التاريخ: تموز ٣١, ٢٠٢٠
المصدر: جريدة الشرق الأوسط
الانتخابات المبكرة في العراق تعود إلى دائرة الجدل
بغداد: «الشرق الأوسط»
في خطابه المتلفز قبل يومين، أعلن رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي أنه طلب من رئيس البرلمان محمد الحلبوسي، خلال اجتماع الرئاسات الثلاث بحضور رئيس الجمهورية برهم صالح (الجمهورية والوزراء والبرلمان)، ضرورة حسم قانون الانتخابات وإرساله إلى رئاسة الجمهورية للتصويت عليه. الكاظمي ألقى تلك الكلمة عقب أحداث ساحة التحرير التي أدت إلى مقتل اثنين من المتظاهرين مع أول عودة إلى الاحتجاجات الجماهيرية التي خفف وباء كورونا من وطأتها، الأمر الذي أعاد إلى الأذهان عمليات القتل التي رافقت احتجاجات الأول من أكتوبر (تشرين الأول) عام 2019 والتي بدأت ببضعة قتلى في الأيام الأولى لتصبح الحصيلة النهائية لها في غضون شهرين أكثر من 700 قتيل وعشرات آلاف الجرحى مثلما تقول أوساط المتظاهرين والمحتجين.

البرلمان العراقي الذي أجل عقد جلساته بسبب وباء كورونا وكثرة الإصابات بين النواب والتي أدت إلى وفاة إحدى النائبات فيما يحجر عدد آخر أنفسهم جراء إصابتهم، بات غير قادر على حسم الجدل بشأن موعد الانتخابات بسبب عدم حسم الدوائر الانتخابية، وهي إحدى العقد الأساسية التي يمكن أن تفجر القانون على رغم كل ما انطوى عليه من إيجابيات بالقياس إلى القوانين الانتخابية خلال الدورات البرلمانية الأربع السابقة منذ عام 2006 إلى اليوم.

الحلبوسي عقد خلال الفترة الأخيرة عدة لقاءات سياسية لتضييق فجوة الخلاف بشأن القانون وملاحقه، تمهيداً لإقراره في أول جلسة يمكن أن تعقد بعد عيد الأضحى. وفي هذا السياق، أعلن مستشار رئيس البرلمان لشؤون المكونات عماد يوحنا أن «المشكلة الحقيقية وراء تأخّر المصادقة على قانون الانتخابات البرلمانية المبكرة، هو الاختلاف بين الكتل السياسية على الدوائر الانتخابية المتعددة». وأضاف أن «هناك تحرّكاً لجمع تواقيع لتعديل قانون الانتخابات البرلمانية، وحتى هذه اللحظة لم يحسم داخل مجلس النواب إجراء تعديل قانون الانتخابات أو التصويت على الدوائر الانتخابية». وتابع أن «الحكومة والمفوضية والبرلمان اقترحت إجراء الانتخابات في أبريل (نيسان) أو يونيو (حزيران) أو أكتوبر المقبل من العام المقبل». ورأى يوحنا أن «التعديلات على قانون الانتخابات إذا تمت، فستشمل فقرات ومواد متعددة منها إلغاء الدوائر الانتخابية المتعددة»، مؤكداً أن «الكتل السياسية ستلتقي بعد عطلة العيد لاستكمال مشاوراتها على قانون الانتخابات».

وكانت الأمم المتحدة أبدت استعدادها لتقديم الدعم اللازم لإجراء الانتخابات في العراق. وقالت ممثلة الأمم المتحدة في العراق، جنين هينيس بلاسخارت خلال لقائها الكاظمي مؤخرا، إن «الأمم المتحدة مستعدة لدعم المفوضية المستقلة للانتخابات بالمجالات الفنية والتدريبية لإنجاح العملية الانتخابية».

من جانبه، أكد الكاظمي في بيان صدر عن مكتبه، أنه أبلغ الممثلة الأممية عزم حكومته على إجراء انتخابات مبكرة، في موعد سيتم الإعلان عنه لاحقاً، واعدا بأن تكون الانتخابات حرة ونزيهة، وتلبي تطلعات الشعب العراقي.

وفي هذا السياق، يقول عضو البرلمان العراقي عن محافظة بغداد آراس حبيب كريم لـ«الشرق الأوسط»: «ما لم يتم تحديد موعد للانتخابات وحسم قانونها ومصير دوائرها، فإن الحراك السياسي سيبقى من دون هوية واضحة، وبالتالي تبقى المعالجات أقل من المستوى المطلوب». ويضيف حبيب أن «الحكومة الحالية وبصرف النظر عن أي مهام تقوم بها، تبقى من وجهة نظر الناس والشارع والمرجعية الدينية والمتظاهرين ذات مهمة واحدة مؤجلة وهي إجراء الانتخابات». ويشير إلى أن «البرلمان نفسه الذي شرع قانونا جديدا للانتخابات ومفوضية جديدة مستقلة لإجرائها سيبقى هو الآخر في دائرة الجدل مرة والصراع مرة بين كتله وأحزابه حول الانتخابات قانونا ودوائر ما لم يتم حسم هذا الأمر احتراما لما قطعه البرلمان على نفسه من تعهدات».

وحول ما إذا كان رئيس الوزراء قادرا على حل البرلمان لغرض التهيئة لإجراء الانتخابات، أكد الخبير القانوني أحمد العبادي «عدم وجود صلاحية له بحل البرلمان». وقال العبادي لـ«الشرق الأوسط» إن «موضوع الانتخابات المبكرة أمر في غاية الصعوبة حتى الآن بسبب عدم إقرار قانون الانتخابات رغم التصويت عليه لأن هناك ملحقا له يتعلق بالدوائر الانتخابية وهي مسألة تأخذ وقتا فضلا عن الكوتا وطبيعة الأقضية وكيفية حسم وضع الجديد منها ناهيك من الجانب المالي وبالتالي هناك تعقيدات كثيرة تجعل من الصعوبة إجراء انتخابات مبكرة». وحول ما إذا كان باستطاعة الكاظمي حل البرلمان عبر الاستعانة بالدستور وموافقة رئيس الجمهورية يقول العبادي: «لن يستطيع الكاظمي حل البرلمان لأن المادة 64 من الدستور تنص بشكل صريح على أن البرلمان يحل نفسه بطلب من ثلث أعضاء البرلمان أو عبر طلب من قبل رئيس الوزراء وبموافقة رئيس الجمهورية لكنه حتى في حال اتفق رئيسا الجمهورية والوزراء فإن البرلمان لن يحل ما لم يتم التصويت بالأغلبية المطلقة لعدد أعضاء البرلمان».