التاريخ: أيلول ٢٤, ٢٠٢٠
المصدر: جريدة الشرق الأوسط
مبادرة الحريري تحرك مشاورات تشكيل الحكومة اللبنانية
مجموعة الدعم الدولية تطالب الزعماء اللبنانيين بـ«إصلاحات حاسمة»
بيروت: كارولين عاكوم
حرّكت مبادرة رئيس الحكومة الأسبق سعد الحريري الجمود في مشاورات تشكيل الحكومة التي كانت عالقة عند تمسك «الثنائي الشيعي» («حزب الله» و«حركة أمل») بالاحتفاظ بوزارة المال.

وفي حين اتسمت الجهود والاتصالات التي تكثفت أمس بالسرية، ظهر شبه إجماع بين الأفرقاء السياسيين على أن مبادرة الحريري؛ التي طرح فيها أن يسمي رئيس الحكومة المكلف مصطفى أديب شخصية شيعية لتولي وزارة المالية، فتحت كوّة في حائط المشاورات الذي بقي مسدوداً في الأيام الماضية. وأشارت مصادر مطلعة على الاتصالات لـ«الشرق الأوسط» إلى أجواء إيجابية تسود الأوساط السياسية؛ لا سيما منها المعنية بالتأليف، لافتة إلى أن الحل الذي بدأ يعمل عليه هو أن يقدّم رئيس البرلمان نبيه بري 10 أسماء شيعية إلى رئيس الحكومة المكلف مصطفى أديب ليختار منها وزيراً للمالية. ورأت أنه إذا نجحت المساعي الأخيرة وسارت الأمور كما هو ظاهر حتى الساعة، فقد يتم الإفراج عن الحكومة بين اليوم وغد بعد لقاء يعقد بين رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس الحكومة المكلف.

من جهتها، أكدت مصادر مقربة من الثنائي الشيعي لـ«الشرق الأوسط» أن مبادرة الحريري أعادت تحريك عجلة التأليف، مشيرة إلى أن «حزب الله» و«حركة أمل» تلقفا الطرح بطريقة إيجابية، وأنه يتم العمل على إيجاد حلول قد يكون أحدها طرح تقديم بري 10 أسماء ليختار منها أديب وزير المال العتيد.

الأجواء الإيجابية نفسها عبّر عنها نائب رئيس البرلمان إيلي الفرزلي، والنائبان في «التيار الوطني الحر» ماريو وألان عون.

وقال الفرزلي بعد انتهاء جلسة هيئة البرلمان برئاسة نبيه بري: «لم يعد التشاؤم سيّد الموقف حكومياً، وهناك إمكانات واعدة يمكن البناء عليها، ولكن علينا الانتظار قليلاً».

وصباحاً كان قد تحدث النائب في «التيار الوطني الحر» ماريو عون عن أجواء إيجابية في الملف الحكومي، مبدياً تفاؤله بقرب تأليف الحكومة، وتوقع، في حديث إذاعي، أن يشهد الملف الحكومي حلحلة في الساعات المقبلة.

من جهته؛ قال النائب ألان عون، في حديث تلفزيوني، إن مبادرة الحريري «فتحت نافذة في الحائط، ويعول على توسيع هذه الفجوة للوصول إلى حكومة جديدة».

أتى ذلك في وقت رد فيه رئيس الجمهورية ميشال عون على موقف وزارة الخارجية الفرنسية والحريري من دون أن يسميهما، خصوصاً لجهة إعلانهما أن أديب يختار أعضاء الحكومة بنفسه. وقال عون في بيان إنه معني «بالمباشر بتشكيل الحكومة، وبإصدار مرسوم التشكيل بالاتفاق مع رئيس الحكومة المكلف».

وقال مكتب الإعلام في رئاسة الجمهورية: «إزاء المواقف والبيانات وما تم تداوله إعلامياً بشأن تشكيل الحكومة، وحرصاً على المبادرة الفرنسية وتشكيل حكومة مهمة من اختصاصيين مستقلين للقيام بالإصلاحات اللازمة لإنقاذ لبنان من أزماته المعقدة، وبما أن البيانات والمواقف المختلفة والمتباينة في بعض الأحيان قد تحجب المسار الدستوري الذي يجب اتباعه حتماً للوصول إلى تشكيل الحكومة، يهم مكتب الإعلام في رئاسة الجمهورية إيضاح نقاط عدة، أهمها: (التذكير بأن الدستور ينص صراحة في مادتيه (53 - فقرة4) و(64 - فقرة2) على أن رئيس الجمهورية يصدر بالاتفاق مع رئيس مجلس الوزراء، مرسوم تشكيل الحكومة، وأن رئيس الحكومة المكلف يجري الاستشارات النيابية لتشكيل الحكومة ويوقع مع رئيس الجمهورية مرسوم تشكيلها، ما يعني من دون أي اجتهاد أو اختزال أو تطاول على صلاحيات دستورية، أن رئيس الجمهورية معني بالمباشر بتشكيل الحكومة، وبإصدار مرسوم التشكيل بالاتفاق مع رئيس الحكومة المكلف».

