التاريخ: آذار ٩, ٢٠٢٠
المصدر: جريدة الشرق الأوسط
إردوغان: تركيا تحتفظ بـ«حقها» في إخراج النظام من إدلب
أكراد يردون على الأسد: نحن سوريون وجذورنا من هنا
أنقرة: سعيد عبد الرازق
قال الرئيس التركي رجب طيب إردوغان إن بلاده تحتفظ بما سماه «حقها» في مواصلة العمليات العسكرية ضد القوات السورية وإخراجها من إدلب بطريقتها الخاصة حال عدم الالتزام بالوعود المقدمة إليها، في إشارة إلى اتفاق وقف إطلاق النار الذي تم التوصل إليه مع روسيا الخميس الماضي.

ولفت إردوغان إلى الاتفاق، الذي توصلت إليه تركيا وروسيا بشأن إدلب خلال محادثات موسكو، قائلاً: «نحتفظ بحقنا في تطهير محيط (منطقة عملية درع الربيع) (الاسم الذي أطلقته تركيا على أنشطتها العسكرية والفصائل الموالية لها في إدلب) بطريقتنا الخاصة، حال عدم الالتزام بالوعود المقدمة لنا».

واعتبر إردوغان، في كلمة خلال فعالية في إسطنبول أمس (الأحد)، أن «توجيه النظام السوري جميع قواته نحو إدلب في وقت يخضع ثلث أراضيه لما سماه (احتلال) وحدات حماية الشعب الكردية، المكون الأكبر لتحالف قوات سوريا الديمقراطية (قسد)، يشير إلى غايات ومآرب أخرى».

وتابع الرئيس التركي أن «أي حل يضمن حياة سكان إدلب ويؤمن حدود تركيا يعد مقبولاً بالنسبة لأنقرة... وأن تركيا لا تنوي أبداً احتلال أو ضم أجزاء من الأراضي السورية». وذكر أن «غاية تركيا هي خلق أجواء مناسبة لعودة 3.6 مليون لاجئ سوري على الأراضي التركية و1.5 مليون نازح في إدلب قرب الحدود التركية إلى منازلهم بشكل آمن». وقال إنه خلال آخر شهر قتل 59 عسكرياً تركياً في إدلب، ورداً على ذلك «حيدنا» 3400 من عناصر النظام.

في السياق ذاته، قال رئيس دائرة الاتصال في الرئاسة التركية فخر الدين ألطون، إن بلاده لن تسمح للنظام السوري بانتهاك اتفاق وقف إطلاق النار في إدلب، الذي أُبرم بين الرئيسين التركي والروسي الخميس الماضي. وأضاف ألطون، عبر «تويتر»، أمس، أن بلاده ستبذل قصارى جهدها للحفاظ على وقف إطلاق النار في إدلب، لافتاً إلى أن الاتفاق التركي الروسي سينقذ أرواح المدنيين، وسيمنع تدفق موجة جديدة من اللاجئين من إدلب.

وأشار إلى أن إردوغان أكد للجانب الروسي عزم تركيا على إخراج النظام السوري من إدلب، وأن خروج النظام من المنطقة سيمنع وقوع المزيد من المعاناة الإنسانية، مضيفاً أن تركيا تواصل العمل مع روسيا والولايات المتحدة من أجل إرساء الاستقرار في سوريا، وأن الأولوية التركية هي الحيلولة دون نزوح مزيد من الناس من مناطقهم، ومنع مساعي النظام لتفريغ المنطقة من سكانها. وتابع أن بلاده أثبتت حزمها في استخدام جميع الوسائل العسكرية من أجل حماية المدنيين الأبرياء في سوريا والحفاظ على الأمن القومي التركي.

كان وزير الدفاع التركي خلوصي أكار، أكد، أول من أمس، أن وقف إطلاق النار في إدلب «لم يشهد أي انتهاكات، بينما قالت وزارة الدفاع الروسية إن مركز المصالحة التابع لها في قاعدة حميميم رصد 19 انتهاكاً للمجموعات المسلحة الموالية لتركيا لوقف إطلاق النار خلال 24 ساعة من توقيع الاتفاق، وأن هذه المجموعات لم تلتزم بالهدنة وتحاول كسب مواقع جديدة داخل محافظة إدلب.

وينص اتفاق وقف إطلاق النار، إلى جانب وقف الأعمال القتالية اعتباراً من منتصف ليل الخميس الماضي، على إقامة ممر أمني يمتد ستة كيلومترات إلى الشمال ومثلها إلى الجنوب من طريق حلب اللاذقية الدولي (إم4) الواصل بين شرق إدلب وغربها وتسيير دوريات روسية تركية مشتركة على جانبي الطريق اعتباراً من 15 مارس (آذار) الجاري. ويزور وفد عسكري روسي أنقرة اليوم لبحث تنفيذ تفاصيل الاتفاق.

وسبق أن انهارت اتفاقات سابقة لوقف القتال في إدلب. وتسود مخاوف من أن يلقى الاتفاق الأخير المصير ذاته كونه لم يتناول الأزمة الإنسانية أو النص على فرض حظر جوي في إدلب.

