التاريخ: كانون ثاني ٢٠, ٢٠٢٠
المصدر: جريدة الشرق الأوسط
الجزائر: حكم بسجن طالب لنشره «كتابات مسيئة»
حقوقيون ينددون بـ«ازدواجية» خطاب الرئيس وممارسته على أرض الواقع
 الجزائر: بوعلام غمراسة 
 قضت محكمة في جنوب الجزائر، أمس، بسجن طالب جامعي لمدة 18 شهراً حبساً نافذاً، بسبب نشره فيديوهات وكتابات على شبكة التواصل الاجتماعي، عُدت مسيئة لرئيس الدولة وقوات الأمن. وفي العاصمة وعنابة (شرق)، طالبت النيابة بـ6 أشهر حبساً نافذاً بحق مسؤول تنظيم ناشط في مجال محاربة الفساد، وضد صحافي تلاحقه السلطات منذ أشهر بسبب انخراطه القوي في الحراك الشعبي.

وقال صحافيون، بمدينة بسكرة (450 كيلومتراً جنوب)، إن أفراد عائلة طالب كلية الحقوق محمد الأمين بن عالية، أصيبوا بصدمة شديدة لدى سماعهم الحكم الذي عدوه قاسياً، بالمقارنة إلى الوقائع التي تعود إلى انتخابات الرئاسة التي جرت في 12 ديسمبر (كانون الأول) الماضي. ففي سياق التفاعل مع المترشحين الخمسة للاستحقاق، انتقد محمد الأمين أحدهم، هو عبد المجيد تبَون، الذي أصبح لاحقاً رئيساً للجمهورية، وقال عنه حينها إنه «مرشح نظام غير شرعي مرفوض شعبياً».

كما نشر الشاب على حسابه بـ«فيسبوك»، صور فيديو كانت متداولة بقوة، تتعلق بمشاهد عنف تعرض لها متظاهرون على أيدي قوات مكافحة الشغب، في وهران (كبرى مدن غرب البلاد). واعتبرت النيابة ذلك «إهانة لهيئة نظامية»، وكانت مديرية الأمن استنكرت نشر الصور، من دون أن تنفي صحتها.

من جهة أخرى، وفي محكمة عنابة (شرق)، طالبت النيابة بإنزال عقوبة 6 أشهر حبساً نافذاً بحق الصحافي والناشط بالحراك المحلي، مصطفى بن جامع. وتمت متابعته في شهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، بتهم «التحريض على التجمهر غير المسلح»، و«المشاركة في تجمهر غير مسلح» و«منع مترشح من تنظيم تجمع في إطار الحملة الانتخابية». والتهم الثلاث تتعلق بوجود المرشح الرئاسي السابق علي بن فليس في عنابة لغرض الدعاية لترشحه، وقد تظاهر ضده ناشطون بالحراك، منهم بن جامع الذي قال في محاضر الشرطة إن المظاهرة كانت سلمية لم يجنح فيها «الحراكيون» إلى العنف. ووضع القاضي الملف في المداولة، وحدد يوم 2 فبراير (شباط) المقبل، تاريخاً للنطق بالحكم. يشار إلى أن بن جامع ممنوع من السفر بقرار من قاضي التحقيق.

وفي محكمة سيدي أمحمد بالعاصمة، طالب ممثل النيابة أمس بعقوبة 6 أشهر حبساً نافذاً، ضد رئيس «جمعية مكافحة الفساد» مصطفى عطوي، الذي اعتقل يوم الجمعة الماضي خلال المظاهرات الأسبوعية المعارضة للسلطة. ويقع عطوي تحت طائلة تهم مرتبطة بنشاطه وتصريحاته ضد كبار المسؤولين. وسيعلن القاضي عن الحكم في 2 من الشهر المقبل، على أن يبقى عطوي في الحبس الاحتياطي، أما الصحافي بن جامع فهو في حالة إفراج مؤقت.

وكان الرجل الثاني في الجمعية حليم فدَال، قد استعاد حريته قبل أيام بعد سجن دام أشهراً، بسبب نشاطه هو أيضاً. وهو حالياً في إفراج مؤقت ينتظر محاكمته. ويوجد في سجون كثيرة بالبلاد عشرات المتظاهرين يواجهون التهم نفسها، بينهم عدة نساء ناشطات في تنظيمات بالمجتمع المدني، وطالبات بالجامعات.

وكان الرئيس تبون، أبدى لقادة أحزاب وشخصيات عامة التقَوه الأسبوع الماضي، إرادة بإصدار أوامر للإفراج عن «معتقلي الحراك»، بحسب ما نقله عنه سفيان جيلال رئيس حزب «جيل جديد». 

