التاريخ: تشرين الأول ٢٧, ٢٠٢٠
المصدر: جريدة الشرق الأوسط
مخاوف من تدهور صحة الرئيس الجزائري بعد نقله للمستشفى العسكري
رئيس الوزراء: تعديل الدستور يصحح انحرافات
الجزائر: بوعلام غمراسة
تداولت أوساط سياسية وإعلامية في العاصمة الجزائرية، أمس، خبر نقل الرئيس عبد المجيد تبون إلى المستشفى العسكري المركزي، لمواجهة احتمال تعقد حالته الصحية، بعد دخوله في حجر صحي. وفي غضون ذلك، شنت قوات الأمن حملة اعتقالات خلال المظاهرة الأسبوعية المطالبة بالإفراج عن الصحافي خالد درارني.

وتسابق السلطات الجزائرية الوقت لضمان حضور رئيس الجمهورية احتفالات المولد النبوي الشريف في «المسجد الكبير»، كما جرت العادة، وإن كان الجزائريون تعوّدوا غياب الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة عن هذا الموعد الديني، منذ إصابته بجلطة دماغية عام 2013، وقد كانت حالته الصحية المتدهورة السبب الرئيسي في انتفاضة الجزائريين ضده، مما أجبره على التنحي.

وبحسب متتبعين، ينتاب الرئاسة هاجس كبير، يتمثل في احتمال غياب تبون عن موعدين آخرين في غاية الأهمية، زيادة على الحفل الديني؛ الأول تدشين «جامع الجزائر»، وهو معلم ضخم، مساء غد (الأربعاء). والثاني، وهو الأكثر أهمية، يتمثل في انتقاله إلى مكتب الاقتراع الأحد المقبل للتصويت على دستوره في الاستفتاء الذي أصر هو على تنظيمه بدل الاكتفاء بمصادقة البرلمان عليه.

وإذا غاب الرئيس عن الأحداث الثلاثة، فستقفز من جديد إلى ساحة النقاش «قضية صحة رئيس الجمهورية»، التي شكلت أكبر انشغال للجزائريين في عهد بوتفليقة منذ نهاية 2005؛ تاريخ العملية الجراحية التي أجريت له بفرنسا بسبب نزف حاد في المعدة.

وتداول ناشطون بشبكات التواصل الاجتماعي، خلال اليومين الماضيين، أخباراً مفادها بأن الرئاسة نقلت تبون إلى «مستشفى عين النعجة» العسكري «تحسباً لطارئ». ويتوفر المستشفى، الذي لا يعالج فيه إلا الضباط العساكر، على أجهزة تنفس متطورة غير موجودة في بقية المستشفيات التي يعالج فيها مئات المصابين بفيروس «كورونا».

ولم ترد الرئاسة على هذه الأخبار، لكنها في العادة تنفي ما يتعلق بالرئيس إن قدرت أنه مجانب للصواب.

في غضون ذلك، أحكمت قوات الأمن أمس المراقبة على المظاهرة الأسبوعية المطالبة بالإفراج عن مراقب «مراسلون بلا حدود»، خالد درارني، على غير العادة؛ إذ منعت طلاب الجامعات والمحامين من دخول «دار الصحافة» بالعاصمة، حيث جرت الاحتجاجات، وسمحت فقط للصحافيين الذين يحملون بطاقات مهنية بالمشاركة في المظاهرة وهي العاشرة. وجرى اعتقال أشخاص بعدما أظهروا إصراراً على الالتحاق بالاحتجاج، ثم أطلق سراحهم لاحقاً.

وحمل المتظاهرون صور الصحافي الذي أدانته محكمة الاستئناف بالسجن لعامين مع التنفيذ بسبب نشاطه المؤيد للحراك الشعبي. وطالبوا القضاء بإنصافه خلال محاكمته المنتظرة، في إطار الدرجة الثالثة والأخيرة من التقاضي. ويقع درارني تحت طائلة تهمتي «المسّ بالوحدة الوطنية» و«التحريض على التجمهر من دون رخصة».

كما رفع المتظاهرون أيضاً شعارات معادية للسلطة، ولقطاع من وسائل الإعلام سار في خطاب الحكومة، الذي يعدّ درارني «سجيناً في إطار القانون العام»، وينفي عنه صفة «الصحافي».

