Deprecated: GetLink(): Optional parameter $Href declared before required parameter $Img is implicitly treated as a required parameter in /home/ademocr/public_html/Arabic/include/utility.inc.php on line 254
الشبكة العربية : مصر: آن أوان النقد الذاتي! - السيد يسين – القاهرة
الأحد ٦ - ٧ - ٢٠٢٥
 
التاريخ: حزيران ٢٨, ٢٠١٢
المصدر: جريدة النهار اللبنانية
مصر: آن أوان النقد الذاتي! - السيد يسين – القاهرة

لا يسعني – باعتباري أحد الذين يؤمنون إيماناً عميقاً بقيم الديموقراطية- سوى أن أهنئ الشعب المصري على اجتيازه الاختبار الديموقراطي الأساسي، وهو إختيار أول رئيس للجمهورية بعد ثورة 25 يناير في انتخابات نزيهة وشفافة.

لا بد لي أيضاً أن أهنئ الرئيس المنتخب الدكتور محمد مرسي مرشح حزب الحرية والعدالة بتوليه المنصب الرفيع، متمنياً له التوفيق في أداء مهماته الجسيمة في مرحلة تاريخية حاسمة.
أقول هذا بكل وضوح بالرغم من أنني لم أعطِ صوتي للدكتور مرسي، ولكن ما دام الشعب قد اختار فعلينا جميعاً أن نحترم اختياراته.


والواقع أنه بانتخاب رئيس الجمهورية نكون قد وصلنا تقريباً إلى نهاية المرحلة الانتقالية، التي حفلت بصراعات سياسية لا حدود لها، بل بصدامات دامية بين بعض شباب الثوار وأجهزة الأمن، مما أوقع العديد من الضحايا في سياق مسيرة سياسية متعثرة، نظراً الى الاخطاء الجسيمة التي سادت المرحلة الانتقالية وشاركت فيها أطراف متعددة.


وفي تقديرنا أنه آن أوان ممارسة النقد الذاتي الذي ينبغي أن يقوم به كل أطراف العملية السياسية الذين قاموا بأدوار متعددة وأحياناً متناقضة طوال الفترة الماضية، بدءاً من المجلس الأعلى للقوات المسلحة، والائتلافات الثورية، والأحزاب السياسية القديمة والجديدة، وربما قبل ذلك أعضاء النخب الثورية والسياسية الذين قاموا في الواقع بممارسات خاطئة وصلت في بعض الأحيان إلى ذروة الانحراف السياسي بأهداف الثورة، ودفعها دفعاً إلى مجالات من الفوضى والعنف.
ويمكن القول إن ممارسة النقد الذاتي وإن كانت تقليداً غربياً مستقراً إلا أنها لا تمثل ممارسة عربية مستقرة للأسف الشديد.


والنقد الذاتي في المجتمعات الغربية يقوم به الزعماء السياسيون والأحزاب السياسية، بل ويقوم به المفكرون حين ينتقلون من موقف فكري إلى موقف فكري مناقض تفسيراً لتحولاتهم الفكرية.
وبالنسبة للمفكرين فهناك حالات شهيرة لهؤلاء الذين مارسوا النقد الذاتي بعد فشلهم في إنجاز مشروعاتهم الفكرية، أو بعد إعادة صوغ توجهاتهم المعرفية.


وفي هذا الصدد لدينا في مصر نموذج أستاذنا العظيم الدكتور زكي نجيب محمود الذي سافر إلى جامعة الكويت لتدريس الفلسفة، وفاجأنا بالنقد الذاتي الذي مارسه حين قال أمضيت حياتي الفلسفية كلها في رحاب الفكر الغربي ولم اكتشف التراث العربي إلا بعد أن وصلت إلى سن الستين! ولذلك غير وجهته وكتب كتابه الشهير "تجديد الفكر العربي"، والذي كان أول الغيث قطرة لأنه إنهمرت بعد ذلك إبداعات زكي نجيب محمود في هذا الاتجاه.
أعتذر للقارئ لأنني أطلت الاستطراد في بيان أهمية ممارسة النقد الذاتي وضرورته بعد انتخاب الرئيس الدكتور محمد مرسي.


أول طرف عليه مسؤولية ممارسة النقد الذاتي هو المجلس الأعلى للقوات المسلحة باعتباره تسلم السلطة الفعلية من الرئيس السابق. كان عليه أن يشكل مجلساً استشارياً يضم عدداً من الشخصيات المصرية المشهود لها بالخبرة والوطنية لكي يساعده على رسم خريطة المرحلة الانتقالية. وكان عليه أن يصمم على وضع الدستور أولاً بناء على تشكيل لجنة ممثلة لكل القوى السياسية والاجتماعية، وبناء على هذا الدستور كان ينبغي إجراء انتخابات مجلسي الشعب والشورى والانتخابات الرئاسية.


غير أن المسار اضطرب بشدة نتيجة الاستفتاء الشهير والذي أدى إلى أن تجري الانتخابات أولاً قبل وضع الدستور، مما أدى إلى اضطرابات سياسية عظمى ونتائج اعتبرت سلبية، لأنها سمحت بصعود الأحزاب الدينية ممثلة في حزب الحرية والعدالة الإخواني وحزب النور السلفي على حساب كل القوى الثورية والليبرالية واليسارية، مما أنتج في الواقع مجالس نيابية لا تعبر بدقة عن الإرادة الشعبية التي لم يتح لها أن تعبر عن نفسها في مناخ سياسي خال من المؤثرات التقليدية، التي تميز الثقافات السياسية المتخلفة بحكم زيادة معدلات الأمية والفقر في الوقت نفسه.