إلى ذلك، كشف استطلاع رأي أجرته مؤسسة «متروبول» التركية، عن أن نحو نصف الأتراك يرون تدخل الجيش التركي في سوريا ودعمه فصائل مسلحة تقاتل ضد الجيش الحكومي أمرا لا مبرر له. بينما لم يبد أكثر من 20 في المائة اهتماما بالموضوع. وأيد 73 في المائة اتفاق وقف إطلاق النار، وأكد 70.3 في المائة ضرورة عودة السوريين المقيمين في تركيا إلى بلادهم من خلال التنسيق والتعاون مع الحكومة السورية.

أكراد يردون على الأسد: نحن سوريون وجذورنا من هنا

القامشلي: كمال شيخو
أثارت تصريحات الرئيس السوري بشار الأسد، بعد نفيه وجود قضية كردية في سوريا، انتقادات واسعة بين أوساط سياسية وشعبية كردية، وتفاعل معها رواد وسائل التواصل الاجتماعي، ونشر كثير منهم وثائق وأواق تاريخية تثبت انتماءهم الوطني، في وقت حمل فيه حزب كردي بارز سياسات النظام الحاكم في سوريا الخاطئة المسؤولية في وصول البلاد إلى ما وصلت إليه، والتسبب في تدخل القوى الإقليمية والدولية. وقال «الحزب التقدمي الكردي»، في بيان، إن «القضية الكردية قضية تاريخية لا يحق لأحد نفيها أو إنكارها لأنها تتعلق بمصير أكثر من 3 ملايين مواطن يعيشون في مناطقهم الأصلية».

كان الرئيس بشار الأسد قد قال، في لقاء متلفز مع قناة «روسيا اليوم»، إنه «لا يوجد شيء اسمه القضية الكردية في سوريا، لسبب بسيط هو أن هناك أكراداً يعيشون في سوريا تاريخياً، ولكن تلك المجموعات التي قدمت إلى الشمال أتت خلال القرن الماضي فقط بسبب القمع التركي لها، وقد استضفناهم في سوريا».

بدورها، أصدرت «الإدارة الذاتية لشمال شرق» سوريا التي تدير مدن وبلدات شرق الفرات، و30 حزباً سياسياً، بياناً نشر على حسابها الرسمي، قالت فيه: «إن الأسد تحدث بمنطق التعالي على الواقع والحقيقة، وهو بذلك يقوض جهود الحل، ويدل على أن النظام غير جاد بموضوع الحوار والانفتاح على الحلول الديمقراطية في سوريا».

وعن تهم الانفصال التي جاءت في معرض حديث الأسد، علقت الإدارة في بيانها: «أما فيما يتعلق بتهم الانفصال، وما شابه، فلا بد للنظام أن يراجع الماضي القريب، ويتذكر أن مناطق شمال وشرق سوريا هي الأكثر دفاعاً حتى الآن عن سوريا وتنوعها ووحدتها».

وقال أحمد سليمان، عضو المكتب السياسي للحزب التقدمي الكردي، إن تصريحات الأسد «أثارت حالة من الاستياء الشديد بالوسط الكردي، في حين تبذل جهود من جانب روسيا الاتحادية لإطلاق حوارٍ بين الكرد والحكومة السورية، كانت قد خلقت ارتياحاً في الوسطين السياسي والشعبي في البلاد، إلا أن تلك التصريحات عقّدت من المسعى الروسي».

ووافقت دمشق على حوار سياسي، بضمانة موسكو، بداية الشهر الفائت، وشكلت لجنة عليا مشتركة لبحث مصير مناطق شرق الفرات، إلا أن الحكومة وممثلي الأكراد لم يعقدوا اجتماعات رسمية. وقال أنور مسلم، رئيس «حزب الاتحاد الديمقراطي»، أحد أبرز الجهات السياسية العاملة بالإدارة الذاتية: «في الوقت الذي نؤكد فيه أن شعبنا لم يساهم مطلقاً في تهديد وحدة سوريا وتقسيمها، فإننا ندعو الحكومة للبحث جيداً عمن يقسم ويهدد ويتعامل مع الجغرافيا السورية وكأنها دون أي انتماء سوري».

وأضاف مسلم أن النظام متمسك بالذهنية العسكرية، وهو «يريد إعادة البلاد للمركزية، كما كانت قبل 2011، ويتجاهل كل التغيرات التي طرأت على سوريا اليوم، ولا يريد الاعتراف بتجربة الإدارة الذاتية وإيجابياتها».

ونشر رشيد بدران خلو، شيخ عشيرة «سمعيلا» الكردية، إحدى عشائر قبيلة «الكيكان» المنتشرة في ريفي بلدة الدرباسية ومدينة الحسكة الواقعة أقصى شمال شرقي سوريا، بطاقة جده حج عيسى خلو الشخصية، وكتب على صفحته الشخصية بموقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك»: «جدي من مواليد 1872، مولود في قرية أبو جراده التابعة لبلدة الدرباسية إدارياً، ونحن سوريون أباً عن جد منذ 150 عاماً، أي قبل رسم الحدود السورية».

وكتبت الإعلامية آريا حاجي، وهي تعمل مع شبكة «آسو» الإعلامية الكردية، منشوراً على صفحتها، يقول: «جد أبي من مواليد 1890، وهو يتحدر من ديريك، أما جد أمي فهو نفس المواليد تقريباً، وإقامته منذ ولادته في ريف تربسبية - القحطانية، نحن سوريون وجذورنا التاريخية من هنا، يا سيادة الرئيس».