التاريخ: أيلول ٤, ٢٠٢٠
المصدر: جريدة النهار اللبنانية
صراع ووشايات داخل "الإخوان" لاختيار المرشد الجديد
القاهرة-ياسر خليل
تسابق جماعة "الإخوان المسلمين" الزمن للإعلان عن مرشدها الجديد. ويأتي هذا بعد نحو أسبوع من إلقاء أجهزة الأمن المصرية القبض على  القائم بأعمال المرشد العام  للجماعة محمود عزت. وظل عزت الذي ينظر إليه على أنه المرشد الفعلي لـ"الإخوان" طليقاً لنحو 7 سنوات بعد سقوط الجماعة عن سدة الحكم عام 2013، وإلقاء القبض على معظم قيادات الصف الأول، بمن فيهم المرشد العام للجماعة محمد بديع.

وما يضاعف من وتيرة القلق داخل صفوف "الإخوان المسلمين" في مصر، ويدفعهم للإسراع باتخاذ هذه الخطوة في ظروف استثنائية بالنسبة إليهم، أن هناك مخاوف من خروج منصب المرشد العام عن سيطرة أعضاء التنظيم من المصريين، بعدما ظل حكراً عليهم منذ تأسيس الجماعة على يد حسن البنا عام 1928، خصوصاً في ظل سعي شخصيات بارزة بالتنظيم الدولي لـ"الإخوان" للاستيلاء على ذلك المنصب، وفي مقدمهم  رئيس "حركة النهضة" رئيس البرلمان التونسي راشد الغنوشي.

هذا فضلاً عن أن الجماعة - التي تلقت ضربات قاسية ومتتالية منذ إطاحتها عن كرسي الحكم في مصر - تحتاج إلى توجيه رسائل عاجلة لطمأنة قواعدها وقيادات الصف الثاني والثالث، للتأكيد أنها ما زالت قادرة على اتخاذ قرارات مهمة، بعد الصدمة التي أحدثها سقوط عزت، الذي وصفته وسائل إعلام مصرية بـ"الصيد الثمين".

"خلال ساعات"
يقول الباحث المتخصص في شؤون الحركات الإسلامية عمرو فاروق لـ"النهار العربي": "انه من المتوقع أن تحسم جماعة (الإخوان) قراراها باختيار مرشدها العام الجديد، خلال ساعات. وربما تكتفي بتسميته القائم بأعمال المرشد، تجنباً للبس، ولاعتبارات أدبية، رغم أن بديع الذي يقبع في أحد السجون المصرية منذ سبع سنوات، سقطت عنه الولاية وفق اللوائح المنظمة للجماعة، لأنه الآن في حكم الأسير، وكذلك محمود عزت، وسائر قيادات التنظيم المسجونين".

وكانت السلطات المصرية اعتقلت محمد مرسي القيادي في الجماعة بعد إطاحته من منصب رئيس الجمهورية، إثر تظاهرات شعبية حاشدة ساندها الجيش، كما اعتقلت إلى جانبه مرشد الجماعة، ونائبه خيرت الشاطر، وآخرين.

ويشير فاروق إلى أنه "يجب أن تحسم الجماعة هذا القرار سريعاً، حتى ترسل رسائل طمأنة لأعضائها، فالتنظيم يتفكك، كما أن قيادات التنظيم الدولي قد تنتزع منصب المرشد من مصر، وهناك قيادات تسعى إلى ذلك بالفعل، وفي صدارتهم يأتي الغنوشي".

"هناك 4 أسماء مطروحة بقوة لشغل منصب المرشد العام لـ(الإخوان المسلمين) أو القائم بأعماله، لكن، من بينهم اثنان لهما حظوظ وفيرة" بحسب قول الباحث، وهم: "محمد البحيري (78 سنة)، ومحمود حسين (73 سنة)، وإبراهيم منير (83 سنة)، ويوسف ندا (89 سنة). والأولان هما الأقرب لشغل المنصب، لاعتبارات عدة".

ويرى فاروق "أن التنظيم سوف يختار شخصاً ذا سمات مصرية، وقليل السفر، وعلاقاته بالخارج محدودة للغاية، لأن بعض القيادات المؤثرة في التنظيم لديها توجس ممن لهم علاقات بالاستخبارات الأجنبية، مثل إبراهيم منير ويوسف ندا".

ويضيف: "أما بالنسبة الى محمد البحيري، فهو رجل ذو مهام خاصة، وقليل السفر، وقد كان متواجداً في القاهرة حتى وقت قريب، كما أنه من (تنظيم 1965) الذي يسيطر على الجماعة حالياً. أما محمود حسين، فعليه علامات استفهام كثيرة، واتهامات بالاختلاس، لكنه مع هذا له حظوظ جيدة، لأنه يحمل السمات المصرية، وعلاقاته الخارجية محدودة".

ويتوقع فاروق أنه "إذا اختار التنظيم شخصاً آخر من الأربعة المحتملين، فإنه سوف يختار نائباً له، غالباً سيكون أستاذاً جامعياً، قريباً من الجيل الذي دخل الجماعة في مرحلة السبعينات من القرن الماضي، ومن قيادات القاهرة الكبرى، وسيقوم بإدارة شؤون التنظيم في الداخل، وعلى الأرجح لن يتم الإعلان عن اسمه حماية له من الاعتقال".

"التمهيد مبكراً"

ويرى الباحث في شؤون جماعات الإسلام السياسي مصطفى كمال: "أن البيان الذي أصدرته جماعة (الإخوان) تعليقاً على اعتقال عزت، يكشف عن أن عملية القبض عليه تم تدبيرها بمعرفة الجماعة، وذلك نتيجة صراعات بين تيار خيرت الشاطر (نائب المرشد)، ومحمود عزت".

ويقول كمال لـ"النهار العربي": "إن لحظة القبض على عزت تعتبر هي الخطوة الأولى للتمهيد لاختيار شخص آخر للقيام بأعمال المرشد".

وأضاف: "الأقرب ليحل محل محمود عزت هو محمود حسين، لأنه لديه علاقات قوية بالتنظيم الدولي، وكذلك يوسف ندا، لذا أتوقع أن يكون أحدهما هو القائم بأعمال المرشد خلفا ًلعزت. وحسين هو الأقرب. وقد كان على متن السفينة (مرمرة) التي أرسلها أردوغان إلى غزة، وكان المصري الآخر الذي كان بصحبته هو عصام العريان".

وتباينت التفسيرات حول توقيت وأسباب اعتقال عزت، فالبعض يرى أنها جاءت بعد الحوار الذى أدلى به إبراهيم منير لقناة "الجزيرة"، وأكد فيه أن الجماعة لا تنوي التصالح مع نظام الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي. والبعض رأى أن دوره قد انتهى. 

ويرجع متخصصون في حركات الإسلام السياسي، بقاء عزت لما يناهز 7 أعوام خارج أسوار السجن، إلى كونه محترفاً للعمل السري منذ انضمامه لـ"الإخوان"، ويقول محللون إن البحيري لديه خبرة مماثلة في العمل السري، وهو ما يدعم فرصه في خلافة عزت، ربما أكثر من غيره.