التاريخ: آب ٦, ٢٠٢٠
المصدر: جريدة الشرق الأوسط
الرئاسة العراقية تقترح «تعديلات دستورية» تنهي جدل مفهوم «الكتلة الأكبر»
بغداد: «الشرق الأوسط»
أعلنت لجنة التعديلات الدستورية في الرئاسة العراقية أنها أجرت تغييرات وتعديلات على الدستور العراقي الحالي الذي أُقر عام 2005 في استفتاء شعبي بنسبة تصويت بلغت أكثر من 78 في المائة من مجموع سكان العراق.

وقال عضو لجنة الخبراء في لجنة التعديلات الدستورية في رئاسة الجمهورية، عادل اللامي، في تصريح نقلته الوكالة العراقية الرسمية للأنباء، إن لجنة التعديلات الدستورية في رئاسة الجمهورية «أكملت عملها» بمشاركة خبراء في القانون، والقانون الدولي، والقانون الدستوري، والأمم المتحدة، وممثلين عن ساحات التظاهر و«كتبنا مجملاً بجميع التعديلات الدستورية» المقترحة. وأضاف أن أهم التعديلات التي جرت على الدستور، فيما يخص الانتخابات، ينص على أن «تتكفل الكتلة الفائزة في الانتخابات بتشكيل الحكومة واختيار وزرائها وبرنامجها الحكومي، وليس الكتل البرلمانية، كما هو عليه الحال في الانتخابات السابقة، و(كان) السبب وراء تأخر تشكيل الحكومة واستمرار المحاصصة».

وتابع اللامي أن «مجلس النواب يتكفل بمهمة التصويت على رئيس مجلس الوزراء وكابينته الوزارية وبرنامجه الحكومي مرة واحدة». وأشار إلى أن «اللجنة راجعت الكثير من المواد الدستورية وأجرت العديد من التعديلات، منها حذف الكثير من عبارة (مع مراعاة المكوّنات)، ووضعت بدلها عبارات أخرى لا تشجع على تكريس المحاصصة الطائفية والعرقية». وأوضح أنه «تم تسجيل جميع المحاضرات والمناقشات» في خصوص تعديل الدستور، مبيناً أن «رئيس اللجنة في رئاسة الجمهورية وعد بطبع المحاضر والتوصيات من أجل اطلاع الجمهور عليها».

وفي سياق آخر، أوضح اللامي أن «هناك أربعة أسباب رئيسية خلف التأخر بالتصويت على قانون الانتخابات وهي مسألة الدوائر الانتخابية، حيث إن كل كتلة تريد الدائرة الانتخابية حسب مقاساتها». ولفت إلى أن «بعض الكتل السياسية يريد أن يكون العراق عبارة عن دائرة انتخابية، أي بقوائم مغلقة ودائرة واحدة، والآخر يريد أن تكون الدوائر على مستوى المحافظة، كما هو في السابق». وأردف أن «بعض الكتل الأخرى يريد أن تكون الدوائر الانتخابية على مستوى الأقضية كما جاء بالنسخة المرسلة من الحكومة إلى مجلس النواب، أما القسم الأخير من الكتل فيطالب بأن تكون على مستوى الدوائر المفردة أي 328 دائرة انتخابية». وشدد على أهمية أن تؤخذ في الاعتبار «المطالب الشعبية والاحتجاجات التي كانت تطالب بالدوائر المفردة والترشيح الفردي، الذي يكون أقرب إلى الواقع وإحداث التغيير».

يُذكر أن تعديل الدستور العراقي الذي يوصف بأنه من الدساتير الجامدة، هو أحد أبرز المطالب التي نادت بها الاحتجاجات الجماهيرية التي اندلعت في العراق في أكتوبر (تشرين الأول) 2019، وعلى أثر ذلك شكّل البرلمان العراقي لجنة برلمانية لهذا الغرض عقدت بالفعل اجتماعات عدة لكنها لم تتوصل بعد إلى صيغة مناسبة لتعديل الدستور بسبب الخلافات الحادة بين المكوّنات الشيعية والسنيّة والكردية، أو بين الأحزاب والقوى السياسية. من جانبها، شكّلت رئاسة الجمهورية هي الأخرى لجنة للتعديلات الدستورية تضم خبراء وأكاديميين وممثلي كتل سياسية، فضلاً عن ممثلين عن المتظاهرين وممثلية الأمم المتحدة في العراق.

