الأربعاء ٢ - ٧ - ٢٠٢٥
 
التاريخ: حزيران ٢٠, ٢٠١٢
المصدر: جريدة النهار اللبنانية
رئيس محشور بين ضعفين - جمال فهمي

حتى مساء أمس كانت الحيرة والاضطراب يتكثفان بشدة ويلقيان بظلال ثقيلة على المشهد السياسي المصري الغارق في الفوضى والاحتقان أصلا. فبعد انقضاء يومين كاملين منذ انتهاء عمليات اقتراع الدورة الثانية من الإنتخابات الرئاسية لا يستطيع أحد الجزم باسم الرئيس الفائز، إذ انتقلت المنافسة بين مرشح جماعة الإخوان محمد مرسي ومرشح "فلول" النظام السابق أحمد شفيق من التكالب على حصد أصوات الناخبين إلى التسابق في إعلان النصر، وتأكيد كل واحد من المرشحين أنه هو رئيس البلاد المنتخب، في ظل صمت تام للجنة العليا للإنتخابات الرئاسية، الجهة الوحيدة المنوط بها الاعلان الرسمي للنتائج.


وبعيدا من المخاطر الراقدة خلف هذا المظهر الفوضوي الجديد، بات قطاع واسع من النخبة المصرية مقتنعا بأن أيا من المرشحين الاثنين سيصعد إلى كرسي الرئاسة مكبلا بضعفين خطيرين، أولهما ضعفه أمام مجتمع تمرد وتغيّر وتآكل صبره التليد وصار عصيا على القبول بأي شيء بعدما عرف طريق الثورة واستسهل النزول إلى الشوارع وتمرس على فاعليات الاحتجاج طوال أيام واشهر سنة ونصف سنة.


أما الضعف الثاني للرئيس المحتمل فهو أمام الدولة التي سيجلس على قمتها بينما هو ليس حرا تماما في التعامل مع أهم مؤسساتها ( "الجيش" أساساً و"الأمن" تالياً) وهي حقيقة قننها ونطق بها صراحة "الإعلان الدستوري المكمل" الذي أصدره المجلس العسكري مساء الأحد مستبقا إعلان اسم الرئيس الفائز.


ولعل ما يزيد ضعف وهشاشة وضع الرئيسين المحتملين تفاقما أن الأصوات التي حصل عليها كل من المرشحين لم ينلها برضى كامل من ناخبيه، وإنما أتت نسبة كبيرة جدا منها في صورة "تصويت انتقامي" أو إقتراع بدافع الخوف والفزع من المرشح الآخر.


ومع ذلك، فإن حظوظ كل من مرسي والفريق شفيق ونصيبهما من الضعف ليس متكافئا، كما أن قدرتهما على مراوغة قيود الثقلين الضاغطين عليهما ليست متساوية، إذ لا شك في أن الرئيس "الإخواني" المحتمل سيواجه فورا شبه تمرد من مؤسسات "دولة القوة" بجناحيها، وفي المقابل ستظل علاقته بالمجتمع تراوح بين توجس وتوتر قد يتطور بعد زمن ليس طويلا إلى أزمة واحتقان خطيرين.


أما الرئيس "الفلولي"، فمشكلته مع القطاع المتحرك في المجتمع (شباب الثوار) ستبدأ من اللحظة الأولى، وعلى رغم أن مشاكله مع مؤسسات القوة في الدولة أقل حدة قطعا من منافسه، فغالب الظن أن علاقته بهذه المؤسسات لن تكون سلسة دائما، وليس مستبعدا تماما احتمال نشوب نوع من الصدام في الظلام بين هذا الرئيس ومؤسسة الجيش بحسبانها اللاعب المركزي الآن على مسرح الحكم... عندها لن ينفعه كثيرا انتماؤه القديم الى المؤسسة تلك ولا التصاقه الحميم الحالي بأجهزة الشرطة والأمن.



الآراء والمقالات المنشورة في الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الشبكة العربية لدراسة الديمقراطية
 
تعليقات القراء (0)
اضف تعليقك

اطبع الكود:

 لا تستطيع ان تقرأه؟ جرب واحدا آخر
 
أخبار ذات صلة
منظمة حقوقية مصرية تنتقد مشروع قانون لفصل الموظفين
مصر: النيابة العامة تحسم مصير «قضية فيرمونت»
تباينات «الإخوان» تتزايد مع قرب زيارة وفد تركي لمصر
الأمن المصري يرفض «ادعاءات» بشأن الاعتداء على مسجونين
السيسي يوجه بدعم المرأة وتسريع «منع زواج الأطفال»
مقالات ذات صلة
البرلمان المصري يناقش اليوم لائحة «الشيوخ» تمهيداً لإقرارها
العمران وجغرافيا الديني والسياسي - مأمون فندي
دلالات التحاق الضباط السابقين بالتنظيمات الإرهابية المصرية - بشير عبدالفتاح
مئوية ثورة 1919 في مصر.. دروس ممتدة عبر الأجيال - محمد شومان
تحليل: هل تتخلّى تركيا عن "الإخوان المسلمين"؟
حقوق النشر ٢٠٢٥ . جميع الحقوق محفوظة