التاريخ: تشرين الأول ١٥, ٢٠٢٠
المصدر: جريدة الشرق الأوسط
السودان: قتلى وجرحى في احتجاجات على إقالة حاكم كسلا
الخرطوم: محمد أمين ياسين
قتل 6 أشخاص وأصيب 13 آخرون خلال تجدد الاحتجاجات بشرق السودان، وذلك على خلفية إعفاء حاكم ولاية كسلا، فيما أغلق المئات من المتظاهرين الطرق المؤدية لميناء بورتسودان، والطريق القومي الذي يربط الإقليم بالعاصمة الخرطوم، وهو ما دفع السلطات بولاية البحر الأحمر لإعلان فرض حظر التجوال إلى حين هدوء الوضع الأمني.

ووصف الحاكم صالح عمار قرار إعفائه في هذا التوقيت بأنه «لطمة» لقيم ومبادئ ثورة ديسمبر (كانون الأول) 2019، وعدم قراءة لتعقيدات الأوضاع في الإقليم، داعيا مؤيديه إلى ضبط النفس، وعدم التعدي على الأفراد أو مؤسسات الدولة.

وقال عمار في بيان أمس إنه مستمر في معركته السلمية والسياسية لأن قرار ترشيحه «لم يكن قبليا، بل جاء من قيادة الثورة في تحالف الحرية والتغيير ولجان المقاومة بكسلا».

وأصدر رئيس الوزراء السوداني عبد الله حمدوك، أول من أمس، قراراً بإعفاء حاكم ولاية كسلا من منصبه. وقال مصدر إن ستة أشخاص قتلوا وجرح 13 شخصا في المظاهرات التي شهدتها مدينة سواكن.

ويتحدر صالح، الذي تم ترشيحه من تحالف الأحزاب الحاكم، «قوى التغيير»، من قبيلة بني عامر، التي يشكل وجودها ثقلا كبيرا في ولايات شرق السودان الثلاث (البحر الأحمر، وكسلا، والقضارف). لكنه لم يباشر مهامه تخوفا من تأزم الأوضاع الأمنية.

في غضون ذلك، قالت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» إن مدينة كسلا تشهد حالة من الاحتقان والتوتر بسبب إقالة الحاكم «على أساس قبلي». مشيرة إلى أن أنصار الحاكم نظموا مظاهرات، وأغلقوا بالمتاريس العديد من الأحياء بالمدينة، وأن الأوضاع باتت مرشحة للانفجار في أي وقت.

واندلعت المظاهرات أمس في مدن كسلا وبورتسودان وسواكن، حيث خرج الآلاف للتنديد بقرار إقالة الحاكم، والمطالبة بإعادته إلى منصبه فورا.

وشهدت كسلا في أغسطس (آب) الماضي اشتباكات بين أنصار الحاكم المقال، والمجموعات القبلية الرافضة لتعيينه، أدت إلى وقوع 5 قتلى و6 جرحى، وحرائق في السوق الرئيسية للمدينة.

وكان صالح قد رهن تقديم استقالته بعقد مؤتمر للسلام والمصالحة في الإقليم، واعتذار المجموعة الرافضة له، التي تورطت في قيادة الخطاب العنصري، وأعمال الفوضى بدعم ومساندة أنصار النظام المعزول. واعتبر صالح قرار إقالته رضوخا لابتزاز مجموعة من بقايا المؤتمر الوطني (المنحل)، تحت ستار زعيم قبيلة، ومجموعات من الفاسدين وأصحاب مصالح، يقفون وراء المجموعة العنصرية التي تعمل على جر الإقليم إلى فتنة ومواجهات قبلية ومجتمعية.

وحذر الحاكم المقال القوات النظامية من اللجوء إلى العنف ضد المتظاهرين سلميا، وحماية حق التعبير الكامل، مؤكدا أنه لن يدخر جهدا لتحقيق السلام الاجتماعي، ومناهضة العنصرية ومكافحة الفساد والمفسدين.

من جهة ثانية، قال رئيس حزب التواصل، إدريس شيدلي، إن مظاهرات حاشدة انطلقت في بورتسودان، أدت إلى إغلاق الميناء الشمالي والجنوبي والأسواق، وأحدثت شللا تاما للحركة. مبرزا أن أعدادا كبيرة من المحتجين أغلقوا الطريق القومي أمام شاحنات النقل التجارية، كما تم حجز حافلات الركاب المتجهة من المدينة إلى الخرطوم، وطالبوا بإعادة الحاكم لمنصبه. كما أشار شيدلي إلى حدوث بعض الاحتكاكات بين المجموعات القبلية، المؤيدة للحاكم المقال، والرافضة له، ولم يستبعد أن تتصاعد أعمال العنف والصدامات ذات الطابع القبلي.

وعلى إثر تصاعد الاحتجاجات أعلن حاكم ولاية البحر الأحمر، عبد الله شنقراي، فرض حظر تجوال بمدينتي بورتسودان وسواكن، ابتداء من منتصف نهار أمس، وإلى أجل غير مسمى. وعزت لجنة أمن الولاية في بيان حظر التجوال للظروف الأمنية التي تعيشها الولاية بسبب الاحتجاجات على قرار إعفاء والي كسلا صالح عمار.

وقالت اللجنة في بيان إن المحتجين قاموا بإغلاق الطرق المؤدية إلى ميناء بورتسودان الشمالي وميناء سواكن، وبعض طرق الأحياء بمدينة بورتسودان.

وأبلغت مصادر «الشرق الأوسط» أن رئيس الوزراء رضخ لضغوط بعض العسكريين في مجلس السيادة الانتقالي لإعفاء حاكم كسلا، وتسرع باتخاذ القرار، متجاوزا خريطة الطريق الآمنة التي طرحها الحاكم لتجاوز الأزمة في الإقليم.

وأغلق أنصار المجموعة الرافضة لحاكم كسلا، والتي يقودها ناظر قبلية الهدندوة، محمد الأمين (ترك) الميناء الأسبوع الماضي، وقطعوا الطريق القومي لمدة أربعة أيام، قبل أن يتراجعوا بعد تهديدات من الحكومة بالتعامل وفقا للقانون لفض الاحتجاجات.

وفي يوليو (تموز) الماضي أصدر رئيس الوزراء قرارا بتعيين 18 حاكما مدنيا مكلفا للولايات، إلى حين توقيع اتفاق السلام مع الحركات المسلحة، الذي يقضي بإعادة تشكيل الحكومة في الخرطوم والحكومات الولائية.

ويتكون شرق السودان من ثلاث ولايات هي بورتسودان، وكسلا، والقضارف، تقطنها مجموعات سكانية من مختلف قبائل السودان، وتعد قومية البجا الغالبة في الإقليم، بالإضافة إلى قبيلة بني عامر، ومجموعات من كل أنحاء البلاد.