وقرار لجنة التعديلات الدستورية في رئاسة الجمهورية ليس ملزماً للبرلمان. وما يمكن أن يصدر عن لجنة التعديلات الدستورية، البرلمانية أو الرئاسية، لا بد أن يخضع للتصويت الشعبي.

وفي سياق ما أعلنه عضو لجنة الخبراء في لجنة تعديلات الدستور عادل اللامي بشأن «الكتلة الأكبر» فإنها هي الأخرى إحدى العقبات التي عانت منها العملية السياسية العراقية منذ التفسير الشهير للمحكمة الاتحادية للكتلة الأكبر بعد انتخابات عام 2010. ففيما يقول الدستور إن الكتلة الأكبر هي الفائزة في الانتخابات، فإنه ومن أجل قطع الطريق أمام «القائمة العراقية» بزعامة رئيس الوزراء الأسبق إياد علاوي، الفائز في تلك الانتخابات بأعلى الأصوات، أصدرت المحكمة الاتحادية تفسيراً جعلت فيه الكتلة الأكبر إما القائمة الفائزة وإما تلك التي تتشكل داخل البرلمان بعد إعلان نتائج الانتخابات. وطبقاً لذلك التفسير، فإن الكتلة الفائزة الثانية بالانتخابات التي يتزعمها رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي هي التي شكّلت الحكومة آنذاك.

وحول إشكالية «الكتلة الأكبر» التي عانت منها الدورات الانتخابية الثلاث (2010 ـ 2014 ـ 2018) وما يمكن أن تعانيه الانتخابات المقبلة (2021) في حال لم يجر التصويت على إلغائها طبقاً لما طالبت به لجنة الخبراء، يقول الخبير القانوني أحمد العبادي لـ«الشرق الأوسط» إن التفسير الذي كانت قد قدمته المحكمة الاتحادية «لا يزال ساري المفعول، علما بأن قرارات الاتحادية ملزمة وقاطعة».

وحول ما إذا كانت الأجواء جاهزة لإجراء انتخابات مبكرة طبقاً لدعوة رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، يقول نائب رئيس البرلمان العراقي بشير حداد إن «تحديد موعد إجراء الانتخابات من أولى مهام الحكومة، لكن هناك اشتراطات عدة لضمان نجاحها». ويضيف الحداد أنه «يجب توفير كافة المستلزمات التشريعية والمالية والفنية لضمان نجاحها، والعمل لإنهاء ملف النازحين وعودتهم إلى ديارهم». ويشدد على ضرورة «تمكين الناخبين من خوض تجربة ديمقراطية جديدة للتعبير عن إرادتهم بكل حرية لاختيار ممثليهم عبر صناديق الاقتراع، من خلال فرض هيبة الدولة وإنهاء ظاهرة الانفلات الأمني وحصر السلاح بيد الدولة».

الكاظمي يعاقب متورطين في تأخير إقلاع طائرة مدنية
ارتياح شعبي في العراق بعد إجراءات طالت قريباً لوزير النقل

بغداد: فاضل النشمي
ما زال حادث تأخّر إقلاع الطائرة المدنية المتوجهة من بغداد إلى بيروت، الأسبوع الماضي، محل اهتمام الأوساط العراقية، خاصة بعدما اتخذ رئيس الوزراء، مصطفى الكاظمي، مجموعة إجراءات عقابية ضد الضالعين في الحادث، ومن بينهم شخص مسؤول في وزارة النقل، وقريب من وزيرها ناصر الشبلي. ويؤكد الأخير، في المقابل، براءة قريبه من الاتهامات بتأخير موعد إقلاع الطائرة، ويشير إلى أنه يتعرض لـ«حملة إعلامية» تستهدفه.

وهذه ليس المرة الأولى التي يتسبب فيها قريب من مسؤول نافذ في عرقلة رحلة للخطوط الجوية العراقية، أو ارتكاب مخالفة تتعلق بمعايير الطيران، حيث أرغم نجل وزير النقل السابق ورئيس منظمة «بدر»، هادي العامري، في مارس (آذار) 2014. رحلة طيران متوجهة إلى بغداد على العودة إلى بيروت. لكن هذه هي المرة الأولى التي تتخذ فيها الحكومة إجراءات رادعة ضد المخالفين، الأمر الذي قوبل بترحيب شعبي واسع.

