التاريخ: حزيران ١٥, ٢٠٢٠
المصدر: جريدة الشرق الأوسط
تونس تغلق ساحة {باردو} أمام محتجين يطالبون بحل البرلمان
«النهضة» تواجه تحدي «قلب تونس» للمشاركة في الحكم
تونس: المنجي السعيداني
اتهم عدد من قادة الحراك الاجتماعي الذي دعت له مجموعات تونسية مناهضة للنظام السياسي الحالي، السلطات التونسية بالتضييق على الحريات الفردية والجماعية والاعتداء على حرية التظاهر السلمي، إثر غلق ساحة باردو المقابلة لمقر البرلمان التونسي ومنع التجمعات والأنشطة بكل أنواعها في محيطها إلى حين انتهاء فترة الحجر الصحي.

وأكد فتحي الورفلي، المتحدث باسم جبهة «الإنقاذ الوطني» التي تقود اعتصاما منذ أمس في ساحة باردو من أجل حل البرلمان وتشكيل حكومة تصريف أعمال وإعلان دستوري تونسي جديد علاوة على تنقيح القانون الانتخابي وتركيز المحكمة الدستورية، أن منع قوات الأمن التونسي وصول حافلات تقل مواطنين من بعض الولايات للمشاركة في الاحتجاجات يستهدف حراكهم الاجتماعي لمنعه من التظاهر السلمي، على اعتبار أن الساحة شهدت خلال الأيام الماضية عدة وقفات احتجاجية ولم يتم إصدار قرار بغلقها أمام المحتجين.

وحمل الورفلي مسؤولية التعدي على حقهم في التظاهر السلمي والاحتجاج لرئيس الحكومة ورئيس البرلمان ووزير الداخلية ورئيس بلدية باردو في ظل خشية من تزايد الاحتجاجات نتيجة الظروف الاجتماعية والاقتصادية التي أعقبت جائحة كورونا. وكانت ساحة باردو التي شهدت نهاية عام 2013 حراكا شعبيا مماثلاً أدى إلى إخراج حركة النهضة من السلطة، قد شهدت تعزيزات أمنية مكثفة، كما تم غلق الطرق المؤدية إليها بالحواجز الأمنية مما أفشل وصول عدد كبير من المحتجين إلى ساحة باردو.

وبشأن القرار البلدي بغلق هذه الساحة، أوضح منير التليلي رئيس بلدية باردو، أن القرار لا يهدف إلى «منع تجمع بعينه وإنما الغاية منه حماية ساكني الجهة والحفاظ على صحتهم في ظل عدم السيطرة النهائية على وباء كورونا». غير أن محسن مرزوق رئيس حركة «مشروع تونس» التي دعت إلى تقويض النظام السياسي الحالي وإرساء الجمهورية الثالثة في تونس، اعتبر أن إغلاق ساحة باردو أمام المحتجين يعد «قرارا سياسيا خطيرا ومرفوضا».

وأضاف قوله وإذا اعتقدت الأحزاب الحليفة في الحكومة وفي بلدية باردو أنها ستوقف غضب التونسيين فإنها مخطئة، وعليها أن تتذكر ما حصل في أبريل (نيسان) 2012.

ووفق مراقبين تستند هذه التحركات الاجتماعية الحالية إلى تصريحات الرئيس قيس سعيد الذي رفع شعار «نسحب الوكالة ممن خان الأمانة»، وذلك إثر تكرر الخلافات الحادة تحت قبة البرلمان، وهو ما قرئ على أساس أن الرئيس يساند حل البرلمان التونسي الحالي وفق الفصل 77 من الدستور، وهو أحد أهم مطالب المشاركين في هذه الاحتجاجات.

وفي السياق ذاته، اعتبرت فاطمة المسدي النائبة البرلمانية السابقة أن إغلاق ساحة باردو والطريق إلى الساحة من قبل قوات الأمن مثل منعرجا حاسما يؤكد أن حرية التظاهر ليست مكفولة بالدستور كما يدعي الائتلاف الحكومي، واستنكرت قرار الغلق بشدة أمام عدد من المحتجين قائلة إنه: يوم حزين تم المس فيه بحرية التعبير وحق التظاهر، وما جرى في باردو تمزيق للدستور التونسي.

