التاريخ: شباط ١٣, ٢٠٢٠
المصدر: جريدة الشرق الأوسط
أول احتكاك سوري مع الدوريات الأميركية
منظمة دولية تحذر من «أسوأ كارثة إنسانية» في سوريا
واشنطن: إيلي يوسف - موسكو: رائد جبر - أنقرة: سعيد عبد الرازق
أعلن التحالف الدولي الذي تقوده واشنطن عن تعرض جنود أميركيين لإطلاق نار من موالين لدمشق، في أول احتكاك سوري مع دورية أميركية شرق الفرات.

وقال المتحدث باسم التحالف، مايلز كيكينز، إن «قوات التحالف واجهت أثناء قيامها بدورية قرب القامشلي نقطة تفتيش تحتلها القوات الموالية للنظام. وبعد سلسلة من التحذيرات، تعرضت الدورية لنيران من مجهولين». وأوضح أن «قوات التحالف ردت على النيران دفاعاً عن النفس»، مؤكداً انتهاء التصعيد وعودة الدورية إلى قاعدتها.

وحصل تبادل إطلاق النار الذي قتل فيه شخص موالٍ للنظام، بحسب «المرصد السوري لحقوق الإنسان»، «أثناء مرور الدورية خطأ» في قرية خربة عمو جنوب شرقي القامشلي الخاضعة لسيطرة النظام.

وتدخلت دورية روسية لتتوسط بين الجنود الأميركيين والسوريين.

على صعيد آخر، هدد الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، أمس، بضرب قوات النظام السوري «في كل مكان» إذا هاجمت قواته مجدداً، في وقت أوضح المتحدث باسم الكرملين، ديمتري بيسكوف، أن تركيا «ملزمة تحييد المجموعات الإرهابية» بموجب «اتفاق سوتشي».

وقالت وزارة الدفاع الروسية في بيان، إن تركيا هي المسؤولة عن «أزمة إدلب»، في حين وصفت دمشق أمس الرئيس التركي بأنه شخص «منفصل عن الواقع» بعد تهديده باستهداف القوات السورية «في كل مكان».

تمسك روسي بـ«تحميل المسلحين مسؤولية التصعيد» في إدلب
موسكو: رائد جبر
اتفق الرئيسان: الروسي فلاديمير بوتين، والتركي رجب طيب إردوغان، على مواصلة الاتصالات لتذليل النقاط الخلافية حول إدلب، في وقت أعلن فيه عن توجه وفد تركي إلى موسكو، بعد فشل جولتي محادثات في أنقرة خلال الأسبوع الأخير.

وأعلن الكرملين أن الرئيسين ناقشا خلال مكالمة هاتفية مختلف جوانب التسوية السورية، بما في ذلك تفاقم الوضع في منطقة خفض التصعيد في إدلب، بشمال غربي سوريا. وأضاف في بيان أنه تمت الإشارة إلى أهمية التنفيذ الكامل للاتفاقات الروسية التركية الحالية، بما في ذلك مذكرة سوتشي الموقعة بتاريخ 17 سبتمبر (أيلول) 2018.

وقال الكرملين إن الرئيسين اتفقا خلال الاتصال الذي تم بمبادرة من الجانب التركي، على إجراء اتصالات إضافية من خلال الوزارات المعنية للبلدين. وبات معلوماً في وقت لاحق أن أنقرة سوف ترسل وفداً إلى موسكو لمواصلة النقاشات التي فشل الطرفان في تقريب وجهات النظر خلالها، أثناء جولتي حوار مطولتين عقدتا في العاصمة التركية.

ولفت الكرملين - في بيان أدلى به الناطق الرئاسي ديمتري بيسكوف - إلى أن أبرز النقاط العالقة بين الطرفين ما زالت تتمحور حول مسألة الفصل بين المجموعات المسلحة المعتدلة الناشطة في إدلب، والمستعدة للانخراط في مفاوضات سياسية، والمجموعات الأكثر تشدداً المدرجة على قوائم الإرهاب، مثل «جبهة النصرة» والقوى المتحالفة معها، فضلاً عن وقف كل الهجمات التي تنطلق من إدلب نحو المناطق المجاورة. وقال بيسكوف إن «موسكو ملتزمة مثل السابق باتفاقيات سوتشي مع تركيا حول سوريا، وقد أخذت أنقرة على عاتقها في إطار هذه الاتفاقيات تحييد الجماعات الإرهابية المتمركزة في إدلب»؛ موضحاً أن اتفاقيات سوتشي «تفرض التزامات معينة على كل طرف. وروسيا تأسف لمواصلة الجماعات المسلحة في إدلب القيام بهجمات تستهدف المنشآت العسكرية الروسية»، مشدداً على أن «هذا أمر لا يمكن القبول به، ويتناقض مع اتفاقيات سوتشي».