وكان رئيس الحكومة المكلف مصطفى أديب قد شدد على حرصه على تشكيل حكومة تعمل على تنفيذ المبادرة الفرنسية من إصلاحات اقتصادية ومالية ونقدية. وقال إنها ستكون «حكومة مهمة» ترضي جميع اللبنانيين، ولفت إلى أنه «آلى على نفسه التزام الصمت طيلة هذه الفترة من عملية تشكيل الحكومة، تحسساً منه بالمسؤولية الكبيرة الملقاة على عاتقه ومن أجل الوصول إلى تقديم تشكيلة بالتشاور مع رئيس الجمهورية ضمن الأطر الدستورية، تساعد اللبنانيين على وضع حد لآلامهم اليومية».

وجدّد الرئيس المكلف التزامه بالثوابت التي أطلقها في أن تكون الحكومة «من ذوي الاختصاص وأصحاب الكفاءة القادرين على نيل ثقة الداخل كما ثقة المجتمعين العربي والدولي، لأن من شأن ذلك أن يفتح الباب أمام حصول لبنان على الدعم الخارجي الضروري لانتشال الاقتصاد من الغرق». وتمنى أديب مجدداً على الجميع التعاون لمصلحة لبنان وأبنائه وتلقف فرصة إنقاذ الوطن.

فرنسا تؤيد اقتراح سعد الحريري لإنهاء أزمة تشكيل الحكومة في لبنان

باريس: «الشرق الأوسط أونلاين»
أيدت فرنسا، اليوم الأربعاء، اقتراحاً قدمه رئيس الوزراء اللبناني الأسبق سعد الحريري لإنهاء أزمة تحول دون تشكيل حكومة تُخرج البلاد من أسوأ أزمة تمر بها منذ الحرب الأهلية التي دارت بين عامي 1975 و1990.

وتضغط باريس على الساسة اللبنانيين لتشكيل الحكومة بسرعة، لكن العملية واجهت عقبة بسبب طلب فصيلين شيعيين رئيسيين تسمية عدة وزراء بينهم وزير المالية.

واقترح الحريري في بيان، أمس الأول  الثلاثاء، أن يسمي رئيس الوزراء المكلف مصطفى أديب، وهو سني وفقاً لنظام تقاسم السلطة الطائفي في لبنان، مرشحاً شيعياً «مستقلاً» لتولي حقيبة المالية، حسب ما ذكرته وكالة «رويترز» للأنباء.

ولم يتضح بعد ما إذا كانت الجماعتان الشيعيتان، وهما «حزب الله» المدعوم من إيران وحليفته «حركة أمل»، ستؤيدان الفكرة. وانتقدت صحيفة «الأخبار» الموالية لـ«حزب الله» الاقتراح.

وعلى مدى سنوات كان يتولى وزارة المالية شيعي يختاره زعيم «حركة أمل». ويسعى أديب إلى إجراء تغييرات في سيطرة الطوائف على المناصب الوزارية.

ورحبت وزارة الخارجية الفرنسية «بالإعلان الشجاع» للحريري. وقالت إن «هذا الإعلان يمثل فرصة وينبغي أن تدرك كل الأحزاب أهميته حتى يتسنى تشكيل حكومة مهام الآن».

وقال الرئيس ميشال عون، يوم الاثنين الماضي، إن لبنان ذاهب إلى «جهنم» إذا لم يتمكن من تشكيل حكومة لمواجهة أزمة أصابت البنوك بالشلل وأدت إلى انهيار قيمة الليرة، ودفعت الكثيرين إلى براثن الفقر. وعون المسيحي حليف لـ«حزب الله».

