التاريخ: أيار ٢٢, ٢٠٢٠
المصدر: جريدة الشرق الأوسط
قضاة جزائريون يواجهون العزل وحقوقيون ينتقدون سجن نشطاء اتهموا السلطات بـ{القمع»
الجزائر: «الشرق الأوسط»
انتقدت جماعة حقوقية القضاء الجزائري بعد إصداره أول من أمس أحكاما بالسجن ضد ثلاثة نشطاء لإدانتهم باتهامات، من بينها الإضرار بالوحدة الوطنية لانتقادهم الرئيس عبد المجيد تبون والقضاء.

وقالت اللجنة الوطنية للإفراج عن المعتقلين التي تتولى الدفاع عن الثلاثة إن محكمة في بلدة البيض الجنوبية قضت بسجن العربي طاهر، ومحمد يوسف بوضياف 18 شهرا، فيما قضت محكمة في الجزائر العاصمة بسجن صهيب دباغي لمدة عام. وقالت اللجنة إن الثلاثة سجنوا بشكل رئيسي بسبب منشورات على وسائل التواصل الاجتماعي، انتقدوا فيها تبون والنظام القضائي.

ويتهم النشطاء السلطات الجزائرية بمحاولة قمع المعارضين بسجن المنتقدين. فيما تنفي الحكومة انتهاك حقوق الإنسان، خاصة بعد أن تعهد تبون بتوسيع الحريات في دستور جديد، سيطرح في استفتاء عام في وقت لاحق من هذا العام.

وتمت ملاحقة عدد من النشطاء على خلفية منشوراتهم على مواقع التواصل الاجتماعي منذ بداية الحراك الاحتجاجي في 22 من فبراير (شباط) 2019. ولم تتوقف هذه الملاحقات ضد معارضين وصحافيين ووسائل إعلام، حتى بعد تعليق الحراك كل نشاطاته منتصف مارس (آذار) الماضي بعد فرض إجراءات الحجر الصحي، ومنع التجمعات السياسية والثقافية والرياضية والدينية.

وتم إطلاق سراح عدد قليل من الناشطين، مثل عبد الوهاب فرساوي الذي غادر السجن الاثنين بعد أن قضى ثمانية أشهر في الحبس، لكن هناك توقيفات ومحاكمات تشمل آخرين في كل أرجاء البلاد.

وبالنسبة إلى المؤرّخة المختصة في المنطقة المغاربية كريمة ديريش، فإن «ما يحدث يعد قمعا أعمى، مرة ضد الصحافيين، ومرة ضد الناشطين، ومرة أخرى ضد مواقع التواصل الاجتماعي»، مشيرة إلى أن «النظام الآيل للزوال» يمارس «سياسة الأرجوحة»، بحسب تصريحاتها أمس لوكالة الصحافة الفرنسية.

ويرى محلّلون أنّ السلطة في الجزائر تستغلّ وباء (كوفيد - 19) للقضاء على الحراك، الذي تواصل بإصرار لأكثر من عام. وفي هذا السياق يعتبر الأستاذ الجامعي حسان حيرش أن «وباء (كوفيد - 19) فرصة لا تعوّض للسلطة. فطالما كان همّها منذ 22 فبراير هو إنهاء التظاهرات في الشارع». مضيفا «لقد فعلت كل شيء من أجل ذلك.. من قمع وتآمر ومحاولة تقسيم... الخ. لكن لا شيء نجح، فالشعب الجزائري ظلّ صامدا وزاعيا بالتحديات. وهذا أمر غير مسبوق».

وأثارت المصادقة المتسرّعة على قانون يُجرّم نشر الأخبار الكاذبة وقانون مكافحة خطاب الكراهية على الإنترنت مخاوف منظمات حقوقية من محاولة «تكميم» حرّية التعبير.