وتفرض سلطة الطيران الأوروبية حظراً على طائرات الخطوط الجوية العراقية منذ عام 2015. وتضعها على اللائحة السوداء لـ«عدم استيفائها معايير المنظمة الدولية للطيران المدني». وتقول مصادر الخطوط العراقية إنها تبذل جهوداً مضاعفة لرفع الحظر الأوروبي.

وأصدر مكتب الكاظمي، أول من أمس، بياناً شديد اللهجة وجهه إلى وزير النقل، الشبلي، بشأن ما سماها «سلسلة أخطاء وسلوكيات وإخفاقات» شابت أداء الوزارة. وتضمن الكتاب انتقاد الوزير لقيامه بـ«تكليف علي محسن هاشم مديراً لشركة الخطوط الجوية العراقية، خلافاً لتعليمات رئيس الوزراء الذي ألزم الوزارات بعدم إجراء أي تغيير في المناصب العليا دون موافقته». ووجّه بإلغاء أمر تكليف هاشم وإعادته إلى وظيفته السابقة.

كما تطرق كتاب مكتب الكاظمي إلى جانب من نتائج التحقيقات الأولية بشأن حادثة تأخير إقلاع طائرة بيروت لمدة 50 دقيقة، يوم الخميس الماضي، وتحدث عن «سلوك ليس له ما يسوّغه إدارياً وقانونياً من قبل أحد موظفي وزارتكم، وبصفته أقارب السيد الوزير المدعو أحمد عاصم حسين بندر، وما أقدم عليه من تأخير إقلاع الطائرة المتوجهة من بغداد إلى بيروت لمدة طويلة».

وذكر الكتاب أن التحقيقات الأولية أشارت إلى «استفادة بندر من نفوذه، وبالتعاون مع مدير محطة بغداد قحطان إسماعيل»، وإلى «إخفاق من مسؤول أمن الطائرة مسلم أحمد مجيد حمادي».

وأمر رئيس الوزراء، بحسب كتاب مكتبه، بـ«إنهاء تكليف أحمد عاصم البندر العمل في مكتب الوزير، وإعادته إلى وظيفته السابقة فوراً، وإحالته إلى التحقيق» بشبهة التسبب في تأخير الرحلة.

وكان شريط «فيديو» بثّه ركاب من داخل الطائرة تضمن شكوى من درجة الحرارة الشديدة داخلها بعد تأخر إقلاعها.

وأصدرت سلطة الطيران المدني، الخميس الماضي، بياناً أعربت فيه عن أسفها لتأخر المسافرين على رحلة الخطوط الجوية العراقية المتجهة من بغداد إلى بيروت. وقالت السلطة في بيانها: «رغم أن سلطة الطيران المدني ومطار بغداد الدولي ليسا السبب في التأخير، إلا أنه من باب الحرص على سلامة المسافرين واحترام مواعيد الطيران وجّهت (السلطة) إنذاراً إلى الشركة المسؤولة عن إدارة صالة رجال الأعمال والشخصيات».

بدورها، طالبت النائبة عن ائتلاف «دولة القانون»، عالية نصيف، أمس (الأربعاء)، رئيس الوزراء بسحب يد وزير النقل، إلى حين انتهاء تحقيقات لجنة النزاهة النيابية في المخالفات والخروقات المنسوبة إليه. وقالت نصيف في بيان إن «الإجراءات الإدارية التي اتخذها رئيس الوزراء بشأن مخالفات وخروقات وزير النقل وبعض المقربين منه تجعلنا نتفاءل ونتأمل خيراً بأن تتم محاسبة ومساءلة الوزراء»، الذين تُثار حولهم معلومات عن تورطهم في «مخالفات إدارية أو مالية». وأضافت أن «تأخير إقلاع الطائرة من أجل أحد أقارب الوزير هو أسوأ أنواع الفساد الإداري، ويعد إساءة واستهانة بالمواطن العراقي، وتضاف إلى قضية الطائرة مخالفة الوزير لتوجيهات رئيس الوزراء بعدم إجراء أي تغيير في المناصب العليا، حيث قام بتكليف شخص بمهام مدير شركة الخطوط الجوية العراقية». وختمت بالقول: «في الوقت الذي نثني فيه على إجراءات رئيس الوزراء بهذا الخصوص، نؤكد على أهمية سحب يد وزير النقل إلى حين استكمال التحقيقات في هيئة النزاهة النيابية وإعلان النتائج».

