التاريخ: شباط ٢٧, ٢٠٢٠
المصدر: جريدة الشرق الأوسط
متورط في «تجارة الكوكايين» يبرئ نجل رئيس الجزائر من «تهمة فساد»
طلاب الجامعات يرفضون التنازل عن مطلب «إزالة نظام الفساد»
الجزائر: بوعلام غمراسة
«تعرضت لعنف جسدي لانتزاع تصريحات مني لتورط خالد تبون، بينما الحقيقة هي أنه لا علاقة له بالقضية، وأنا أيضاً بريء».

بهذا التصريح الصادم فاجأ المتهم الرئيسي في «قضية حجز 7 قناطير من الكوكايين»، هيئة قضاة محكمة بالعاصمة الجزائرية، أمس، أثناء معالجة ملف مثير للجدل، اتهم فيه ستة أشخاص، من بينهم خالد تبون، نجل رئيس الجمهورية المسجون منذ قرابة عامين.

وخيّم الصمت على قاعة المحاكمة بـ«محكمة سيدي امحمد» الشهيرة، عندما كان كمال شيخي، مستورد اللحوم الحمراء المعروف، يدافع عن ابن الرئيس الذي اتهمته النيابة، بناءً على تحقيقات الشرطة القضائية التابعة للدرك، بتلقي رشى من رجل الأعمال لقاء تسليمه تراخيص بناء عمارات في أماكن راقية بالعاصمة. وحسب التحقيقات، فقد حصل خالد تبون على التراخيص الضرورية من والده، الذي كان وزيراً للسكن والعمران (2012 - 2014).

ويمثل الاستثمار في البناء والعقار أهم أنشطة شيخي المدعو «البوشي»، والمحاكمة التي جرت أمس تخص فساداً في هذا الجانب من أعماله. أما ملف اللحوم التي كانت مصحوبة بسبعة قناطير من الكوكايين، والتي حجزها خفر السواحل على ظهر سفينة قادمة من إسبانيا في مايو (أيار) 2017، فلم يعالجه القضاء بعد.

وأكد شيخي في معرض حديثه عن وقائع القضية، أن خالد تبون كان يزوره في مكتبه، وقد أظهرته كاميرات الشركة، التي يسيرها شيخي، وهو يستلم منه عطراً، قال المتهم الرئيسي إنه «كان هدية مني له من دون مقابل». وأضاف شيخي أمام دهشة الحاضرين في قاعة المحاكمة: «خالد تبون لا علاقة له بالقضية، وتم توريطه من أجل الإيقاع بوالده. خالد تبون لم يساعدني في مشروعاتي، ولم يتدخل يوماً أو يتوسط لصالحي بعكس ما يزعم البعض». كما اتهم شيخي قوات الدرك بضربه «من أجل أن أشهد ضد خالد ووالده».

وكان تبون قد صرح خلال حملة «رئاسية» نهاية العام الماضي، بأن سجن ابنه «مؤامرة دُبرت ضده، لكنها تستهدفني أنا في الحقيقة»، واتهم ضمناً من سُمُّوا «العصابة»، وهم رجال الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة، وزراء ورجال أعمال، وخاصة شقيقه السعيد (يوجدون في السجن)، والذين يتهمهم بعزله من منصبه كرئيس للوزراء بعد شهرين فقط من تسلم المهمة (صيف 2017). والسبب - حسبه - أنه اتخذ إجراءات هددت مصالح رجال أعمال مقربين من السعيد بوتفليقة.

وأضاف شيخي، أن «العصابة» مارست عليه ضغطاً ليشهد ضد خالد ووالده الوزير آنذاك.

ومن شأن هذا التصريح أن يثير جدلاً كبيراً؛ لأن القاضي لم يطلب من شيخي إعطاءه أسماء «العصابة»، ولم يبد أي رغبة لاستدعاء من اتهمهم شيخي بـ«الضغط عليه» لإجراء مواجهة بين الطرفين بهدف الوصول إلى الحقيقة كاملة. كما أكد المتهم الرئيسي، أنه «بريء» من التهمتين المتعلقتين بفضائح العقار، وبالمخدرات التي كانت محمّلة بالسفينة مع شحنات كبيرة من اللحوم الحمراء، التي استوردها شيخي لقائد ثكنات الجيش. ويوجد من بين المتهمين الستة في «ملف فضائح العقار»، الخاصة بشيخي، السائق الشخصي لمدير الشرطة السابق اللواء عبد الغني هامل، وهو دركي. ويوجد هامل وثلاثة من أبنائه في السجن بتهم فساد. كما يوجد ضمن المتهمين قاضيان ورئيس بلدية بأعالي العاصمة، جاء في التحقيقات أنهم منحوه تسهيلات من أجل إطلاق بنايات سكنية فخمة، مقابل استفادتهم من شقق بها.

وقال قاضٍ، رفض نشر اسمه، لـ«الشرق الأوسط»، إن المحكمة «ستمنح البراءة لخالد تبون بعد شهادة شيخي، أو في أسوأ الأحوال سيأخذ حكماً يعادل فترة السجن الاحتياطي التي قضاها، وسيغادر السجن في كل الأحوال». مشيراً إلى أن إدارة السجن، حيث يوجد ابن الرئيس، نقلته من الزنزانة إلى عيادة المؤسسة العقابية منذ أن وصل والده إلى الرئاسة في 19 من ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وطلب ممثل النيابة في مرافعته بإنزال عقوبة 10 سنوات ضد شيخي، وعامين سجناً بحق ابن الرئيس. وتراوحت الأحكام الأخرى ضد باقي المتهمين، بين 7 سنوات و10 سنوات. واستمرت المحاكمة أمس إلى آخر النهار، في انتظار النطق بالأحكام النهائية.

