التاريخ: آذار ٦, ٢٠٢٠
المصدر: جريدة الشرق الأوسط
تونس: «انشقاقات» داخل «النهضة» احتجاجاً على «انحراف مسارها الديمقراطي»
فوضى تحت قبة البرلمان بعد «تكفير» رئيسة حزب معارض
تونس: المنجي السعيداني
كشف الإعلان الرسمي عن استقالة عبد الحميد الجلاصي، نائب رئيس حركة النهضة التونسية من مهامه، عمق وحدّة الخلافات المتفشية داخل الحزب الإسلامي المشارك في الحكم منذ سنة 2011، خاصة بعد أن لوّح عدد من أعضاء مجلس شورى حركة النهضة (أعلى سلطة قرار) بالاستقالة في حال عدم إجراء المؤتمر 11 في موعده، المقرر في مايو (أيار) المقبل، بحجة أن هذا التأجيل يمثل «انحرافا خطيرا في المسار الديمقراطي داخل الحركة».

وأرجع الجلاصي أسباب استقالته إلى التوجه العام للحركة منذ سنة 2011، وإلى عدم رضاه عن طريقة التسيير المؤسساتي، وعن خياراتها السياسية، مؤكدا أن خيار التوجه الديمقراطي داخل الحركة «بات مهددا»، معتبرا أن استقالته «ليست تنظيمية، لكنها سياسية بالمقام الأول».

وسبق للجلاصي أن قدم استقالته عام 2015 من عضوية المكتب التنفيذي لحركة النهضة، قبل أن يتولى منصب نائب الرئيس، ووجه انتقادات حادة لطريقة تسيير الحركة، التي يتولاها راشد الغنوشي، معبرا عن تخوفه من أن تلقى «النهضة» نفس مصير «حزب النداء»، الذي عرف انقسامات حادة أدت إلى انشقاقه لعدة أحزاب، وخسارته الانتخابات البرلمانية الماضية.

ويعد الجلاصي أحد أقدم قيادات حركة النهضة؛ حيث بدأ نشاطه السياسي قبل 40 سنة، وقد أشرف سنة 2011 على الحملة الانتخابية للحركة في انتخابات البرلمان، قبل أن يصبح نائبا لرئيس الحركة. وقال عماد الخميري، المتحدث باسم حركة النهضة، أمس، إن مؤسسات الحركة ستعمل على معالجة استقالة الجلاصي، وستطالبه بالعدول عن قراره. مبرزا أن قرار الجلاصي جاء رد فعل على تباينات في الآراء داخل الحركة. وفي هذا الشأن أكدت دنيا حفصة، المحللة السياسية أن استقالة الجلاصي «جاءت بالتزامن مع استحالة تنظيم مؤتمر الحركة لأسباب مادية وفنية وتقنية، وستساهم في إحداث مزيد من التوتر داخل البيت الداخلي للنهضة، التي تحرص دائما على عدم خروج خلافاتها للعلن».

وشهدت النهضة منذ سنة 2011 عددا من الاستقالات، كان أبرزها استقالة أمينها العام حمادي الجبالي في 2014 من كافة هياكلها، بسبب خلافات حول شكل الحكومة، كما استقال القيادي رياض الشعيبي في 2013، احتجاجا على قبول حركة النهضة الخروج من السلطة وتشكيل حكومة كفاءات، يقودها مهدي جمعة. كما شهدت الحركة استقالات أخرى، من بينها استقالة زبير الشهودي، رئيس مكتب رئيس الحركة سنة 2019 من كافة مؤسسات الحركة، تلتها استقالة زياد العذاري الأمين العام في نوفمبر الماضي من المناصب القيادية، احتجاجا على تعيين الحبيب الجملي لرئاسة الحكومة، وعدم تقدم الحركة بمرشح من قياداتها.

فوضى تحت قبة البرلمان بعد «تكفير» رئيسة حزب معارض
الخميس 05 مارس 2020 
تونس: المنجي السعيداني

شهدت جلسة البرلمان التونسي أمس حالة من التشنج والفوضى، بعد أن تبادل بعض النواب الاتهامات خلال الجلسة العامة المخصصة للنظر في عدد من القوانين المعروضة للمصادقة عليها، وتفاقم الوضع أكثر وخرجت الأمور عن السيطرة، بعد أن أثار بعض النواب قضية تكفير عبير موسي، رئيسة حزب الدستوري الحر المعارض، واتهامها بمعاداة الإسلام.