برلمانيون تهمون بلقاء إرهابيين
وزارة العدل تحقق وإدارة السجون تقاضي المدعين

الأحد 14 يونيو 2020 
أكدت ثريا الجريبي وزيرة العدل التونسية، فتح تحقيق عاجل حول تصريحات مثيرة للجدل صادرة عن عبير موسي النائبة المعارضة في البرلمان التونسي، اتهمت من خلالها عدداً من نواب البرلمان بلقاء عناصر إرهابية في سجني المرناقية وبرج العامري، غرب العاصمة التونسية، وهما السجنان اللذان يؤويان أكبر عدد من العناصر التونسية المتهمة بالإرهاب.

وأثارت هذه التصريحات، غضب الإدارة العامة للسجون والإصلاح (وزارة العدل) التي ردت بالقول إن «تحركات المودعين المتهمين في قضايا إرهابية، ودخولهم وخروجهم، داخل أجنحة الإقامة بالسجون، تخضع لرقابة أمنية عالية ومشددة». وأشارت إلى أن كل زيارات المساجين تخضع لإجراءات وشروط محددة قانوناً، وهي خاضعة للمراقبة عبر الكاميرات المثبتة، لتكون كل العمليات موثقة، وهو ما ستكشف عنه التحقيقات.

كانت موسي قد أكدت في برنامج تلفزيوني السماح لعدد من أعضاء البرلمان بإجراء زيارة ليلية لسجناء في قضايا ذات صبغة إرهابية، وبتسهيل هذه الزيارات من قبل مسؤولين في السجون. وأثارت تصريحات النائبة التونسية جدلاً سياسياً وأمنياً واسعاً حول حقيقة هذه المزاعم الخطيرة. ودعت الإدارة العامة للسجون والإصلاح إلى عدم الزج بمؤسسات الدولة في التجاذبات السياسية، وهو ما يمكن أن يؤثر على معنويات أعوان السجون، ويضر بالسير العادي للعمل. وبشأن تفاصيل هذه القضية، أشارت موسي إلى أنها تلقت رسالة من مسؤولين بالإدارة العامة للسجون والإصلاح (وزارة العدل) يستنجدون بها، ويخبرونها بوجود اتصالات بين نواب تابعين لمن وصفتهم بـ«تنظيم الإخوان» مع إرهابيين في السجون عن طريق متعاونين، على حد تعبيرها، وطالبوها بكشف الملف والتحري في شأنه. وأوضحت أن كتلتها البرلمانية تسلمت الملف في مكتب الضبط بالبرلمان التونسي، وأنها ستقوم بنشر تفاصيله خلال مؤتمر صحافي تعقده لاحقاً.

«النهضة» تواجه تحدي «قلب تونس» للمشاركة في الحكم
اشترط الحصول على 7 حقائب وزارية

السبت 13 يونيو 2020 
تونس: المنجي السعيداني

واصلت حركة النهضة (إسلامية)، المتزعمة للمشهد السياسي التونسي، حشد التأييد لمقترحها الداعي إلى توسيع الائتلاف الحكومي بضم حزب «حركة قلب تونس»، المثير للجدل إلى الحكومة، في حين دافعت «حركة الشعب» و«حركة تحيا تونس» عن موفقيهما المخالف لمقترحات «النهضة»، خاصة على مستوى العمل البرلماني، والتصويت على اللوائح البرلمانية.

وعبر حزب «قلب تونس»، الذي يرأسه نبيل القروي، عن نيته المشاركة في الحكومة، لكن اشترط حصوله على سبع حقائب وزارية هامة، وهو ما سيؤثر على المفاوضات مع بقية الأطراف المشكلة للائتلاف الحكومي الذي تتزعمه حركة النهضة.
وفي هذا السياق، دعا عياض اللّومي، القيادي في «قلب تونس» إلى إحداث تغييرات في الائتلاف الحاكم، مؤكدا أن حزبه لا يرفض المشاركة في الحكومة، لكنه يشترط منحه 7 حقائب وزارية، من بينها الاقتصاد والمالية والصناعة، وهو شرط سيكون، بحسب عدد من المراقبين، معطلا للمشاورات حول توسيع الائتلاف الحكومي.

وكان نبيل القروي، رئيس «قلب تونس»، قد دعا بدوره إلى توسيع الحزام السياسي للحكومة، معتبراً أن مصلحة تونس «تقتضي توسيع الحزام السياسي، لأن ذلك سيكون له تأثير إيجابي كبير على العمل البرلماني، وسيضمن حسن تمرير مشاريع القوانين في البرلمان»، مبرزا أن حزبه «ليست لديه مشاكل مع أي حزب سياسي في تونس».

