نيويورك - علي بردى / العواصم - الوكالات اتخذ امس الخلاف بين اطياف المعارضة السورية في الداخل والخارج طابعا علنيا وحادا، عندما منع عشرات من المحتجين بالقوة مجموعة من المعارضين السوريين المعروفين في الداخل، بينهم الكاتب ميشال كيلو والناشط هيثم المناع، من دخول جامعة الدول العربية في القاهرة للاجتماع مع الامين العام للجامعة نبيل العربي ورشقوهم بالبيض بحجة انهم موالون للنظام و"يأتمرون باوامره ولايدعمون مطالب المجلس الوطني السوري بتعليق عضوية سوريا في الجامعة العربية وفرض منطقة حظر طيران عليها".
واشنطن وفي واشنطن، كشف مساعد وزيرة الخارجية الأميركية لشؤون الشرق الأدنى جيفري فيلتمان أن زعماء عربا يعرضون على الرئيس السوري بشار الأسد "ملاذاً آمناً لتشجيعه على الرحيل بسرعة"، وقال إن "القمع الوحشي لا يمكن أن يؤخر" التحول الديموقراطي في سوريا. وإذ حذر من المعارضة المسلحة للنظام، أفاد أن الولايات المتحدة تجري مشاورات لتشكيل "مجموعة اتصال لأصدقاء الشعب السوري".
وفي جلسة استماع أمام لجنة العلاقات الخارجية الفرعية لشؤون الشرق الأدنى وجنوب آسيا الوسطى في مجلس الشيوخ الأميركي عن سياسة الولايات المتحدة حيال سوريا، قال رئيس اللجنة السناتور الديموقراطي بوب كايسي أن "نظام الأسد في سوريا يرد بعنف رهيب لا يوصف" على التظاهرات السلمية في البلاد، مضيفاً أن الأسد "انتهك" بنود اتفاقه مع مبادرة جامعة الدول العربية. واعتبر أن الأسد "يثبت للعالم أن الإصلاحات الديموقراطية ليست ممكنة الآن". وحض على "انشاء مجموعة اتصال لأصدقاء الشعب السوري يمكن أن تعمل نقطة انخراط دولي للمعارضة الديموقراطية لدى الشعب السوري"، موضحا أنه "يمكن لجامعة الدول العربية ومجلس التعاون الخليجي تشكيل قلب مجموعة كهذه" من أجل "توجيه رسالة واضحة عن التضامن الدولي مع التغيير الديموقراطي في سوريا"، آملاً في أن "تدرس جامعة الدول العربية جديا هذا الإقتراح لدى مناقشة الوضع في سوريا السبت المقبل". وتحدث السناتور الجمهوري الرفيع جيم ريش داعياً الى "العزل قدر الإمكان" لنظام الرئيس الأسد، وأكد أن "ثمة اتفاقا بين الحزبين على هذا الموضوع".
وقال جيفري فيلتمان إن "بشار الأسد يدمر سوريا ويزعزع المنطقة... رسالتنا الى الرئيس الأسد يمكن اختصارها بالآتي: تنح جانباً واسمح لشعبك بالبدء بالإنتقال الى الديموقراطية". ودعا الى "الإستعداد لعملية طويلة وصعبة"، ذلك أنه "كي يستعيد النظام سلطته، كان على الجيش السوري أن يحتل بلاده". ورأى أن "عزلة الأسد تزداد" دولياً مع "فقدان المجتمع الدولي صبره مع وحشية الأسد ووعوده المكسورة". وأشار الى أن "كل جيران سوريا تقريباً يدركون أن الأسد يذر عدم الإستقرار بصورة خطرة"، وأن "العرب يريدون من الأسد أن يوقف تدمير سوريا". وأضاف أن الأسد صار "منبوذاً في العالم العربي"، بدليل أن "كل الزعماء ووزراء الخارجية العرب تقريباً الذين أتحدث معهم يقولون الشيء ذاته: حكم الأسد يقترب من النهاية. هذا محتوم" و"بعض هؤلاء العرب بدأوا حتى يعرضون على الأسد ملاذاً آمناً لتشجيعه على الرحيل بسرعة".
