التاريخ: آذار ٢٢, ٢٠١٣
المصدر: nowlebanon.com
ليست ثورة إسلامية - حازم الامين
قال لي صديق من مدينة اللاذقية السورية إن شقيقته معتقلة بسبب مشاركتها في التظاهر ضد النظام في المدينة وإنها ضُبطت تصور جنوداً يُطلقون النار. وإن زوجها اعتُقل بعد ذلك بتهمة "عدم نهي زوجته عن المشاركة في أعمال الشغب" وهو اليوم يُحاكم بهذه التهمة. وفي حين تمكنت الزوجة من الحصول على البراءة بسبب قيام الجنود الذين اعتقلوها بسرقة الكاميرا وبيعها، وبالتالي انتفاء الدليل على قيامها بالتصوير، فإنها لا تزال حتى اليوم في السجن، ذاك أن زوجها ينتظر المحاكمة، وتهمته أنه "لم يمنع زوجته من المشاركة في الثورة"، فإطلاق السيدة البريئة يُبطل تهمة زوجها، في حين أن موعد المحاكمة قد حُدد، ولا يليق بالقضاء السوري إلغاء محاكمة قبل موعد إجرائها. الزوجان سيخلى سبيلهما وفق شقيق الزوجة، لكنهما ينتظران المحكمة، وهو أمر يحصل في أكثر دول العالم تمسكاً بالعدالة.
 
هذه هي سورية فعلاً، ذاك أن حكاية شقيقة صديقي تشبه، من حيث لا أعلم، إعلان مفتي سورية أحمد حسون الجهاد كـ "فرض عين ضد الإرهاب"، فالرجل القريب من النظام يُعلن المشاركة في قمع الثورة عبر ما يتهم به النظام الثورة، أي "الجهاد"، ثم ان "الجهاد" الذي لا يستقيم في قيم "البعث" ها هو مستقيم في قيم المفتي "البعثي"، طالما ان الغاية منه الحرب على الثورة.
 
التشابه بين الحكايتين يكمن في عدم الانسجام الرهيب في خطاب النظام في سورية. فالزوج بريء بنفسه ومُدان بزوجته، والزوجة بريئة بنفسها وها هي مُدانة بزوجها. "الجهاد" تُهمة من جهة، ووسيلة لقتال الثورة من جهة أخرى.
 
لكن عدم الانسجام الرهيب في خطاب النظام هو امتداد لعدم انسجام لطالما شاب خطاب المقاومة والممانعة العربية. فالـ "جهاد" الذي تُدان به الثورة السورية، كان حلالاً ومستحباً أيام العراق، عندما جاء "المجاهدون" من كل بقاع الأرض وأقاموا في سورية ولم تأتِ على ذكرهم الصحف الممانعة التي استيقظ حسها "العلماني" على نحو مفاجئ. وتلك الصحف "العلمانية التي تُنكر على السوريين ثورتهم بسبب قدوم اسلاميين وركوبهم موجة الثورة، تلك الصحف عينها، لا ترى في "حزب الله" خوفاً على القيم العلمانية، ولا ترى في نظام إيران عيباً علمانياً يجب التوجس منه. فقد نسي رفاقنا ان ذلك النظام قتل ستة آلاف من حزب تودة (الحزب الشيوعي الايراني)، تماماً بعد انتهاء الثورة التي كان لتودة دور كبير فيها. 
 
الثورة في سورية ليست تلك المجموعات الإسلامية القادمة الى الثورة من خارجها. ها هم أهل سراقب يعلنون العصيان على كتيبة اسلامية، وها هي رزان زيتونة تكتب من قلب الثورة في دمشق عن انتهاكات "الجيش الحر" في سورية، وها هو معاذ الخطيب يتوجه للدول التي ترسل "مجاهديها" بأن توقف ذلك، ويقول "ان سورية ليست بحاجة الى مجاهديكم".
 
هذه هي الثورة في سورية، فهي تُقاوم من على ضفتيها، النظام من جهة، ومحاولات تلويثها من جهة أخرى.
 
ويجب ان يُسجل لها ذلك، ويجب ان يُسجل على "الممانعة والمقاومة" انها لم تقوَ على ادانة واحدة للنظام في سورية، ولم تعترف بما اعترف به النظام نفسه من انتهاكات ومجازر.