ويرى مراقبون أن انضمام «قلب تونس» (يملك 29 مقعدا برلمانيا) إلى الائتلاف الحاكم سيكون على حساب حركتي «الشعب» (15 مقعدا) و«تحيا تونس» (14 مقعدا)، وسيضمن للائتلاف الحكومي الحفاظ على نفس التوازنات، مع ضمان «تضامن حكومي» أفضل.

وكان راشد الغنوشي، رئيس البرلمان ورئيس حركة النهضة، قد دعا إلى إدخال تعديلات على الائتلاف الحاكم لخلق توازن بين الحكومة والبرلمان، وإحداث تناغم أفضل بين الأحزاب المشاركة، مشددا على ضرورة «التوصل إلى اتفاق مشترك للقيام بتغييرات في الحكومة، تجعل هناك توافقا بين البرلمان والحكومة وبين الأحزاب»، وتمكن في الوقت ذاته من وضع برنامج إنقاذ اقتصادي واجتماعي، يحقق الاستقرار الاجتماعي والتضامن الوطني، ويوفر كل الضمانات والحوافز للإقبال على الاستثمار.
ومن المتوقع ألا تجد «النهضة» الحماس الكافي لدعوتها بتوسيع الائتلاف الحكومي، ذلك أن رئيس الجمهورية قيس سعيد ورئيس الحكومة إلياس الفخفاخ أعربا عن تمسكهما بعدم إشراك «قلب تونس» في الحكم. كما دعا سعيد رئيس الحكومة إلى ضرورة المحافظة على نفس الثوابت، التي تشكلت وفقها حكومته، وهي عدم إشراك حزب يشتبه في تورط رئيسه في جرائم فساد مالي، مؤكدا على ضرورة عدم إجراء تحوير وزاري، يتم بمقتضاه تعيين بعض الشخصيات المقترحة من حزب القروي على رأس بعض الوزارات. كما اتفق الطرفان على ضرورة تقريب وجهات النظر بين مكونات الائتلاف الحكومي، لكن دون توسيعه ليشمل أشخاصا يلاحقون في قضايا فساد مالي.

على صعيد آخر، دعا الاتحاد العام التونسي للشغل (نقابة لعمال) الحكومة إلى التراجع عن قرار منع الانتدابات في القطاع العام، وإعداد خطّة للتقليص من نسب البطالة. ومن شأن هذه الدعوة أن تحضر لخلافات بين الطرفين حول إدارة الملفين الاجتماعي والاقتصادي بعد كورونا.

وطالب «الاتحاد» أمس بفتح قنوات تفاوض مع ممثّلي المعطّلين عن العمل من أجل الإنصات إلى مشاغلهم، والبحث الجاد لإيجاد حلول لبطالتهم ولما يترتّب عنها من مشاكل وماسي اجتماعية. كما أدان «الاتحاد» أي عنف أمني يسلط على المحتجين وعلى كل حراك اجتماعي.

«الجمهورية الثالثة» يطالب بتغيير نظام الحكم في تونس
دعا إلى حل البرلمان وتشكيل حكومة تصريف أعمال... ودستور جديد

الجمعة 12 يونيو 2020 
طالب «ائتلاف الجمهورية الثالثة»، المكون من عدة حركات اجتماعية تونسية غير منضوية تحت راية الأحزاب السياسية، بحل البرلمان، وتشكيل حكومة تصريف أعمال من الكفاءات غير المتحزبة من طرف رئيس الجمهورية قيس سعيد، إضافة إلى تشكيل لجنة من أساتذة القانون الدستوري من قبل رئيس الجمهورية، توكل لها مهمة صياغة دستور جديد، يضمن التوازن بين السلطتين التنفيذية والتشريعية، وهو ما يعني بصيغة أخرى تغيير النظام السياسي في تونس برمته. كما دعا هذا الائتلاف إلى تعديل النظام الانتخابي الحالي بهدف تكريس التمثيلية الحقيقية للتونسيين، وفتح ملف التمويلات المشبوهة للأحزاب والجمعيات.

وقدم ممثلو هذا الائتلاف في مؤتمر صحافي، عقده أمس بالعاصمة التونسية، المزيد من التفاصيل حول الاعتصام المفتوح المزمع تنفيذه في 14 من يونيو (حزيران) الحالي أمام مقر البرلمان، وحول مطالبهم الاجتماعية المطروحة، ومن بينها إرساء حوار وطني لتشغيل العاطلين عن العمل، وتحسين القدرة الشرائية للمواطنين ومحاربة الفقر.

