التاريخ: تشرين الثاني ١١, ٢٠١١
المصدر: جريدة النهار اللبنانية
المجلس الوزاري العربي يواجه السبت معضلة في إيجاد حلّ للأزمة السورية
المعلم يعتبر التصريحات الأميركية مؤشراً لتبرير تدخل خارجي

تواجه جامعة الدول العربية، التي تجتمع السبت على المستوى الوزاري لعرض الوضع في سوريا، معضلة بإصرارها على حل الازمة السورية ضمن اطار عربي، بينما تضغط المعارضة السورية في اتجاه تجميد عضوية دمشق في الجامعة والحصول على حماية دولية.

عشية اجتماع السبت، تنعقد اللجنة الوزارية العربية المعنية بالازمة السورية مساء اليوم الجمعة برئاسة رئيس الوزراء وزير الخارجية القطري الشيخ حمد بن جاسم بن جبر آل ثاني وبمشاركة وزراء خارجية مصر وسلطنة عمان والجزائر والسودان والامين العام للجامعة العربية نبيل العربي من أجل "تقويم الموقف على الساحة السورية والنظر فى البدائل المطروحه"، كما أفاد مصدر مسؤول.
ويفترض ان يعقد مجلس الجامعة اجتماعه غير العادي على مستوى وزراء الخارجية السبت للبحث في استمرار النظام السوري في قمع الاحتجاجات على رغم قبوله من دون شروط المبادرة العربية الرامية الى الخروج من الازمة مطلع الشهر الجاري.


وقالت مصادر ديبلوماسية عربية ان "جميع السيناريوات مطروحة أمام الاجتماع... بما في ذلك تجميد عضوية سوريا في الجامعة ومنظماتها، على رغم انه اجراء صعب التحقيق لانه يتعارض مع الخيار العربي في حل الازمة عربياً". واوضحت ان تجميد عضوية سوريا في الجامعة "يعني قطع الاتصالات بين الجامعة العربية وسوريا وهو ما يحول دون تقديم اي حلول عربية". ورأت ان "تدويل ازمة سوريا عبر نقلها الى مجلس الامن خيار محكوم عليه بالفشل، خصوصاً ان روسيا والصين تهددان باستخدام حق النقض (الفيتو) ضد اي اجراء في هذا الشأن وتصران على ضرورة حشد الدعم للمبادرة العربية لايجاد مخرج سلمي للوضع في سوريا". واضافت ان "فرض منطقة حظر طيران على سوريا أمر لا يحظى في الاساس بأي موافقة عربية لاقتناع العرب بضرورة عدم تطبيق النموذج الليبي في سوريا واعتقادهم ان تدمير سوريا الدولة يعني تعريض الامن القومي العربي للخطر لانه سيفتح الساحة السورية لقوى إقليمية عدة تتربص بالمنطقة ومستقبلها".


وفي المقابل، تعتبر المعارضة السورية الممثلة بـ"المجلس الوطني السوري" أن مبادرة جامعة الدول العربية وصلت إلى "طريق مسدود" وتبرز ضرورة حماية المدنيين بكل الوسائل المشروعة وفقاً للقانون الدولي . وهي تصر على وجوب تبني حزمة من الإجراءات ضد النظام السوري في مقدمها تجميد عضوية سوريا في كل المنظمات والهيئات التابعة للجامعة وفرض الدول الاعضاء عقوبات اقتصادية وديبلوماسية على النظام منها طرد سفراء سوريا لديها. كما تدعو المعارضة الى ارسال مراقبين عرب ودوليين إلى سوريا لتوثيق انتهاكات النظام والى تمكين وسائل الإعلام والمنظمات الحقوقية والاغاثية من دخول سوريا وممارسة نشاطها من دون قيود.


