التاريخ: شباط ١١, ٢٠٢٠
المصدر: جريدة الشرق الأوسط
الجزائر: تثبيت الأحكام ضد شقيق بوتفليقة ورئيسي الاستخبارات السابقين وتبرئة حنون
الجزائر: بوعلام غمراسة
أصيب متابعون لقضية «التآمر» ضد الجيش والدولة في الجزائر، بصدمة، أمس (الاثنين)، لدى علمهم بالتماسات النائب العام بمجلس الاستئناف العسكري بحق المتهمين. فقد طلب إنزال عقوبة 20 سنة سجناً بحق رئيسي الاستخبارات السابقين محمد مدين وعثمان طرطاق، والسعيد بوتفليقة، شقيق الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة، والناشطة السياسية اليسارية لويزة حنون، في تشديد للأحكام السابقة التي صدرت ضد الأربعة، وقضت بسجنهم 15 سنة.

لكن المحكمة، في حكمها الذي صدر ليلاً، أبقت العقوبات على السعيد ومدين وطرطاق على حالها (15 سنة سجناً)، وحكمت بالبراءة على لويزة حنون.

وبدأت المحاكمة في يومها الثاني أمس بمرافعات الدفاع الذي نفى بشدّة تهمة «التآمر على سلطة الجيش» و«التآمر على الدولة»، بشأن لقاءات جمعت المتهمين الأربعة، وبحثت، حسب المحامين، مخرجاً لأزمة الحكم. وأكّد سليم ديرش، في مرافعته دفاعاً عن السعيد بوتفليقة، حسب الأصداء الواردة من المحاكمة التي جرت من دون حضور وسائل الإعلام، «عدم صحة» معطيات وردت في تحقيقات القضاء العسكري، وبثتها فضائية خاصة في وقت سابق، تتعلق بـ«حضور رجال من المخابرات الفرنسية» اجتماعات عقدها السعيد في مارس (آذار) الماضي، مع مدين المعروف بـ«الجنرال توفيق» وطرطاق، بهدف «قلب نظام الحكم»، حسب ما جاء في التحقيقات.

وذكر المحامي أن «إقحام المخابرات الفرنسية في القضية كان بقصد تضخيم الوقائع، وشيطنة موكلي لدى الرأي العام». وأشار إلى حساسية كل ما يتصل بفرنسا، عندما يتعلق بشأن داخلي جزائري. وكان السعيد نفى، أول من أمس، في بداية جلسة التقاضي في درجة الاستئناف، أن تكون الاجتماعات المثيرة للجدل، تناولت قلب نظام الحكم. فما حدث، حسبه، لا يعدو أن يكون «مشاورات» مع سياسيين وفاعلين في البلاد، من بينهم الرئيس السابق اليمين زروال، لبحث مخرج من المأزق الذي كانت فيه البلاد جراء ترشح عبد العزيز بوتفليقة لولاية خامسة، الذي ثار ضده الجزائريون.

يشار إلى أن المحكمة العسكرية الابتدائية دانت المتهمين الأربعة بـ15 سنة سجناً في 23 سبتمبر (أيلول) الماضي. وكان رئيس أركان الجيش المتوفى حديثا بأزمة قلبية، الفريق أحمد قايد صالح، هو من أمر بسجنهم، وساد اعتقاد بأنه هو من يقف وراء تهمة «التآمر على الجيش»، لأن الاجتماعات التي عُقدت تناولت عزله ووضع زروال رئيساً لفترة انتقالية. وبرحيل قايد صالح، اعتقد أصحاب القضية أن الوضع السياسي تغيّر، وأن الظروف التي كانت مشحونة قبل أشهر زالت، وعليه فالقضاء العسكري قد يبدي شيئاً من الليونة مع المتهمين الأربعة، عندما تعاد محاكمتهم. غير أن التماس 20 سنة سجناً من طرف النيابة، بدد آمالهم وتوقعوا تأكيد الحكم الأول.

يُشار أيضاً إلى أن المحكمة العسكرية دانت في حكمها الأول، غيابياً، وزير الدفاع السابق اللواء خالد نزار، وأحد أبنائه، ويدعى لطفي، ورجل أعمال يسمى فريد بن حمدين، بـ20 سنة سجناً، بناءً على تهمتي «التآمر على الجيش» و«المساس بالنظام العام». ويعود السبب إلى تصريحات نارية لنزار ضد قائد الجيش آنذاك، قايد صالح، الذي قال عنه إن «مستقبلاً حالكاً ينتظر الجزائر على يديه». وأطلق القضاء مذكرة اعتقال دولية ضد نزار وابنه، الموجودين حالياً بإسبانيا.

من جهته، صرّح نور الدين بن يسعد، عضو فريق الدفاع عن حنون، للصحافة، بعد رفع الجلسة لفترة قصيرة، بأن الدفاع «أكد في مرافعته أن السيدة حنون كانت تؤدي واجبها رئيسة حزب (رئيسة حزب العمال)، فقد التقت بالسيد سعيد بوتفليقة الذي كان مسؤولاً في الدولة، وفي مكان معروف (إقامة تابعة للرئاسة)، وقد أعطت رأيها في الأحداث، ودعت السعيد إلى أن ينقل طلبها إلى الرئيس بالاستقالة، وبأنه كان مستحيلاً أن يبقى في الحكم بعد ثورة الشعب عليه». ويرى بن يسعد أن متابعة حنون «قامت على أساس سياسي، والتهم سياسية، إذ لا شيء يثبت أنها، كشخص مدني، تآمرت على الجيش، ولا هي تآمرت على الدولة».

وبدا في تصريحات عدد من المحامين استياء من رفض القاضي إحضار الرئيس السابق اليمين زروال، للإدلاء بشهادته. وقال محامٍ، فضّل عدم نشر اسمه، «إذا كانت حنون متورطة فيما سمي تآمراً، فالتهمة تنطبق أيضاً على زروال، لأنه حضر هو أيضاً تلك الاجتماعات التي يعتبرها التحقيق جريمة. وصراحة لا نفهم لماذا هذه المعايير المزدوجة في التعامل مع أطراف القضية، فهي تمنع الوصول إلى الحقيقة». ويتيح القضاء الجزائري للمتهمين درجة ثالثة وأخيرة في التقاضي، هي المحكمة العليا، وهي مرفق مدني لكن يحكم في الملفات التي يعالجها القضاء العسكري.