التاريخ: تشرين الثاني ٣, ٢٠١١
المصدر: جريدة النهار اللبنانية
دمشق قبلت الخطة العربية "دون تحفّظ": وقف العنف وإطلاق المعتقلين وسحب الجيش
معارضة الداخل ترحب و"المجلس الوطني السوري" يشكك وواشنطن لتنحي الأسد

القاهرة - جمال فهمي العواصم الاخرى – الوكالات
حقق نظام الرئيس السوري بشار الأسد أمس "نصف مفاجأة" عندما أبلغ مندوبه الدائم لدى جامعة الدول العربية السفير يوسف احمد وزراء الخارجية العرب في مستهل اجتماعهم الطارئ الموافقة "من دون تحفظ" على خطة تمهيدية من أربعة بنود كانت سلمتها لجنة وزارية عربية الاحد الماضي الى وزير الخارجية السوري وليد المعلم تفتح الطريق أمام تنفيذ باقي بنود المبادرة التي أقرها مجلس الجامعة منتصف الشهر الماضي لحل الازمة السورية المتفاقمة والمستمرة منذ سبعة أشهر.


وفيما لقيت خطة الجامعة ترحيبا من المعارضة السورية في الداخل، بدت معارضة الخارج التي يمثلها أساسا "المجلس الوطني السوري" في موقف المتشكك، إذ دعت الى تعليق عضوية سوريا في الجامعة. أما واشنطن، فجددت مطالبتها بتنحي الرئيس بشار الاسد عن السلطة.
وبدا ان تحرك جامعة الدول العربية في سباق مع التطورات المتسارعة للأحداث، إذ تحدث ناشطون عن مقتل 34 شخصا في سوريا بينهم على الاقل 20 في حوادث قتل طائفية بريف حمص بين السنة والعلويين، فضلا عن مقتل 15 جنديا في هجومين لجنود منشقين في ريف حماه.


وبعد اجتماع مغلق استغرق ساعتين، صرح رئيس الوزراء وزير الخارجية القطري حمد بن جاسم بن جبر آل ثاني الذي ترأس بلاده الدورة الحالية للمجلس الوزاري للجامعة واللجنة الوزارية المكلفة متابعة ملف الازمة بأن "الحكومة السورية وافقت" على الخطة العربية لوقف العنف. وقال في مؤتمر صحفي قصير إن "الاتفاق (مع دمشق) واضح ونحن سعداء بالوصول اليه وسنكون أسعد بتنفيذه". وشدد على ضرورة ان تُظهر السلطات السورية "جدية" في تنفيذ الخطة، وخصوصا "وقف العنف والقتل والافراج عن المعتقلين واخلاء المدن من اية مظاهر مسلحة". وأضاف: "اذا لم يلتزموا، فان الجامعة ستجتمع مجددا وتتخذ القرارات المناسبة في حينه".


وتلا نص القرار الذي اعتمده الوزراء وتضمن في ديباجته تأكيد "حرص الدول الاعضاء (في الجامعة) على أمن واستقرار سوريا ووحدتها وسلامتها الاقليمية وسعيها الى المساهمة في ايجاد مخرج للازمة ووقف اراقة الدماء وتحقيق تطلعات الشعب السوري في الاصلاح المنشود وتفادي اية تدخلات خارجية".
وعدد القرار بنود الخطة العربية لانهاء الازمة التي وزعها على مرحلتين، الاولى تتضمن الاجراءات التي يتعين على السلطات السورية تنفيذها فورا وهي:
1 - وقف كل انواع العنف من أي مصدر كان حماية للمواطنين السوريين.
2 - الافراج عن المعتقلين بسبب الاحداث الراهنة.
3 - اخلاء المدن والاحياء السكنية من جميع المظاهر المسلحة.
4 - فتح المجال امام منظمات جامعة الدول العربية المعنية ووسائل الاعلام العربية والدولية للتنقل بحرية في جميع أنحاء سوريا للاطلاع على حقيقة الأوضاع ورصد ما يدور فيها من أحداث.


أما المرحلة الثانية للخطة، بموجب القرار، فتقضي بانه "مع احراز تقدم ملموس في تنفيذ الحكومة السورية لتعهداتها بتنفيذ (البنود السابقة) تباشر اللجنة الوزارية العربية القيام بالاتصالات والمشاورات اللازمة مع الحكومة ومختلف أطراف المعارضة السورية من أجل الاعداد لانعقاد مؤتمر حوار وطني خلال فترة اسبوعين من تاريخه".


العربي
وقال الامين العام لجامعة الدول العربية نبيل العربي في المؤتمر الصحافي عينه، ان "الهدف هو ايجاد حل عربي للأزمة السورية"، مشيرا الى ان "الاتفاق يتضمن وقف كل أعمال العنف واطلاق المعتقلين، وفتح المجال أمام المنظمات العربية المعنية ووسائل الاعلام العربية والاجنبية لرصد الاحداث". وأضاف ان اللجنة الوزارية المشكلة مكلفة اجراء المشاورات لتنفيذ الخطة.

