التاريخ: آب ١١, ٢٠٢٠
المصدر: جريدة الشرق الأوسط
دياب يستبق فقدان حكومته «الأهلية القانونية» بالاستقالة
القضاء يتابع تحقيقاته في انفجار المرفأ: لا خيمة فوق رأس أحد
بيروت: «الشرق الأوسط»
استبق رئيس الحكومة اللبنانية حسان دياب إقالة حكومته، باستقالة أعلنها مساء أمس (الاثنين)، متجنبا سقوطها بفقدان الأهلية القانونية بعد ضغوط مارسها عدد من وزرائه الذين استقال بعضهم، فيما هدد بعضهم الآخر بالاستقالة انفراديا إذا لم تستقل الحكومة.

وأتت استقالة دياب التي قدمها إلى رئيس الجمهورية، في ضوء غموض واضح حول المرحلة المقبلة، ما قد يؤشر إلى مرحلة تصريف أعمال طويلة.

وقالت مصادر لبنانية إن دياب تمسك بحكومته حتى اللحظة الأخيرة، لكن وصول عدد الوزراء المستقيلين والملوحين بالاستقالة إلى سبعة كان من شأنه أن يجعل الحكومة مستقيلة قانونيا لفقدانها ثلث وزرائها، بالإضافة إلى إصرار رئيس مجلس النواب نبيه بري على عقد جلسة مساءلة للحكومة حول انفجار بيروت الأخير، ما جعل دياب في موقف حرج أمام وزرائه الذين رفضوا المثول «مذنبين» أمام البرلمان.

ونقل عن مصادر متابعة للاتصالات التي قادها مدير الأمن العام اللواء عباس إبراهيم قولها إن دياب انتظر عودة اللواء إبراهيم من عين التينة (مقر بري) ليحسم قراره لكن رئيس البرلمان بقي مصرا على جلسة المساءلة وهو ما رفضه الوزراء فكان أن اتخذ قرار استقالة الحكومة.

وفي كلمة الاستقالة شنّ دياب هجوما على منتقديه، واصفا إياهم بالأبواق التي تزور الحقائق، ومؤكدا أن الانفجار كان نتيجة الفساد المتفشي، والحكومة التي حاولوا تحميلها أسباب الانهيار والدين العام قدمت أقصى ما عندها. وقال: «منظومة الفساد أكبر من الدولة ونحن لا نستطيع التخلص منها، وأحد نماذج الفساد انفجار بيروت».

وأضاف «لا نزال نعيش هول المأساة التي ضربت لبنان وأصابت اللبنانيين في الصميم والتي حصلت نتيجة فساد مزمن في الإدارة. حجم المأساة أكبر من أن يوصف، ولكن البعض يعيش في زمن آخر والبعض لا يهمه سوى تسجيل النقاط الشعبوية الانتخابية... هؤلاء لم يقرأوا جيدا ثورة 17 تشرين، وتلك الثورة كانت ضدهم واستمروا في حساباتهم، وظنوا أنهم يستطيعون تمييع مطالب اللبنانيين بالتغيير».

وأكد أن «كل ما يهمنا إنقاذ البلد، وتحملنا الكثير من الأمور وكنا نريد العمل ولم تتوقف الأبواق عن محاولة تزوير الحقائق لحمايتها، يطالب اللبنانيون بالتغير ولكن بيننا وبين التغيير جدار سميك جدا تحميه طبقة تقاوم بكل الأساليب الوسخة من أجل الحفاظ والتحكم بالدولة، وقاتلنا بشراسة وشرف ولكن هذه المعركة لا يوجد فيها تكافؤ واستعملوا كل الأسلحة وكذبوا على الناس وشوهوا الحقائق وكانوا يعلمون أن الحكومة تشكل تهديدا لهم».

ولفت إلى أنه «اليوم وصلنا إلى هنا إلى هذا الزلزال الذي ضرب البلد مع كل تداعياته الإنسانية والاجتماعية والوطنية، وهمنا الأول التعامل مع هذه التداعيات إجراء تحقيق فعال، نحن اليوم نحتكم إلى الناس إلى مطلبهم محاسبة المسؤولين على هذه الكارثة».

