أوقعت أعمال القمع في سوريا نحو 20 قتيلا أمس، استنادا الى ناشطين، على رغم إعلان موافقة الرئيس بشار الاسد على الخطة العربية الهادفة الى انهاء القمع الدموي لحركة الاحتجاج، وهو اعلان أثار شكوك المعارضين. وجاءت موافقة النظام السوري "من دون تحفظ" على الخطة التي تلحظ وقفا نهائيا لاعمال العنف والافراج عن جميع المعتقلين وانسحاب الجيش من المدن ومنح المراقبين ومندوبي وسائل الاعلام الدولية حرية التنقل، قبل بدء حوار بين النظام والمعارضة. ومن المقرر ان تقوم اللجنة العربية بزيارة لدمشق لمتابعة تنفيذ الخطة العربية في شأن الإصلاح.
لكن ناشطين أكدوا أن لا مؤشرات حتى الآن لسحب القوات من الشوارع وأن العمليات العسكرية مستمرة، وإن يكن موقع "شام برس" نسب الى مصادر سورية وصفها بأنها واسعة الاطلاع ان السلطات السورية بدأت فعلا الاعداد لسحب قواتها العسكرية من أكثر المدن، كما أنه يجري التحضير لقرار عفو تدريجي عن معتقلين سياسيين ، ولآخر يتعلق بتأليف لجنة للاعداد للحوار الوطني يرأسها نائب الرئيس فاروق الشرع. وقالت المصادر ان "سوريا وقطر تبقيان خطا مفتوحا للتعاون في تنفيذ الخطة العربية". وتوقعت ان تكون اولى الخطوات ازالة المظاهر المسلحة، من غير ان يكون واضحا ما اذا كان ذلك سيشمل محافظة حمص التي تشهد مواجهات دامية.
وفي المقابل، تحدث المرصد السوري لحقوق الانسان عن "ارتفاع عدد الشهداء المدنيين الذين قتلوا الخميس في احياء تل الشور ووادي ايران وبابا عمرو والانشاءات وباب الدريب والبياضة والخالدية وكرم الزيتون" الى 20 في حمص، مشيرا الى ان "اطلاق الرصاص لا يزال يسمع في احياء عدة من المدينة". كذلك، قامت قوى الامن السورية باعتقالات عديدة. واضاف ان "اكثر من 80 شخصا اعتقلوا فجر الخميس في دير الزور والقرى المجاورة".
في غضون ذلك، تظاهر آلاف من السوريين تضامنا مع النظام في مدينة طرطوس الساحلية. وقال التلفزيون الحكومي إن "مئات آلاف الاشخاص تظاهروا دعما للقرار الوطني المستقل ورفضا للعبث بمستقبل سوريا وللتدخل الخارجي في شؤونها". وأعلنت "لجان التنسيق المحلية" التي تمثل حركة الاحتجاج السورية في الداخل، انها "ترحب بمواصلة اللجنة الوزارية العربية جهودها الرامية الى حقن دماء المدنيين السوريين وحمايتهم من رصاص امن وجيش وشبيحة النظام". لكنها اضافت انها "تشكك في جدية قبول النظام السوري لبنود مبادرة الجامعة العربية". كما دعت الى "التظاهر السلمي" اليوم الجمعة. وقلل النائب السابق للرئيس السوري عبد الحليم خدام أهمية موافقة النظام السوري على المبادرة العربية لإنهاء الأزمة في البلاد، مشككا في إمكان توقف النظام عن أعمال القتل والتعذيب وملاحقة المعارضين.
وتساءل العضو البارز في "المجلس الوطني السوري" برهان غليون عما إذا كانت هذه الخطوة ستنفذ. وكتب في صفحته بموقع "الفايسبوك" أن النظام قبل المبادرة العربية خوفا من عزلته بين الدول العربية ومن ضعفه وعدم وجود خيارات. لكنه رأى أن قبولها لا يعني أنه سيلتزم بنودها.
