التاريخ: آذار ١٦, ٢٠١٧
المصدر: جريدة الحياة
المشهد الإعلامي المصري يستعيد رموز ما قبل الثورة
القاهرة – هبة ياسين 
عقب اندلاع انتفاضة 25 كانون الثاني (يناير) 2011، وخصوصاً بعد إعلان الرئيس حسني مبارك تخليه عن السلطة، كان إقدام أي مذيع مصري على استضافة أحد رموز تلك الحقبة بمثابة انتحار مهني. وهكذا فضَّل رموز حزب الرئيس، الذي أطاحته الثورة الابتعاد من المشهد، بالانزواء أو الهرب إلى خارج البلاد، فيما تصدَّر المشهد بعضهم في ظل تغطية إعلامية مكثفة لملاحقتهم قضائياً باتهامات مختلفة. لكن تدريجياً وعلى استحياء، أخذ المشهد في الشهور الأخيرة يتغير في ظل تسابق فضائيات عدة على استضافة هؤلاء، «المغضوب عليهم ثورياً». ومن أمثلة ذلك، مبادرة الإعلامي أسامة كمال باستضافة وزير المال الأسبق يوسف بطرس غالي الهارب إلى لندن على وقع اتهامات بإهدار المال العام، ليتحدث عن الأوضاع الاقتصادية التي تُعاني منها مصر، ورؤيته للخروج منها. لكن رد الفعل على اللقاء، الذي قدم خلاله غالي «وصفة سحرية» لإنهاض البلد من كبوته الاقتصادية، تراوح بين حفاوة مَن رأوا أنهم أخيراً وجدوا قشة يمكن أن تنقذهم من الغرق، واستهجان مَن يصرون على الطلاق البائن مع عهد أغرق البلاد والعباد في الفساد. حدث ذلك أيضاً، مع ظهور وزير الثقافة السابق فاروق حسني تلفزيونياً، بعد وقت طويل من تبرئته من تهمة الكسب غير المشروع. فاروق حسني الذي حقق رقماً قياسياً لم يتكرر لا سابقاً ولا لاحقاً لجهة شغله منصبه السابق لمدة 22 عاماً، أكد أن الزمن هو رهانه النهائي، معتبراً أن عمله أثناء توليه الوزارة، وقبل ذلك وبعده هو من أجل الوطن وليس من أجل أشخاص أو نظام.

وقال حسني لـ «الحياة»: «أيقنت أن الزمن كفيل بكشف الحقائق التي حُجبت لأنه الأبقى والأكثر صرامة، حيال الاتهامات والتشويه التي طاولتني». واعترف بأنه شعر بالمرارة والظلم بفعل الاتهام الذي واجهه، مضيفاً: «سئلتُ حين دخلتُ قفص المحكمة: ما شعورك؟ وأجبت: أشعر بأنني داخل قفص من ذهب، لم أحاول الفرار يوماً لإدراكي أنني لم أرتكب جرماً، ومن العبث أن أُحاسَب، بناءً على بلاغات كيدية، بينما احتوت أدلة ثبوت الاتهام اقتنائي ملابس أنيقة، واستعمال سيارة فارهة”. وتابع: «ألمس تقدير البسطاء والمثقفين على حد سواء، وأعتبره مكسباً عظيماً وجائزة كبرى، أشعرتني بأن ما أديته من عمل على مدار سنوات طويلة محل تقدير، وأدركت أن الحقيقة أقوى من أي زيف، لا سيما أنني عملت لابتغاء مرضاة الوطن، آملاً بصلاح أحوال مصر».

وأكد وزير التعليم العالي في عهد مبارك، الدكتور مفيد شهاب أنه عقب الثورة قدم إلى السلطات المختصة، ما يفيد بأنه لم يتربح من ممارسته العمل السياسي مطلقاً، فتمَّ حفظ التحقيق معه. كان ذلك من وجهة نظر شهاب، «مجرد إجراء روتيني»، تمَّ مثله مع الوزراء جميعاً الذين تولوا مناصبهم طوال فترة حكم حسني مبارك والتي امتدت لنحو ثلاثين عاماً. وأضاف: «كنت واثقاً في عدالة السماء، إذ ألقى التقدير حتى اليوم، فلم أعمل أبداً سوى من أجل الوطن».

ويرى شهاب الذي يعد من أبرع أساتذة القانون في مصر أن على الناس النظر تجاه سنوات حكم مبارك بموضوعية، ومن دون تعميم، وعدم إلقاء الاتهامات جزافاً. وأوضح أنه «حين يقع تغيير سواء في شكل طبيعي أم عبر ثورة، لا يفترض أن نهيل التراب على كل ما مضى، لأن الماضي ليس سيئاً بأكمله، وينبغي ألا تنقلب الثورات إلى عملية هدم لكل الماضي فكل شيء قابل للتغيير والإصلاح، لاسيما أن هناك فارقاً بين الخطأ الناجم عن سوء تقدير وبين والانحراف». فيما رفض وزير التنمية المحلية في عهد مبارك الدكتور أحمد درويش والذي يشغل حالياً منصب رئيس الهيئة العامة للمنطقة الاقتصادية لقناة السويس التعليق على الموقف السلبي من رموز فترة حكم مبارك، معتبراً أن الاستعانة به مجدداً لتولي منصب عام هي «أبلغ رد على أي اتهامات».