التاريخ: شباط ١٥, ٢٠٢٠
المصدر: جريدة الشرق الأوسط
علاوي يكمل كابينته وسط صراع حاد مع القوى السياسية وآلاف من أنصار الصدر يدعمونه بالتظاهر
طلب عقد جلسة للبرلمان هذا الأسبوع للتصويت على الحكومة
بغداد: «الشرق الأوسط»
تظاهر آلاف من مؤيدي الزعيم الشيعي مقتدى الصدر في بغداد ومناطق أخرى جنوب العراق أمس، منددين بما اعتبروه تعرضاً «لرموز دينية» بعد الانتقادات الأخيرة التي طالت زعيمهم. وسار مؤيدو الصدر الذين ارتدى بعضهم الزي التقليدي العراقي في ساحة التحرير وسط بغداد بين المتظاهرين المناهضين للحكومة، وهم يردّدون «كلنا عشيرة واحدة والشيخ (هو) سيد مقتدى».

وكان الزعيم الشيعي سحب في وقت سابق تأييده للمحتجين الذين يشاركون في مظاهرات في أنحاء متفرقة من العراق منذ أكتوبر (تشرين الأول)، للمطالبة بتغيير نظام الحكم، مندداً في سلسلة تغريدات بالاختلاط بين النساء والرجال، ومتهماً متظاهرين بإدخال المخدرات والمشروبات الكحولية لأماكن التظاهر.

وأثارت تغريدات الصدر الأخيرة غضب المحتجين الذين سبق أن اتّهموه بالانقلاب عليهم مع إعلانه تأييده لتكليف الوزير السابق محمد علاوي بتشكيل حكومة جديدة، وهو ما يرفضه هؤلاء بحجة أنّ علاوي مقرب من الطبقة الحاكمة التي يطالبون برحيلها.

وسار مؤيدو الصدر في بغداد والبصرة والنجف قائلين إنهم يدافعون عن زعيمهم الذي يواجه سيلاً من الانتقادات على وسائل التواصل الاجتماعي، وذلك غداة مظاهرة نسائية شاركت فيها مئات العراقيات في بغداد للتنديد بدعوة الفصل بين الجنسين. وقال أحد مؤيدي الصدر في ساحة التحرير لوكالة الصحافة الفرنسية: «نرفض المندسين الذين يتسلّلون بين المتظاهرين ويشوّهون سلمية الحراك ويتوجّهون بالإساءات للأنبياء والرموز الدينية».

وحذّر الصدر في تغريدة الخميس، من أنّ تيّاره ومؤيديه لن يبقوا «مقيدين وساكتين عن الإساءة للدين والعقيدة والوطن»، معتبراً أنّه ملزم بـ«عدم جعل العراق قندهاراً للتشدد ولا شيكاغو للتحرر والانفلات والأخلاقي والشذوذ الجنسي».

وتصاعد التوتر مؤخّراً بين الصدر والمتظاهرين وتحوّل إلى مواجهات عندما اقتحم مؤيّدوه الأسبوع الماضي أماكن اعتصام في النجف والحلة جنوب بغداد، ما أدى إلى مقتل 8 متظاهرين.

علاوي يكمل كابينته وسط صراع حاد مع القوى السياسية
طلب عقد جلسة للبرلمان هذا الأسبوع للتصويت على الحكومة

بغداد: حمزة مصطفى
انتهى محمد توفيق علاوي من إكمال كابينته الوزارية وهو مستعد لعرضها أمام البرلمان لنيل الثقة، حسبما أكد رئيس كتلة «بيارق الخير» في البرلمان العراقي محمد الخالدي، المقرب من رئيس الوزراء العراقي المكلف.

وقال الخالدي في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إن «الحكومة اكتملت وهي جاهزة للتصويت بدءا من يوم غد (الأحد) فيما لو تم عقد جلسة برلمانية». وأضاف الخالدي أن «الصراع الحالي هو ليس صراعا بين مكونات بل بين أحزاب تريد الهيمنة على المشهد السياسي دون أن تكترث لكل التضحيات التي قدمها العراقيون عبر التظاهرات المستمرة منذ أكثر من أربعة شهور».

وحول الآلية التي تم بموجبها اختيار الوزراء، يقول الخالدي إن «علاوي التقى بنحو 100 شخصية من مختلف الأطياف والمكونات والتوجهات واختار منهم 22 وزيرا ما عدا بعض الوزارات وضع لها أكثر من خيار أو بديل في حال لم يمض الوزير أمام البرلمان»، مشددا على أن «علاوي لم يطلع أحدا من المقربين منه على أي اسم من الأسماء التي اختارها لشغل المناصب الوزارية».

وحول ما إذا كانت الحكومة تشمل كل القوى السياسية خصوصا أنها حكومة انتقالية ومهمتها إجراء انتخابات مبكرة، يقول الخالدي إن «الفريق الحكومي الحالي يخوض صراعا مع الأحزاب وليس المكونات حيث تم إرضاء كل المكونات العراقية العرقية والدينية والمذهبية في الحكومة لكنه لم يمنح أي فرصة للأحزاب وبالتالي فإن العديد من ممثلي هذا الأحزاب يهاجمون علاوي لأنه قطع الطريق أمام استمرار نفوذهم».

