التاريخ: أيار ٢٤, ٢٠٢٠
المصدر: جريدة الشرق الأوسط
تقرير أممي يتهم جماعات مسلحة بأعمال قتل وخطف رافقت احتجاجات العراق
عراقيون غاضبون يزيلون صورة كبيرة للخميني في ديالى
بغداد: فاضل النشمي
نشرت الأمم المتحدة، أمس، تقريرها الرابع المتعلق بالاحتجاجات العراقية التي انطلقت مطلع أكتوبر (تشرين الأول) الماضي وما رافقها من إصابات وعمليات قتل واختطاف وحالات تعذيب طالت الناشطين من قبل القوات الأمنية الرسمية أو بعض الفصائل والجماعات المسلحة. ويغطي التقرير الجديد الأحداث التي وقعت بين أواخر أكتوبر 2019 وحتى 21 مارس (آذار) 2020.

واستند التقرير الجديد إلى ما وثقه مكتب حقوق الإنسان في بعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق (يونامي). وفيما أظهر التقرير أرقاماً جديدة لأعداد المصابين والقتلى من الناشطين لا تتطابق مع المعلن في الإحصاءات السابقة، تؤكد مصادر حقوقية عراقية، أن «المهم محاسبة المتورطين وتعويض الضحايا ما دامت عمليات القتل والاختطاف والتعذيب ثابتة».

وذكر التقرير الأممي المطول أنه سجّل «123 حالة لأشخاصٍ اختفوا في الفترة ما بين 1 أكتوبر وحتى 21 مارس 2020، وتم العثور على 98 شخصاً، بينما لا يزال 25 شخصاً في عداد المفقودين».

وأضاف أنه «منذ اندلاع المظاهرات في أوائل شهر أكتوبر، أكّدت الأمم المتحدة وفاة 490 ناشطا وإصابة 7.783 شخصاً وأن غالبية المتظاهرين من الشباب العاطلين عن العمل وكانوا يطالبون باحترام حقوقهم الاقتصادية والاجتماعية، وقد استمرت المظاهرات حتى بعد تفشّي فيروس (كوفيد - 19) في البلاد».

واعتبر التقرير أن «استمرار غياب المساءلة حول هذه الأفعال لا يزال يسهم في تفشّي ظاهرة الإفلات من العقاب فيما يخص التقارير بشأن الانتهاكات والتجاوزات».

ونقل التقرير عن الممثلة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة في العراق جينين هينيس - بلاسخارت، قولها إن «قيام الحكومة الجديدة بتشكيل لجنة عُليا لتقصي الحقائق للتحقيق في الخسائر البشرية والأضرار ذات الصلة هي خطوة حاسمة نحو العدالة والمساءلة وإن التزام الحكومة بتوفير العلاج الطبي للمتظاهرين المصابين وتعويض أسر الضحايا هو أمر مشجع».

وكان رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي أمر الأسبوع الماضي بتشكيل لجنة تتولى وضع قائمة دقيقة بأسماء الشهداء والجرحى والمعاقين من الذين سقطوا في الاحتجاجات الشعبية، سواء من المحتجين أو قوات الأمن، وأناط بلجنة متخصصة مرتبطة بمكتبه مهمة وضع هذه القائمة بالتعاون مع مؤسسات الدولة المختلفة والمنظمات العراقية والدولية الرصينة لضمان دقة المعلومات الواردة فيها.

وحول عمليات الاختطاف والاختفاء التي طالت ناشطين، يشير التقرير الأممي، إلى أن «عمليات الاختطاف والاختفاء وقعت في خضمّ العديد من الحوادث التي تنطوي على انتهاكات وتجاوزات إضافية استهدفت الناشطين والمتظاهرين، بما في ذلك عمليات القتل المتعمد، وإطلاق النار وهجمات باستخدام السكاكين، والتهديد والترهيب، والاستخدام المفرط وغير القانوني للقوة في مواقع المظاهرات».

