماً... ترامب ليس على علم بما يحصل في سوريا بالتمدد الايراني هناك".

وكانت الدولة العبرية حذرت مراراً في السنوات الاخيرة من سعى ايران إلى إقامة وجود عسكري في سوريا حيث تقاتل الى جانب "حزب الله" وروسيا لإعادة تأهيل نظام الرئيس السوري بشار الاسد. كذلك، حذرت من أن انسحاب القوات الاميركية سيفتح الباب لطهران لاقامة ما يسمى "جسراً برياً" من إيران عبر العراق وسوريا الى لبنان والمتوسط. وهي شنّت في السنوات الاخيرة مئات من الغارات في سوريا على أهداف متصلة بايران.

وشكل اعلان ترامب الانسحاب من سوريا نقطة خلافية بارزة أولى بينه وبين اسرائيل منذ تولّيه منصبه. ونقل عن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو مطالبته اياه باعادة التفكير في قراره.

واستأثر كلام الرئيس الاميركي باهتمام مراكز البحوث المؤيدة لسياسة متشددة حيال طهران.

ووصف نائب مدير السياسات في معهد الدفاع عن الديموقراطيات جوناثان شانزر هذا الكلام بأنه "الاستراتيجية الأسوأ لمواجهة ايران اطلاقاً".

ورأى المدير التنفيذي لـ"مركز صوفان للدراسات" علي صوفان أن "استراتيجية مواجهة ايران هي أشبه بدفع مكسيكو تكاليف الجدار".

وكان ترامب كرر مراراً خلال حملته الانتخابية أن المكسيك ستدفع كلفة جدار يرغب في تشييده لمنع المهاجرين غير النظاميين من عبور الحدود إلى الولايات المتحدة، الامر الذي ترفضه مكسيكو.


الآراء والمقالات المنشورة في الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الشبكة العربية لدراسة الديمقراطية
 
تعليقات القراء (0)
اضف تعليقك

اطبع الكود:

 لا تستطيع ان تقرأه؟ جرب واحدا آخر
 
أخبار ذات صلة
تقرير لوزارة الخارجية الأميركية يؤكد حصول «تغييرات طائفية وعرقية» في سوريا
انقسام طلابي بعد قرار جامعة إدلب منع «اختلاط الجنسين»
نصف مليون قتيل خلال أكثر من 10 سنوات في الحرب السورية
واشنطن تسعى مع موسكو لتفاهم جديد شرق الفرات
دمشق تنفي صدور رخصة جديدة للهاتف الجوال
مقالات ذات صلة
سوريا ما بعد الانتخابات - فايز سارة
آل الأسد: صراع الإخوة - فايز سارة
نعوات على الجدران العربية - حسام عيتاني
الوطنية السورية في ذكرى الجلاء! - اكرم البني
الثورة السورية وسؤال الهزيمة! - اكرم البني
حقوق النشر ٢٠٢٤ . جميع الحقوق محفوظة