ورغم الكتاب «المتشدد» بشأن العقوبات والتأكيدات الصادرة عن مكتب رئيس الوزراء، إلا أن وزير النقل ناصر الشبلي أصرّ على أن ابن شقيقه لا علاقة له بالأمر، وأن هناك حملة إعلامية منظمة ضده. وقال الشبلي في تصريحات لوسائل إعلام محلية إن «ابن شقيقي لا علاقة له بتأخر الرحلة إلى بيروت. وكان من ضمن المسافرين الذين تأخروا بسبب عدم مجيء الوفد من صالة الـvip (صالة كبار الزوار)». وأضاف أن «هناك حملة إعلامية منظمة ضدي من قبل جهة سياسية تضررت لما قمت به من إصلاحات في وزارة النقل».

يُشار إلى أن وزارة النقل تتقاسمها منذ سنوات طويلة شخصيات حزبية وسياسية تابعة ومقربة من «المجلس الإسلامي الأعلى» ومنظمة «بدر» الحليفين لإيران.

استهداف منزل ناشط مدني عراقي بقذيفة «آر بي جي»
الأربعاء 05 أغسطس 2020 
بغداد: «الشرق الأوسط»

استهدف مجهولون، فجر أمس الثلاثاء، منزل الناشط رضا العقيلي في مدينة العمارة مركز محافظة ميسان الجنوبية، بقذيفة «آر بي جي» وسلاح متوسط، ولم تعلق شرطة المحافظة على الحادث الذي أثار قلق ومخاوف الناشطين، لكن عناصر منها توجهت إلى مكان الحادث وفتحت تحقيقاً، وأجرت حملة تفتيش في نطاق المنطقة للبحث عن الجناة، طبقاً لمصادر أمنية في المحافظة. ويسيطر «التيار الصدري» تقليدياً على مجمل مفاصل محافظة ميسان، ويشغل عضو «التيار» علي دواي منصب المحافظ منذ نحو 8 سنوات.


وأظهرت صور ومقاطع «فيديو» تداولها ناشطون لحظة استهداف منزل الناشط وإطلاق صاروخ «آر بي جي» اخترق الجدار الخارجي للمنزل، وأحدث أضراراً مادية جسيمة في المبنى، لكنه لم يؤد إلى وقوع إصابات بين أفراد عائلة الناشط العقيلي.

ووقع الحادث عقب ساعات على تنظيم الناشطين وقفة احتجاجية وسط المدينة ضد تعرض الفتى حامد سعيد لعملية تعذيب على يد أفراد من قوة فرض القانون في بغداد. ويقول ناشطون: «المتظاهر رضا علي العقيلي طالبٌ في كلية الصيدلة وممثل اتحاد طلبة ميسان، ينخرط في الحراك الاحتجاجي منذ انطلاقه في أكتوبر (تشرين الأول) 2019». ونقلوا عن العقيلي قوله: «تم استهدافي أنا وعائلتي من قبل الأحزاب الفاسدة بقذيفة صاروخية، وتلاها رمي حي بسلاح (بي كي سي) وسط غياب القانون، وسبب ذلك أننا نتمسك برفع شعار (نريد وطناً)». ورغم عمليات الاعتقال والاغتيال التي طالت أعداداً غير قليلة من الناشطين منذ أكتوبر الماضي، فإنها المرة الأولى التي يستهدف فيها منزل ناشط بقذائف صاروخية.

وتشهد محافظات جنوب العراق، وضمنها ميسان، بين فترة وأخرى تصعيداً في وتيرة الاحتجاجات المطالبة بالإصلاح وتوفير الخدمات المتمثلة في الماء والكهرباء وفرص العمل. وتظاهر العشرات في مناطق مختلفة من محافظة ذي قار للمطالبة بتوفير الخدمات وإقالة مديري بعض الدوائر الخدمية، حيث خرج المئات من سكان ناحية العكيكة التابعة لقضاء سوق الشيوخ جنوب الناصرية، للتظاهر احتجاجاً على تردي أوضاع الماء والكهرباء والخدمات الأخرى. كما خرج المئات في قضاء الفهود القريب للسبب نفسه.