رئيس الوزراء: تعديل الدستور يصحح انحرافات
الاثنين 26 أكتوبر 2020 
اعتبر رئيس وزراء الجزائر، عبد العزيز جراد، أن الدستور الجديد الذي سيُعرض على الاستفتاء مطلع الشهر المقبل «يعيد بلدنا إلى السكة الصحيحة، بعد الانحرافات التي عرفها خلال السنوات الأخيرة، التي كادت تعصف بالوطن وتماسك الدولة ومؤسساتها»، في إشارة إلى فترة حكم الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة التي دامت 20 سنة.

وذكر جراد أثناء مشاركته في الحملة المخصصة للدعاية للاستفتاء بالتلفزيون الحكومي، أمس، أن وثيقة الدستور «تمثل تصالح الجزائر مع ذاتها وتاريخها وطموحات أبنائها». وعد تمريره على الاستفتاء الشعبي «بمثابة استجابة للمطالب المعبَّر عنها بقوة، من قبل الحراك الشعبي الأصيل، لتفعيل المادتين 7 و8 من الدستور، المكرستين لإرادة الشعب كمصدر للسلطة، وصاحب السيادة الوطنية».

وشدد على أن «الاستفتاء هو إحدى الأدوات الديمقراطية التي يعبر من خلالها المواطنون، بكل حرية، عن إرادتهم. ويشكل، مع حق الانتخاب، وسيلة لممارسة السيادة الشعبية».

لكن نشطاء معارضين يقولون إن تعديل الدستور لم يكن قط ضمن المطالب التي رفعها المتظاهرون عندما خرجوا بالملايين إلى الشارع في 22 فبراير (شباط) 2019. لمنع بوتفليقة من الترشح لولاية خامسة. كما يرون أن دستور الرئيس تبون «يطيل في عمر النظام الذي طالب الحراك بتغييره جذرياً».

وبحسب جراد «يضفي التعديل الدستوري مزيداً من الانسجام على عمل السلطة التنفيذية، ويعيد الاعتبار إلى البرلمان، خصوصاً في وظيفته الرقابية على أعمال الحكومة، كما يعزز سلطة المنتخبين، لا سيما المعارضة البرلمانية». وأشاد بـ«مراجعة الأحكام الدستورية التي تحد من تولي بعض المسؤوليات العليا في الدولة والوظائف السياسية»، في إشارة إلى تشديد معايير الوصول إلى مناصب استخبارية وعسكرية كبيرة. ويرتقب أن يصدر قانون في سياق الدستور الجديد، يوضح هذه المعايير.

وأضاف أن الدستور «سيمكن الجالية الجزائرية في الخارج، من استعادة كامل مواطنتها لتستفيد من نفس الحقوق، وتخضع لنفس الواجبات على قدم المساواة مع المواطنين المقيمين على أرض الوطن». وتابع أن المراجعة الدستورية «تحقق المطلب الشعبي المتمثل في توسيع وإثراء مجالات حرية المواطن، من خلال تكريس حريات فردية وجماعية جديدة وتدعيم الحقوق الدستورية، بإعطاء مضمون ومعنى حقيقي للحريات المكرسة، خصوصاً حرية التظاهر السلمي وإنشاء الجمعيات وحرية الصحافة».

وتعهد جراد بـ«تجديد أساليب الحكامة (بعد اعتماد الدستور الجديد) على مستويات المسؤولية كافة، لا سيما على مستوى المؤسسات العليا للجمهورية». ونقل على لسان الرئيس تبون أن الجزائر تضع «دستوراً جديداً يصون البلاد من كل أشكال الانفراد بالسلطة، ويضمن الفصل بين السلطات وتوازنها، ويدعم أخلقة الحياة العامة ويحفظ حقوق وحريات المواطن».

ومن المآخذ على الدستور المقترح أنه يحافظ على الصلاحيات والسلطات الواسعة التي منحها بوتفليقة لنفسه في ثلاثة تعديلات أدخلها على الدستور.

وتابع جراد أن السلطة تسعى من خلال مراجعة الدستور إلى «النأي بالأمة الجزائرية عن الفتنة والعنف، وعن كل تطرف وعن خطاب الكراهية وكل أشكال التمييز، وذلك بترسيخ القيم الروحية والحضارية التي تدعو إلى الحوار والمصالحة والأخوة، في ظل احترام الدستور وقوانين الجمهورية... فضلاً عن ذلك، يحافظ الدستور على الطابع الاجتماعي للدولة التي تعمل على الحد من الفوارق الاجتماعية والقضاء على أوجه التفاوت الجهوي، ويسعى إلى بناء اقتصاد منتج وتنافسي في إطار تنمية مستدامة».