أما معارضة الداخل، فيتلخص موقفها بتأييد إرسال مراقبين إلى سوريا مع رفض اي تدخل اجنبي في الشأن السوري.
لكن ديبلوماسياً عربياً قال انه "من المستبعد الى درجة كبيرة أن تقطع الجامعة العربية العلاقات مع سوريا"، متسائلاً: "مع من سنتحدث للعمل لحل هذه المشكلة إذا قطعنا كل العلاقات مع الدولة السورية؟".


وتحدثت المصادر الديبلوماسية العربية عن وجود "الكثير من البدائل والاجراءات التي يمكن اللجوء اليها للضغط على النظام السوري من أجل تنفيذ المبادرة العربية فوراً ومن دون ابطاء". ومن هذه البدائل "تشكيل آلية عربية او لجنة حكماء للتوجه فورا الى دمشق للوقوف على تنفيذ بنود المبادرة على الارض وتقويم الوضع اولا بأول وموافاة اللجنة الوزارية بتقارير سريعة"، و"اذا تم التضييق على عمل هذه الالية أو في حال عدم احراز تقدم في تنفيذ البنود، ستسحب الدول العربية سفراءها من دمشق للتشاور وعقد اجتماع طارئ لوزراء الخارجية العرب لتوجيه انذار أخير الى سوريا بتجميد عضويتها في الجامعة العربية". الا انها أقرت بان ذلك "سيعني فشل الحل العربي للازمة".


كما تحدثت المصادر عن بدائل اخرى، منها "السعي العربي لدى القوى الاقليمية والدولية التي لها تأثير على سوريا الى الضغط عليها لالتزام التنفيذ الفوري والدقيق للمبادرة العربية".
وفي هذا الاطار، أجرى نبيل العربي الاربعاء اتصالا هاتفيا بوزير الخارجية التركي احمد داود أوغلو، كما تسلم رسالة من وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف.


وذكر ديبلوماسي أن "الوضع في سوريا معقد جداً ولا حلول خلاقة أمام وزراء الخارجية العرب". واضاف ان "الخيارات كثيرة، لكنها محفوفة بالمخاطر والجامعة العربية تريد اتخاذ أقل الخيارات ضرراً للحفاظ على سوريا الدولة والحفاظ على الامن القومي العربي وفي الوقت نفسه التي تحقق مطالب الشعب السوري في الحرية والتغيير... نعارض اي تدخل عسكري خارجي ضد سوريا لأن ذلك سيؤدي الى تدمير الدولة السورية التي تعتبر البوابة في الشمال الشرقي للعالم العربي بعد ما جرى للعراق". وقال ان اي قرار عربي بتجميد عضوية سوريا في الجامعة العربية "سيعني الحكم على المبادرة العربية والخيار العربي لحل الازمة بالموت وفتح الطريق أمام تدويل الازمة". واضاف: "سيكون هناك موقف ان لم ينفذ النظام السوري المبادرة العربية فى التوقيت الذي حدده مجلس جامعة الدول العربية وستفرض الجامعة العربية عقوبات اقتصادية وديبلوماسية على النظام السوري".


المعلم
وندد وزير الخارجية السوري وليد المعلم بتصريح لمصدر في وزارة الخارجية الاميركية شجع الدول العربية على الانضمام الى المقاطعة السياسية والاقتصادية لسوريا. وقال في رسالة وجهها الى الامين العام للجامعة العربية ان "هذا التحريض الاميركي قد يشكل مؤشراً لتبرير تدخل خارجي وعقوبات اقتصادية وسياسية ضد سوريا بموافقة بعض الدول العربية"، آملاً في "عدم الالتفات اليه".


معارضة الداخل
واستقبل العربي في مقر الأمانة العامة للجامعة وفد "هيئة التنسيق لقوى التغيير الوطني الديموقراطي" في سوريا استكمالاً للمحادثات التي أجريت أول من أمس مع الأمين العام للهيئة حسن عبدالعظيم.
وأكد عضو الوفد هيثم مناع ضرورة التمسك بخطة العمل العربية لما تتضمن من بنود فعالة يمكن من خلالها تجنب السيناريوات التي تحاك لسوريا من الخارج. وقال: "نتمسك بالمبادرة العربية حتى لو بخمسة في المئة من هذه الخطة حتى نتجنب السيناريوات الأخرى التي نراها أسوأ وأردأ، وأنه لولا تمسكنا بهذه الخطة لما تحملنا مشاق الإهانة من بعض المتطرفين".


