بعد أربعة أيام من مقتله، ووري الزعيم الليبي العقيد معمر القذافي ونجله المعتصم ووزير الدفاع أبو بكر يونس في مكان "غير بعيد" من مصراتة، بينما صار ابنه الآخر سيف الإسلام على الحدود مع النيجر. ومع أن حلف شمال الأطسي أعلن انه سينهي مهمته هذا الشهر، فإن "المجلس الوطني الانتقالي" طلب منه تمديدها شهراً إضافياً.
أفاد مسؤول في المجلس العسكري لمدينة مصراتة أن جثمان القذافي دفن ليل الاثنين – الثلثاء في "مكان سري" بعدما أقيمت عليه الصلاة.
وقال حراس، إن موكبا من خمس سيارات عسكرية نقل جثث القذافي ونجله ووزيره في وقت متقدم من ليل الاثنين الى مكان مجهول. وصرح الناطق باسم المجلس العسكري ابرهيم بيت المال بأن هذا المكان "غير بعيد" من مصراتة، وأن رجل دين أقام الصلاة في حضور قريب للقذافي ونجلي يونس ووالده في الخامسة فجراً. ويذكر أن نجلي يونس كانا موقوفين، لكنهما أُطلقا ساعات ليشاركا في تشييع والدهما.
وجاء في رخصة الدفن الرسمية للقذافي أنه أصيب برصاصتين في الرأس والصدر، ويحمل جسده آثار عمليات جراحية قديمة، واحدة في عنقه واثنتين في بطنه وواحدة في ساقه اليسرى. وأوضح المسؤول عن ملف النفط والمال في "المجلس الوطني الانتقالي" علي الترهوني أن تنظيم الدفن "استغرق بعض الوقت" بسبب "مشاكل في الاتصال بين المجلس المحلي والمجلس الوطني الانتقالي"، "لكنه (القذافي) ووري الآن بحسب الشريعة الاسلامية. لم يكن يستحق ذلك، لكنه كان قراراً من المجلس الوطني الانتقالي". وشدد على أن "المجلس الوطني الانتقالي لم ولن يصدر أبداً أي امر بقتل اي كان". وأضاف: "لست حزيناً، وكنت أتمنى ان يبقى حيا ليرد على الكثير من الاسئلة التي يطرحها الليبيون".
الأيام الأخيرة وفي حديث جديد، أدلى رئيس الحرس الشخصي للقذافي منصور ضو برواية جديدة عن الأيام الأخيرة للزعيم الليبي ونجله المعتصم، إذ رافقهما في التنقل بين منازل مهجورة ليس فيها أجهزة تلفزيون ولا هواتف. وقال إن القذافي "لم يكن يخطط لشيء أو يفكر في شيء"، وأن المعتصم تولى قيادة المعركة. وأشار إلى أنه يشعر "بالأسى" لمصير القذافي لأنه "أساء تقدير الموقف. كان في وسعه مغادرة البلاد وعيش حياة جديدة"، وقد كان في الأيام الأخيرة "متوتراً، كان غاضباً وكان مجنوناً في بعض الأوقات. في الإجمال، كان حزيناً وغاضباً. كان لا يزال يظن أن الشعب الليبي يحبه حتى بعدما أخبرناه أن طرابلس احتلت".
ونقلت منظمة "هيومان رايتس ووتش" المدافعة عن حقوق الانسان عن امرأة رافقت موكب القذافي أن جروحه كانت طفيفة لدى شنّ غارة حلف شمال الأطلسي. وقالت إنه احتمى ثلاث ساعات في مبنى مهجور مع مرافقيه، ثم غادره سيراً على الأقدام قبيل توقيفهم.
سيف الإسلام في غضون ذلك، تحدث ممثل للطوارق في شمال النيجر عن اقتراب سيف الاسلام من الحدود مع النيجر. وقال إنه والرئيس السابق للمخابرات الليبية عبدالله السنوسي "بات على مشارف الحدود النيجرية، لم يدخل النيجر بعد، لكنه ليس بعيدا منها. يبدو انه يتقدم بمواكبة مقاتلين سابقين من الطوارق، ولكن لا يمكنني تأكيد هذه المعلومة بعد".