قضاة يواجهون العزل بسبب معارضتهم للنظام
الخميس 21 مايو 2020 
الجزائر: بوعلام غمراسة لندن: «الشرق الأوسط»

يتوقع مراقبون في الجزائر عزل 10 قضاة بسبب تصدرهم الصفوف الأولى للحراك عند اندلاعه في 22 من فبراير (شباط) 2019، أثناء مثولهم أمام هيئة التأديب التابعة لـ«المجلس الأعلى للقضاء»، في الأول من يونيو (حزيران) المقبل. ويوجد على رأسهم سعد الدين مرزوق، رئيس «نادي قضاة الجزائر»، وهو نقابة نشأت في خضم المظاهرات المطالبة بالتغيير.

وقال مرزوق لـ«الشرق الأوسط»، إنه سيطالب بإلغاء الطابع السري عن جلسة المساءلة التأديبية ليتم السماح لكل القضاة والصحافيين بحضورها «إذ ليس لدي ما أخفيه كوني متابعاً بسبب مواقفي السياسية، وليس لأي تهمة مرتبطة بذمتي المالية، ولا لأي خطأ مهني».

وبحسب القاضي المثير للجدل، لا يوجد شك في أن تواجده في واجهة المظاهرات، التي نظمها القضاة في الأسابيع الأولى للحراك بالمحاكم للمطالبة باستقلال القضاء عن السلطة، هو سبب إحالته على مجلس التأديب. وتكيف هذه التصرفات بحسب «القانون الأساسي للقضاء»، على أنها «خرق لواجب التحفظ»، وهي تهمة أدت في الـ20 سنة الماضية، إلى عزل وتراجع في الرتبة، وتحويل أماكن العمل لمئات القضاة.

وقال مصدر قضائي، إن المجموعة المعنية بالمساءلة التأديبية تضم سيد أحمد بلهادي، القاضي الذي فجّر جدلاً كبيراً منذ شهرين، عندما رافع لصالح نشطاء بالحراك، في حين أنه كان يمثل النيابة في جلسة المحاكمة. وقد أدى دور الدفاع بشكل أثار استغراب المحامين أنفسهم، وانتقد وزارة العدل والسلطة بشكل عام، واتهمها بـ«الضغط على القضاء لإصدار أحكام ضد المتظاهرين». وهو ما أثار حفيظة وزير العدل بلقاسم زغماتي، فنقله من مكان عمله بمحكمة بالعاصمة إلى أخرى بالصحراء كعقوبة له، وأعدَ له ملفاً تأديبياً، ويحتمل أن يتعرض للعزل. ولا تعترف الحكومة بـ«نادي القضاة»، في حين أن علاقتها بـ«النقابة الوطنية للقضاة» المعتمدة متوترة، بسبب قضية «الضغوط السياسية على القضاة»، وإبعاد رئيسها يسعد مبروك من مشروع قوانين أصدرها الوزير زغماتي مؤخراً، وخاصة تعديل قانون العقوبات، الذي رفضته النقابة بحجة أن «مواده غير منسجمة». وأوعزت «رداءتها» إلى عدم إشراك القضاة في إعداد النص القانوني الذي صادق عليه البرلمان. يشار إلى أن مبروك كان أحد الوجوه البارزة من الحراك في بدايته.

في سياق ذلك، أصدر القضاء الجزائري، أمس، أحكاماً قاسية بالسجن النافذ على ثلاثة معارضين بسبب منشورات على موقع «فيسبوك»، حسبما أعلنت منظمة جزائرية تدافع عن معتقلي الرأي ومنظمة العفو الدولية.

وذكرت اللجنة الوطنية للإفراج عن المعتقلين، أنه حكم على الناشط صهيب دباغي «بالسجن سنة نافذة بمحكمة الشراقة (الجزائر العاصمة) بتهم التحريض على التجمهر، وإهانة هيئة نظامية، والمساس بمصلحة الوطن من خلال منشورات على «فيسبوك». وفي بلدة لبيض أعلنت لجنة الإفراج عن المعتقلين، التي تأسست في خضم الحراك ضد النظام صيف 2019، أن محكمة لبيض سيدس الشيخ (670 كلم جنوب غربي الجزائر) أصدرت على «معتقلي الرأي العربي طاهر ومحمد يوسف بوضياف أحكاماً قاسية» تتمثل بـ«18 شهراً سجناً نافذاً».