المجلس الى روسيا
ويزور وفد من "المجلس الوطني السوري" موسكو مطلع الأسبوع المقبل تلبية لدعوة رسمية، لإجراء محادثات مع مسؤولين روس بينهم وزير الخارجية سيرغي لافروف.
وكانت موسكو استقبلت وفدين من المعارضة السورية واضطلعت بدور مهم في الأزمة السورية بعد استخدامها "الفيتو" في مجلس الأمن ضد مشروع قرار أوروبي، مدعوم أميركياً، بإدانة "العنف" في سوريا.


12 قتيلاً
في غضون ذلك، تحدث المرصد السوري لحقوق الانسان عن مقتل 12 شخصاً بينهم فتاة وستة عسكريين في سوريا خلال عمليات قمع يقوم بها الجيش السوري ومسلحون يعتقد انهم فارون من الجيش.
واوضح في بيان ان خمسة مدنيين بينهم فتاة في الثامنة من العمر قتلوا برصاص قوى الأمن في حمص بوسط سوريا التي يطوقها الجيش السوري ويقوم بعملية تفتيش بحثاً عن ناشطين.
وفي محافظة إدلب، قتل شخص فجراً أيضاً في بلدة كفرومة "خلال عمليات دهم بحثاً عن مطلوبين لدى للسلطات السورية"، كما قتل "أربعة من جنود الجيش السوري على الأقل في هجوم نفذه مسلحون يعتقد انهم منشقون فجراً على حاجز للجيش في بلدة حاس قرب مدينة معرّة النُعمان".
وأشار الى "مقتل ضابط برتبة ملازم أول وجندي من الجيش النظامي السوري واصابة خمسة جنود بجروح في هجوم نفّذه مسلحون يعتقد أنهم منشقون صباحاً على حاجز في قرية المربعية شرق مدينة دير الزور".
وفي دمشق، قال المرصد ان "قوى الأمن السورية التي اقتحمت حي برزة من طريق مستشفى تشرين العسكري تنفذ حملة اعتقالات عشوائية في شوارع الحي".


اتهام لسفارة أميركا
واتهمت "مصادر سورية مطلعة" السفارة الأميركية في دمشق بالتخطيط للقيام بعمليات قتل وجرائم وإلصاقها بأنصار النظام السوري، وذلك تعليقاً على نبأ محاولة اغتيال رجل الاعمال المقرب من النظام رامي مخلوف والذي نفي قبل أيام.
وقالت إن جهات مخابراتية داخل السفارة الأميركية بدمشق أعدت لهذا النبأ. واتهمت في تصريحات لموقع "داماس بوست" السوري الالكتروني مباشرة نائب السفير الأميركي بدمشق هايتس ماهوني بالتخطيط شخصياً لهذا الموضوع وأنه كان يخطط لترويج هذا الخبر عبر قنوات مثل "الجزيرة" و"العربية". وأوضحت: "أن ماهوني كان يخطط بعد ترويج هذه الشائعة لدفع عملائه الى القيام بعمليات قتل وجرائم وإلصاقها بأنصار النظام السوري، لتشويه صورته وإظهاره كأنه انتقم من معارضيه بعد نبأ اغتيال رامي مخلوف المفترض".


منظمة العفو 
في لندن، طالبت منظمة العفو الدولية جامعة الدول العربية، بالضغط على سوريا للسماح بنشر مراقبين لحقوق الإنسان على أراضيها، بسبب ما اعتبرته استمرار عمليات القتل والاعتقالات في تحد لاتفاق إنهاء العنف الذي عقدته معها.
و ص ف، رويترز، ي ب أ، أ ش أ