Deprecated: GetLink(): Optional parameter $Href declared before required parameter $Img is implicitly treated as a required parameter in /home/ademocr/public_html/Arabic/include/utility.inc.php on line 254
الشبكة العربية : أن تكون أسود في عهد ترامب - كريم عبدالجبار
الأحد ١٩ - ١ - ٢٠٢٥
 
التاريخ: تشرين الثاني ١٥, ٢٠١٦
المصدر: جريدة النهار اللبنانية
أن تكون أسود في عهد ترامب - كريم عبدالجبار
"الواشنطن بوست"
قال نيكولاس م. بوتلر، الفيلسوف الأميركي الحائز "جائزة نوبل"، إن التفاؤل هو أساس الشجاعة. اليوم، على الأميركيين من أصل أفريقي أن يحفروا عميقاً للعثور على هذا الأساس لأنه لا يلوح الكثير من التفاؤل في الأفق. نعم، يُفترَض أن يلتئم شملنا بعد الانتخابات، وأن ندفن الأحقاد، ونسير قدماً موحّدين، لا كديموقراطيين أو كجمهوريين، بل كأميركيين وطنيين نحتفي بانتصار العملية الديموقراطية. لكن يصعب أن نشبك أيدينا معاً في وقت اختار وطن الأحرار رئيساً عنصرياً.

فلتتكلّم المجموعات الأخرى التي حطّ ترامب من قدرها وهدّدها، عن نفسها. النساء والمهاجرون والمسلمون واليهود والمثليون وثنائيو الجنس والمتحولون جنسياً وسواهم من الأشخاص الذين لا بد من أنهم سيسيرون في شوارع بلادهم في السنوات الأربع المقبلة وهم يشعرون بالخجل والخوف، لأنهم يعلمون أن جيرانهم انتقصوا من قيمتهم ككائنات بشرية. أنا أتكلّم فقط على نفسي بوصفي أميركياً من أصل أفريقي، وكلامي مدفوع بالغضب من الخيانة.

بعد الحوادث التي تتكرر في كل عام مع قيام الشرطة بإطلاق النار على سود عزّل، والاحتجاجات الوطنية التي نظّمتها حركة Black Lives Matter (حياة السود مهمة)، ومظاهر الدعم غير المسبوقة من الرياضيين المحترفين، رأى الأميركيون السود بصيص أمل بأن الأميركيين البيض يقرّون، وأخيراً بالأدلة الدامغة، بالعنصرية المؤسسية التي لطالما كانت واضحة وضوح الشمس للسود على امتداد سنوات طويلة. لكن ذلك الأمل لم يكن في محلّه. فقد اختارت أكثرية الأميركيين البيض العيش في الوهم، مفضّلةً "أن تستيقظ في السرير وتصدّق ما تريد تصديقه"، بحسب تعبير مورفيوس في فيلم "ذي مايتريكس".

لسوء الحظ، لا يستطيع الأميركيون السود أن يستيقظوا ويصدّقوا ما يريدون تصديقه، لأن عليهم أن يواجهوا يوماً إضافياً يتقاضون فيه رواتب أدنى ويتعرّضون لتمييز وظيفي أقوى، ويحصلون على فرص تعليمية أقل ويعانون من مشكلات صحية أكبر. كان تحمُّل هذه الإجحافات أسهل عندما بدا أن هناك مساراً مطّرداً نحو التحسّن بدعم من البلاد. أما الآن فنحن أمام لا سياسة عنوانها "ماذا لديك لتخسر؟" تكتسح المسار وتدمّره فتحوّله أنقاضاً.

نزل المتظاهرون في مختلف أنحاء البلاد إلى الشارع في التاسع من تشرين الثاني الجاري احتجاجاً على انتخاب دونالد ترامب. وقد تحدّثت التقارير عن احتجاجات في المدن الكبرى، منها نيويورك وواشنطن وشيكاغو ولوس أنجليس. (فيكتوريا والكر، جيني ستارز/"الواشنطن بوست").

تصويت الأميركيين البيض الذين شكّلوا الأغلبية الساحقة لأنصار ترامب جاء رداً على أمور تذهب أبعد بكثير من الاقتصاد (الذي يتعزّز بصورة مطردة)، أو المأزق في واشنطن (الذي لا يملك ترامب خطة واضحة أو نفوذاً لتغييره)، أو الخوف من الإرهاب (الذي لا تُظهر خطته غير الدستورية القائمة على التدقيق الشديد أي أدلّة عن مكافحته). أكثر ما يخشاه البعض هو تغيّر لون البشرة في أميركا. مع النمو في أعداد اللاتينيين والآسيويين والسود، ستختفي الأكثرية البيضاء قريباً. لقد تراجعت أعداد البيض، بين عامَي 2000 و2010، من 75,1 إلى 63,7 في المئة. بحلول سنة 2050، سيصبح البيض أقلية مع نسبة 47 في المئة. يجسّد ترامب الحفنة الأخيرة من مالكي المزارع البيض الأثرياء الذين يتمسّكون بأمجاد الماضي.

