Deprecated: GetLink(): Optional parameter $Href declared before required parameter $Img is implicitly treated as a required parameter in /home/ademocr/public_html/Arabic/include/utility.inc.php on line 254
الشبكة العربية : سقوط مَقولات
الجمعه ١١ - ٧ - ٢٠٢٥
 
التاريخ: كانون الأول ٣٠, ٢٠١١
الكاتب: زياد ماجد
المصدر: nowlebanon.com
سقوط مَقولات

من فضائل الثورة السورية الكثيرة، رغم الجراح والأوجاع، وربّما بسبّبها، أنّها هشّمت مقولات كثيرة سادت في السياسة العربيّة ومفرداتها منذ عقود، وتحوّل المسّ ببعضها الى ما يُشبِه المُحرّمات.

ويُمكن في هذا الإطار التوقّف سريعاً عند ثلاث منها.


الأوّلى، هي المرتبطة بما سُمّي تجريم المُقارنة بين "الأخ" والعدوّ، حتى ولو كان تنكيل الأخ أشد مضاضة من ذاك الذي يمارسه العدو. ويكفي اليوم قراءة ما يكتبه الناشطون السوريون في مقالات أو في عبارات على مواقع التواصل الاجتماعي لمعرفة مدى تهتّك هذا المحظور، وتحوّل المقارنات بين بطش النظام السوري وبطش الاحتلال الاسرائيلي الى ما يشبه البداهة، التي لا يزيدُها ترسّخاً سوى دفاع "المُمانعين" عن نِظامهم من خلال نفي تفوّقه على إسرائيل إجراماً وتأكيدهم أن الأخيرة ما زالت في المقدّمة!

 

وأهمّية تحطيم هذا التجريم للمقارنات تتخطّى الواقع اليومي والابتزاز المُمارس باسمه، لتساهم في تقويض بعض ركائز الاستبداد العربي ذاته وتبريراتها "الوطنية" أو "الأخوية" التي كلّف اعتمادها تنازلات أفضت مصائب ومهازل.


الثانية، هي نظريّة مفادها مشروطيّة البديل الناصع الناضج للقبول بالتغيير أو مواكبته. وهي نظريّة اعتُمدت لتبرير الاستكانة للظلم وذلّه، بحجّة انتفاء البدائل "المُطمئنة" إن هو تلاشى. فإذا بالثورة السورية تطيح بها، وتؤكّد على ضرورة إسقاط الاستبداد كشرط لإقامة البدائل. إذ في ظل القمع وحالات الطوارئ والسجن السياسي وتأبيد السلطات وتوارثها لا فرصة لأي عمل ونشاط. وحدهما التغيير وهدمه يؤسّسان للبناء الجديد.


والثالثة، هي مقولة لم تعطِ الحرّية في بلادنا سوى موقع متأخّر في سلّم أولويّات الناس، مقدّمة عليها ما أسمته استقراراً تارةً، أو اقتصاداً تارة أخرى. وهي مقولة يتحمّل بعض اليسار قسطاً من المسؤولية في تكريسها، واعتباره الحرّيات الفردية والجماعية كماليّات تأتي بعد الاكتفاء الذاتي والمساواة الاجتماعية وتأهّب الجيوش لمنازلة الأعداء. كما يتحمّل بعض المثقفين من ممالِئي الأنظمة أو الصامتين عنها مسؤولية أيضاً في استدامتها، لنظرتهم الفوقية الى مجتمعاتهم واعتبارها غير مؤهّلة للتحرّر أو غير معنيّة بمفاهيمه. وقد تبيّن منذ اندلاع الثورة في سوريا وقبلها في تونس ومصر واليمن وليبيا والبحرين، وقبلها جميعاً في إيران عام 2009، أن لا شيء يعوّض غياب الحرّية، وأنها أعزّ ما يطلبه الإنسان لنفسه ولقومه، فهي مدخل المساواة الوحيد وهي ضمانة الاستقرار على المدى الطويل.
هكذا إذن، تداعت في تسعة أشهر مقولات عاشت عقوداً بمساءلات محدودة وخجولة والتهمت تبِعاتُها آمال جيلين من المواطنين. وهكذا أيضاً، مكّنت الثورة السورية عقولاً وعواطف من التحرّر من أصفاد كادت تودي بها الى الصدء قبولاً بسائدٍ، يصعب مهما كانت الصعوبات والتحدّيات أن يسود مستقبلاً ما يتخطّاه سوءاً.

 



الآراء والمقالات المنشورة في الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الشبكة العربية لدراسة الديمقراطية
 
تعليقات القراء (0)
اضف تعليقك

اطبع الكود:

 لا تستطيع ان تقرأه؟ جرب واحدا آخر
 
إقرأ أيضا للكاتب
نوّاف سلام في «لبنان بين الأمس والغد»: عن سُبل الإصلاح وبعض قضاياه
فلسطين العصيّة على الممانعة والتطبيع
جبهات إيران الأربع والتفاوض مع الأمريكيين
عن الحياد وتاريخه وأفقه لبنانياً
عن بكركي والمعارضات اللبنانية
أخبار ذات صلة
تقرير لوزارة الخارجية الأميركية يؤكد حصول «تغييرات طائفية وعرقية» في سوريا
انقسام طلابي بعد قرار جامعة إدلب منع «اختلاط الجنسين»
نصف مليون قتيل خلال أكثر من 10 سنوات في الحرب السورية
واشنطن تسعى مع موسكو لتفاهم جديد شرق الفرات
دمشق تنفي صدور رخصة جديدة للهاتف الجوال
مقالات ذات صلة
سوريا ما بعد الانتخابات - فايز سارة
آل الأسد: صراع الإخوة - فايز سارة
نعوات على الجدران العربية - حسام عيتاني
الوطنية السورية في ذكرى الجلاء! - اكرم البني
الثورة السورية وسؤال الهزيمة! - اكرم البني
حقوق النشر ٢٠٢٥ . جميع الحقوق محفوظة