أثارت تصريحات رئيس «المجلس الوطني السوري» برهان غليون، حفيظة الأكراد السوريين عندما شبههم بـ «مهاجري فرنسا» في تصريحات له بثتها قناة «دوتشه فيله» الألمانية، ما دعا الأكراد لمطالبته بالاعتذار، ما دفع بغليون الى نشر «تصويب واعتذار» بعد موجة الجدل والاستياء في الأوساط الكردية على خلفية تصريحاته. وقال شفكر هوفاك، عضو اللجنة التنفيذية لـ «مؤتمر الائتلاف العلماني» في تصريح خاص لـ «ايلاف»: «نحن الكورد أحزابا وأفرادا نطالب السيد برهان غليون والسيد علي صدر الدين بيانوني فورا باصدار توضيح او بيان اعتذار للشعب الكوردي، وسنكون بالمرصاد ضد هكذا بيانات أو أقوال».
وأكد: «نحن الكورد دعاة سلام وتسامح لكننا لا نقبل الاهانة والذل وسندافع بدمائنا عن حقوقنا القومية ووجودنا». واعتبر هوفاك «أن موقف البيانوني وغليون وما سمعنا منهم من تصريحات مخزية تجاه أخوتهم الكورد في الصحافة، يدل على أحد الأمرين انما النفوذ والسيطرة القوية من قبل الحكومة التركية والأخص حزب «أ ك ب» حليف جماعات الاخوان المسلمين او النفوذ التركي وعدم فهم المجلس وقيادته لوضع 20 مليونا من الشعب الكوردي الموجود على أرضه التاريخية الأصلية في تركيا والذي يعاني من الاضطهاد والظلم منذ عقود وشعب قدم عشرات آلاف من الضحايا». ورأى أنه «كان على المجلس الوطني السوري بل قياداته ان يلتزم الصمت ان كان عاجزاً عن فهم الوضع الراهن». وأكد هوفاك أن «الموقف غير لائق وما صدر عنهما هو كلام طائش مؤسف يتحمله كل المجلس، وعلى أعضاء المجلس أن يحتجوا ويستنكروا هذا التصرف اللا قانوني تنظيميا ووظيفيا». واعتبر أنّ «هذا يدل على استفراد جماعة الاخوان بالمجلس واقصاء كل المكونات الاخرى الموجودة فيها وعدم الاعتبار لوجود الآخرين وعدم اخذ آرائهم في الحسبان».
وعبّر عن أمله «الا يكون هذا الموقف المتخاذل من قناعة المجلس وقيادته وإلا فعلى الشعب الكوردي والأقليات الباقية في سورية ان تبدأ من الآن في التفكير السليم بكيفية المعاملة مع هذا المجلس قبل فوات الأوان، وان لم يتم تصحيح مسارهم وسلوك البعض منهم ستكون لنا كلمة أخرى قريبا»، موضحا «ان كان الكورد في المجلس أو كانوا خارجها فلن نسمح لأحد بأن يحاول أذية الشعب الكردي، ونقول للجميع عصر الاقصاء والتهميش ولى، الكورد في سورية 17 في المئة أي 4 ملايين، وهم شعب وليسوا جالية أو ضيوفا في سورية كما يتصور السيد غليون أو بيانوني». وتساءل: «هل الشعب السوري سيقبل بديكتاتورية جماعة الاخوان المسلمين بعد الديكتاتورية الأسدية؟ وهل الشعب السوري سيسلم أمره للاخوان وأردوغان بعد تحرير سورية»؟ وعبّر عن أسفه لأنّ «المجلس الوطني وقيادته غير قادرين على فهم الفرق بين كفاح حركات تحريرية والإرهاب».