ومن أخطاء المجلس الأعلى للقوات المسلحة أنه سمح لنفسه أن تتجاذبه القوى السياسية، وخضع لبعض طلباتها غير الدستورية، وأبرزها تعديل قانون مباشرة الحقوق السياسية، مما أدى إلى اختلاط الأمور بين الدوائر الفردية والدوائر بالقائمة، وقد أوصلنا هذا الخلط المعيب إلى حكم المحكمة الدستورية العليا ببطلان مجلس الشعب، وهو الحكم الذي ترفضه جماعة الإخوان المسلمين، مع أنها كانت أحد التيارات التي وافقت على التعديل المعيب للنصوص القانونية.


غير أن الثوار ينبغي عليهم – وفاء بشرف الثورة وإنجازها التاريخي - أن يمارسوا النقد الذاتي لأنهم بعد إسقاط الرئيس السابق تشرذموا – للأسف - وشكلوا أكثر من 200 ائتلاف ثوري لا وزن لها في الشارع، وعشرات الأحزاب السياسية الجديدة المتشابهة في برامجها، مما كشف عن سيادة الأنانية الفردية والسقوط في أحلام الزعامة، وقد أدى ذلك بها إلى الفشل الذريع في الانتخابات وأصبحوا بالفعل خارج المشهد السياسي.


ولابد لجماعة الإخوان المسلمين كجماعة وكحزب سياسي (حزب الحرية والعدالة) أن تمارس النقد الذاتي العنيف، وأن تعترف بأخطائها الجسيمة في ممارساتها السياسية، والتي أفقدتها الصدقية لدى تيارات سياسية متعددة ليبرالية ويسارية، بل لدى الشارع السياسي نفسه.


وهذه الممارسات التي جنحت إلى محاولة الاستحواذ أو "التكويش" على كل سلطات الدولة ابتداء من مجلسي الشعب والشورى، إلى محاولة إسقاط حكومة الجنزوري لتشكيل حكومة إخوانية خالصة، ثم الترشح لمنصب رئاسة الجمهورية.


وكأن المخطط الإخواني هو احتكار مجمل الفضاء السياسي المصري، وفي ذلك – كما رأت فئات سياسية متعددة - نوع من أنواع إعادة إنتاج النظام السياسي الساقط، والذي احتكر فيه الحزب الوطني الديموقراطي السياسة والاقتصاد وكل شيء. أسقطت الجماعة شعار "مشاركة لا مغالبة"، وأثبتت أنها تنطلق من روح "المغالبة" ولذلك يقع على عاتق الرئيس الدكتور محمد مرسي أن يفي بوعوده التي قدمها للنخب الليبرالية التي هرعت لتأييده قبل إعلان النتيجة رسمياً ويطبق فعلاً شعار المشاركة.


لو فعل ذلك فإن فرص النجاح أمامه ستكون كبيرة حقاً، لأنه لن يستطيع الرئيس بمفرده ولا أي حزب سياسي في مصر، أن يتصدى بفاعلية لحل المشكلات الجسيمة التي تواجه المجتمع المصري.
غير أن نقطة البداية أمام الرئيس المنتخب هي أن يحترم بمنتهى الدقة أحكام المحكمة الدستورية العليا، ونصوص الإعلان الدستوري المكمل، وأن يقسم اليمين أمام المحكمة الدستورية، وألا يخضع لمزايدات قادة الإخوان المسلمين الذين يصرون على عودة مجلس الشعب، وفسر ذلك عدواناً سافراً على القضاء، أو إلغاء الإعلان الدستوري المكمل. وعلى الرئيس المنتخب أن يواجه الغوغائية الجماهيرية التي تطالب بإهدار أحكام القضاء، وإسقاط الإعلان الدستوري المكمل، والذي لم يصدر إلا لخلق توازن بين السلطات لحين وضع الدستور الجديد.


ويبقى لدينا في قائمة من على عاتقهم مسؤولية النقد الذاتي النخب الثورية والسياسية على تنوعها، والتي لم ترتكب مجرد أخطاء ولكنها قامت بخطايا جسيمة من شأنها تفتيت المجتمع المصري، ورفع رايات الفوضى على حساب أعلام الثورة في دولة ديموقراطية تخضع لسيادة القانون.



الآراء والمقالات المنشورة في الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الشبكة العربية لدراسة الديمقراطية
 
تعليقات القراء (0)
اضف تعليقك

اطبع الكود:

 لا تستطيع ان تقرأه؟ جرب واحدا آخر
 
أخبار ذات صلة
منظمة حقوقية مصرية تنتقد مشروع قانون لفصل الموظفين
مصر: النيابة العامة تحسم مصير «قضية فيرمونت»
تباينات «الإخوان» تتزايد مع قرب زيارة وفد تركي لمصر
الأمن المصري يرفض «ادعاءات» بشأن الاعتداء على مسجونين
السيسي يوجه بدعم المرأة وتسريع «منع زواج الأطفال»
مقالات ذات صلة
البرلمان المصري يناقش اليوم لائحة «الشيوخ» تمهيداً لإقرارها
العمران وجغرافيا الديني والسياسي - مأمون فندي
دلالات التحاق الضباط السابقين بالتنظيمات الإرهابية المصرية - بشير عبدالفتاح
مئوية ثورة 1919 في مصر.. دروس ممتدة عبر الأجيال - محمد شومان
تحليل: هل تتخلّى تركيا عن "الإخوان المسلمين"؟
حقوق النشر ٢٠٢٥ . جميع الحقوق محفوظة