وفيما أشار إلى أنهم حاولوا تحميل الحكومة مسؤولية الانهيار والدين العام فعلا قال: «اللي استحوا ماتوا»، وهذه الحكومة بذلت جهدا لوضع خريطة طريق، ولفت إلى أن «هناك من يزور الحقائق ويعيش على الفتن ويتاجر بدماء الناس في ساعات التخلي».

وجاءت كلمة دياب بعد حوالي ساعتين على ترؤسه الجلسة الأخيرة لحكومته، حيث أعلن وزير الصحة حمد حسن أن الحكومة اتخذت قرارا بالاستقالة. وقال وزير الأشغال ميشال نجار إنه «عرف بموضوع المواد الموجودة في مرفأ بيروت قبل 24 ساعة من الانفجار فقط، مشيرا إلى أن التحقيق إداري ولم ينته بعد، ولذلك لم تُتخذ قرارات في مجلس الوزراء، ومن الطبيعي أن يحال إلى المجلس العدلي الذي هو أعلى هيئة قضائية في لبنان».

وقال وزير الصحة إن «استقالة الحكومة مسؤولية وليست هروبا من المسؤولية، وتعكس رغبة المجتمع اللبناني والحكومة والمجلس النيابي بأن يكون القضاء عادلا متحررا من كل قيود ويسمي الأشياء بأسمائها، فيصار إلى تجريم المرتكبين بحق اللبنانيين. ومن كان مقصرا في هذا الموضوع عليه أن يتحمل المسؤولية أمام الرأي العام والضمير». ولفت إلى أن «الحكومة اتخذت عددا من القرارات المهمة التي كان يجب إقرارها قبل استقالتها، وأبرزها إحالة التفجير على المجلس العدلي ووضع موظفي الفئة الأولى الذين تم توقيفهم والذين يمكن توقيفهم لاحقا بالتصرف».

وكان قد سبق إعلان دياب استقالة الحكومة استقالة وزيرة العدل ماري كلود نجم بعدما كان قد سبقها إلى ذلك يوم الأحد، وزيرة الإعلام منال عبد الصمد ووزير البيئة دميانوس قطار، فيما ارتفعت يوم أمس التهديدات والتلويح بالاستقالة من قبل عدد من الوزراء، حتى أن وزير المال غازي وزني أعد خطاب استقالته وأحضره معه إلى اجتماع لمجلس الوزراء.

ورغم الإعلان عن توجه دياب لإعلان استقالة الحكومة، أعلنت وزيرة الدفاع زينة عكر بعد الجلسة أنها قدمت استقالتها. وقالت في بيان إن «وقوع هذه الكارثة يقتضي استقالة حكومة لا وزراء أفراد، ولقد أجلت الاستقالة لأنه علينا تحمل المسؤولية مجتمعين، وكما جئنا سوية نخرج سوية، وليتم إحالة قضية الانفجار في مرفأ بيروت إلى المجلس العدلي، ولإصدار مرسوم يعتبر جميع الضحايا الذين سقطوا بسبب الانفجار شهداء الجيش اللبناني، وتمكين الذين أصيبوا بإعاقة كاملة أو جزئية من الاستفاد ة من التقديمات الصحية للصندوق الوطني للضمان الاجتماعي».

وقبل الجلسة أعلنت وزيرة الشباب والرياضة فارتينيه أوهانيان بأنها ستطالب مجلس الوزراء خلال اجتماعه، باستقالة الحكومة جراء الوضع الناتج عن كارثة مرفأ بيروت وتداعياتها.

وقال وزير الاتصالات طلال حواط في حديث إعلامي إنه «إذا لم تستقل الحكومة مجتمعة فاستقالتي أكيدة»، والموقف نفسه عبرت عنه وزيرة المهجرين غادة شريم قائلة: «أنا مع استقالة جماعية لاستمرار تصريف الأعمال وأضغط منذ الصباح للوصول لها وإذا لم تحصل فأنا سأستقيل».