طلاب الجامعات يرفضون التنازل عن مطلب «إزالة نظام الفساد»
الأربعاء 26 فبراير 2020 
الجزائر: بوعلام غمراسة

أعلن طلاب الجامعات الجزائرية، أمس، في مظاهرتهم الثالثة والخمسين على التوالي تمسكهم بـ«دولة مدنية»، ورفضهم «الدولة العسكرية»، مشددين على أنهم «لن يتوقفوا عن المطالبة بإزالة نظام الفساد»، وكان هذا أبرز شعار في الاحتجاجات التي عاشتها العاصمة والمدن الكبيرة، أمس. وفي غضون ذلك، قالت: «لجنة المطالبة بالإفراج عن المعتقلين» إن النيابة بالعاصمة أحالت فتاة إلى المحاكمة في الأول من مارس (آذار) المقبل، بعدما رفعت صورة معارض مغضوب عليه محلياً، خلال مشاركتها في مظاهرة بفرنسا.

وجابت مظاهرات أمس، أهم شوارع العاصمة، وكانت محاطة برجال الأمن، ومرّ المحتجون بـ«محكمة سيدي امحمد»، حيث رددوا شعارات منددة بوزير العدل بلقاسم زغماتي، وطالبوا بـ«إرساله إلى سجن الحراش»، حيث يقضي كبار المسؤولين من عهد الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة، عقوبات ثقيلة بالسجن. ويرمز زغماتي إلى المتابعات القضائية بحق المئات من المتظاهرين، على اعتبار أن النيابة التي تتبع له هي من حرّكت الدعوى ضد المشاركين في المظاهرات.

كما رفع المحتجون شعارات الحراك الشعبي المألوفة، وعلى رأسها «دولة مدنية ماشي عسكرية» (نريد دولة مدنية وليس عسكرية)، وهو شعار يثير حساسية بالغة لدى مؤسسة الجيش، التي ترفض أن يشار إليها بأنها هي «مَن تحكم من وراء ستار».
وجاء في بعض الشعارات أيضاً أن الجيش يقف وراء وصول عبد المجيد تبون إلى الرئاسة، علماً بأن الرئيس نفى ذلك في حوار مع صحيفة فرنسية، نُشر الأسبوع الماضي.

ولم تقتصر مظاهرات العاصمة أمس، على طلاب الجامعات، فقد انخرط فيها ناشطون ومتظاهرون من «حراك الجمعة»، ما أعطاها زخماً كبيراً. وقال محمد موجاب، وهو بائع قطع غيار سيارات كان وسط المتظاهرين: «في اعتقادنا لا يزال النظام كما هو لم يتغير، من خلال ممارساته ورجاله في الحكومة. ولكن خاصة من خلال إصراره على رفض التغيير، ورفضه الإفراج عن المعتقلين».

وإضافة إلى العاصمة، خرج الآلاف من طلاب الجامعات إلى شوارع مدن منطقة القبائل، البويرة وبجاية وتيزي وزو بالشرق، وفي وهران كبرى مدن الغرب، وطالبوا بـ«تغيير حقيقي للنظام»، وعدّوا الانتخابات الرئاسية التي جرت نهاية العام الماضي ونتائجها «محاولة لترقيع النظام، في حين طالب الشعب في 22 فبراير (شباط) برحيله».

في سياق ذلك، أعلنت «اللجنة الوطنية للإفراج عن المعتقلين» (تنظيم نشأ في الحراك يدافع عن معتقليه)، على حساباتها بمواقع التواصل الاجتماعي عن إيداع ناشطة تسمى ياسمين سي الحاج محند الحبس الاحتياطي أمس، وعن محاكمتها الأحد المقبل.

واعتُقلت ياسمين الجمعة الماضي، خلال مظاهرات الاحتفال بمرور عام على اندلاع الحراك. وقال ناشطون يعرفونها لـ«الشرق الأوسط» إن سبب متابعتها قضائياً صورة التقطتها أجهزة الأمن، وهي تحمل صورة المعارض أمير بوخرص، الشهير بـ«أمير دي» على سبيل الإشادة به، وذلك خلال مظاهرة مساندة للحراك أقيمت بباريس منذ أسبوعين. وعدّت السلطات هذا التصرف من جانب ياسمين «إشادة بأعمال شخص مسيئة للبلاد».

وعُرف بوخرص بفيديوهات يظهر فيها معلقاً على أحداث محلية، وهو حاد في انتقاداته للجيش وجهاز المخابرات. ويتعرض الذين يُبدون إعجاباً به لمضايقات أمنية. وقد تم حجز هاتفي ياسمين وتفتيش حساباتها على «تويتر» و«واتساب»، حسب «لجنة الإفراج عن المعتقلين»، بحثاً عن أي أثر لتواصل محتمل بينها وبين المعارض المثير للجدل.