التاريخ: أيار ٦, ٢٠٢٠
المصدر: جريدة الشرق الأوسط
النيابة العامة التونسية تتصدى لدعوات «إطاحة النظام»
تونس: المنجي السعيداني
قال محسن الدالي، رئيس وحدة الإعلام والاتصال بالمحكمة الابتدائية بالعاصمة التونسية، إن النيابة العامة تعهدت بالتحقيق والبحث في عدد من «دعوات التحريض ضد مؤسسات الدولة، وبث البلبلة في سير عمل الحكومة». مؤكداً أن فرقاً أمنية مختصة تعهدت بمعرفة من يقف وراء دعوات «الإطاحة بالنظام» باستخدام شبكات التواصل، في انتظار اتخاذ قرارات تناسب الجرم المرتكب والكشف عمن يقف وراءها.

وندد عدد من أعضاء البرلمان بالدعوات، التي تحرض على العنف والفوضى واستهداف المراكز السيادية للدولة، داعين إلى فتح تحقيق عاجل في الموضوع.

غير أن الأحزاب المنضمة إلى الائتلاف الحاكم اختلفت في تقييم تلك المخاطر. فبينما ركزت حركة النهضة على مخاطر استهداف البرلمان، الذي تعود رئاسته إلى راشد الغنوشي رئيس الحركة، فإن أطرافاً أخرى من نفس الائتلاف الحاكم، وعلى رأسها «حركة الشعب» وحزب «التيار الديمقراطي»، لم توافق «النهضة» في تقييمها للأحداث، ورأت أن استهداف الحكومة برمّتها يظل هو الخطر الأهم، ودعت «النهضة» إلى «تجاوز حالة الضبابية في تحالفها داخل البرلمان مع أحزاب معارضة، وسعيها من خلال العمل الحكومي إلى الاستفادة القصوى من مراكز القرار السياسي».

واتهم هشام العجبوني، النائب عن التيار الديمقراطي المشارك في الائتلاف الحكومي، أطرافاً سياسية معارضة بـ«محاولة إرباك الوضع السياسي، والتحريض على الفوضى لإعادة خلط الأوراق من جديد»، معترفاً بوجود بعض الأخطاء التي وقعت فيها الحكومة الحالية، وتوقع ارتكاب أخطاء أخرى في ظل وضع اجتماعي واقتصادي بالغ التعقيد.

في السياق ذاته، اتهم خالد الكريشي، القيادي في «حركة الشعب»، فلول النظام السابق واليسار «الفوضوي» بالوقوف وراء دعوات الإطاحة بالنظام القائم، والاستيلاء على مؤسسات الدولة. ودعا الحكومة إلى التحلي بالشجاعة السياسية اللازمة لفتح ملفات المال السياسي الفاسد. في إشارة إلى اتهام عدد من الأحزاب بالعمل وفق أجندات أجنبية، وحصولها على دعم سياسي ومالي من خارج تونس.

وأكد الكريشي أن من يقف وراء دعوات الاقتتال بين التونسيين «هم الفاشلون في الانتخابات الأخيرة، وأعداء الثورة، ومن يحاول إفشال الانتقال الديمقراطي بشتى الوسائل». مؤكداً أن النيابة العامة ستتولى التحقيق في الدعوات التي تم إطلاقها على منصات التواصل الاجتماعي «بهدف الإطاحة بالنظام الحالي، وحل البرلمان، وفتح أبواب الاقتتال بين التونسيين، وتعطيل عمل مؤسسات الدولة».

كما دعا الكريشي حركة النهضة إلى تجاوز «حالة الضبابية في تموقعها الحالي بين الحكومة والبرلمان»، مبرزاً أن الحركة لها وجهة نظر خاصة بالبرلمان، وأخرى تخص العمل الحكومي، وأن البيانات الرسمية لحركة النهضة «مخالفة تماماً لخطابات قياداتها»، على حد قوله.

على صعيد متصل، قال محسن مرزوق، رئيس حركة مشروع تونس (معارضة) إن حزبه لن يسمح بتكرار ما سماها «مهزلة حكومة الترويكا»، مؤكداً أنه سيسهم دون تردد في الدفاع عن الدولة الوطنية ومكتسباتها والشعب وطموحاته، وحذر من التهرب من الالتزامات الوطنية الضرورية في هذا الظرف الصعب الذي تعيشه البلاد بسبب جائحة «كورونا»، كما حمّل الحكومة الحالية، التي يقودها إلياس الفخفاخ بزعامة حركة النهضة، المسؤولية كاملة، عمّا سماها «ضبابية رؤيتها الاقتصادية والاجتماعية والصحية، إلى جانب ضعف أدائها وتماديها في منهجية المحاصصة السلبية».

وكان عبد الكريم الهاروني، رئيس مجلس شورى حركة النهضة، قد استنكر «عودة الحملات الإعلامية المضللة، التي تستهدف التجربة الديمقراطية الناشئة في تونس، عبر تشويه مؤسسات الدولة، والفاعلين السياسيين»، ودعا الإعلاميين إلى «الالتزام بالموضوعية وأخلاقيات المهنة، وإبعاد القطاع عن سطوة الأجندات السياسية والآيديولوجية، ومراكز التأثير المالي المحلي والدولي».