وأضافت «هناك سيناريو محبوك لتحميل حكومة الستة أشهر فسادهم وإهمالهم ونفاقهم، ونحن لن نهرب من مسؤولياتنا ولكن أن تجعلوا من (الأوادم) كبش محرقة فهذا ما لن نسمح به، فستحاسبون وكأحجار الدومينو ستتساقطون، ويعلم اللبنانيون جيّدا من استهتر بحياتهم، ومن سرق أحلامهم وثروات وطنهم».

من جهته قال وزير الداخلية محمد فهمي في حديث تلفزيوني: «أنا كنت مع استقالة الحكومة مباشرة بعد الانفجار كخطوة بديهية، أما اليوم فالاستقالة من الحكومة هروب من المسؤولية، وتأتي تحت الضغط، ومن العيب الهروب من تحمل المسؤولية».

احتفالات باستقالة دياب... واشتباكات في محيط البرلمان

ما إن أعلن الرئيس حسان دياب استقالة حكومته حتى توجه عدد من مجموعات حراك «17 تشرين» إلى وسط العاصمة بيروت، حيث اجتمعوا محتفلين باستقالة الحكومة التي يعتبرون أنها فشلت في اتخاذ التدابير اللازمة للتعامل مع الأزمة الاقتصادية التي تزيد الخناق عليهم يوماً بعد يوم.

وابتهاجاً باستقالة دياب؛ جالت مواكب سيارة عدداً من المناطق، ولا سيما بيروت، كما أطلق الرصاص والمفرقعات في عكار والمنية والضنية ابتهاجاً.

وكان عدد من المحتجين قد تجمعوا في ساحتي رياض الصلح والشهداء قبل ساعات من إعلان الاستقالة، معبرين عن غضبهم من فساد السلطة الذي وصل إلى حدّ يهدّد حياتهم تماماً كما حدث في تفجير المرفأ.

وعبّر المتظاهرون عن عدم اكتفائهم باستقالة الحكومة، داعين إلى محاسبة المسؤولين عن انفجار المرفأ والتسبب في مقتل أكثر من 150 شخصاً، وإصابة 5000 جريح، وتشريد الكثير من العائلات، كما طالبوا برحيل رئيس الجمهورية ميشال عون وحلّ مجلس النواب.

وتحولت الاحتفالات إلى اشتباكات مع القوى الأمنية، ولا سيما في محيط مجلس النواب في ساحة النجمة، حيث عمد عدد من الشبان إلى رشق الحجارة وإطلاق المفرقعات على القوى الأمنية المتواجدة خلف جدار إسمنتي، لترد تلك العناصر بإطلاق وابل من القنابل المسيلة للدموع على المتظاهرين، وأشعل المتظاهرون النيران في وسط الطريق قرب بلدية بيروت. وأصيب عدد من المتظاهرين إثر الاشتباكات المتقطعة بينهم وبين عناصر من القوى الأمنية والجيش اللبناني.

وكان الانفجار الذي هزّ مرفأ بيروت يوم الثلاثاء الماضي أعاد شرارة التحركات الاحتجاجية في لبنان؛ إذ تشهد بيروت بشكل يومي تحركات واعتصامات رافضة للسلطة الحالية، ومطالبة بمحاسبة كلّ من كان مسؤولاً بشكل مباشر أو غير مباشر عن الانفجار.

بري ينعى الحكومة اللبنانية: غير مأسوف عليها

بيروت: محمد شقير
لم يعد أمام حكومة الرئيس حسان دياب من خيار سوى الاستقالة، بقرار منه أو باستقالة أكثرية ثلث الوزراء، وإلا فلا مفر من إسقاطها في الجلسة النيابية التي تُعقد الخميس المقبل المخصصة لمحاسبتها، خصوصاً أن الاتصالات التي كان محورها رئيس البرلمان نبيه بري لم تنجح في إقناعه بتحديد موعد آخر للجلسة النيابية لأن انعقادها في موعدها سيؤدي إلى تصويت غالبية النواب على حجب الثقة عن الحكومة، وبالتالي ستتحول تلقائياً إلى حكومة تصريف أعمال لأنها في هذه الحال لن تستطيع اتخاذ أي قرار، وبالتالي توفر على البلد مزيداً من الأضرار الناجمة عن القرارات غير الصائبة التي تتخذها.

