يتوقع ان يحاول سيف الاسلام القذافي تسليم نفسه الى المحكمة الجنائية الدولية او اللجوء الى دولة افريقية صديقة وهو يكافح لتفادي مصير والده الراحل معمر القذافي. وكانت المحكمة أكدت الجمعة انها على اتصال بسيف الاسلام (39 سنة) وانها حضته على تسليم نفسه، محذرة من انها قد تطلب اعتراضه في الجو اذا حاول هو او حراسه المرتزقة الفرار بطائرة من مخبئه في الصحراء الى مأوى آخر آمن.
وتقدم تعليقات المحكمة بعض التأكيد لتقارير من "المجلس الوطني الانتقالي" الحاكم في ليبيا ودول افريقية مجاورة بان سيف الإسلام لجأ الى قبائل الطوارق في المناطق الحدودية بين ليبيا والنيجر. وقال المدعي العام للمحكمة لويس مورينو أوكامبو في بيان: "من خلال وسطاء نجري اتصالات غير رسمية مع سيف ... علاوة على ذلك علمنا من خلال قنوات غير رسمية ان هناك مجموعة من المرتزقة تعرض نقل سيف إلى دولة افريقية ليست عضوا في نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية. كما يدرس مكتب المدعي العام امكان اعتراض اي طائرة في اجواء دولة عضو من اجل القاء القبض عليه".
وقال اوكامبو أمس في العاصمة الصينية بيجينغ ان سيف الاسلام يقول انه سيثبت انه بريء من تهم ارتكاب جرائم في حق الانسانية الموجهة إليه. ويعد الاستسلام خيارا وحيداً أمام سيف الإسلام. وكانت عائلة القذافي اقامت صداقات مع قبائل تقطن الصحراء في النيجر ومالي وغيرهما من المستعمرات الفرنسية السابقة التي تعاني الفقر في غرب افريقيا وايضا في بلدان ابعد مثل زيمبابوي والسودان التي تلقت بعضها عطايا خلال حكم القذافي الذي امتد 42 سنة.
ولفتت فرنسا احد الداعمين الرئيسيين للثورة في ليبيا الافريقيين الى التزاماتهم بتسليم مدير المخابرات السابق عبدالله السنوسي وسيف الاسلام المطلوبين للمحكمة. وقال الناطق باسم وزارة الخارجية برنار فاليرو: "هذا الرجل مكانه المحكمة الجنائية الدولية..لا يهمنا اذا ذهب سيرا على الاقدام او بالطائرة او بالمركب او بالسيارة او على ظهر جمل ... الشيء الوحيد المهم هو انه (سيف) يخص المحكمة". ووقعت النيجر ومالي وتشاد وبوركينا فاسو المعاهدة التي اقيمت بموجبها المحكمة الجنائية التي تأسست لمحاكمة المشتبه في ارتكابهم جرائم ضد الانسانية بعدما خصصت محاكم موقتة لرواندا ويوغوسلافيا السابقة وسييراليون.
وليس لدى المحكمة قوة شرطة خاصة بها وتعتمد على التعاون بين الدول الاعضاء التي لا تضم الولايات المتحدة والصين وروسيا. والجزائر التي تستضيف والدة سيف الاسلام وشقيقته وشقيقه هنيبعل واخاه محمد ايضا ليست عضواً في المحكمة كما هي الحال مع السودان وزيمبابوي. ويقول مسؤولون في "المجلس الوطني الانتقالي" الليبي انه بحصوله على الحماية من الطوارق الذين يوفرون بشكل تقليدي الامن لاسرة القذافي، فإن سيف الاسلام قد يظل تحت حماية مرتزقة افارقة بعضهم من جنوب افريقيا على الارجح.
وقال حارس شخصي شاهد سيف الاسلام خلال فراره الاسبوع الماضي من واحد من آخر معاقل اسرة القذافي قرب العاصمة انه بدا "عصبيا" و"مرتبكا". واكد انه فر رغم تعرض موكبه لقصف حلف شمال الاطلسي خلال مغادرته لبني وليد في 19 تشرين الاول عشية مقتل والده في سرت. واعتقال سيف الاسلام او استسلامه سيعيد المحكمة الى دائرة الضوء مرة اخرى والتي لا يزال الرئيس السوداني عمر حسن احمد البشير ابرز المشتبه فيهم المطلوبين لديها. ولم يبد حلف شمال الاطلسي الذي يستعد لإنهاء مهمته في ليبيا حماسة تذكر في شأن تعقب عدد قليل من الافراد في مساحات شاسعة رغم ان قوات فرنسية تتمركز في غرب افريقيا قد تكون في وضع افضل يمكنها من التدخل لنقله اذا ما اختار نجل القذافي الاستسلام.
وقال أوكامبو في بيانه: "اذا سلّم (سيف) نفسه الى المحكمة فسيكون لديه الحق في أن تسمعه المحكمة وهو بريء حتى تثبت إدانته. القضاة سيتخذون القرار". وتتهمه المحكمة باستئجار مرتزقة والعمل مع والده والسنوسي لقتل محتجين غير مسلحين يستلهمون انتفاضات "الربيع العربي". وتعهدت حكومة النيجر الايفاء بالتزاماتها حيال المحكمة. ولكن الى الشمال حتى مسافة 750 كيلومترا في منطقة تتفوق فيها غالبا الولاءات عبر الحدود بين الطوارق على الروابط الوطنية، تبدو الصورة مختلفة.
وحتى الآن فان البعض من عشرات الآلاف الذين يكافحون للعيش في قلب الصحراء الشاسعة التي يستغلها مهربون ورعاة رحّل يقولون مرحبا بالقذافي الابن. وقال ماودور بركة الذي يقطن في اغاديز بشمال النيجر: "مستعدون لإخفائه حيثما دعت الحاجة. نقول للمجتمع الدولي ابعد عن هذا الأمر ولسلطاتنا الا تسلمه وإلا فإننا مستعدون للخروج الى الشوارع ويتعين عليهم التعامل معنا". وقال محمد اناكو رئيس اغاديز التي توازي مساحة فرنسا: "مستعد للترحيب به. بالنسبة إليّ قضيته ببساطة انسانية تماما. ليبيا والنيجر بلدان شقيقان".
|