وبشأن إمكانية عقد جلسة برلمانية الأسبوع الحالي في ضوء استمرار الصراع بين علاوي والعديد من القوى والكتل السياسية، يقول الخالدي إن «علاوي كان أكمل كابينته الوزارية في غضون 12 يوما وطلب بالفعل عقد جلسة للبرلمان غير أن هناك أطرافا لا تريد عقد مثل هذه الجلسة من منطلق أنها تمثل مكونات بينما هي في الواقع تمثل أحزابا في مكونات بينما رئيس الوزراء المكلف أعطى حق المكونات لكنه لا يستطيع إرضاء كل الأحزاب ومع ذلك فإننا طلبنا أن يكون يوم الثلاثاء المقبل هو الحد الأقصى لعقد جلسة نيل الثقة».

في مقابل ذلك، استبعد محمد الكربولي، عضو البرلمان عن تحالف القوى العراقية الذي يتزعمه رئيس البرلمان محمد الحلبوسي، عقد جلسة هذا الأسبوع. الكربولي وفي حديثه لـ«الشرق الأوسط» أكد أنه «لا يوجد توافق على عقد جلسة لمجلس النواب هذا الأسبوع لأنها خاضعة لآليات وتوافقات وليس لمجرد أن أحدا يريد عقدها بينما لم تنته المفاوضات الخاصة بتشكيل الحكومة حتى الآن». وقال الكربولي: «تحالفنا لم يلتق رئيس الوزراء المكلف برغم محاولاته العديدة للقاء بنا ولن نلتقيه في حال بقيت سياسته كما هي». وحول الأسباب التي تحول دون عقد لقاء معه، يقول الكربولي إن «علاوي يريد أن يتولى هو تعيين الوزراء مثلما يشاء بينما الصيغة الصحيحة هي أن نرشح نحن أو باقي القوى والكتل السياسية مرشحين للوزارات حسب المواصفات التي تم الاتفاق عليها بين الجميع بما في ذلك ساحات التظاهر والرأي العام على أن يختار هو من بين المرشحين الذين تتولى القوى التي تمثل مكونات وأحزاب ترشيحهم».

من جهته أعلن محسن السعدون النائب السابق في البرلمان العراقي والقيادي في الحزب الديمقراطي الكردستاني بزعامة مسعود بارزاني في حديثه لـ«الشرق الأوسط» أن «الكرد بصورة عامة لن يقفوا ضد تشكيل وتمرير الحكومة الجديدة في حال كانت مستقلة تماما وتنازلت كل القوى السياسية بشأن طبيعة مشاركتهم فيها لأننا في هذه الحالة لا نريد أن نفرض رأينا على الآخرين». وأضاف السعدون أن «هناك خصوصية للإقليم يجب مراعاتها من قبل رئيس الوزراء المكلف سواء على صعيد وضع الإقليم ككل أو القوى والأحزاب التي تمثل الإقليم»، مبينا أن «الموقف الكردي وبعد الاجتماع الأخير الذي عقدته القوى والأحزاب الكردية برئاسة رئيس الإقليم نيجرفان بارزاني أصبح موحدا حيال تشكيل الحكومة الحالية التي هي أصلا حكومة انتقالية بهدف إجراء انتخابات وبالتالي ليس بالضرورة أن يكون كل شيء صحيحا لكن يتوجب على علاوي أن يأخذ رأي السيد مسعود بارزاني في حال اختار وزراء حتى تتحقق المشاركة في المسؤولية كذلك بحيث يكون هذا المرشح أو ذاك مرضيا عنه أو يمثل المكون أو الكتل السياسية الكردية». وردا على سؤال عما إذا كان الموقف الكردي بشكل عام داعما لتمرير الحكومة أم أن هناك شروطا، أكد السعدون أن «الموقف الكردي سيتبلور تماما اليوم أو غدا».

إلى ذلك، عزا المرجع الشيعي الأعلى في العراق علي السيستاني التداعيات الخطيرة التي نتجت عن صفات مثل «الكذب والنفاق وتسقيط الآخرين» إلى «فشل العملية السياسية». وقال ممثل السيستاني خلال خطبة الجمعة في كربلاء أمس إن «المصالح الشخصية والضيقة سمة من تحمل المسؤولية وبيده السلطة في العراق»، محملا «الفشل في العملية السياسية» مسؤولية التداعيات الخطيرة التي تشهدها البلاد. ودعا الكربلائي إلى «إيجاد العناصر الصالحة التي تستطيع مستقبلا النهوض بالبلد على مواقع المسؤولية المختلفة»، مشددا على أن «تأخذ العملية السياسية والاجتماعية والأخلاقية مسارها الصحيح والمطلوب لنستطيع أن نحد ونستوعب التداعيات الخطيرة التي نتجت جراء الفشل من العملية السياسية والاقتصادية والاجتماعية وهذا يحتاج إلى عمل كبير وبأعداد تكفي من المواطنين الصالحين في المواقع المهمة لهذه المسؤوليات المستقبلية».