وعلمت «الشرق الأوسط» من مصادر نيابية وحزبية بأن رئيس الجمهورية ميشال عون تواصل مع الرئيس بري، وتداول معه في التطورات المستجدة، على خلفية دعوته لعقد جلسة نيابية لمحاسبة الحكومة على تقصيرها في التعامل مع النكبة التي أصابت بيروت جراء الانفجار المدمر الذي ضربها.

وكشفت المصادر النيابية والحزبية أن عون تمنى على بري تأجيل الجلسة النيابية إلى موعد لاحق لأن انعقادها سيؤدي للإطاحة حكماً بالحكومة، لكن بري أصرّ على موقفه، كما نقل عنه لاحقاً عدد من زواره: «غير مأسوف على شبابها، ولا على استقالتها، وعليها أن تتحمل المسؤولية، بدلاً من أن تغسل يديها من تقصيرها، وترميها على المجلس النيابي».

وقالت المصادر إنه بعد أن تعذر على عون إقناع بري بأنه كان يفضل استمرار الحكومة، اقترح على دياب أن ينقل مكان انعقاد الجلسة من بعبدا إلى السراي، لتأتي استقالة الحكومة من مقر الرئاسة الثالثة، لأنه يرفض أن تأتي من مقر الرئاسة الأولى، ويكون رئيس الجمهورية الشاهد الأول على رحيلها.

لذلك استجاب دياب لرغبة عون، وحاول أن يتدارك العاصفة السياسية التي ستحاصره في أثناء انعقاد الجلسة، بإعلانه سحب البند الذي كان وراء اشتباكه مع بري من جدول أعمال الجلسة، المتعلق بالموافقة على مشروع قانون يقضي بتقصير ولاية المجلس النيابي، تمهيداً لإجراء انتخابات نيابية مبكرة، لكن بري لم يأخذ بتراجع دياب عن اقتراحه لأن تداعياته كانت قد فعلت فعلها، ورماها في حضن البرلمان.

واضطر دياب إلى حسم موقفه بإعلان استقالته خلال انعقاد جلسة مجلس الوزراء بعد ظهر أمس، في السراي، من دون أن يسبقها مشاورات للبحث في البدائل، ما يعني أن لدى بعضهم مخاوف حيال تمديد فترة تصريف الأعمال.

ورأت المصادر النيابية أن دياب أقحم نفسه في اشتباك مجاني مع بري، من دون أن يدرك حجم الأخطار السياسية المترتبة على تجاوزه للخطوط الحمر، ليس برمي مسؤولية التقصير على البرلمان فحسب، وإنما لدخوله من دون سابق إنذار إلى المنطقة المحظورة عليه، وتتعلق بصلاحيات المجلس النيابي، لأن إجراء انتخابات مبكرة في حاجة إلى قرار البرلمان بحل نفسه أو باستقالة نصف أعضائه.

وقالت إن دياب أجاز لنفسه، ومن دون التنسيق مع أحد، وبناء على نصيحة «ملغومة»، أن يصادر كأمر واقع الصلاحيات المناطة بالبرلمان حول تقصير ولايته، خصوصاً أن الدستور اللبناني لا يعطي هذه الصلاحية لغيره، وهذا ما نص عليه اتفاق الطائف الذي سحب من رئيس الجمهورية صلاحية حل البرلمان شرط أن تكون معللة.

وعدت أن دياب وإن كان قد تراجع عن اقتراحه، فإن مجرد التلويح به يمكن أن يشكل سابقة يراد منها الالتفاف على صلاحيات الموقع الأول للطائفة الشيعية في التركيبة السياسية، وبالتالي سارع «حزب الله» إلى ضم صوته من دون أي تردد لمصلحة بري، وإن كان ممثله في الحكومة، عماد حب الله، قد أعلن مساء أول من أمس أنه لا استقالة، ونحن صامدون، مع أن ما قاله لا يعني تمسك الحزب ببقاء دياب، وإنما يريد توقيتها، للإمساك بزمام المبادرة في البحث عن البديل.

واتهمت المصادر النيابية دياب بأنه حاول أن يبيع الحراك المدني مزايدات شعبوية على حساب البرلمان، لعله يخفف من حملته عليه، بتحميله مسؤولية التقصير والإهمال حيال الزلزال الذي انفجر في مرفأ بيروت.