تاريخه العنصري موثَّق جيداً، من دعاوى وزارة العدل بحقه بتهمة التمييز في السكن إلى زعمه بأن أحد القضاة الفيديراليين غير مؤهّل للمنصب بسبب إرثه المكسيكي. غير أن انفصاله عن السود والثقافة السوداء ظهر جلياً في شكل خاص في عطلة نهاية الأسبوع التي سبقت الانتخابات، عندما أبدى امتعاضه من العروض الموسيقية التي قدّمها جاي زي وبيونسيه في تجمّع لهيلاري كلينتون. (لا يهمّ أن تيد نيوجنت الذي هدّد مراراً وتكراراً بقتل الرئيس أوباما وهيلاري كلينتون، قدّم عرضاً خلال تجمّع لترامب لجأ فيه إلى التجديف وأمسك بأعضائه التناسلية). سأل ترامب الحضور: "هل سمعتم ما قيل تلك الليلة؟ شعر كثرٌ بالإهانة، وغادروا المكان. ... سمعوا الكلمات الأسوأ، اللغة الأسوأ على الإطلاق". ما لا يدركه ترامب هو أن قساوة اللغة التي يستخدمها الموسيقيون هي جزء من الرسالة. إنها لهجة الغضب والإحباط والتمكين المشحونة مدينياً. إنها مشابهة للهتافات التي أطلقها أنصار ترامب: "اسجنوها"، لكنها أقل عنفاً.

كيف عسانا أن نأمل بأن يفهمنا هذا الرجل أو يهتم لأمرنا؟ لا سيما في هذه المرحلة بالذات بعدما كافأته أميركا البيضاء على عنصريته الشائنة، وكراهيته للنساء، ورهاب الآخر، والتعصب الديني، بمنحه تفويضاً لصوغ تلك المعتقدات في شكل سياسات. بالنسبة إلى الأميركيين من أصل أفريقي، أصبحت أميركا أكثر تهديداً بقليل، كما أنها باتت خانقة أكثر بقليل، وأقل بعثاً على الأمل إلى حد كبير. نشعر وكأننا فائض يمكن الاستغناء عنه، أجساد لا اسم لها ولا تشكّل أبداً جزءاً من الأدوار الرئيسية.

المهم الآن هو تخطّي مرحلة التخبّط وإطلاق الاتهامات والشتائم، والمباشرة على الفور في بذل جهود مكثّفة من أجل السيطرة في انتخابات منتصف الولاية سنة 2018، التي ستشهد منافسة على جميع مقاعد مجلس النواب وعددها 435، وعلى ثلث مقاعد مجلس الشيوخ. لا يجوز أن يستمرّ الملوّنون بعد الآن في موقع الدفاع. بل عليهم شنّ هجوم طويل الأمد يشمل رفع التحدّي بلا هوادة في وجه كل ممارسات العنصرية المؤسسية في البلاد. يشكّل الأميركيون من أصل أفريقي 12,3 في المئة فقط من السكان، لذلك من الضروري أن ننشئ ائتلافاً مع مجموعات أخرى يستهدفها ترامب، منها النساء واللاتين والمهاجرون والمثليون وثنائيو الجنس والمتحولون جنسياً. علينا تجاهل المتواطئين الذين يكرهون أنفسهم في صفوف تلك المجموعات، لأنهم يفضّلون المسار الذي يجعلهم يعتقدون أنهم سيحظون بالقبول والتقدير كأشخاص متساوين، في حين أنهم في أفضل الأحوال مجرد ضحايا يجري استغلالهم من قبل حركة ترامب.

تقول بيونسيه في أغنيتها Formation: "أحلم به، أعمل جاهدة، وأصقله حتى أتملّكه". ربما لا يقدّر دونالد ترامب تلك الكلمات، لكن يمكنها أن تلهم جميع الأميركيين الأفارقة وسواهم ممن يرغبون في جعل أميركا تستعيد طابعها وتصبح أميركا من جديد. ليس من خلال الأمل، بل عن طريق العمل. وليس في وقت لاحق بل في الحال.

هدّاف كرة السلة وسفير ثقافي أميركي
ترجمة نسرين ناضر


الآراء والمقالات المنشورة في الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الشبكة العربية لدراسة الديمقراطية
 
تعليقات القراء (0)
اضف تعليقك

اطبع الكود:

 لا تستطيع ان تقرأه؟ جرب واحدا آخر
 
أخبار ذات صلة
من "ثورة الياسمين" إلى "الخلافة الإسلامية"... محطّات بارزة من الربيع العربي
لودريان: حرب فرنسا ليست مع الإسلام بل ضد الإرهاب والآيديولوجيات المتطرفة
نظرة سوداوية من صندوق النقد لاقتصادات الشرق الأوسط: الخليج الأكثر ضغوطاً... ولبنان ‏الأعلى خطراً
دراسة للإسكوا: 31 مليارديرًا عربيًا يملكون ما يعادل ثروة النصف الأفقر من سكان المنطقة
الوباء يهدد بحرمان 15 مليون طفل شرق أوسطي من الحصول على لقاحات
مقالات ذات صلة
المشرق العربي المتروك من أوباما إلى بايدن - سام منسى
جبهات إيران الأربع والتفاوض مع الأمريكيين
إردوغان بوصفه هديّة ثمينة للقضيّة الأرمنيّة
إيران أو تحويل القضيّة فخّاً لصاحبها - حازم صاغية
عن تسامح الأوروبيين ودساتيرهم العلمانية الضامنة للحريات - عمرو حمزاوي
حقوق النشر ٢٠٢٥ . جميع الحقوق محفوظة