وكان مصدر حكومي نيجيري سجل السبت "إشارات" الى وجود السنوسي في اقصى شمال النيجر على الحدود مع ليبيا. وقال عضو مجلس بلدة أغاديز النيجيرية الشمالية ريسا أغ بولا إنه على اتصال بقبائل الطوارق التي تساعد سيف الإسلام في عبور الصحراء من ليبيا إلى الجزائر وصولاً إلى النيجر. وأضاف: "إذا أتى إلى هنا، فإن الحكومة ستستقبله، ولكن سيكون عليها كذلك احترام تعهداتها الدولية".
وحتى الآن استقبلت السلطات النجيرية 32 شخصاً من المقربين من الزعيم الليبي الراحل، بينهم ابنه الساعدي، وذلك لأسباب "انسانية". ونقلت صحيفة "الشروق" الجزائرية عن مصدر قريب من أفراد أسرة القذافي أن زوجته صفية وابنته عائشة ونجليه هنيبعل ومحمد الموجودين في الجزائر سيتوجهون "قريباً" إلى جنوب إفريقيا، وسيلتحق بهم هناك سيف الإسلام والساعدي.
وسئل المصدر هل طلبت الجزائر من أسرة القذافي الرحيل، فأجاب أن اختيار جنوب إفريقيا كان من العائلة، وأنها فكرت كذلك في سوريا، ولكن "نصحتها جهات مقربة بإسقاط خيار سوريا نظراً الى الوضع هناك، ولم يبق سوى جنوب أفريقيا". وكان تردد سابقاً أن دولة خليجية وافقت على استقبال صفية وعائشة من دون ذكور العائلة، كما أن "مجمل أموال القذافي موجودة في جنوب أفريقيا".
تمديد مهمة الأطلسي وفي بروكسيل، ردّ حلف شمال الاطلسي بحذر على طلب علي الترهوني تمديد مهمته في ليبيا "شهراً إضافياً على الأقل". وقال مسؤول في الحلف إنه لا يعرف ما اذا كان تصريح الترهوني طلباً رسمياً من "المجلس الوطني الانتقالي". وجاء طلب الترهوني، الذي يرئس المجلس الأعلى للأمن، عشية اجتماع لسفراء الدول الـ28 الأعضاء فيه. وأشار المسؤول إلى أن "الحلف سيجري مشاورات وثيقة مع الامم المتحدة والمجلس الوطني الانتقالي قبل اتخاذ قرار نهائي". وأعلنت وزيرة الدفاع الاسبانية كاريم شاكون سحب القوات الاسبانية الموجودة "على الأراضي الليبية" حالما يؤكد الحلف رسمياً انهاء مهمته.
انفجار خزانين للوقود في غضون ذلك، افاد القائد الميداني الليبي محمد ليث أن انفجاراً كبيراً وقع في خزانين للوقود في مدينة سرت نتيجة شرارة من مولد كهربائي مجاور له. وأوضح أن "عشرات المواطنين" كانوا متجمعين لحظة حصول الانفجار لتعبئة سياراتهم وشاحناتهم بعدما اكتشفوا ان كتائب القذافي خزنت نحو مليون ليتر من الوقود، وقد انطلقت شرارة من مولد كهربائي مجاور سببت الانفجار الذي تسبب بمقتل مئة شخص وجرح 40 آخرين. ويذكر ان الانفجار حصل الاثنين لكن أي نبأ لم يرد عنه إلا الثلثاء.
في طهران، قال الرئيس الإيراني محمود احمدي نجاد إن القذافي قتل كي لا يكشف الأسرار التي يمتلكها عن الكثير من القضايا، محذراً من أن حلف شمال الأطلسي يسعى إلى سرقة الثروات الليبية. وأمل وزير الخارجية الايراني علي أكبر صالحي في قيام "ديموقراطية دينية" في ليبيا.
في لندن، كشفت صحيفة " التايمس" البريطانية عن رسائل من ولي العهد البريطاني الأمير تشارلز ورئيس الوزراء سابقاً طوني بلير إلى القذافي سعياً الى تعزيز العلاقات بين البلدين.
في باريس، نشرت مجلة "باري ماتش" نص كتاب بعث به القذافي إلى رئيس الوزراء الايطالي سيلفيو برلوسكوني دعاه فيه إلى وقف العمليات العسكرية. (و ص ف، رويترز، أ ب، ي ب أ، أ ش أ)
|