ونقل زوار بري عنه قوله إن «الحكومة مسؤولة، ونقطة على السطر. ونصر على محاسبتها، والجميع بات على علم بالمراسلات التي تسلمها من جهاز أمن الدولة حول وجود مواد متفجرة في العنبر رقم (12) في مرفأ بيروت يجب الإسراع في معالجتها (وهذا ما كشفه بالوثائق في أثناء استقباله أمس لوفد اللقاء الديمقراطي)».

وأكد بري أن المسؤولية المباشرة تقع على عاتق الحكومة، وبات عليها أن تتحمل وزر الدمار الذي استهدف بيروت، وقال: «أنا أول من يصوت مع حجب الثقة عن الحكومة». وفيما كشف الزوار أنفسهم أن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون تواصل مع بري عشية استضافة باريس للمؤتمر الدولي لدعم لبنان، أكدوا في المقابل أن رئيس المجلس لا يوصد الأبواب في وجه إجراء انتخابات نيابية مبكرة، لكنه يرى -كما نقل عنه نواب اللقاء الديمقراطي- أن من الأفضل الاتفاق على قانون جديد للانتخاب، لئلا ندفع بالبلد إلى المجهول.

وعليه، التقط دياب الإنذار الذي وجهه إليه بري، وسارع إلى الاستقالة، رغم أن عون لم يكن يحبذها، وأيضاً رئيس «التيار الوطني الحر»، جبران باسيل، مع فارق يعود إلى أن «حزب الله» كان يفضل عدم التسرع إفساحاً في المجال أمامه لاستدراج العروض، وإن كان حليفه بري قد استبقه ليقول: الأمر لي في إقالة الحكومة.

المعارضة تدفع لانتخابات مبكرة
جعجع: نحن على بعد ساعات من موقف كبير


تكثّفت اللقاءات السياسية والمباحثات بين الأفرقاء اللبنانيين المعارضين للدفع باتجاه تقصير ولاية البرلمان، وإجراء انتخابات نيابية مبكرة، وتشكيل حكومة حيادية.

وهذه العناوين ارتكزت عليها جولة وفد من «اللقاء الديمقراطي» الذي يرأسه النائب تيمور جنبلاط على بعض الجهات السياسية، وشملت كلاً من رئيس البرلمان نبيه بري، ورئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع، إضافة إلى التواصل مع رئيس الحكومة السابق سعد الحريري، في حين أشارت معلومات إلى أن المعارضة كانت تبحث إمكانية الاستقالة من البرلمان، وذلك في ضوء ما ستقوم به الحكومة لجهة استقالتها أو عدمها.

وقال جعجع بعد اللقاء «نحن على بعد ساعات من موقف كبير، واستقالة الحكومة لا تقدم ولا تؤخر»، مطالباً «بانتخابات نيابية مبكرة حسب القانون الحالي».

وقال «استمعنا إلى وفد (اللقاء الديمقراطي)، والأمور تتقدّم بوتيرة سريعة، وسنسمع أخباراً جيّدة في الساعات القليلة المقبلة في هذه الأيام السيّئة»، مشيراً إلى أن «هناك محاولات من قبل البعض للتخلّص من الجميع، المنيح (الجيد) والقبيح، وعلينا الانتباه من هؤلاء».

وأضاف «نحن على بعد ساعات من إعلان موقف كبير، واستقالة الحكومة لا تعنينا، بمعنى أنها لا تُقدّم ولا تؤخّر؛ لأن أي حكومة جديدة ستكون شبيهة بسابقتها، وهدفنا الذهاب إلى لبّ المشكلة، أي المجلس النيابي».

من جهته، طالب النائب أكرم شهيب بانتخابات نيابية مبكرة لإعادة إنتاج سلطة جديدة في البلاد، مضيفاً بُعيد لقائه جعجع على رأس وفد من «اللقاء الديمقراطي»، «البلد مخطوف وأصبح رهينة المحاور الإقليمية، ولم يعد بإمكان البلد تحمل نتائج سلطة قائمة على محور محدد».