وأشار التقرير إلى أن «أيا من الذين تمت مقابلتهم لم يكن على معرفة بهوية المسؤولين عن اختطافهم، رغم أن معظمهم تكهن بتورط ميليشيات وأنهم لا يعتقدون أن قوات الأمن العراقية كانت مسؤولة بشكل مباشر، ولا العصابات الإجرامية العادية هي الملومة».

ولا يتكهن التقرير حول طبيعة المتورطين بعمليات الاختطاف، لكنه يؤكد «تورط جهات مسلحة ذات مستويات عالية من التنظيم والموارد والإمكانيات». ويخلص التقرير إلى تقديم مجموعة توصيات إلى الحكومة العراقية لمعالجة هذا الملف، ضمنها «بذل جهود فورية للامتثال لالتزاماتها وفقاً للقانون الدولي، بما في ذلك بذل كل الجهود للعثور على أولئك المتظاهرين والناشطين الذين ما زالوا في عداد المفقودين واتخاذ إجراءات فورية لحماية المتظاهرين والناشطين من الاختطاف». كذلك طالب الحكومة بـ«اتخاذ إجراءات فورية للتحقيق في جميع مزاعم حالات الاختطاف والاختفاء والتعذيب ومحاكمة المسؤولين عنها والإعلان عن هوية ما يسمى القوة المجهولة أو المجاميع المسلحة أو (الميليشيات) المسؤولة عن حالات الاختطاف».

وبينما ترى أوساط حقوقية أن أعداد الجرحى الواردة في التقرير الأممي «محل شك لأن المعلن من أعداد الضحايا سابقاً أكثر من ذلك بكثير»، رأى عضو مفوضية حقوق الإنسان علي البياتي أن «التقرير الذي اطلعت عليه يشير في جانب منه إلى أن عدد الإصابات لا يشمل أولئك الذين تعرضوا لإصابات بقنابل مسيلة للدموع ويذكر أن العدد الحقيقي أكثر من هذا». ويقول البياتي لـ«الشرق الأوسط»: إن «تقارير سابقة للأمم المتحدة تحدثت عن إصابة 15 ألف ناشط، في اعتقادنا أن الإصابة بالغازات المسيلة للدموع التي أغفلها التقرير الجديد خطيرة هي الأخرى وتتسبب في مشاكل في الرئة وفقدان الوعي لساعات وتداعياتها تستمر لأسابيع». ويضيف «المشكلة ليست في أعداد المصابين والمقتولين، وبإمكان لجان من الحكومة والقضاء ومفوضية حقوق الإنسان التحقق منها، إنما الأهم من ذلك هو محاسبة المتورطين في الانتهاكات وحالات القتل وتقديم الجناة للمحاكم وإنصاف الضحايا، خاصة بعد ثبوت تلك الجرائم بالأدلة والوقائع».

عراقيون غاضبون يزيلون صورة كبيرة للخميني في ديالى
موجة استياء من رفع صور لزعماء إيرانيين


عمد مواطنون غاضبون في محافظة ديالى (60 كيلومترا) شرق العاصمة بغداد، مساء الجمعة، إلى إزالة صورة كبيرة لآية الله الخميني وضعتها الجماعات الموالية لإيران في إحدى مناطق المحافظة بمناسبة الاحتفال بما يسمى «يوم القدس العالمي» الذي استحدثه الخميني بعد عام 1979.

وأظهر «فيديو» تداوله ناشطون في مواقع التواصل الاجتماعي شبابا غاضبين يطيحون بصورة الخميني وهم يرددون هتاف «كلا كلا للأحزاب».

وأثار رفع الفصائل والميليشيات الموالية لإيران لصور زعماء غير عراقيين في الشوارع العراقية بذريعة الاحتفال بـ«يوم القدس» موجة سخرية واستياء واسعة من قبل ناشطين وفعاليات اجتماعية مختلفة. ورأى كثيرون أن إيران وأتباعها، شأن نظام الرئيس الراحل صدام حسين، تسعى لاستثمار قضية محقة هي القضية الفلسطينية لتكرس نفوذ إيران في العراق، كما اعتبر كثيرون أن رفع صور شخصيات غير عراقية يمثل «إهانة لمشاعر غالبية العراقيين».