تزامن ذلك مع تحميل الجيش الروسي، أمس، مسؤولية تصعيد التوتر في منطقة إدلب على عاتق المجموعات المسلحة. وقال - في بيان حمل توقيع رئاستي الأركان الروسية والسورية - إنه «تم تسجيل مقتل أكثر من 150 مدنياً في مدينة إدلب الشهر الماضي جراء قصف المسلحين»، وشدد البيان على أن «عمليات الجيش السوري جاءت رداً على استفزازات المسلحين».

وأوضح أن «الاستفزازات المستمرة من جانب الفصائل الإرهابية، دفعت الجيش السوري إلى القيام بعمليات بهدف ضمان الأمن في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة»؛ لافتاً إلى أن «نشاط (هيئة تحرير الشام) والفصائل التابعة لها أفشل الجهود التي تبذلها روسيا وسوريا، والتي تهدف إلى تخفيف حدة التوتر في إدلب، عبر قيام الفصائل المسلحة بزرع الألغام في الطرق، وإغلاق الممرات التي خصصتها روسيا وسوريا لخروج المدنيين من المنطقة».

وأوضح البيان المشترك أنه «خلال تراجع الإرهابيين عثر الجيش السوري على معدات وذخائر كانت بحوزة الإرهابيين من صنع دول غربية، ما يشير إلى استمرار دعم المقاتلين من الخارج».

ودخلت وزارة الخارجية الروسية بدورها على خط الدفاع عن عمليات الجيش السوري في إدلب، وقالت - في بيان حمل رداً على تصريحات تركية تتهم موسكو ودمشق باستهداف المدنيين - إن «روسيا وسوريا تستهدفان فقط الجماعات الإرهابية».
وقال رئيس قسم التهديدات والتحديات المستجدة في الخارجية الروسية، فلاديمير تارابرين، إن موسكو «أكدت أكثر من مرة وبشكل لا لبس فيه، أنه لا روسيا ولا القوات المسلحة السورية تهاجم السكان المدنيين. كل الهجمات موجهة حصرياً ضد الجماعات الإرهابية، أولئك الذين يقاتلون السلطات الشرعية».

على صعيد موازٍ، حمل البيان المشترك لرئاستي الأركان الروسية والسورية اتهامات جديدة للولايات المتحدة، بعرقلة تسوية وضع اللاجئين في مخيم الركبان (جنوب)؛ لكن اللافت أن الاتهامات طاولت هذه المرة عمل الأمم المتحدة في المنطقة، إذ شدد البيان العسكري المشترك على «قلق بالغ إزاء التأخير في تنفيذ الأمم المتحدة خططها لإجلاء السوريين من مخيم الركبان للنازحين، الواقع بجنوب شرقي سوريا».

وانتقد البيان «موقف الأمم المتحدة حيال تأجيل تنفيذ خططها بخصوص إجلاء السكان الباقين في مخيم الركبان، باستمرار، وتحت ذرائع مختلفة»، لافتاً إلى أن «أحدث هذه الذرائع يتلخص في وجود معلومات كاذبة حول إقدام السلطات السورية على احتجاز سوريين تم إجلاؤهم من المخيم خلال العام الماضي». وزاد أن «تلك المعلومات مذكورة في مستندات قدمتها منظمات غير حكومية غربية».

وكانت موسكو وواشنطن قد تبادلتا الاتهامات بشأن تفاقم الوضع في مخيم الركبان الذي يضم عشرات الألوف من النازحين السوريين، ويقع قرب قاعدة التنف التي تسيطر عليها واشنطن. وفشلت عدة جولات من الحوار بين الطرفين بحضور أردني وأممي، في الاتفاق على آلية لتفكيك المخيم وإجلاء المدنيين منه. وتتهم موسكو الأميركيين بالتغطية على نشاط الفصائل المسلحة في المخيم، التي تمنع المدنيين من مغادرته، بينما تتهم واشنطن الروس والنظام بمنع وصول المساعدات الإنسانية العاجلة إلى المخيم.