 

مكان الحوار؟
وأفاد مصدر مطلع في الجامعة أن المفاجأة في موقف دمشق أمس لم تكن موافقتها على الخطة وانما نجاح الضغوط في منعها من أن تقرن موافقتها بتحفظات تعطل عملياً تنفيذ الخطة. لكن المصدر نفسه قال إن اجتماع الوزراء العرب كان يمكن أن يستغرق دقائق معدودة لولا اصرار الوفد السوري على أن ينعقد الحوار المقترح بين الحكومة والمعارضة في دمشق وليس في مقر الجامعة العربية بالقاهرة، وهو ما رفضه الوزراء، غير أنهم توصلوا مع المندوب السوري الى حل وسط تمثل في تجنب ذكر مكان عقد المؤتمر في نص القرار.


في غضون ذلك، واصل مئات من السوريين المقيمين بالقاهرة التظاهر أمام مقر جامعة الدول العربية، مساء أمس، احتجاجاً على "الاعتداءات" المستمرة على المتظاهرين في مختلف المدن والبلدات السورية. وردّد المتظاهرون، الذين قدر عددهم بنحو ألفين وإنضم اليهم عشرات من الناشطين المصريين معظمهم من حركة "شباب 6 أبريل"، هتافات تندد بعمليات قتل المطالبين بالحرية والعدالة، وبصمت جامعة الدول العربية إزاء تلك "الاعتداءات". وقد فرضت قوات الشرطة المصرية طوقاً أمنياً حول محيط مقر الجامعة تحسّباً لأي محاولة لاقتحام المتظاهرين الغاضبين إياها.


"المجلس الوطني"
وتزامن انعقاد مجلس الجامعة العربية مع طلب "المجلس الوطني السوري" الذي يضم عددا من تيارات المعارضة، من الجامعة "تجميد عضوية" سوريا، بحجة ان دمشق ردت على عرض وساطتها "بتصعيد القمع". وقال في بيان ان "تصاعد القمع الوحشي الذي يمارسه النظام السوري ضد شعبنا الصامد والذي اسفر عن مئات الضحايا خلال بضعة ايام يشكل الرد العملي للنظام على المبادرة العربية". واضاف ان "السلوك الدموي للنظام... استخفاف بالجهود العربية الرامية الى حقن الدماء... واستمرار لنهجه في عمليات الاحتيال والمراوغة مما يجعلنا نشدد على أن النظام يحاول كسب الوقت".


معارضة الداخل
لكن المعارضة السورية في الداخل كان لها موقف آخر، إذ قال المنسق العام لـ"هيئة التنسيق الوطنية لقوى التغيير الديموقراطي في سوريا" حسن عبد العظيم: "الهيئة ترحب بالاتفاق وتعتبره خطوة مفيدة للانتقال الى الخطوة الثانية وهي العملية السلمية".
وأضاف: "سنعمل منذ الغد مع قوى المعارضة الوطنية في الداخل والخارج ومع قوى الحراك الشعبي لأجل ان يشارك الجميع في الحوار والعمل على ألا يستقصى احد من هذا الحوار، نحن ذاهبون الى حوار هو من أصعب المراحل التي تمر بها سوريا، وعلى الجميع ان يتحلوا بحس المسؤولية. نحن نتوجه للعمل مع كل الأطراف وليس للبحث عن مكاسب ومغانم".
وقال رئيس "تيار بناء الدولة" السورية لؤي حسين ان "الاتفاق أولا يوقف العنف ويوقف العملية القمعية السلطوية للمتظاهرين السلميين، وكذلك إنهاء كل أشكال العنف التي شهدتها المدن السورية خلال الأشهر الماضية ". وأضاف: "أخشى ان تقوم السلطة بتقويض المبادرة لأن تنفيذ المبادرة يعني انه يشكل أرضية واضحة لإنهاء الحالة الصراعية في سوريا ".
وقال رئيس "تيار الطريق الثالث" عضو مجلس الشعب محمد حبش: "نحن ندعم جهود المصالحة التي بدأتها الجامعة العربية".
واشنطن 
في واشنطن صرح الناطق باسم البيت الابيض جاي كارني تعليقاً على موافقة دمشق على الخطة العربية :"موقفنا لا يزال هو أن الرئيس الأسد فقد شرعيته ويجب أن يتنحى... نؤيد كل الجهود الدولية التي تستهدف اقناع النظام بوقف مهاجمة شعبه".


ميركل واردوغان
في برلين، طالبت المستشارة الالمانية انغيلا ميركل ورئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان الذي يزور المانيا بتشديد الضغوط على دمشق. وقالت المستشارة: "نرغب، واعني المانيا على الاقل، في ادانة اقوى (لسوريا) ولا سيما من الامم المتحدة".