الجمعه ١١ - ٧ - ٢٠٢٥
 
التاريخ: حزيران ١٦, ٢٠١٥
المصدر: nowlebanon.com
صورة الحزب الشيوعي اللبناني - حازم الامين
ما يُبدّده خالد حدادة، الأمين العام لما تبقّى من الحزب الشيوعي اللبناني، ليس حزباً. ما يُبدّده هو تجربة وذاكرة وتراث. ما يفعله هو ابتذال المبتذل.
 
الصورة التي ظهر فيها أعضاء من الحزب في تشكيل قتالي مُهينة ليس لخالد حدادة، ذاك أن الرجل تقاضى ثمن الصورة، وهو غير آبهٍ بما جرّته من إساءآت، إنما هي مسيئة لشريحة واسعة من اللبنانيين الذين سبق أن أمضوا سنوات في هذا الحزب. وهم اليوم وإنْ كانوا خارجه يشعرون أن الحزب هو ماضيهم، وأنّ حدادة يعتدي على ماضيهم. المسألة شائكة من دون شك. أن تشعر أن رجلاً أهان ماضيك، فستكون حيال فعلته مكبّل اليدين.
 
والماضي هنا ليس ذكرى، فأنا على ما أنا عليه اليوم لأنّني كنت ذات يوم شيوعياً. أنا غير الشيوعي وغير الماركسي والمفرط في تقييمي السلبي لتجربتي، إنّما أفعل ذلك لأنني كنت ذات يوم شيوعياً. صورة المقاتلين شطبت وجهي، ليس فقط لأنني ضد قتال أي لبناني في سوريا، بل لأسباب أكثر ابتذالاً. البزّات المُرقّطة التي ارتداها أشخاص الصورة ليست امتداداً لتلك البزّات التي لطالما ارتديناها. والإشارة الحمراء بدت لي بعثية لا شيوعية. ثم إنّ الوقوف في الطابور لاح لي أملياً (نسبةٍ لحركة أمل) أكثر منه شيوعياً. وهذه الإنفعالات لا تُخاطب إلا من اختبر المادة الشعورية التي راكمها شيوعي مبتذل مثلي عنَت الشيوعية له بزّةً عسكرية مختلفة وبندقيةً أخرى وسياقاً مختلفاً تماماً من الحروب الصغيرة.

نعم يا "رفيق" خالد، لقد شطبت وجهي ليس فقط لأنك ذاهب للقتال إلى جانب النظام في سوريا، فأنت أضعف من أن تكون مؤثّراً هناك، بل لأن الصورة ليست صورة ماضينا. فما بقي من الحزب هو ماضيه، وهذا ليس تفصيلاً، وهذا الماضي معروض اليوم للبيع. هذا الكلام لا ينطوي على إيمان بالماضي، لكنه ينطوي على ألم على ماضٍ خاص، وعلى تجربة خاصة وعلى أشخاص لم يكونوا يوماً جزءاً من سياق أرادت الصورة أن تقول أنها جزء منه.
 
نحن هنا حيال إرث معنوي فقط، لكن الحزب الشيوعي كان ذات يوم من أكبر أحزاب لبنان، وعشرات آلاف اللبنانيين يشكّل الحزب جزءاً من وعيهم الراهن لأنفسهم. الصورة أصابت هذا الوعي أيضاً، والمسألة هنا ليست عامة، إنّما مرتبطة أشد الإرتباط بوعي أفراد أنفسهم، وبمشاعرهم حيالها.

نعم الإهانة شخصية، ولا تحتمل نقاشاً عاماً. من يريد أن ينقل النقاش إلى مستوى أبعد من ذلك سيخسر. المسألة هي أن ثمّة من سطى على ماضٍ شخصي. هو لا يدرك ماذا فعل! هو لا يدرك أن الصورة تؤذي أناساً تشكّلت وجوههم على نحو معاكس لوجوه الأشخاص الذين ظهروا في الصورة.
 
بكل بساطة وابتذال ومن دون أي رغبة في إقناع أحد بما أعرضه، لقد أقمت في الحزب الشيوعي نحو عشر سنوات، لُقِّنت خلالها خصومة حركة أمل وحزب الله. لم أكن على حق، ولم يكن الحزب على حق، ولم يكن أحد على حق، لكن على هذا تربّيت... فبالله عليكم أجيبوني إذا كنت مخطئاً بما شعرت به من إهانة أن يقبل الحزب بزّات عسكرية منحه إياها حزب الله.
 
المسألة ليست سياسية على الإطلاق. المسألة بالنسبة لي بهذه البساطة.


الآراء والمقالات المنشورة في الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الشبكة العربية لدراسة الديمقراطية
 
تعليقات القراء (0)
اضف تعليقك

اطبع الكود:

 لا تستطيع ان تقرأه؟ جرب واحدا آخر
 
أخبار ذات صلة
ماكرون يتوقع الأسوأ... والحريري يدرس الاعتذار
الفاتيكان يدعو البطاركة إلى «لقاء تاريخي» لحماية لبنان
البنك الدولي: لبنان يشهد إحدى أسوأ الأزمات الاقتصادية العالمية منذ منتصف القرن 19
عون: الحريري عاجز عن تأليف حكومة
اشتباكات متنقلة في لبنان على خلفيّة رفع صور وشعارات مؤيدة للأسد
مقالات ذات صلة
نوّاف سلام في «لبنان بين الأمس والغد»: عن سُبل الإصلاح وبعض قضاياه
حروب فلسطين في... لبنان - حازم صاغية
حين يردّ الممانعون على البطريركيّة المارونيّة...- حازم صاغية
عن الحياد وتاريخه وأفقه لبنانياً
جمهوريّة مزارع شبعا! - حازم صاغية
حقوق النشر ٢٠٢٥ . جميع الحقوق محفوظة