الثلثاء ٢٦ - ١١ - ٢٠٢٤
 
التاريخ: أيلول ٢٨, ٢٠١٤
المصدر: جريدة القدس العربي
إيقاعات «داعش والكنز» في الأردن: رؤوس كبيرة «تتخاصم» أو تعود للتحالف وإستعراضات نخبوية
بسام البدارين
عمان – «القدس العربي»: حديث رئيس الوزراء الأردني الأسبق الدكتور معروف البخيت عن المصالح الأردنية التي تهددت بمجرد بروز ملامح إنهيار الجيش العراقي في الموصل قبل أشهر يكرس القناعة مجددا بحراك «نخبوي» على مستوى طبقة الساسة في عمان يفتح سيناريوهات جديدة ومحتملة في كل إتجاهات الخريطة.

البخيت تحدث مؤيدا وبقوة المشاركة الأردنية في الحملة العسكرية على تنظيمات «داعش» في مدينة مادبا جنوبي العاصمة الأسبوع الماضي وعاد ليجدد الكرة في مدينة إربد شمالي البلاد مساء الخميس.

يحصل ذلك رغم أن البخيت المحسوب من أبرز رموز المرحلة في الأردن في السنوات العشر الماضية لم يحظ بـ«لقاءات خاصة ومغلقة» منذ نحو أربعة أشهر فيما لا يمكن قراءة تحركاته في أوساط شعبية بالإتجاه المضاد لداعش وشقيقاتها خارج سياق المشروع المرحلي لمؤسسات الدولة أو حتى خارج الإجتهاد الشخصي للبقاء في «النص» مجددا.

حركة البخيت ترافقت مع توقعات في مواقع إلكترونية بإحتمالية إنتقاله في وجبة تغييرات مرتقبة من موقعه كنائب لرئيس مجلس الأعيان إلى رئاسة الديوان الملكي. الإحتمال الأخير قد لا يكون مرجحا لكن كثيرين يربطون بينه وبين حراكه السياسي على مستوى إلقاء المحاضرات.

بالتوازي مع الإيقاع الصاخب الذي فرضته المشاركة الأردنية بالحرب على «داعش» على مستويات ومجسات الجدل المحلي، يحبس بعض كبار السياسيين أنفاسهم ويسترخي البعض الآخر على أساس سلسلة توقعات تنهش الخريطة النخبوية وقد تطيح ببعض الرموز وتدفع أخرى للتصدر.

على هذا الأساس توترت العلاقة في الأيام العشرة الأخيرة بين رئيس مجلس الأعيان عبد الرؤوف الروابدة ورئيس الديوان الملكي الدكتور فايز طراونة، حتى أن الأخير رفض في مناسبة إجتماعية الجلوس إلى طاولة يجلس عليها الأول كتعبير عن إنزعاجه الشخصي.

الخلاف بين القطبين المهمين في معادلة القرار الأردنية قفز إلى سطح الأحداث بعد الإشكال الذي برز إثر حماس الروابدة لتعديلات قانون التقاعد المدني التي تعزز ملاءة ورواتب أعضاء سلطة التشريع في خيار قانوني قرر الملك عبدالله الثاني شخصيا رده ورفض تمريره.

الرواية المتداولة تقول بأن الأمر في القصر الملكي لمجلسي الأعيان والنواب كان يقضي بالتفاهم مع الطراونة على تخريج الأمر لكن التشاور هنا لم يحصل مع كبير موظفي الديوان الملكي الذي إعتبر الأمر بمثابة تجاهل شخصي من صديقه الروابدة.

في كل الأحوال عكس هذا الخلاف وبعض الأحداث الأخرى على مستوى تطوع بعض السياسيين لحركة نشطة تؤيد وتساند التحالف ضد «داعش» رغبة البعض في تداول بعض المواقع السياسية العليا مما دفع الأوساط المعنية لان ترجح إستبدال الروابدة بالطراونة في أقرب وصلة تغيير على أن يجلس البخيت في كرسي رئاسة الديوان إذا ما تقررت وجبة تغييرات في المناصب العليا.

قد تبقى تلك مجرد تكهنات أو حتى رغبات، لكن الصالونات السياسية منشغلة بها وسط إنطباع بان «إيقاعات» الحملة على «داعش» قد تعبث قريبا بخريطة النخبة ولن تقتصر على الجانب العسكري الذي يدار بدون ضجيج وبكفاءة وبأقل مساحة ممكنة من الجدل.

جبهة رئيس الوزراء الدكتور عبدالله النسور تبدو باردة أكثر من بقية جبهات الأقطاب الأساسيين، فهو يدير البرنامج الاقتصادي للحكومة بنعومة ووسط تقييمات إيجابية من المؤسسات المالية الدولية ولا يتدخل في الشؤون العسكرية والأمنية ولديه صداقات برلمانية تضررت مؤخرا وقد تتضرر أكثر بسبب الحراك البرلماني النشط الذي يحاول البحث عن إجابات على تساؤلات لها علاقة بشائعات شعبية قوية جدا حول العثور على «كنز عملاق» من الذهب في إحدى قرى عجلون شمالي البلاد وتعثر الحكومة في إخفاء الأمر أو توضيح مصير الكنز.