ومع التهديدات من الكتلة الكردية في «المجلس الوطني السوري» الذي تم تشكيله في اسطنبول، بالانسحاب من «المجلس»، أصدر غليون تصويبا واعتذارا»، قال فيه: «أثار حديث مبتسر بثته قناة دوتشه فيله الالمانية، سجل قبل اكثر من شهر، رد فعل عنيف من قبل الكثير من اخوتي الاكراد الذين يعرفون موقفي تماما من حقوق الشعب الكردي وقضيته العادلة. واني اذ أعتذر للاخوة الاكراد عما شعروا به من غبن نتيجة بث هذا الحديث المبتسر اجدد تأكيدي على موقفي الثابت الذي يعتبر الشعب الكردي جزءا لا يتجزأ من الشعب السوري، له الحقوق نفسها وارض اجداده، ولا يمكن لا حد ان ينظر اليه لا كلاجئ ولا كمهاجر. ولم يكن المقصود من المقارنة كما هو واضح، وكما حصل من سوء فهم، التقليل من حقوق الأكراد أو ارتباطهم التاريخي بالارض السورية، وانما تبيان أن التأكيد على حقوق الاقليات في ضمان هويتها وتأكيدها، التي هي اليوم المعيار الاول لرقي الدساتير والقوانين في الدول الحديثة، لا ينبغي ان يحرم الاكثرية ايضا من حقوقها في تأكيد هويتها، وهنا الاكثرية العربية. وليس الدواء لشوفينية الاكثرية التي حذرنا منها مرارا هو نفي حقوقها ورفض الاعتراف بها خوفا من ان تطغى على حقوق الاقلية».
واعتبر غليون «أنّ تعيين هوية البلد لاعلاقة له بالاعتراف بالحقوق المتساوية وهو ليس مسألة اختيار لهذه المجموعة او تلك وانما هو جزء من الوقائع الجيوسياسية والجيوثقافية التاريخية التي تتجاوز خيارات الافراد. وهذا ما يجعل العالم كله ينظر الى سورية كبلد عربي عضو في الجامعة العربية. وهذه العضوية تعكس انتماءات ووشائج قربى وامكانات تعاون وتضامن لايمكن تجاهلها من دون اضعاف البلاد والتضحية بفرص كبيرة للامن والتنمية والاستقرار وبالتالي تكبيد خسائر كبيرة للبلد وللسكان».
ونفى بشدة عبر صفحته على «فيسبوك» أن يكون الهدف من تصريحاته «التقليل من حقوق الأكراد أوالمساس بها أو رفض الاعتراف بها». وكانت الكتلة الكردية في «المجلس الوطني السوري» أصدرت بيانا أعلنت فيه أنه «في لقاء أجراه التلفزيون الألماني الناطق بالعربية مع رئيس المجلس الوطني السوري، صرح برهان غليون رداً على سؤال بخصوص تطمينات يطالب بها الكرد تضمن عدم إقصائهم في سورية المستقبل، بأن هوية الدولة السورية عربية كون غالبية السكان من العرب، معتبراً في الوقت نفسه المكونات القومية الأخرى في سورية جماعات أو تجمعات قومية، مشبهاً وجودها بتواجد المسلمين والمهاجرين الآسيويين في فرنسا».
وأشار البيان الى أنه «يهمنا في هذا السياق أن ننبه السيد غليون والآخرين في المعارضة السورية، الذين لم يتوانوا في الآونة الأخيرة عن طرح مواقف وتصورات تُشتم منها نزعة قوموية إقصائية لا تختلف بكثير عن فكر البعث المتطرف، وتحاول تجاهل الحقائق التاريخية والجغرافية لوجود الشعب الكردي وباقي المكونات الأخرى في سورية، إلى حقيقة أن الشعب الكردي في سورية قومية متميزة بإرثها الحضاري والثقافي والإنساني، وتاريخها موغل في القدم ويمتد لآلاف السنين في هذه المنطقة، ويعيش أبنائه فوق أرضهم التاريخية التي قُسمت بفعل اتفاقات استعمارية بين أربع دول في بداية القرن العشرين، ولم تكن لبعضها، مثل سورية والعراق، بحدودها السياسية الحالية، أي وجود على الخريطة السياسية الدولية قبل اتفاقية سايكس بيكو سيئة الصيت».
|