دمشق، لندن - «الحياة» - قال ناشطون ومحللون إن «ثغرات» و «نقاطاً غامضة» في الاتفاق العربي مع سورية قد تمنح النظام السوري هامشاً للمناورة، مشيرين خصوصاً إلى بند «إخلاء المدن والأحياء السكنية من جميع المظاهر المسلحة»، الذي لا يتضمن صراحة «سحب الجيش من المدن»، كما لا يحدد موعداً معيناً ولا جهة مستقلة تشرف على مسألة سحب الجيش والآليات العسكرية من الشارع. إضافة الى بندي الإفراج عن المعتقلين ووقف كافة أعمال العنف من أي مصدر كان حماية للمواطنين، اللذين لا يتضمنان أيَّ تفاصيل حول موعد التنفيذ وتعريف «أعمال العنف». وقال ناشط سوري لـ «الحياة» في هذا الصدد: «النظام امامه مساحة للمناورة، فهو يمكن ان يقول ان قوات الجيش اطلقت النار على ارهابيين وليس مدنيين. سيقول ان مسلحين يروعون الناس وان الامن اضطر للتدخل للتصدي لهم. امامه حجج كثيرة. سندخل في دوامة اتهامات ومناورات». واثار قرار الحكومة السورية الموافقة على المبادرة العربية جملة من ردود الأفعال المتباينة بين مؤيد يرى فيه خطوة إيجابية للوصول إلى حل سياسي سلمي، ومعارض يؤكد أنه محاولة مجرد مراوغة من قبل النظام لكسب الوقت.
ويرى الباحث السوري شادي جابر، أن القرار الأخير يمثل خطوة إيجابية بالاتجاه الصحيح، و «إذا ما تم الالتزام ببنوده وتنفيذها عملياً، من قبل السلطة أولاً وبقية الأطراف تالياً، فإن ذلك سيفتح الباب أمام التوصل إلى حل سياسي توافقي يعفي البلاد من مخاطر حقيقية وكبيرة تحدق بها». ورأى في تصريحات لـ «سي ان ان» العربية في هذا الاتفاق خطوة إيجابية تشكل مقدمة باتجاه التوصل إلى حل سياسي سلمي وتوافقي يجنب سورية وطناً وشعباً احتمالات ومخاطر التدخل الخارجي والانزلاق إلى دوامة الفوضى والاضطرابات. وكان «التيار الثالث» الذي أسسه جابر مع بعض الناشطين، طالب السلطة وجميع الأطراف المعنيين بالالتزام بتنفيذ بنود الاتفاق وترجمتها عملياً على أرض الواقع لتجنيب البلاد مخاطر التدخل الخارجي والانزلاق إلى دوامة الفوضى والاضطرابات.
لكن جابر يؤكد أيضاً وجود بعض الثغرات في الاتفاق تمنح هامش مناورة للنظام، كما في «البند الثالث الذي يتحدث عن إخلاء المدن والأحياء السكنية من جميع المظاهر المسلحة، وهذا البند برأيي يحتمل وجهين، ويعطي النظام هامش مناورة، كونه لم ينص صراحة على سحب الجيش والدبابات من المدن كما كانت تشترط المعارضة للذهاب إلى الحوار». ويؤكد أن الاتفاق لم يحدد من هي الجهة التي ستقوم بإخلاء المدن والأحياء من جميع المظاهر المسلحة في ظل وجود مسلحين في بعض المناطق الساخنة كمدينة حمص على سبيل المثال لا الحصر. من ناحيته، قال الصحفي والناشط السوري إياد شربجي: «أعتقد أن النظام يراوغ لكسب مزيد من الوقت، لكن لا مفرّ الآن أمامه سوى أن يطبق بنود القرار العربي، فإن فعل فالشارع السوري سيظهر على حقيقته مع خروج الأمن والجيش من الشوارع، وستنقلب موازين القوى بشكل نوعي يصبح فيها الشارع هو المسيطر».
|