وأشار إلى أنه «توافقنا وجعجع على معظم النقاط وسنتواصل اليوم (أمس) مع رئيس الحكومة السابق سعد الحريري على أمل تبلور موقف في أقرب وقت ممكن ليكون بخدمة الانتخابات النيابية المبكرة».

بدوره، قال النائب في «اللقاء الديمقراطي» وائل أبو فاعور «أتمنى ألا تستقيل الحكومة، فحسان دياب وزمرته الحاقدة لا يستحقون شرف الاستقالة، بل الإسقاط في مجلس النواب أو الشارع».

وأضاف «في كل الحالات، الاستقالة لا توقف الملاحقة القضائية لكل من سبق هذه الحكومة وصولاً إليها وإلى راعيها الأكبر القوي».

كذلك، عقد تيمور جنبلاط لقاءً مع رئيس البرلمان نبيه بري، حيث طالب بتحقيق دولي لكشف الحقيقة في انفجار بيروت، وقال «إننا لا نثق بالتحقيق المحلي ونطالب بإسقاط حكومة الموت وتجويع الناس وتشكيل حكومة حيادية، كما نطالب بتقصير مدة المجلس النيابي والعمل على قانون لاطائفي يسمح للشباب في الساحات أن يصلوا إلى مجلس النواب ويتشاوروا ليبنوا عقداً اجتماعياً سياسياً لكل اللبنانيين، فبعد عشرات السنين من الحروب والموت والخراب من حق اللبنانيين أن يعيشوا بكرامة وأمان في بلدهم»، وقال في رد على سؤال حول الاستقالة من البرلمان «لا نزال نبحث بالموضوع».

وأكد أن «لا شيء يمكن قوله اليوم يعوّض الضحايا الذين سقطوا بانفجار مرفأ بيروت أو يعيد الإحساس بالأمان للناس الذين تأذوا أو خسروا أحباباً وبيوتاً».

القضاء يتابع تحقيقاته في انفجار المرفأ: لا خيمة فوق رأس أحد
استجوب مدير أمن الدولة وأوقف 19 مسؤولاً والعدد مرشح للارتفاع


بيروت: يوسف دياب
تسلك التحقيقات القضائية والأمنية في تفجير مرفأ بيروت، مسارات عدّة. لكنّ أبرزها تمثّل بشروع النائب العام التمييزي القاضي غسان عويدات، باستجواب قادة الأجهزة الأمنية في لبنان، بدءاً من رئيس جهاز أمن الدولة اللواء طوني صليبا، الذي خضع أمس لجلسة استجواب في مكتب عويدات في قصر العدل استغرقت ساعتين، تقرر إثرها تركه رهن التحقيق، على أن يستكمل النائب العام التمييزي في الساعات المقبلة استجواب باقي قادة الأجهزة الأمنية.

وعلمت «الشرق الأوسط» من مصادر مواكبة لمسار التحقيق، أن المدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء عماد عثمان «لن يخضع لأي تحقيق قضائي أو مساءلة عما جرى في المرفأ، باعتبار أنه لا سلطة لقوى الأمن الداخلي على المرفأ ولا توجد أي نقطة أمنية لهذا الجهاز في أي من المرافئ البحرية، ولا في أي معبر على الحدود البرية». وأشارت إلى أن «الوجود الوحيد لقوى الأمن هو في مطار بيروت الدولي، وتقتصر على عمليات التفتيش».

في هذا الوقت، لم يتخذ القضاء قراراً بتوقيف مشتبه بهم جدداً في هذه القضية، وأوضح قضائي رفيع لـ«الشرق الأوسط»، أن «قائمة التوقيفات ما زالت عند 19 محتجزاً على ذمة التحقيق بعد ترك شخصين كانا أوقفا قبل ساعات رهن التحقيق»، متوقعاً أن «يجري توقيف المزيد من الأشخاص في ضوء المعطيات التي تتوفر مع تبعات وتطورات هذا الملفّ»، مؤكداً أن «وتيرة التحقيق ستتسارع فور انتهاء الفرق الفنية من أعمالها في مسرح الجريمة، خصوصاً تقارير خبراء التفجير الفرنسيين الذين يعملون مع الأجهزة اللبنانية على رفع الأدلة، بالاستناد إلى خبراتهم بهذا الصدد».