من جهة ثانية، سيعقد حزبا السلطة «جبهة التحرير الوطني» (أغلبية)، و«التجمع الوطني الديمقراطي» نهاية الشهر الحالي، اجتماعين طارئين لخلافة قائديهما المسجونين منذ أشهر عدة بتهم فساد. ويحمّل قطاع واسع من الجزائريين الحزبين وقياداتهما مسؤولية تفشي الفساد في عهد الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة. وأكدت مصادر من «اللجنة المركزية» لـ«جبهة التحرير»، أن قياديين مرشحين للأمانة العامة هما محمد عليوي، الذي يقود «الاتحاد الوطني للفلاحين»، وهو منظمة قريبة من الحكومة، وأبو الفضل بعجي، برلماني من الحزب سابقاً.

وتم سجن الأمين العام للحزب، رجل الأعمال محمد جميعي منذ ستة أشهر رفقة زوجته القاضية، بسبب قضية تزوير وثائق مرتبطة بعقارات، وهما ينتظران المحاكمة. واستخلف جميعي الأمين العام جمال ولد عباس، الذي سجن الصيف الماضي بتهمة اختلاس مال عام، تعود إلى فترة توليه وزارة التضامن في بداية حكم بوتفليقة. كما يوجد في السجن وزير سابق آخر للتضامن، بالتهمة نفسهاا، هو سعيد بركات، القيادي الكبير في «جبهة التحرير الوطني».

أما المرشح الأوفر حظاً لقيادة «التجمع الوطني» فهو الطيب زيتوني، مدير عام «الشركة الجزائرية للمعارض والتصدير»، الحكومية. وأفادت مصادر من الحزب بأن أمينه العام بالنيابة، عز الدين ميهوبي لن يترشح للقيادة، رغم أنه كان أحد المتنافسين على انتخابات الرئاسة التي جرت في نهاية العام الماضي، والتي أفرزت عبد المجيد تبون رئيساً.

ومنذ شهر، منع القضاء ميهوبي من السفر في إطار التحقيق في شبهات فساد، تخص الفترة التي كان فيها وزيراً للثقافة (2015 ـ 2019).

نواب أوروبيون يطالبون بضغط على الجزائر لإطلاق صحافي متهم بـ {التحريض}
دعوها إلى التوقف عن «قمع حرية التعبير»

الأربعاء  20 مايو 2020 
طلب سبعة نواب أوروبيين من جوزيب بوريل، منسق السياسة الخارجية والأمنية بالاتحاد الأوروبي، «حث» السلطات الجزائرية على إطلاق سراح الصحافي خالد درارني، مراقب «مراسلون بلا حدود»، المسجون منذ نهاية مارس (آذار) الماضي، رغم أن الجزائر تتعامل عادة بحدة مع مساعٍ كهذه، وتعتبرها «ضغطاً خارجياً»، و«تدخلاً في شؤونها الداخلية».

وقال مقربون من الصحافي البارز لـ«الشرق الأوسط»، إن البرلمانيين السبعة راسلوا بوريل في 15 من الشهر الحالي بغرض التدخل لدى الحكومة الجزائرية للتخلي عن متابعته. واتهم القضاء، درارني، (40 سنة) بـ«التحريض على التجمهر غير المسلح»، و«المس بالوحدة الوطنية»، وتم إيداعه الحبس الاحتياطي في 29 مارس الماضي. وترتبط وقائع القضية بوجود الصحافي في مظاهرة بالعاصمة، منعتها قوات الأمن باستعمال القوة.

وأكد الصحافي، أثناء التحقيق، أنه كان بصدد تغطية الحدث، فيما ترى السلطات أنه كان يشجع على الاحتجاج ضدها في الشارع، بحجة أنه يدعم الحراك الشعبي المعارض للنظام.

يشار إلى أن درارني يشتغل أيضاً مراسلاً للفضائية الفرنسية «تي. في. 5 عالم»، وتقاريره الصحافية وتدخلاته في الإعلام الأجنبي، خصوصاً الفرنسي، للتعليق على الأحداث، مزعجة كثيراً للحكومة.