مواجهات بين موالين للنظام وقوات أميركية شمال شرقي سوريا
واشنطن: إيلي يوسف
أكدت قوات التحالف الدولي لمحاربة تنظيم «داعش» الذي تقوده الولايات المتحدة الأربعاء، استهداف إحدى دورياتها في منطقة القامشلي في ريف الحسكة شمال شرقي سوريا، قرب نقطة تفتيش تابعة للنظام السوري.

وقال المتحدث العسكري باسم قوات التحالف العقيد مايلز كيكنز، في بيان نشره عبر حسابه في «تويتر»: «بعد سلسلة من التحذيرات ومحاولات خفض التصعيد تعرضت الدورية لنيران الأسلحة الصغيرة من أشخاص مجهولين». وأضاف كاغنز أن قوات التحالف قامت بالرد على النيران «كمحاولة للدفاع عن النفس»، وأشار إلى أن الحادثة قيد التحقيق وأن الدورية عادت إلى القاعدة العسكرية.

وكان «المرصد السوري لحقوق الإنسان» أعلن إطلاق دورية أميركية قنابل دخانية على مسلحين موالين للنظام السوري اعترضوا طريقها وأطلقوا النار في الهواء. وأضاف أن مجموعة من أهالي قرية خربة عمو شرق القامشلي الموالين للنظام يرافقهم مسلحون موالون لقوات النظام، اعترضوا طريق الدورية أثناء تجولها في المنطقة هناك. وتطور الأمر إلى إطلاق الجنود الأميركيين النار، ما أدى إلى مقتل شخص. ووفق «المرصد»، حلقت طائرات أميركية في أجواء المنطقة تزامنا مع استهدافها لشرق القامشلي.

وتمت إعادة انتشار بعض القوات الأميركية في منطقة القامشلي ودير الزور والمالكية، حيث لم تنشأ أي قواعد أميركية هناك من قبل.

وفي 22 يناير (كانون الثاني) الماضي، اعترضت دورية أميركية طريق قافلة عسكرية روسية في منطقة المالكية في محافظة الحسكة بالقرب من معبر سيمالكا النهري الذي يقود إلى العراق، وذلك بعد حادث «تحرش» آخر سجل خلال أسبوع واحد بين القوات الروسية والأميركية، حيث اعترضت دورية أميركية قافلة روسية على الطريق الدولية التي تربط حلب بمنطقة اليعربية على الحدود السورية العراقية أيضا.

يشار إلى أن مئات الجنود الأميركيين متمركزون في شمال شرقي سوريا، ويتعاونون مع شركائهم المحليين من قوات سوريا الديمقراطية التي يقودها الأكراد في قتال «داعش»، وتقوم القوات الأميركية بدوريات في المنطقة.

من جهتها، أفادت وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا) بأن «حاجز الجيش أوقف أربع عربات تابعة لقوات الاحتلال الأميركي كانت تسير على طريق السويس - علايا - خربة عمو إلى الشرق من مدينة القامشلي وعندها تجمع مئات الأشخاص عند الحاجز من قريتي خربة عمو وحامو لمنع عربات الاحتلال من المرور وإجبارهم على العودة من حيث أتوا. وقام جنود الاحتلال الأميركي بإطلاق الرصاص الحي والقنابل الدخانية على الأهالي ما تسبب بمقتل مدني من قرية خربة عمو وإصابة آخر من قرية حامو».

وتابعت أن «الأهالي أعطبوا أربع عربات من قوات الاحتلال».

وفي مايو (أيار) 2017، قصف الجيش الأميركي المتمركز في قاعدة التنف في زاوية الحدود السورية - العراقية - الأردنية موالين لدمشق حاولوا الاقتراب منها. وفي يونيو (حزيران) 2017، أسقط مقاتلات أميركية طائرة سوريا انخرطت في معارك شرق الفرات ضد حلفاء واشنطن في «قوات سوريا الديمقراطية».