وهل يخضع وزراء حاليون وسابقون ممن لهم سلطة في المرفأ للاستجواب؟ أجاب المصدر القضائي: «التحقيق سيشمل كلّ من تعاقب على المسؤولية، وكان على علم بوجود هذه المواد في المرفأ»، جازماً بأن «لا خيمة فوق رأس أحد، ولا توجد خطوط حمراء تحول دون توقيف المتورطين سواء عن قصد أو بالتقصير والإهمال». واعترف بـ«ضغوط سياسية هائلة تمارس على النائب العام التمييزي القاضي غسان عويدات جراء توقيف مسؤولين وعلى رأسهم مدير عام الجمارك بدري ضاهر، والحملات التي تستهدفه عبر وسائل التواصل الاجتماعي، لن تثني القضاء عن المضي في مهمة كشف حقيقة ما جرى، وهذه المهمة لن تتوقف حتى محاكمة المسؤولين عن النكبة التي حلّت باللبنانيين».

في هذا الوقت، لم تصدر لجنة التحقيق الإدارية والأمنية والعسكرية التي شكّلها مجلس الدفاع الأعلى تقريرها، نتائج تحقيقاتها التي أجرتها، رغم انتهاء مهلة الخمسة أيام التي أعطيت لها من قبل مجلس الدفاع، لكنّ المصادر المواكبة لمسار التحقيق ذكّرت بأن تحقيقات هذه اللجنة منفصلة عن التحقيق القضائي، مشيراً إلى أن «مهمتها ستكون متعثّرة، خصوصاً بعد توقيف أحد أبرز أعضائها وهو مدير عام الجمارك بدري ضاهر بقرار قضائي».

وفي خلاصة التحقيقات التي أجريت على مدى ستة أيام، أصدر القاضي غسان عويدات بياناً أعلن فيه، أن التحقيق الذي أشرف عليه «اعتمد مقاربة ونمطاً علمياً، تمثل بإجراء دراسة ساحة الجريمة وتحليل التربة ومراجعة إشارات المركز الوطني للجيوفيزياء في بحنس الذي حدد قوّة ارتدادات التفجير وتخلله تحليل الاتصالات التي جرت في محيط المرفأ، والتزوّد بصور الأقمار الصناعية المسلطة على المنطقة»، مشيراً إلى أنه «جرى مسح ميداني للمباني المحيطة والاستعانة بفرق غطاسين لبنانيين وأجانب للبحث عن كل ما له صلة بالانفجار».

ولفت النائب العام التمييزي في بيانه إلى أن «القضاء استعان بالخبرات والمختبرات المحلية والدولية وفي العلوم الجنائية، لتحديد هويات الضحايا غير المعروفين عبر فحوص الحمض النووي، (دي إن إيه) وتحديد البواخر التي كانت راسية في المرفأ قبل الانفجار وبعده»، مشدداً على أن التحقيق «أخذ في الاعتبار فرضيات حصول العمل الإرهابي أو استبعاد هذا العمل، عبر اللجوء إلى استجواب أشخاص كانوا في موقع الانفجار أو كان لهم دور في الظروف التي أدت إلى حصول الكارثة، بالإضافة إلى العمال، وتمحورت الاستجوابات عمّا إذا كانت هناك نشاطات بحرية أو جوية أو برية، قد يتأتى منها عمل عسكري بأشكاله المختلفة»، موضحاً أنه «تمت دراسة النظم المعتمدة للسلامة العامة والأمان في عملية التخزين والحراسة والأشغال ومدى حماية المواد الخطرة والالتزام بشروط هذه الحماية».

وخلص القاضي عويدات في بيانه إلى أنه قرر إحالة القضية على القضاء العسكري بحسب الصلاحية، ورفع توصية بإحالتها على المجلس العدلي (اتُّخذ قرارٌ بإحالتها على المجلس العدلي من قبل الحكومة). وأعطى توجيهاته بمتابعة التحقيقات إلى حين تحديد مسؤوليات الإداريين والأمنيين والوزارات المعنية، واتخاذ الإجراءات التي تفرضها مجريات التحقيق والتي ستتكشف نتائجها تباعاً.