التاريخ: شباط ٢١, ٢٠٢٠
المصدر: جريدة الشرق الأوسط
تونس تترقب جلسة برلمانية حاسمة للتصويت على الحكومة الجديدة
«النهضة» : عدلوا الحكومة المقترحة قبل انقضاء الآجال
تونس: المنجي السعيداني
حدد البرلمان التونسي الأربعاء المقبل موعدا للتصويت على حكومة إلياس الفخفاخ رئيس الحكومة المكلف، وهي الحكومة التي أعلن عن تركيبتها الرسمية ليلة أول من أمس، وفقا للآجال الدستورية، وتتكون الحكومة الجديدة من 32 وزيرا وكاتب دولة، وعرفت إضافة ثلاث حقائب وزارية مقارنة بتركيبة الحكومة التي أعلن عنها الفخفاخ السبت الماضي، ورفضتها حركة النهضة (إسلامية).

وكان الفخفاخ قد أعلن التوصل إلى توافق صعب مع الأحزاب السياسية، وفي مقدمتها حركة النهضة، الفائزة بالانتخابات التشريعية، بعد نحو شهر من المشاورات، وهي المدة المحددة في الدستور. وقد جنب هذا التوافق اللجوء إلى إجراء انتخابات مبكرة، وهو خيار سيكون مكلفا للديمقراطية الناشئة، التي تواجه صعوبات اقتصادية كبرى. ويتعين على الحكومة الحصول على الأغلبية المطلقة عند التصويت (50 في المائة زائد واحد) لنيل الثقة، وهي أغلبية متاحة بعد حصول الاتفاق.

وقال الفخفاخ إن حكومته «تتكون من ائتلاف واسع يمثل الطيف السياسي بتنوعاته، منفتحا على جميع الأطياف السياسية والفكرية، ومبنيا على مذكرة تعاقدية».

ومن المهام الرئيسية التي تنتظر حكومة الفخفاخ استكمال الإصلاحات الاقتصادية، وتعزيز النمو الذي انكمش إلى مستوى 1 في المائة في 2019، وخلق فرص عمل للشباب العاطل.

وحدد البرلمان ترتيبات الجلسة البرلمانية المخصصة لنيل الثقة بالتأكيد على أنها ستنطلق بعرض برنامج الحكومة، ثم فتح باب النقاش للنواب بمعدل 3 دقائق لكل نائب. وبعدها يتم التصويت على الثّقة بتصويت وحيد على كامل أعضاء الحكومة والمهمة المسندة لكلّ عضو.

ومن المنتظر، حسب عدد من المراقبين، أن تحصل الحكومة الجديدة على 124 صوتا على أقل تقدير، وهذه الأصوات ستكون من الكتل البرلمانية التي أعلنت دعمها لحكومة الفخفاخ، وهي حركة النهضة (54 صوتا)، والكتلة الديمقراطية (41 صوتا)، وهي تضم «حركة الشعب» و«حزب التيار الديمقراطي»، وبعض النواب المستقلين، إضافة إلى كتلة حركة تحيا تونس (14 صوتا)، وأصوات كتلة الإصلاح الوطني (15 صوتا). لكن في حال إقناع حزب «قلب تونس»، الذي يملك 38 صوتا بجدوى التصويت لفائدة الحكومة ونيلها ثقة البرلمان، في انتظار إجراء إصلاحات تعهد بها الفخفاخ، فإن الحكومة قد تحظى بدعم 162 صوتا.

ووصف المحلل التونسي برهان بسيس حكومة الفخفاخ بأنها «حكومة سياسية بامتياز... فقد تم توزيع الوزارات حسب توزيع القوى، إذ نجد وزراء رئيس الجمهورية ووزراء رئيس الحكومة ووزراء النهضة، ثم وزراء الصف الثوري».

أما الصادق جبنون، المتحدث الرسمي باسم حزب «قلب تونس»، فاعتبر أن حزبه سيتموقع آليا في المعارضة، وهو ما يعني أنه لن يمنح الثقة للحكومة. مشيرا إلى أن هياكل الحزب ستجتمع وتصدر قرارها الرسمي قبل موعد التصويت في البرلمان الأربعاء المقبل.

وخلافا لمواقف الأحزاب المشاركة في الائتلاف الحاكم، فإن «ائتلاف الكرامة» (21 صوتا)، الذي يقوده سيف الدين مخلوف، والحزب الدستوري الحر (17 صوتا)، بزعامة عبير موسي، هما الحزبان الوحيدان اللذان اصطفا إلى المعارضة. وهي معارضة ضعيفة كما أرادتها حركة النهضة من خلال تمسكها بتشكيل حكومة وحدة وطنية موسعة.