منظمة دولية تحذر من «أسوأ كارثة إنسانية» في سوريا
بيروت - لندن: «الشرق الأوسط»
حذرت منظمة المجلس النرويجي للاجئين، الأربعاء، من «أسوأ كارثة إنسانية» منذ بدء النزاع في سوريا قبل نحو تسع سنوات في حال استمر التصعيد العسكري في شمال غربي البلاد.

ومنذ ديسمبر (كانون الأول)، نزح نحو 700 ألف شخص وفق الأمم المتحدة جراء حملة عسكرية تشنّها قوات النظام بدعم روسي على مناطق في محافظة إدلب وجوارها، تؤوي أكثر من ثلاثة ملايين شخص نصفهم نازحون، وتسيطر عليها «هيئة تحرير الشام» (النصرة سابقاً) وتنتشر فيها فصائل معارضة أقل نفوذاً.

وقال الأمين العام للمجلس النرويجي للاجئين يان إيغلاند لوكالة الصحافة الفرنسية الأربعاء «إنها أكبر حركة نزوح في أسوأ حرب في جيلنا هذا. الآلاف يفرون بحياتهم في يوم واحد فقط، ما نشهده هو فعلاً غير مسبوق».

ودعا إيغلاند إلى وقف لإطلاق النار في محافظة إدلب، التي وصفها بأنها «أكبر مخيم للاجئين في العالم (...) وأي اعتداء فيها يضع حياة ملايين النساء والأطفال في خطر».

وخلال السنوات الماضية، ومع تقدم قوات النظام تدريجياً ضد الفصائل المعارضة، تحولت محافظة إدلب إلى وجهة لآلاف المدنيين والمقاتلين المعارضين الذين رفضوا البقاء في مناطق استعادتها دمشق.

وأضاف إيغلاند: «خوفنا الآن أن يؤدي هجوم شامل إلى أسوأ كارثة إنسانية في الحرب الوحشية في سوريا»، محذراً من أن تطال «إراقة الدماء» النازحين المدنيين.

وأكد: «قبل كل شيء، نحن بحاجة إلى وقف لإطلاق النار ومحادثات».

وتفاقم موجة النزوح اليوم الوضع الإنساني السيئ أساساً في إدلب منذ نزوح أكثر من 400 ألف شخص منذ نهاية أبريل (نيسان) حتى نهاية أغسطس (آب) جراء حملة عسكرية مماثلة لدمشق بدعم من موسكو في تلك الفترة. وتزداد معاناة النازحين مع انخفاض حاد في درجات الحرارة. ولجأ الجزء الأكبر منهم إلى مناطق مكتظة أساساً بالمخيمات قرب الحدود التركية في شمال إدلب، لم يجد الكثير خيما تؤويهم أو حتى منازل للإيجار، واضطروا إلى البقاء في العراء أو في سياراتهم أو في أبنية مهجورة قيد الإنشاء وفي مدارس وحتى مساجد.

وبين هؤلاء من عانى رحلات النزوح مرات عدة، كما تغلق تركيا حدودها أمامهم، وهي التي تستضيف أكثر من 3.5 مليون لاجئ سوري.

وقال إيغلاند: «يجب دعم تركيا لتوفير ممر آمن للنساء والرجال والأطفال الهاربين من العنف إلى المنطقة الحدودية (معها) ومناطق تحت سيطرتها في شمال سوريا».

وأضاف أن «الوضع سيئ جداً وهناك عائلات بحاجة ماسة للطعام والشراشف والفرش»، لا تجد أماكن في المخيمات المكتظة، مشيراً إلى ارتفاع حاد في الأسعار. وقال: «لدينا تقارير عن عشرات العائلات التي تتشارك شقة واحدة فقط».

وتسبب التصعيد منذ ديسمبر (كانون الأول) بمقتل أكثر من 380 مدنياً، وفق المرصد السوري لحقوق الإنسان، كما تسبب بإغلاق 72 مرفقاً طبياً على الأقل، وفق منظمة الصحة العالمية.

وحذرت منظمة الصحة الثلاثاء من أن «زيادة أعداد النازحين في المنطقة واكتظاظهم في منطقة جغرافية صغيرة تسببا بضغط هائل على العاملين في مجال الصحة».

ووفق الأمم المتحدة، فإن النزاع السوري تسبب في أكبر أزمة لجوء في العالم منذ الحرب العالمية الثانية مع فرار 5.5 مليون شخص من البلاد ونزوح أكثر من 6.6 مليون داخلها.