وفي القاهرة، التقى الامين العام للجامعة العربية نبيل العربي وفدا من المكتب التنفيذي لـ"المجلس الوطني السوري". وصرح عضو المكتب التنفيذي للمجلس سمير النشار للصحافيين بعد اللقاء ان الامين العام "اطلعنا على تفاصيل المبادرة العربية والهدف منها، في اطار حرص الجامعة العربية على ايجاد حل عربي للأزمة السورية يرتكز على ضرورة وقف اسالة الدماء في سوريا". واضاف: "أبلغنا الأمين العام بتخوفنا من عدم صدقية النظام في تنفيذ وعوده"، بدليل أن "مدينة حمص كانت تقصف البارحة وصباح اليوم ( امس ) وخلال انعقاد الاجتماع الوزاري واعلان موافقة الحكومة السورية على الموافقة سقط 34 شهيدا". وسئل هل يوافق المجلس الوطني على اجراء حوار مع الحكومة السورية، فأجاب: "لا. لم نتحدث عن حوار. عرضنا الدخول في مفاوضات لانتقال السلطة من نظام استبدادي الى نظام ديموقراطي، وطالبنا بتنحي بشار الاسد عن السلطة".
اللجنة العربية وقال مصدر في الجامعة العربية ان "اللجنة العربية المعنية بالازمة السورية عقدت صباح امس اجتماعا على مستوى المندوبين الدائمين برئاسة مدير الادارة العربية في وزارة الخارجية القطرية ابرهيم السهلاوي كأول اجتماع لهذه اللجنة التي تعتبر آلية جديدة لتنفيذ خطة العمل العربية". وقال ديبلوماسي عربي مسؤول شارك في الاجتماع انه "من المنتظر أن تقوم هذه اللجنة التي تضم الامانة العامة للجامعة العربية والدول الخمس الاعضاء في اللجنة ومن يرغب من الدول العربية بزيارة قريبا لدمشق لمتابعة تنفيذ الخطة العربية". وأضاف أن "وزراء الخارجية العرب رصدوا مبلغ مليون دولار لتغطية النشاطات ذات الصلة بالمهمات الموكولة الى الأمانة العامة للجامعة العربية لمتابعة تنفيذ الخطة". ودعت الأمانة العامة للجامعة كل وسائل الإعلام العربية والدولية الراغبة في تغطية الأوضاع في سوريا وما يدور فيها من أحداث إلى التقدم إلى الجهات المعنية في سوريا، للسماح لها بممارسة عملها الصحافي والإعلامي وفقا للإجراءات المرعية في هذا الشأن. وتناول وزير الخارجية التركي أحمد داود أوغلو، مع وزير الدولة القطري لشؤون التعاون الدولي خالد بن محمد العطية الاتفاق الذي توصّلت إليه سوريا مع جامعة الدول العربية على خطة سلام تنهي الأزمة السورية الراهنة.
أشتون ودعت الممثلة العليا للاتحاد الاوروبي للشؤون الخارجية والسياسة الامنية كاثرين اشتون سوريا الى تنفيذ الخطة العربية . وقالت في بيان: "أرحب بجهود الجامعة العربية لانهاء العنف. وقد صار ضروريا الان تنفيذ الالتزامات التي قطعتها السلطات السورية للجامعة العربية بشكل كامل وسريع". ورأت انه لا يمكن هذه المبادرة أن تنجح إلا اذا وفرت السلطات السورية "المكان والأمن" لجماعات المعارضة لتعمل مع كلّ قطاعات الشعب السوري "من أجل انتقال سياسي سلمي".
موسكو وأملت موسكو أن يؤدي قبول دمشق لخطة الجامعة العربية إلى تحويل الأحداث الى طريق التفاوض. وأبدت استعدادها لدعم الجهود الدولية الرامية إلى حل النزاع فى سوريا. وقال رئيس لجنة العلاقات الدولية في مجلس الاتحاد الروسي ميخائيل مارغيلوف: "السلطات السورية لمحت بذلك إلى استعدادها للتوصل الى حلول وسط والتفاوض مع المعارضة". ووصف الخطة العربية بأنها"الأكثر اتزانا"، موضحا أنها تأخذ في الاعتبار مصالح الشعب السوري والمعارضة والسلطة ويمكن القول "إن الرئيس الأسد يريد وضع نهاية لهذا النزاع الطويل".
الصين ورحبت الصين بموافقة النظام السوري على خطة الجامعة العربية، آملة ان يتيح هذا الاتفاق وضع حد للعنف. وصرح الناطق باسم وزارة الخارجية الصينية هونغ لي الى الصحافيين ان "الصين ترحب بتوصل سوريا والجامعة العربية الى اتفاق على وثيقة العمل لحل الازمة السورية". واضاف: "نأمل ان يتمكن الاطراف المعنيون كافة في سوريا من القيام بجهود عملية لوقف كل اشكال العنف وايجاد ظروف تهيئ لتسوية القضايا العالقة من طريق الحوار والمشاورات". (و ص ف، رويترز، ي ب أ، أ ش أ)
|