وبسبب الفوضى التي عرفتها الجلسة، رفع عدد من نواب الشعب شعار (ارحل) في وجه نواب الحزب الدستوري الحر، وهو نفس الشعار الذي رفعه التونسيون في وجه نظام الرئيس السابق زين العابدين بن علي. وبدأت الفوضى تحت قبة البرلمان عندما أصرت كتلة الدستوري الحر على طلب «نقطة نظام»، وحاول نوابها أولاً مقاطعة مداخلات بقية النواب بإحداث ضوضاء وضجيج، ثم رددوا النشيد الوطني في مرحلة ثانية، مما دفع سميرة الشواشي، نائبة رئيس البرلمان إلى رفع الجلسة.

وقد أثارت هذه التصرفات غضب كتلة حركة النهضة (إسلامي) لتتدخل النائبة آمنة بن حميد لتصف عبير موسي بـ«الديكتاتورة»، وقالت إنها «تشبه فيروس كورونا». ومن جهتها، طالبت سامية عبو، النائبة عن الكتلة الديمقراطية المشاركة في الائتلاف الحاكم، بفتح تحقيق جدّي في ممتلكات رئيسة كتلة الدستوري الحر، وكل عائلتها وأعضاء حزبها، ووصفتها بـ«المرتزقة والمشبوهة». في إشارة إلى شبهة تلقيها أموالاً لتمويل أنشطتها السياسية. كما اتهمت عبير موسي بأنها مكلفة بـ«مهمة إسفاف العمل السياسي والبرلماني في تونس، وتشويه العملية الديمقراطية، وتعطيل أشغال مجلس النواب (البرلمان)».

وفي المقابل، أعلنت عبير موسي، التي اشتهرت داخل الأوساط السياسية برفضها لوجود «الإسلام السياسي» في الحياة السياسية، أن البرلمان تجاوز مرحلة العنف السياسي ليصبح فضاء للتكفير، على حد تعبيرها.

ووسط حالة الفوضى التي ميزت جلسة أمس، حاول نواب كتلة «الدستوري الحر» الدخول إلى مكتب رئيس البرلمان راشد الغنوشي.

لكن الأمن منعهم من ذلك، وهو ما خلف حالة من الغضب والهيجان، تطورت فور خروج الغنوشي من مكتبه للالتحاق بالجلسة العامة، حيث تم اعتراضه من قبل نواب الدستوري الحر، مما أحدث مرة أخرى حالة من الفوضى والتدافع مع الأمن المرافق له.

وكان نائبان من ائتلاف الكرامة (إسلامي)، الذي يتزعمه سيف الدين مخلوف، قد اتهما عبير موسي ونواب كتلتها (17 نائباً) خلال الجلسة المخصصة لمناقشة مشروع لتعديل القانون الانتخابي، بأنهم «أعداء الإسلام»، وهو ما خلف ردود أفعال غاضبة وسط نواب الحزب الدستوري الحر. فيما أكدت عبير موسى أن نواب حزبها «باتوا مهددين تحت قبة البرلمان»، ودعت الحقوقيين والرأي العام لمناصرتها.

من جهة ثانية، زار الرئيس قيس سعيد أمس مدينة بن قردان (جنوب شرقي) للاحتفال بالذكرى الرابعة لملحمة بن قردان، التي نجحت فيها سلطات تونس في تحقيق انتصار حاسم على العناصر الإرهابية، التي كانت تنوي الاستيلاء على بن قردان، وتحويلها إلى إمارة «داعشية». كما زار الرئيس سعيد مقبرة شهداء ملحمة بن قردان، والنصب التذكاري الذي يخلد هذه المعركة.

يذكر أن الهجوم الإرهابي على مدينة بن قردان، التي وقع في السابع من مارس (آذار) 2013. خلف مقتل 55 عنصراً إرهابياً، و12 عنصراً من الوحدات الأمنية والعسكرية، إلى جانب 7 مدنيين.