وادي خالد - إيلي الحاج للمرة الأولى منذ نشوئها، ذهبت قيادة قوى 14 آذار مجتمعة في وفد يمثلها إلى أقاصي الجمهورية اللبنانية شمالاً أمس، كي تطلق مواقف صارخة.
مع نواب المنطقة، وهم جميعاً من "تيار المستقبل" الأساس في تلك البقعة من لبنان ومن الحركة السيادية، وعلى مرأى من جنود النظام السوري، توزعت مواقف وفد 14 آذار غير العادية في ثلاثة اتجاهات: أولاً- إلى خلف الحدود، على مرمى حجر منها، اختصرتها عبارات الختام في كلمة منسق الأمانة العامة فارس سعيد خلال لقاء فاعليات وادي خالد: "... عاش الربيع العربي، عاشت الثورة السورية، عاش وادي خالد". (وآه كم يحتاج البشر العائشون في ذلك الوادي إلى اهتمام ورعاية من الدولة! لعلّ من فوائد المصائب الواقعة على العائلات السورية النازحة إليهم -إن كان ثمة فوائد- أنها سلطت الضوء على تلك البقعة من لبنان الأشبه بعاصمة أفغانستان كابول. بالدراجات النارية الكثيفة التي تملأ الطرق الترابية المحفرة، ومظاهر الفقر المعمّم، والأطفال والأولاد الذين يتجمعون في كل مكان بأعداد كبيرة ويطلون من خلف الأبواب والنوافذ، يُدهش عيونهم مشهد موكب السيارات الضخم التي جاوز عددها الأربعين، مع حماية معززة ومواكبة وفرتها القوى الأمنية للوفد طوال الجولة، وذهابا وإياباً إلى بيروت).
ثانياً - إلى رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، الذي تردد اسمه تكراراً في كلمات السياسيين وكذلك كلمات ممثلي العائلات السورية النازحة، بالعتاب واللوم مع الاتهامات بالتضييق والتغطية على مساعي ملاحقة الهاربين والتنكيل بهم حتى في لبنان.
ثالثاً – إلى الأجهزة الأمنية، كي يتبصر المسؤولون عنها قبل التعاون مع أجهزة الأمن السورية في التعامل مع النازحين.
ولفت ترك قوى 14 آذار موضوع إقامة مخيمات للنازحين للعملية التفاعلية بين النازحين أنفسهم والحكومة اللبنانية، وكذلك دفاع نواب "المستقبل" في الشمال عن النازحين و"استقتالهم" لحمايتهم من الأخطار وتوفير ما يلزمهم من خلال الدولة والمؤسسات الإنسانية الدولية، وتأكيد المسؤولة عن قسم الحماية في مركز المفوضية السامية للأمم المتحدة للاجئين أستريد فان جاندرن ستورن خلال لقائها وفد 14 آذار في المركز بالقبيات أن لا حاجة حالياً إلى إقامة مخيمات للنازحين الـ 3500 الذين يقيمون موقتاً لدى عائلات أو في مدارس، وأن حاجاتهم الأولية من طعام ودواء وتعليم للأولاد "مؤمنة إلى حد ما مقبول". أما إذا تفاقم الوضع في سوريا وارتفعت تالياً أعداد النازحين فلن يكون بد من إقامة مخيمات لإيوائهم.
