رحبت ادارة الرئيس الاميركي باراك اوباما بحذر بفوز أحمد مرسي أول مدني في تاريخ الجمهورية المصرية يصل الى سدة الرئاسة ممثلا لجماعة "الاخوان المسلمين"، واعتبرت انتخابه معلما مهما في مسيرة مصر الديموقراطية. وسارع اوباما الى تهنئة مرسي شخصيا، وتأكيد رغبته في اقامة علاقات مبنية على الاحترام المتبادل، وحضه على احترام جميع حقوق المصريين. وعلى رغم ان واشنطن لا تؤيد نظريا وصول اسلامي الى الرئاسة المصرية، الا انها، وفقا لما قالته مصادر مطلعة على تفكير ادارة اوباما في هذا الشأن، كانت قلقة جدا من اعلان احمد شفيق رئيسا، لأنها كانت مقتنعة ان ذلك "سيؤدي الى ردود فعل حادة" يمكن ان تزج البلاد في حلقة عنف جديدة. قبل اعلان النتائج كان هناك من يدعو الى ابقاء مسافة واسعة مع شفيق اذا اعلن العسكريون فوزه بالرئاسة.
لم تخف ادارة اوباما انزعاجها العميق من الاجراءات الاستفزازية التي اتخذها المجلس الاعلى للقوات المسلحة قبل الانتخابات والتي شملت عمليا اعادة فرض قانون الطوارئ، وحل مجلس الشعب، والاستيلاء على صلاحيات جوهرية من الرئيس. الاميركيون رأوا في ذلك خطوة انقلابية مسبقة للالتفاف على فوز المرشح الاسلامي بالرئاسة.
فوز مرسي بالرئاسة، لا يعني ان ادارة اوباما لن تجد نفسها في وضع صعب في ادارتها لعلاقات باتت معقدة اكثر مع مصر الجديدة، خصوصا انها ستواجه ضغوطا داخلية من الكونغرس لوضع شروط اصعب على توفير المساعدات لمصر. ردود الفعل الاولية من القيادات النافذة من الحزبين في الكونغرس راوحت بين الخيبة والقلق والتلويح بإعادة القيود على المساعدات لمصر كما قال السناتور باتريك ليهي. انتخاب رئيس اسلامي يعني ايضا ان اسرائيل القلقة من الفلتان الامني في سيناء ستتقدم من واشنطن بمطالب جديدة.
وتأمل واشنطن في أن يتوصل مرسي وقاعدته، والمجلس العسكري الى نوع من توزيع العمل، بحيث يركز مرسي على الوضع الداخلي ولكن من غير ان يمس بالقضايا الخارجية والامنية التي تهم العسكر ومنها صون معاهدة السلام مع اسرائيل والعلاقة العسكرية مع واشنطن. (طبعا العسكريون لن يتنازلوا بسهولة عن مصالحهم الاقتصادية المهمة). ويعتقد ان رغبة اوباما في ابقاء الجسور مع العسكريين هي التي تفسر تهنئته شفيق مرشح العسكريين الخاسر.
وهناك قلق في الأجهزة الاستخبارية من ان يكون التعاون الاستخباري السابق والوثيق بين البلدين هو من أولى ضحايا انتخاب رئيس اسلامي، تماما كما حصل مع تركيا فور انتخاب رجب طيب اردوغان وحزبه الاسلامي في تركيا مطلع القرن. آنذاك كان الاتراك يتعاونون استخباريا مع اميركا لمكافحة "حزب العمال الكردستاني" فحسب.
|