وإذ رحب بمبادرة جامعة الدول العربية لإنهاء العنف، قال إن "الحكم على النظام (السوري) بأفعاله لا بأقواله". وحض "شركاءنا العرب على التنديد بالنظام وزيادة الضغوط عليه بما في ذلك في الأمم المتحدة". كما رحب بتشكيل "المجلس الوطني السوري"، معربا عن تفهمه لـ"حاجة الشعب السوري الى حماية نفسه"، ومحذرا من أن "المقاومة المسلحة تأتي بنتائج عكسية" لأنها "تلعب لمصلحة النظام، وتقسم المعارضة، وتقوض الإجماع الدولي". ودعا عوض ذلك الى ادخال مراقبين دوليين وصحافة الى سوريا. وخلص الى أن "الأسد بوحشيته يمكن أن يقدر على تأخير التحول ولكن لا يمكنه وقفه". ورداً على سؤال، رحب فيلتمان باقتراح انشاء "مجموعة اتصال لأصدقاء الشعب السوري"، كاشفاً أن المسؤولين في إدارة الرئيس باراك أوباما يتحدثون عنها مع عدد من الأصدقاء. وأوضح أن الديبلوماسي الأميركي فريدريك هوف يتشاور مع مسؤولين عرب كي "يضطلعوا بدور قيادي" في هذه المجموعة. وجدد الناطق باسم وزارة الخارجية الاميركية مارك تونر دعوة المعارضين السوريين الى عدم تلبية عرض "العفو" الذي قدمته السلطات السورية الى المسلحين.
الامم المتحدة وفي نيويورك، حض المندوب الألماني الدائم لدى الأمم المتحدة بيتر فيتيغ المجتمع الدولي على العمل من أجل "وقف حمام الدماء" في سوريا ومنع انزلاقها الى حرب أهلية، إثر تحذير المفوضة السامية للأمم المتحدة لحقوق الإنسان نافي بيلاي من "خطر جدي" لنشوب "صراع مسلح" هناك، داعية الى السماح بدخول لجنة تحقيق دولية هذا البلد. وفي مناقشة علنية لمجلس الأمن عن حماية المدنيين في النزاعات المسلحة، قالت بيلاي أن "هناك خطرا جديا أن تنزلق سوريا الى صراع مسلح". وذكرت بأنه منذ احاطتها المجلس في آب الماضي بعمل مهمة تقصي الحقائق في سوريا "يواصل الجيش الحكومي وقوى الأمن ارتكاب انتهاكات خطيرة".
وندد المندوب البريطاني الدائم لدى الأمم المتحدة السير مارك ليال غرانت بـ"القمع الوحشي للمتظاهرين المسالمين والإنتهاكات الهائلة لحقوق الإنسان التي يرتكبها الرئيس الأسد وسلطاته". ورأى نظيره الفرنسي جيرار آرو أن مجلس الأمن "لم يضطلع بالدور الذي ينبغي أن يقوم به من أجل حماية المدنيين السوريين"، في إشارة الى استخدام روسيا والصين امتياز حق النقض لمنع صدور قرار عن المجلس في هذا الشأن. ولفتت المندوبة الأميركية الدائمة لدى الأمم المتحدة السفيرة سوزان رايس المجلس أن "لا قرار واحداً" اتخذ في المجلس "حتى للتنديد بالهجمات الوحشية لنظام الأسد ضد المدنيين". ورأت أن "الأزمة في سوريا باقية أمام مجلس الأمن ولن نرتاح حتى يرتقي هذا المجلس الى مسؤولياته".