"نديم الجميل هنا" لكن أبرز ما يستدعي التأمل ويستلزم تحليلاً لاحقاً، كان موقف أهالي وادي خالد والنازحين أيضاً من النائب نديم الجميّل. فعلى رغم أن الوفد الزائر ضم نحو 50 شخصية من بيروت والشمال بينهم عدد كبير من النواب والنواب والوزراء السابقين، كان الناس عند كل المحطات يُخبر بعضهم بعضاً أن "الشيخ نديم الجميّل هنا" ويتهافتون لرؤيته والسلام عليه، وبعضهم كان يهتف "الله يرحم أبوك". حادَثَ أكبر عدد منهم، سائلاً كلَّ من وقف معه من أي قرية هو وكيف نزح وعما يستطيع النواب القيام به لأجل النازحين وأبناء المنطقة على السواء. غالبية الإجابات تعلقت بأنهم يريدون التجوّل خارج القرى التي نزحوا إليها فهم يشعرون بسبب منعهم من مغادرتها كأنهم في معتقل. لكن العبرة تبقى أبعد: ما الذي كان يمكن أن يجعل نديم بشير الجميّل مرحَّباً به بحفاوة وحرارة في منطقة مثل وادي خالد لولا 14 آذار؟
وقائع الزيارة زيارة الوفد الآذاري (البيروتي - الشمالي) جاءت تحت شعار " كسر الحصار الاعلامي عن منطقة وادي خالد والتضامن مع النازحين السوريين"، وضم الوفد الذي انطلق صباحا من مقر الأمانة العامة في الأشرفية واجتمع مع نواب "المستقبل" ونواب آخرين شماليين في مقر "التيار" في طرابلس - إلى النائب الجميّل والنائب السابق سعيد - النواب سمير الجسر واحمد فتفت وأنطوان زهرا ومعين المرعبي وهادي حبيش وخالد زهرمان ونضال طعمة ورياض رحال وخضر حبيب وكاظم الخير وانطوان زهرا، والنائبين السابقين مصطفى علوش والياس عطاالله وعميد الكتلة الوطنية كارلوس اده، وعضو أمانة 14 آذار الزميل علي حماده، إلى وفد حزب "القوات اللبنانية" الذي ضم إلى النائب زهرا السيد إدي ابي اللمع والعميد وهبة قاطيشا، ومنسقي تيار المستقبل في طرابلس وعكار والمنية ورئيس اتحاد بلديات جرد عكار عبدالإله زكريا وعدد من رؤساء البلديات وشخصيات.
المحطة الاولى في عكار كانت زيارة مستوصف أنشئ حديثا في قرية القنبّر لإسعاف الجرحى السوريين. وانتقل الجميع الى مدرسة الرامة في وادي خالد حيث كان لقاء مع عدد من العائلات السورية النازحة، استقبل ابناءها الوفد بالهتافات الداعية لإسقاط النظام في سوريا والمؤيدة للرئيس سعد الحريري، وكانت كلمات للنائب السابق عطاالله والنائب الجميل والعميد اده الذين اجمعوا على ادانة النظام السوري "لممارسته العنف والقتل في مواجهة الشعب السوري الأعزل" وحمّلوا جميعا الحكومة اللبنانية تبعة اي تقصير في مساعدة العائلات السورية النازحة. وكانت للنائب انطوان زهرا اطلالة خاصة على قضية سوء الطرق المؤدية الى المنطقة. وانتقل الجميع الى قرية الهيشة حيث زار الوفد مخيما للنازحين السوريين واستمع الى معاناة ابناء هذه العائلات ومناشداتهم.
المحطة التالية كانت في بلدة المقيبلة حيث عقد مؤتمر صحافي في الباحة الخارجية لدارة رئيس البلدية السابق محمود خزعل. واستهل النائب معين المرعبي مؤكدا دعم ابناء العائلات السورية النازحة وابناء منطقة وادي خالد، قال: "أردتم كسر الحصار فانكسر الحصار. اردتم التغطية الطبية فكان لكم ما يجب ان يكون (...) اطالب باسمكم جميعا الدولة اللبنانية بالبطاقة التعريفية حتى لا يتعرض كل لاجئ في تجواله الى التوقيف (...)".
وألقى الدكتور سعَيد كلمة مكتوبة باسم 14 آذار، جاء فيها: "(...) إن ما تعانونه ليس شانا مناطقيا ولا طائفيا بل هو شأن وطني بامتياز وشأن لبناني وعربي، ونحن مع الربيع العربي ومع الثورة في سوريا وهذا التنوع في الوفد الذي يمثل 14 اذار اليوم، والمتمثل بتيار المستقبل وحزب القوات اللبنانية وحزب الكتائب واليسار الديموقراطي والكتلة الوطنية والمستقلين بداخل 14 اذار، هو لتأكيد التضامن معكم".