وقال مروان بالوذنين، المنسق العام لـ«ائتلاف الجمهورية الثالثة»، وهو أيضا رئيس «جمعية حماة تونس»، إن الاعتصام المقرر بعد غد الأحد يهدف إلى «استرجاع الوطن، ورسم معالم تونس الجديدة ذات سيادة وطنية»، وتساءل إن كان مجلس النواب الحالي (البرلمان) «يخدم مصلحة تونس، أم أجندات خارجية، وإن كان الدستور الحالي قادرا على حل أزمة الحكم في تونس».

وأضاف بالوذنين موضحا أن تجمعهم «جاء لرسم تاريخ جديد يقطع مع الماضي، ومع الخيانة والفساد والاستبداد، والاستعمار الجديد، وذلك في إطار استرجاع دولة القانون، وبناء الجمهورية الثالثة».

وحول إمكانية اتهامهم بالفوضى والسعي إلى الخروج ضد الشرعية، وعدم الاعتراف بنتائج صناديق الاقتراع، أوضح بالوذنين أن المنتسبين لهذا الائتلاف مجموعة من المواطنين الأحرار غير المتحزبين، مبرزا أن الحركات التي تجمعت في إطار هذا الائتلاف هي حركة الجمهورية الثالثة، وحركة العزة والكرامة، وحركة باردو ضد الظلماء، وحركة حماة تونس، وهي كلها حركات اجتماعية لا تنتمي لأي حزب سياسي، على حد تعبيره.

على صعيد آخر، أسفرت التحقيقات الحكومية في ما بات يعرف بقضية «عقارات أليكانتي في إسبانيا»، التي تورط فيها 43 شخصا، ضمنهم رجال أعمال وشخصيات نافذة وأطر بنكية ومسؤولون في الدولة، في اقتناء عقارات وتنفيذ عمليات مالية وتجارية غير قانونية بالخارج، وارتكاب جرائم جمركية ومصرفية وغسل أموال.

وأحالت إدارة الأبحاث الجمركية طلباتها إلى النيابة العامة بالقطب القضائي الاقتصادي والمالي، وطالبت باعتقال عدة أشخاص، فيما تتواصل الأبحاث مع 11 شخصا مشتبها به. وبلغت القيمة الإجمالية للعقارات والبضائع والأصول المالية المحجوزة 25.7 مليون دينار تونسي (نحو 8.6 مليون دولار)، فيما بلغت قيمة الأداءات الجمركية التي لم تحصل عليها الدولة نحو 52.6 ألف دينار.

وترتب على هذه المخالفات حجز 26 شقة بمدينة أليكانتي الإسبانية، ومبالغ مالية في 30 حسابا بنكيا، ومساهمات في رأس مال شركات بالخارج بقيمة تعادل 11 مليون دينار، كما تم حجز ما يعادل 12 مليون دينار من العملة الأجنبية.

في السياق ذاته، ذكرت مصادر قضائية أن القطب القضائي المالي سيفتح تحقيقا ضد المتهمين الـ43 وكل من له علاقة بقضية الشقق الفاخرة في أليكانتي، وتهريب وغسل الأموال. وتم الاحتفاظ بخمسة رجال أعمال، وإدراج أسماء أطر بنكية ومسؤولين في الدولة، وتجار مهن حرة ومشاهير وأطباء، ضمن البحث القضائي.

الحكومة «تتصالح» مع متهمين بالفساد في عهد بن علي
الخميس 11 يونيو 2020 
صادق مجلس الوزراء التونسي على مشروع قانون لتعديل الفصل «96» من القانون الجزائي، الذي أدان آلاف الموظفين المتورطين في قضايا فساد مختلفة، تشمل الاستيلاء على الأموال العمومية، واستغلال النفوذ لفائدة رموز النظام السابق، وهو التعديل الذي من شأنه أن «يحرر طاقات الإدارة»، وفق عدد من أعضاء حكومة إلياس الفخفاخ، فيما عدّت قيادات معارضة أن هذا التعديل «لا يعني عدم محاسبة من أخطأ واستفاد» من علاقاته؛ خصوصاً مع عائلة بن علي وأقاربه وأصهاره.

