انفجار الخلافات داخل حركة الإخوان المسلمين في الأردن وصولاً لاتخاذ قرارات بالفصل الجماعي لقيادات تاريخية في الحركة، يحمل في طياته دلالات ومعانٍ متعددة. فإلى جانب الأزمة التي تعانيها الحركة في شقها الأردني، في محاولاتها البحث عن أدوات وسياسات جديدة تعيدها إلى مقدم الصفوف في الشارع، وتعيد لها بعض تحالفاتها مع قوى أردنية قومية ويسارية ونقابية، تطرح الأزمة، في ظل التداعيات الإقليمية المتسارعة، مسألة العلاقة بين فروع الإخوان، ومنها الفرع الفلسطيني ممثلاً بـ"حماس"، ومكتب الإرشاد الدولي الذي يديره الإخوان في مصر، ومدى صلاحية هذا المكتب في رسم سياسات، بل وأحياناً تكتيكات الفروع، في منطقة باتت تعج بالتناقضات والتقاطعات والتحالفات غير المتوقعة، والخارجة عن المألوف سياسياً.
ولعل الاتجاه الداعي، في الفرع الأردني، إلى فك الارتباط بالمكتب الدولي، بدأ يستوعب الدروس العميقة لانقلاب "حماس" في غزة وفشلها في إدارة القطاع، وانعكاس ذلك على الأجواء السياسية في مخيمات الأردن. ودروس تورط "حماس" في اللعبة السورية، وانعكاس ذلك على التحالفات التكتيكية للإخوان في الأردن مع باقي القوى السياسية التي لا تخفي تأييدها "القومي" للنظام السوري.
فك الارتباط بمكتب الإرشاد الدولي ليس أمراً جديداً، وليس بدعة يدعو لها أحد تياري الفرع الأردني. فالحركة الإسلامية في المغرب، برئاسة بنكيران، ذات الأصول الإخوانية، شقت لنفسها طريقاً خاصاً بها، أخذت في سياقه في الاعتبار خصوصية المغرب، في ظل قيادة "أمير المؤمنين"، وصولاً إلى ترؤس الحكومة بالتحالف مع قوى تقليدية [حتى لا نقول يمينية] وقوى يسارية كحزب التقدم والاشتراكية (الشيوعي سابقاً).
كما شقت الحركة الإسلامية في تونس (النهضة) هي الأخرى طريقاً خاصاً بها، وصولاً إلى التحالف (بشروط لا تليق بحجمها البرلماني) مع "نداء تونس" في حكومة الصيد، ما يعني أن ثمة "إسلاميين" خرجوا من معطف حركة الإخوان لديهم من المرونة والبراغماتية، ما يمكنهم من قراءة "الجديد" قراءة واقعية لا تخرجهم من المسار العام للتطورات الإقليمية ولا تبقيهم في الزوايا المعتمة، إما متهمين بالإرهاب، أو مطاردين من قبل الحكومات.
ونعتقد أن مثل هذا "الجديد" في الحركة السياسية الإسلامية من شأنه، بعد أن طوي شعار "الإسلام هو الحل"، أن يمكن من تجريد الحركات الأصولية من لباسها "الإسلامي"، لمصلحة "إسلام بديل"، هو في الحقيقة غلالة رقيقة، يتم اللجوء إليها في التعبئة القاعدية، لكنه يغيب عن الفعل عندما تتطلب الأمور قرارات واستراتيجيات سياسية، لا تستند إلى الشريعة بقدر ما تستند إلى مصالح حزبية، وهو ما يعيدنا إلى الموضوع الأردني. من يقرر مصير فروع الإخوان في ظل الوضع الحالي؟ هل قياداتها المحلية أم مكتب الإرشاد المتواري في أنحاء مختلفة من القاهرة وباقي المدن المصرية؟
|