وتفاقمت المشكلات التي يواجهها لبنان بانفجار مدمر وقع في الرابع من أغسطس (آب) في مرفأ بيروت. واهتزت البلاد من جديد نتيجة لحرائق تالية اندلعت في المنطقة وحولها وأيضاً الانفجار الذي وقع، أمس الثلاثاء، في جنوب لبنان.

وقال الحريري إن فكرته هي تسمية «وزير مالية مستقل من الطائفة الشيعية»، لكنه قال إن هذا لا يعني موافقته على ضرورة أن يتولى شيعي المنصب دائماً.

وقالت فرنسا، أمس الثلاثاء، إن لبنان يواجه خطر الانهيار إذا لم يشكل السياسيون حكومة بسرعة بعدما تخلفوا عن موعد نهائي متفق عليه مع باريس انقضى في منتصف سبتمبر (أيلول).

مجموعة الدعم الدولية تطالب الزعماء اللبنانيين بـ«إصلاحات حاسمة»
اجتمعت وزارياً في نيويورك وطالبت بتدابير ذات صدقية لمكافحة الفساد والتهرب الضريبي


نيويورك: علي بردى
حضت مجموعة الدعم الدولية للبنان الزعماء اللبنانيين على «الاتحاد» لدعم تشكيل حكومة «قادرة على تلبية التطلعات المشروعة» للمواطنين، وتلتزم «معالجة التحديات المتعددة والحادة» التي تواجهها البلاد، مطالبة إياهم بـ«إجراء إصلاحات حاسمة»، وبـ«اتخاذ تدابير ذات مصداقية» لمكافحة الفساد ومكافحة التهرب الضريبي، واعتماد قانون لمراقبة رأس المال.

وعقدت مجموعة الدعم الدولية للبنان اجتماعاً وزارياً لأعضائها برئاسة الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، ووزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان عبر شبكة التواصل المرئي.

وتحدث غوتيريش في الاجتماع قائلاً، إن لبنان يواجه «عاصفة عاتية»؛ لأنه «يتخبط في أزمة مالية واجتماعية اقتصادية طويلة في ظل ارتفاع غير مسبوق في مستوى البطالة والفقر». وإذ اعتبر أن تكليف مصطفى أديب تشكيل الحكومة الجديدة «خطوة في الاتجاه الصحيح»، دعا إلى أن يتبع ذلك «تشكيل سريع لحكومة قادرة على تلبية التطلعات والحاجات المشروعة للشعب اللبناني»، بالإضافة إلى «تنفيذ الإصلاحات والتغييرات الأساسية بسرعة». وأكد أن «الوقت حان الآن للتحول في مجموعة متنوعة من القطاعات - بما فيها المالية والمصرفية والطاقة - وكذلك الجمارك والمشتريات العامة والشركات المملوكة من الدولة».

وتوالى على الكلام كل من وزير الخارجية الإيطالي لويجي دي مايو، والأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، والممثل الأعلى للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية نائب رئيس المفوضية الأوروبية جوزيب بوريل فونتيليس الرايت أونورابل، ووزير الدولة البريطاني للشرق الأوسط وشمال أفريقيا جيمس كليفرلي، ووزير الدولة الألماني نيلز أنين، ووكيل وزارة الخارجية الأميركي للشؤون السياسية ديفيد هايل، والمندوب الصيني الدائم لدى الأمم المتحدة زانغ جون، ونائب المندوب الروسي لدى الأمم المتحدة دميتري بوليانسكي. وتحدث خلاله أيضاً مدير العمليات لدى البنك الدولي أكسيل فان تروتسنبرغ. وشارك في الاجتماع أيضاً كبيرة الموظفين لدى الأمانة العامة للأمم المتحدة ماريا لويزا فيوتي، ووكيلة الأمين العام للشؤون السياسية وبناء السلام روزماري ديكارلو، والمنسق الخاص للأمم المتحدة في لبنان يان كوبيش، ونائبة المنسق الخاص نجاة رشدي، ووكيل الأمين العام لعمليات حفظ السلام جان - بيار لاكروا، وقائد القوة المؤقتة للأمم المتحدة في لبنان (يونيفيل) الجنرال ستيفانو ديل كول. وكذلك، شارك رئيس مجلس الوزراء اللبناني المستقيل حسان دياب الذي ألقى كلمة، فضلاً عن وزير الخارجية المستقيل شربل وهبة.