وأعلن الآتي : "- نحذر السلطات اللبنانية السياسية والأمنية من اي مضايقات تفرض على اهلنا في وادي خالد، وعكار خصوصا، واي منطقة في لبنان لانهم استقبلوا اهلهم من سوريا. - نطالب الحكومة اللبنانية، وهنا نتوجه الى دولة الرئيس ميقاتي بالاسم، بالإيعاز الى الهيئة العليا للاغاثة بالاهتمام الفوري ومن دون تلكؤ بالإخوة اللاجئين من سوريا (...). - ان اي احصاء للهاربين من الظلم يجب ان يبقى في اطار الضرورات الأمنية اللبنانية. ان اي استخدام لاسماء افراد العائلات النازحة من اجل الضغط عليهم او اجبارهم على العودة باتجاه سوريا، مما يعني ارسالهم بكل دم بارد الى التصفية الجسدية، هو عمل مرفوض. ان قوى 14 اذار لن تتراجع عن المساءلة بالاسم لكل مسؤول مدني او امني لبناني يعمل بالتنسيق مع القوات السورية من اجل قمع العائلات. - نطالب وسائل الإعلام اللبنانية والعربية والاجنبية بالمسارعة الى تثبيت فرق اعلامية مكتوبة ومسموعة ومرئية في وادي خالد حتى انتهاء الازمة السورية وعودة جميع العائلات الى سوريا. - نطالب المؤسسات والجمعيات الاهلية اللبنانية والعربية والدولية بالتوجه الى منطقة عكار – وادي خالد للتأكد من تطورات الامور الإنسانية وتلبية حاجات الاهالي والعائلات النازحة الى لبنان. - نحمّل الحكومة اللبنانية مسؤولية اي خرق للحدود اللبنانية من الجيش السوري، ونعتبر اي خرق للحدود اللبنانية - السورية خرقا لسيادة لبنان واستقلاله". وألقى الشيخ عبدالرحمن عكاري كلمة باسم النازحين السوريين. ثم اختتم النائب فتفت المؤتمر بنقل رسالة تلقاها عبر الهاتف الخليوي، وهي: "قررت جامعة الدول العربية تعليق عضوية سوريا فيها "، فعلت الهتافات والتصفيق. وأقام النائب هادي حبيش مأدبة للوفد في مطعم "مونتيفردي" في القبيات.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ أحمد الحريري: لحماية اللاجئين من "عصابة الأسد" جدد الأمين العام لـ" تيار المستقبل" أحمد الحريري تأكيده "الوقوف مع الشعب السوري ضد نظام الحقد والاغتيالات لنصرة الحريات والتنوع والديموقراطية وضد القمع والارهاب ". وقال في عشاء في "البيال": "اننا أمام مرحلة بالغة الأهمية، لنبني وطناً قوياً لا أحزاباً قوية اكبر من وطنها"، داعياً الى "العمل لوجود جيش قوي وليس حزباً قوياً للدفاع عن البلد وأهله". واكد ان "لبناننا الحرية والتنوع والتعدد، ولبناننا الدولة التي لا تعرف دويلات، وتغيث الملهوف، وخصوصاً من اشقائنا السوريين الذين لاذوا بأرضنا جراء وحشية نظام لا يعرف إلاّ الحلول الأمنية لحماية نظام سياسي يقمع الحريات منذ ما يربو على خمسة عقود". ورأى أن " لبنان يمر في أدق اللحظات حراجة لجهة تاريخه في مجالات حقوق الإنسان والحريات، وهناك من يريد للبلد العودة الى ما قبل 14 آذار 2005 بهدف تطويعه، وجعله مجدداً صندوقة بريد لرسائل دول طموحها امبراطوري، ولا يهمها من أمرنا شيئاً، إلا استخدامنا وقوداً لمشاريعها". وختم: "لا مساومة على المحكمة الدولية، ولاعلى اختيار اسلوب العيش والحرية، والمطلوب من لبنان ان يؤكد بالممارسة أنه دولة بين الدول، وعليه فليسلم المطلوبين الى القضاء الدولي، وانه ملتزم الشرعية الدولية لجهة حماية اللاجئين السوريين من عصابات الأسد وكتائبه والشبيحة".
|