ورفعت الفصائل الموالية لإيران التي احتفلت بالمناسبة في شارع فلسطين في بغداد صور الخميني والمرشد الإيراني الحالي علي خامنئي وقائد فيلق (القدس) السابق قاسم سليماني، إلى جانب صور زعيم (حزب الله) اللبناني حسن نصر الله وزعيم الجماعة الحوثية في اليمن، وفي حادثة غير مسبوقة رفع المحتفلون في بعض الساحات صورا لزعيم حركة «حماس» الفلسطينية إسماعيل هنية.

وسبق أن قام الناشطون العراقيون في المظاهرات الاحتجاجية التي انطلقت مطلع أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، بحرق وإزالة عشرات الصور لزعماء إيرانيين، وقاموا في نوفمبر (تشرين الثاني) بإزالة لوحة إعلانية كتب عليها «شارع الخميني» في محافظة النجف واستبدلوا أخرى بها كتب عليها «شارع شهداء ثورة تشرين» كما قاموا بإحراق القنصليتين الإيرانيتين في كربلاء والنجف.

بدوره، علق النائب السابق في البرلمان العراقي مشعان الجبوري، أمس، على إزالة صورة الخميني في محافظة ديالى في تغريدة عبر «تويتر» قائلا إن «أبناء محافظة ديالى الشجعان يرفضون رفع صور قادة وشخصيات من دول أخرى بمحافظتهم ويزيلونها من شوارعهم قبل مرور يوم واحد على وضعها». وتساءل الجبوري: «أليس أكرم لتلك الشخصيات لو لم ترفع صورهم في بلادنا حتى لا تتم إزالتها بهذه الطريقة؟».

وندد النائب عن محافظة ديالى رعد الدهلكي، بقيام بعض الأحزاب برفع صور شخصيات لا علاقة لها بالعراق، مؤكداً أن ديالى محافظة عراقية لا ارتباطَ تبعياً لها لإيران. وقال الدهلكي في بيان، إن «بعض الأحزاب المتاجرة بالدماء والقضايا العربية قامت برفع صور تتناغم مع شعارات إيران فيما يسمى يوم القدس، وتحمل صوراً لشخصيات لا ترتبط بالعراق بشيء من قريب أو بعيد». وأضاف الدهلكي أن «شوارع ديالى وخاصة تقاطع القدس تم ملؤها بلافتات تحمل صورا لشخصيات إيرانية، وبمناسبة ليست من المناسبات المعتمدة من الحكومة العراقية»، مستغربا ما وصفه بـ«التطبيل خلف تلك الشخصيات الإيرانية، رغم أن العراق كان أول من تصدى لقضية فلسطين قولاً وفعلاً وليس مجرد شعارات تحت ستار مذهبي لمد نفوذه بهذه المنطقة أو تلك». وتابع: «في حين لم نرَ إيران يوما أصدرت أوامر لإطلاق صاروخ أو حتى رصاصة على إسرائيل، بل كانت وما زالت تزرع الفتن في العراق وباقي الدول العربية تحت عناوين وذرائع مختلفة».

ورأى الدهلكي أن «المطبلين خلف تلك الشعارات، كان الأجدر بهم حفظ كرامة وثروات بلدهم واستقلاليته، وإنصاف الشباب ومنحهم بصيص أمل في مستقبلهم ومستقبل أطفالهم في العراق»، مشددا على «أهمية أن يكون لرئاسة الوزراء موقف واضح من رفع تلك الصور من طبول إيران؛ لأن العراق للعراقيين وليس لمافيات منقادة وممولة من دولة لم ولن تريد الخير للعراق ولا حتى لفلسطين».