موضوع الكنز أضعف جبهة الحكومة برلمانيا ودفع حلفاء أساسيين مقربين من رئيس الوزراء لركوب موجة الشارع والإصرار على تلاعب الحكومة في مسألة «كنز هرقل» كما تطلق عليه الصحافة المحلية وقد حصل ذلك مع النائب معتز أبو رمان أقرب حلفاء الحكومة في البرلمان.

رئيس اللجنة التي إستجوبت الحكومة حول ملف الكنز مصطفى رواشدة صرح بأن لجنته ما زالت تواصل تحقيقاتها مما يعني ضمنيا التشكيك برواية وزير الداخلية حسين المجالي الرسمية حول «عملية عسكرية» تطلبت حفريات في المنطقة التي قالت الشائعات بأن الكنز الغامض عثر عليه فيها.

الأداء الوزاري والرسمي في مسألة الكنز إياه كان ضعيفا ومترددا وتأثيرات المسألة على الواقع النخبوي الوزاري مؤكدة ولا تقل أهمية عن تأثيرات ملف «داعش» حيث ترددت معلومات عن إستئذان النسور في إجراء تعديل وزاري على حكومته ونواياه في إستثناء وإخراج وزير الداخلية تحديدا مع تحميله مسؤولية التشكيك في رواية الكنز التي أصبحت قضية رأي عام ومسألة برلمانية تتفرغ فيها الإحتقانات على الحكومة بسبب إخفاق قرار رواتب النواب وتقاعدهم.

الجو العام المحتقن لأكثر من سبب قد يتطلب التفريغ عبر التخلص من بعض المسؤولين والرموز أو إستبدالهم وزراعة بعض الوجوه الجديدة خصوصا وان البلاد تترقب تسمية وزير جديد للدفاع في وزارة مستقلة لأول مرة وبأن البقاء الآن بدون تغييرات في مناصب رفيعة من شأنه أن يغذي المناكفات في توقيت مغرق في الحساسية.

لكن بالتوازي لا توجد قرائن على ان النسور فقد «سحره» أو في طريقه للترجل في المرحلة الحالية خصوصا وانه يبدو مقبولا من كل أطراف معادلة القرار ولا توجد ضده مراكز قوى نافذة منشغلة بتقليص فرصة حكومته، مما يدفع بعض المصادر لتوقع عبوره للربيع المقبل ورحيله عندما تتقرر فقط خطوة من وزن تشكيل حكومة أغلبية برلمانية.

المواقع «السيادية» الأهم مرحليا في الدولة على المستوى العسكري والأمني تبدو متوائمة الآن بل متحالفة في بعض المفاصل ومنشغلة بالأولويات الأهم بعدما عاد الاردن لبؤرة الحدث والقرار في المستوى الإقليمي من خلال المشاركة الفعالة في الحملة العسكرية ضد «داعش».

لكن على مستوى الطاقم الإستشاري المحيط بمؤسسة القصر تبدو الخيارات مفتوحة بصورة موازية على تنشيط بعض الخلايا النائمة أو الخاملة من العاملين في مؤسسة الديوان الملكي خصوصا على صعيد حلقات إنتاج الرواية الإعلامية أو تنسيقات الشؤون السياسية المحلية وإدارة مكتب الملك.

September 27, 2014


الآراء والمقالات المنشورة في الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الشبكة العربية لدراسة الديمقراطية
 
تعليقات القراء (0)
اضف تعليقك

اطبع الكود:

 لا تستطيع ان تقرأه؟ جرب واحدا آخر
 
أخبار ذات صلة
العاهل الأردني يكلف لجنة للإصلاح... ويتعهد تبني توصياتها ومنع التدخلات
الأردن: 18 موقوفاً بتهمة محاولة زعزعة استقرار البلاد في قضية «الفتنة»
مجلس النواب الأردني يقر موازنة البلاد بالأغلبية
العاهل الأردني: ليس مقبولاً خسارة أي مواطن نتيجة الإهمال
الأردن: توقيف 5 مسؤولين بعد وفاة مرضى بكورونا جراء انقطاع الأكسجين
مقالات ذات صلة
مئوية الشيخ المناضل كايد مفلح عبيدات
الأزمة اللبنانية والتجربة الأردنية - مروان المعشر
انتفاضة نيسان 1989: أين كنا وكيف أصبحنا ؟
حقوق المراة الاردنية 2019 - سليمان صويص
يوميات حياة تشهق أنفاسها في البحر الميت - موسى برهومة
حقوق النشر ٢٠٢٤ . جميع الحقوق محفوظة