وفي بيان مشترك أصدره المجتمعون باسم مجموعة الدعم، شكر المشاركون للأمين العام للأمم المتحدة وفرنسا عقد الاجتماع، مجددين تعازيهم لضحايا وعائلات ضحايا تفجيرات 4 أغسطس (آب) في بيروت، مشيدين «بقدرة الشعب اللبناني على الصمود». وإذ عبّروا عن «تضامنهم الكامل مع لبنان والشعب اللبناني»، رحّبوا بـ«التقييمات المشتركة بين الاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة والبنك الدولي كأساس لمشاركة المانحين»، داعين المجتمع الدولي إلى «زيادة دعمه بسرعة لبيروت والشعب اللبناني في هذا السياق». وأعلن أعضاء المجموعة، أنهم يتطلعون إلى مؤتمر المتابعة المقرر أن تستضيفه باريس في أكتوبر (تشرين الأول) المقبل.

وحضت المجموعة «زعماء لبنان على الاتحاد لدعم تشكيل حكومة في الوقت المناسب قادرة على تلبية التطلعات المشروعة التي عبّر عنها الشعب اللبناني والملتزمة بمعالجة التحديات المتعددة والحادة التي يواجهها لبنان، ولا سيما الأزمات الإنسانية والاجتماعية والاقتصادية والمالية ووباء (كوفيد – 19) وإعادة إعمار بيروت وترميم المباني التراثية والتاريخية في بيروت»، آخذة علماً بموافقة الحكومة اللبنانية على خطة الإنعاش المالي، فضلاً عن قرار الحكومة طلب برنامج من صندوق النقد الدولي، مؤكدة أنه على «تنفيذ الإصلاحات الضرورية». وحض أعضاء المجموعة «الزعماء السياسيين اللبنانيين بشدة على إجراء إصلاحات حاسمة»، مرحبين باتفاق جميع الزعماء السياسيين في لبنان هذا الشهر على «خريطة طريق شاملة للإصلاحات مع جدول زمني للتنفيذ بما يتماشى مع التزاماتهم السابقة، بما في ذلك ما جرى تعهده في سياق مؤتمر سيدر، والذي يحظى بدعم مجموعة الدعم الدولية وأعضاء آخرين في المجتمع الدولي». وشددوا على «ضرورة أن تتصدى هذه الإصلاحات لتحديات لبنان وتستجيب للتطلعات التي عبّر عنها الشعب اللبناني سلمياً».

وحض أعضاء المجموعة لبنان على «الإسراع بتنفيذ تدابير لاستعادة الاستقرار الاقتصادي، وتحسين تقديم الخدمات العامة ومصداقية القطاع المالي، واستئناف المحادثات الفعالة مع صندوق النقد الدولي وإعطاء الأولوية لتدابير الحوكمة الرئيسية، بما في ذلك التنظيم الموثوق به للقطاعات الاقتصادية الرئيسية، مثل قطاع الكهرباء، وتقديم الدعم للمجتمعات الأكثر ضعفاً في لبنان، بما في ذلك من خلال شبكات الأمان الاجتماعي». وطالبوا الحكومة والقادة السياسيين بـ«اتخاذ تدابير ذات مصداقية لمكافحة الفساد ومكافحة التهرب الضريبي، واعتماد قانون مراقبة رأس المال، وغيرها من التدابير التي تضمن إجراء تغييرات ملموسة وتضمن الشفافية والمساءلة الكاملة للشعب اللبناني». وأكدوا «استعدادهم لدعم لبنان في اتخاذ هذه الإجراءات»، متطلعين إلى اجتماع مجموعة الدعم الدولية مع قادة إقليميين ودوليين آخرين تنوي فرنسا عقده في باريس في أكتوبر في شأن «أجندة الإصلاح لدعم لبنان». ودعت المجموعة كل الجهات الفاعلة إلى «الحفاظ على الطابع السلمي للاحتجاجات، من خلال تجنب العنف واحترام الحق في التجمع السلمي والاحتجاج»، مشددين على «أهمية التزام لبنان المستمر والثابت بقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، ومنها 1559 و1701 و1680 و2433 و2485 و2539، بالإضافة إلى اتفاق الطائف وإعلان بعبدا حيال سياسة النأي بالنفس والالتزامات الدولية الأخرى ذات الصلة؛ من أجل الاستقرار الداخلي للبلاد واستقرار المنطقة». وكرروا «دعمهم القوي المستمر للبنان وشعبه من أجل استقراره وأمنه وسلامته الإقليمية وسيادته واستقلاله السياسي».