وكان الرئيس الراحل الباجي قائد السبسي قد وقّع سنة 2017 قانون المصالحة في المجال الإداري، وهو قانون يقضي بـ«العفو العام عن الموظفين الذين تمت مؤاخذتهم على أفعال أضرت بالإدارة، وحققت منافع للغير»، فيما استثنى الموظفين الذين حصلوا على رشى، أو استولوا على أموال عمومية. وبقي الفصل «96» من القانون الجزائي يطبق على آلاف الموظفين الآخرين، الذين تورطوا في ملفات فساد تحت الضغط والإكراه لتنفيذ تعليمات إدارية، لكنهم لم يستفيدوا من نتائجها.

ومن المنتظر أن يثير هذا القانون جدلاً سياسياً وبرلمانياً حاداً عند عرضه على أنظار البرلمان لمناقشته والتصديق عليه، قبل أن يدخل حيز التنفيذ، خصوصاً إثر رفع حكومة الفخفاخ شعار «مكافحة الفساد» ضمن أولوياتها.

وأكدت أسماء السحيري، المتحدثة باسم الحكومة، أن مصادقة مجلس الوزراء على مشروع قانون تعديل الفصل «96» من القانون الجزائي، من شأنها أن «تكسر سيف الظلم الذي كان مسلطاً على أطر الدولة من النزهاء»، مبرزة أن أبناء الإدارة «ظلوا يتمسكون بهذا المطلب، لكنهم لم يجدوا آذاناً صاغية، وكانت نتيجة ذلك أن لحق الأذى المادي والمعنوي بمئات الكوادر السامية وعائلاتهم، رغم أنه لم تكن لهم نية لكسب فوائد لأنفسهم أو لغيرهم دون وجه حق». وعدّت السحيري أن هذا التنقيح «يعد مكسباً مهماً سيعيد مناخ الثقة داخل الإدارة، وسيحرر حس المبادرة لدى أطرها في وقت تحتاج فيه الدولة لكل كفاءاتها».

من جانبه، عدّ سليم العزابي، وزير الاستثمار والتنمية والتعاون الدولي، والقيادي في حركة «تحيا تونس»، الفصل «96» من القانون الجزائي بمثابة «سيف القهر الذي سلطته الأنظمة المتعاقبة على أعناق أبناء الإدارة»، وقال إنه فخور بأنه ينتمي لحكومة «كانت لها الجرأة لفتح الأدراج المغلقة، لتبعث نور الأمل في أروقة الإدارة المكبّلة بأغلال هذا الفصل»، على حد تعبيره.

في السياق ذاته، قال عبد القادر اللباوي، رئيس الاتحاد التونسي للمرفق العمومي وحياد الإدارة (هيكل مستقل)، إن أكثر من 6 آلاف موظف تونسي تلاحقهم متابعات عدلية على صلة بالفصل «96» من القانون الجزائي، وقال إن هناك أحكاماً صدرت ضد نحو 1500 موظف، وإن أكثر من 100 موظف عمومي يقبعون في السجون بسبب الفصل ذاته.

ويؤكد مراقبون أن عدداً كبيراً من موظفي البنوك والقضاة عانوا كثيراً خلال السنوات الماضية، بسبب اتهامهم بالتعامل مع رموز النظام السابق، لكن من شأن هذا التعديل أن يخفف من الأحكام الصادرة ضدهم، ما داموا لم يستفيدوا من القرارات التي وقّعوا عليها تحت الإكراه لفائدة أصحاب السلطة والنفوذ في نظام بن علي.

على صعيد غير متصل، وإثر إسقاط اللائحة البرلمانية التي طالبت الدولة الفرنسية بالاعتذار للشعب التونسي عن جرائمها في حقبة الاستعمار المباشر، عبرت «حركة النهضة» عن قلقها من طرح مثل هذه المبادرات الحساسة، دون تنسيق وحوار مسبق بين مؤسسات الدولة وفاعليها الأساسيين في السياسة الخارجية، ودون تحقيق توافقات وطنية واسعة حول تفاصيل بنودها، «مما يحولها إلى مصدر خلاف واستقطاب رغم نبل أهدافها».

ولم تحصل هذه اللائحة التي تقدم بها حزب «ائتلاف الكرامة» المعارض على تأييد سوى 77 نائباً، فيما احتفظ 46 بأصواتهم، بينما أعلن 5 نواب عن رفضهم لها. وكانت مواقف الكتل البرلمانية منها متباينة، ولم تُبدِ قيادات «حركة النهضة» حماساً تجاهها، عادّةً أنها ستؤثر سلباً على علاقات تونس مع فرنسا.