كما ندد الهاروني بشدة باستهداف الغنوشي، رئيس البرلمان، مؤكداً أنه يمثل الشرعية وإلإرادة الشعبية، وعبّر عن إدانته لتشويه النواب وتسفيه العمل النيابي، في محاولة يائسة لإرباك المسار الديمقراطي وتعطيل عمل مؤسسات الدولة، على حد تعبيره.

«النهضة» التونسية تهاجم منافسيها وتنتقد «حملات إعلامية»
الثلاثاء 05 مايو 2020 
هاجمت حركة «النهضة» التونسية منافسيها السياسيين، كما نددت بما سمته «حملات إعلامية مضللة» ضدها.

واستنكر رئيس مجلس شورى الحركة عبد الكريم الهاروني، في مؤتمر صحافي عقده المجلس عن بعد أمس، عودة «الحملات الإعلامية المضللة التي تستهدف التجربة الديمقراطية الناشئة في تونس عبر ترذيل مؤسسات الدولة والفاعلين السياسيين».

وأفاد الهاروني بأن مجلس شورى «النهضة» الذي يعد أعلى سلطة قرار في الحركة، ندّد باستهداف رئيس البرلمان راشد الغنوشي ومؤسسة البرلمان، قائلا إن الرجل يمثل الشرعية والإرادة الشعبية. كما أدان تشويه النواب والإساءة للعمل النيابي في «محاولة يائسة لإرباك المسار الديمقراطي وتعطيل عمل مؤسسات الدولة». ودعا القوى الوطنية السياسية والاجتماعية إلى الالتفاف حول حكومة إلياس الفخفاخ في مواجهة التداعيات الاقتصادية والاجتماعية للأزمة واستبعاد كل المناكفات السياسية تحقيقا للوحدة الوطنية.

وشدد الهاروني على ضرورة التزام كل أحزاب الائتلاف الحكومي بمبدأ التضامن والعمل المشترك تحقيقا لنجاعة العمل في مواجهة الصعوبات الاقتصادية للمرحلة الراهنة، وقطعا للطريق أمام «كل محاولات الإرباك وإفشال مسار تونس في الاستقرار والديمقراطية». وبشأن ما يحدث في ليبيا المجاورة، قال الهاروني إن الحل في ليبيا لا يكون إلا سياسيا وسلميا بما يضمن وحدة ترابها وشعبها ويبعد عنها شبح الحرب والتدخلات الأجنبية.

ومعروف أن «النهضة» تشهد خلافا سياسيا حادا بينها وبين «الحزب الدستوري الحر» سواء في البرلمان وعبر الحمل الحكومي.

وأودعت كتلة «الحزب الدستوري الحر» في البرلمان مشروع قانون يهدف لإعلان رفض البرلمان التونسي التدخل الخارجي في ليبيا ومناهضته. وأكدت عبير موسي رئيسة الكتلة البرلمانية لـ«الحزب الدستوري الحر» مطالبتها بعرض هذا المشروع على الجلسة العامة البرلمانية للتداول والمصادقة عليه طبق مقتضيات الفصل 141 من النظام الداخلي للبرلمان. وأوضحت أن هذا القرار جاء على أثر «التحركات الغامضة والمخالفة للقوانين وللأعراف الدبلوماسية التي يقوم بها رئيس البرلمان من خلال عقد اجتماعات مغلقة وغير معلنة في فترة سابقة مع رئيس تركيا (رجب طيب إردوغان) الذي قرر برلمان بلاده التدخل العسكري في ليبيا، وإجراء اتصالات هاتفية معه يتم الإعلان عنها من قبل الطرف الأجنبي فقط»، على حد تعبيرها.

ويأتي تحرك «الحزب الدستوري الحر» على خلفية «محاولة تمرير اتفاقيات اقتصادية مع تركيا وقطر تحمل في طياتها رغبة توسعية لا لبس فيها واعتداء على السيادة الوطنية»، في فترة غياب النواب عن المجلس نظرا لأزمة تفشي فيروس «كورونا»، وعبرت قيادات هذا الحزب عن الريبة والشك، وأكدت وجود مخاوف جدية حول إرادة خفية لدى بعض التنظيمات لتحويل التراب التونسي إلى قاعدة لوجيستية تسهل عمليات التدخل الخارجي في ليبيا.

في غضون ذلك، أكد محسن الدالي المتحدث باسم المحكمة الابتدائية بتونس أن موعد النظر في قضية التحرش المتهم فيها سليم شيبوب صهر الرئيس الراحل زين العابدين بن علي، حدد في الثامن من يونيو (حزيران) المقبل، وستنظر المحكمة في الملف وقد أبقت شيبوب بحال سراح. وكان المتهم محل شكوى قضائية تقدمت بها الإعلامية التونسية عربية بن حمادي، وقد تم إيقافه على خلفية هذه الشكوى قبل أن يقرر القضاء إطلاق سراحه وإبقاءه ملاحقاً في القضية.