وبشأن توجهات حكومة الفخفاخ المستقبلية، أكد فتحي التوزري، عضو الفريق المفاوض لرئيس الحكومة المكلف، أن برنامجها سيضع ضمن الأولويات إصلاح هيكلة الحكومة، واستعادة هيبة الدولة التونسية. وتوقع أن يجري الفخفاخ مراجعات على حكومته، تشمل، خاصة، دمج بعض الوزارات ذات الاختصاص المتقارب، وذلك بهدف تشكيل حكومة مصغرة في نهاية المطاف.

«النهضة» : عدلوا الحكومة المقترحة قبل انقضاء الآجال
الخميس 20 فبراير 2020 
تونس: المنجي السعيداني

طالب حزب حركة النهضة الإسلامية في تونس، أمس، بتعديلات داخل حكومة إلياس الفخفاخ المقترحة، قبل ساعات من انقضاء الآجال الدستورية، وقبل اتخاذ موقفه الرسمي بشأن التصويت في البرلمان.

ويطالب الحزب الفائز في الانتخابات التشريعية، التي أجريت في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، بحكومة سياسية موسعة «لا تقصي أحداً»، كما أعلن تحفظه على طريقة توزيع الحقائب الوزارية.

وقال عبد الكريم الهاروني، رئيس مجلس الشورى، وهو الهيئة الأعلى في الحزب، إن الحكومة الحالية «لا ترتقي إلى حكومة وحدة وطنية لا تقصي أحداً». وأضاف الهاروني في مؤتمر صحافي أمس: «من خلال المفاوضات حصل تقدم، وتعهد بأن يتقدم رئيس الحكومة المكلف باتجاه الانفتاح وإدماج أطراف جديدة في الحكومة، في اتجاه الوحدة الوطنية؛ لأن في ذلك مصلحة عليا للبلاد». مبرزاً أن هناك تقدماً في مراجعة تشكيل الحكومة، وتوزيع المسؤوليات. غير أنه لم يتم تحديد القائمة النهائية للوزراء حتى الآن.

وتابع رئيس المجلس: «لم تصلنا قائمة نهائية تعبر عن اختيار رئيس الحكومة المكلف، وننتظر القائمة لاتخاذ الموقف النهائي من الحكومة، ومن وثيقة التعاقد حول البرنامج الحكومي. ونحن يهمنا البرنامج قبل الحقائب».
ويتعين على الفخفاخ إعلان حكومته قبل إشعار البرلمان بجلسة التصويت المقررة اليوم (الخميس).

وكان الرئيس قيس سعيد، وهو أستاذ قانون دستوري متقاعد، قد أعلن في وقت سابق أن فشل تشكيل الحكومة سيقود البلاد إلى حل البرلمان، وإجراء انتخابات جديدة، بحسب ما ينص عليه الفصل 89 في الدستور، وهو خيار سيكون مكلفاً للديمقراطية الناشئة في ظل الصعوبات الاقتصادية.

تكثفت الاتصالات والمشاورات أمس مع انتهاء المهلة الدستورية لتشكيل الحكومة، حيث سعت أطراف سياسية ونقابية عدة إلى حلحلة الأزمة السياسية، والتوصل إلى توافق حول الحكومة الجديدة لضمان نيلها ثقة البرلمان قبل عرضها على الرئيس قيس سعيد، باعتباره الطرف الذي كلف الفخفاخ تشكيل الحكومة.

وحاول الفخفاخ أمس تقريب وجهات النظر، وبحث صيغ «لا تغضب» الأحزاب السياسية المشاركة في الائتلاف الحاكم، وتراعي موازين القوى بالنسبة للمنظمات النقابية والأحزاب، التي قد تنضم إلى المعارضة، حيث ركز اهتمامه على حركة النهضة، المنسحبة من المشاورات بدعوى المطالبة بحكومة وحدة وطنية موسعة، في حين سعى الفخفاخ لتشكيل حكومة مصغرة، واستثناء حزب «قلب تونس» و«الحزب الدستوري الحر» من المشاورات.

وحول موقف «النهضة» من مشاورات اللحظات الأخيرة، أكد الهاروني أن حزبه «سيعمل على تجنيب تونس فرضية حل البرلمان، وإجراء انتخابات برلمانية سابقة لأوانها في حال فشلت حكومة الفخفاخ في نيل الثقة»، مؤكداً أن الانتخابات المبكرة ستكبد البلاد مزيداً من الجهد والوقت، وستثقل ميزانية الدولة. منتقداً في المقابل الحكومة المقترحة.