19 قتيلا في غضون ذلك، تحدث المرصد السوري لحقوق الانسان عن مقتل 12 مدنيا بينهم فتاة في سوريا برصاص قوى الامن التي تقمع حركة الاحتجاج الشعبية على النظام السوري، ومقتل سبعة جنود على الاقل في اشتباكات مع مسلحين. وقال في بيان ان "مواطنين استشهدا متأثرين بجروح اصيبا بها صباح اليوم (امس) في حي الخالدية وشارع القاهرة (حمص) برصاص الامن والشبيحة". واضاف ان "ثلاثة مواطنين بينهم طفل استشهدوا في محافظة درعا اثر اطلاق رصاص من القوات السورية في مدينة انخل". كذلك "اصيب سبعة اشخاص بجروح اثر اطلاق الرصاص من القوات السورية على متظاهرين خرجوا في ساحة ببلدة جاسم احتجاجا على سقوط شهداء في مدينة انخل". واكد ان "رجلا استشهد في حي برزة (دمشق) اثر اطلاق رصاص من قوى الامن السورية فجر" الاربعاء. كما قتل خمسة آخرون لدى تشييع جنازته في وقت لاحق.
وفي دير الزور "استشهد مواطن خلال عمليات دهم نفذتها اجهزة الامن السورية في مدينة البوكمال بحثا عن مطلوبين الى السلطات السورية".
وفي محافظة حماه، قال المرصد انه "قتل سبعة على الاقل من جنود الجيش النظامي السوري خلال الاشتباكات التي تدور منذ اكثر من ساعتين مع منشقين في قرى عدة قرب مدينة محردة". وفي ادلب "تدور اشتباكات عنيفة منذ اكثر من ساعة بين الجيش النظامي السوري ومسلحين يعتقد انهم منشقون في قرية خان السبل قرب سراقب".
أما في حمص، فقد "ادت حملة الدهم والاعتقالات التي نفذتها اجهزة الامن السورية في حي الخالدية عن اعتقال اكثر من 200 شخص كما استشهد فتى تحت التعذيب كان قد اعتقل قبل ايام". وقال عضو "الهيئة العامة للثورة السورية" هادي العبدالله أن حي باب عمرو في حمص لا يزال محاصرا بأكثر من 50 دبابة.
مفتي سوريا واتهم مفتي سوريا الشيخ أحمد حسون مجلة "در شبيغل" الألمانية بأنها حرفت كلامه في مقابلة أجرتها معه في وقت سابق عن الأزمة السورية. وكانت المجلة قد نسبت إليه "إن الرئيس السوري بشار الأسد ليس متمسكا بالرئاسة وإنه سيتنحى عن السلطة ويعود الى ممارسة مهنة الطب وسيرفع قبعته للمعارضة السورية إذا كان لديها برنامج واضح". وانتقد القنوات التلفزيونية التي تغطي الأحداث في سوريا وعلى الأخص قناة "العربية"، داعيا إلى عدم تحريف ما ينقل عنه لما يخلفه من فرقة وانقسام.
رئبال الاسد واستبعد رئبال رفعت الأسد ابن عم الرئيس السوري أن يعزل الجيش بشار الأسد من موقع الرئاسة بسبب غياب معارضة واعية، مؤكدا أن السيناريو المصري أو التونسي لن يتكرر في سوريا. وقال في حديث الى صحيفة "الخبر" الجزائرية: "إن ضباط الجيش لن يقدموا على قرار مثل هذا أمام معارضة غير واعية ومشتتة قد تنقلب عليهم".
فرنسا وأفادت الحكومة الفرنسية انها تجري اتصالات مع جميع أطراف المعارضة السورية في الداخل والخارج. وصرح الناطق باسم وزارة الخارجية الفرنسية برنار فاليرو بأن حكومته "تستمع الى السوريين الذين يواصلون بشجاعة نضالهم من أجل الديموقراطية في بلادهم". وسئل عن "الهيئة الوطنية لدعم الثورة السورية" التي انطلقت قبل أيام في العاصمة الفرنسية والتي تضم بين أعضائها نائب الرئيس السوري السابق عبد الحليم خدام، فأجاب أن فرنسا "تشجع السوريين في كل مكان وفي أي وقت على تنظيم صفوفهم ووحدتهم". وأوضح ان فرنسا تتحرك في ثلاثة اتجاهات تشمل المشاورات مع بلدان المنطقة والدول العربية وتركيا، والاتصال مع أطراف المعارضة السورية "التي تنظم نفسها والتي لنا معها علاقات متواصلة"، فضلا عن مواصلة الجهود في مجلس الأمن في هذا الشأن. و ص ف، رويترز، ي ب أ، أ ش أ
|