وجاء في مراسلة البرلمانيين الأوربيين، حسب المقربين من الصحافي، أن المادة 50 من الدستور الجزائري «تمنع متابعة أي صحافي بسبب نشاطه المهني»، غير أن النيابة التي تابعت درارني ذكرت في وقت سابق أنه متابع بـ«جرائم تتعلق بالحق العام».

وطلب البرلمانيون من منسق السياسة الخارجية بالاتحاد، «تذكير الجزائر بتعهداتها الدولية والدستورية في مجال احترام حرية الصحافة، والتوقف عن قمع حرية التعبير، وإنهاء الملاحقات التعسفية».

وتتعاطى الحكومة الجزائرية بحساسية مع مثل هذه المبادرات، عندما تأتي من الخارج، وتعتبرها «تدخلاً في شأن سيادي».

كان الرئيس عبد المجيد تبون، قد وصف درارني، دون ذكره بالاسم، بـ«المخبر» لمصلحة سفارة فرنسا بالجزائر، حسبه. وقد ثارت ثائرة دفاع الصحافي، الذي استنكر «التأثير على القضاة بهدف دفعهم إلى إدانته، بينما القضية ما زالت في مرحلة التحقيق»، وطالبوا تبون بـ«احترام قرينة البراءة». كما وقعت ملاسنة حادة بين تبون وقيادة منظمة «مراسلون بلا حدود»، التي احتجت على سجنه.

في سياق ذي صلة، رفضت غرفة الاتهام بمحكمة الاستئناف بأدرار (1900 كلم جنوب العاصمة)، أمس، طلب محامين الإفراج مؤقتاً عن الناشطين ياسر قديري وأحمد سيدي موسى، اللذين أودعهما قاضي التحقيق رهن الحبس الاحتياطي في الخامس من مايو (أيار) الحالي. ويقع الناشطان البارزان في مدن الصحراء، تحت طائلة «المس بالوحدة الوطنية»، وذلك بسبب انخراطهما بالحراك في منطقة تميمون الصحراوية، ويعدان تقريباً الوحيدين اللذين ينشطان في ميدان الحريات بهذه المنطقة، التي يحاصرها الفقر، وتنعدم فيها المرافق الضرورية.

ورفضت كل المحاكم، التي تتكفل بقضايا النشطاء المسجونين، طلبات الإفراج المؤقت لتمكينهما من قضاء عيد الفطر وسط عائلاتهما. ويحتج الحقوقيون على «إفراط القضاة في إصدار أوامر الحبس الاحتياطي»، ويرون أن هناك بدائل قانونية، منها الرقابة القضائية، في القضايا التي تتضمن جرائم خطيرة.

إلى ذلك، أطلقت الحكومة، أمس، فضائية جديدة على قمر «نايل سات»، سمتها «قناة المعرفة»، بمناسبة «اليوم الوطني للطالب» (19 مايو 1956) الذي يرمز لنضالات طلاب الجامعات خلال ثورة التحرير من الاستعمار (1954 ـ 1962).

وقال رئيس الوزراء عبد العزيز جراد، أثناء إشرافه على إطلاق القناة بالعاصمة، إنها «ستهتم بتعليم اللغة الصينية للجزائريين، وإحداث تقارب بين ثقافة البلدين. فالصين دولة رائدة، وسنسعى عن طريق القناة الجديدة، لفهم طريقة تفكير الإنسان الصيني». وأكد أن الفضائية «تمثل فضاءً مفتوحاً على العالم، تتمحور فيه وتتعزز المعارف والثقافات العالمية، وتتبلور الأفكار حول الإطار المعيشي للمجتمع ورهانات المستقبل وتحدياته»، مشيراً إلى أن أهداف الفضائية (من ضمن 6 قنوات أخرى تابعة للحكومة)، تتمثل في تعميم المعارف ونشر نتائج البحوث العلمية، وأعمال الخبراء في كل المجالات، ورفع مستوى الالتحاق بالدراسات الجامعية، بالإضافة إلى تقديم محتوى بيداغوجي مرجعي لمختلف التخصصات الجامعية، ومناقشة القضايا التي تهم المجتمع.