 حقوقيون ينددون بـ«ازدواجية» خطاب الرئيس وممارسته على أرض الواقع 
 الأحد  19 يناير 2020 

الجزائر: بوعلام غمراسة 
انتقد ناشطون سياسيون وحقوقيون في الجزائر وجود «ازدواجية» واضحة بين الخطاب والممارسة على أرض الواقع، بخصوص تعامل السلطات الجديدة المنبثقة عن انتخابات الرئاسة، التي جرت الشهر الماضي، مع الحراك الشعبي، خاصة بعد أن شهدت مظاهرات الجمعة موجة اعتقال جديدة، وذلك بعد أيام فقط من تعهدات أطلقها الرئيس عبد المجيد تبون بالإفراج عن «معتقلي الرأي». وأكد أعضاء بـ«لجنة الإفراج عن المعتقلين»، وهو تنظيم نشأ في سياق الانتفاضة الشعبية ضد الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة، أن قوات الأمن اعتقلت 15 متظاهرا بالعاصمة، أول من أمس، تم وضعهم في الحجز تحت النظر وسيعرضون على النيابة اليوم.

وكتب المحامي عبد الغني بادي، أحد أشهر المدافعين عن معتقلي الحراك، بحسابه بشبكة التواصل الاجتماعي، أن الناشطين ميسوم زروق ورضا بوغريسة وكمال نميش وأمين بن سعيد قضوا ليل الجمعة بمراكز الشرطة بالعاصمة، وسيتم – بحسبه - عرضهم على النيابة اليوم. مشيرا إلى أن اعتقالات الجمعة «تشبه الاعتقالات التي وقعت في سبتمبر (أيلول) الماضي». في إشارة إلى تعرض مئات المتظاهرين للاعتقال وإيداع أغلبهم الحبس الاحتياطي.

وأشار بادي إلى سجن مصطفى عطوي، رئيس «الجمعية الجزائرية لمحاربة الفساد»، لأسباب «غير معروفة». علما بأن عطوي اشتهر بانتقاده الشديد للمسؤولين، وتتبعه لأخبار الفساد في القطاعات الاقتصادية وفي الإدارة الحكومية. ويتوقع أن يقدم للنيابة هو أيضا. وكان الرجل الثاني في الجمعية نفسها، حليم فدال، قد قضى هو الآخر أشهرا في السجن وأفرج عنه، على أن يحاكم لاحقا بسبب انخراطه في المظاهرات، ومواقفه المعارضة لتنظيم انتخاب 12 ديسمبر (كانون الأول) الماضي. وجرى اعتقال حكيم عداد، الرئيس السابق للتنظيم الشبابي (تجمع - عمل - شباب)، ووضع في الإفراج المؤقت، بعد فترة قضاها في الحبس الاحتياطي، فاقت 4 أشهر. ويتوقع أن يحاكم قريبا، حسب محاميه، بتهمة «التحريض على التجمع في الفضاء العام، من دون رخصة من السلطات»، وهي تهمة محل انتقاد من غالبية المحامين والناشطين الحقوقيين، ويقع تحت طائلتها عشرات المعتقلين. كما يوجد رئيس التنظيم الشبابي عبد الوهاب فرساوي في السجن منذ شهرين.

في غضون ذلك، لا يزال العشرات من «معتقلي راية الأمازيغ» في السجن ينتظرون المحاكمة، وكان أطلق سراح بعضهم بعد الإعلان عن نتائج الانتخابات الرئاسية. ومن أبرز مساجين الحراك الناشط السياسي كريم طابو، والكاتب الصحافي فضيل بومالة، والناشط سمير بلعربي، وهم متابعون بـ«إضعاف معنويات الجيش». وينسب حقوقيون سجنهم إلى رئيس أركان الجيش المتوفى حديثا، الفريق أحمد قايد صالح الذي هاجم المتظاهرين عدة مرات، واتهمهم بـ«خدمة أجندات أجنبية بهدف ضرب استقرار الجزائر».

وطالب قادة أحزاب وناشطون من الرئيس أثناء لقاءات، جمعتهم به في إطار «الحوار» الجاري منذ أسبوعين، بإطلاق سراح المعتقلين كافة، كأحد شروط تهدئة الوضع في البلاد. ونقل سفيان جيلالي، رئيس حزب «جيل جديد»، عن تبون أنه «ينوي الإفراج عنهم قريبا». غير أن أحداث الجمعة التي تميزت باستعمال قوات الأمن القوة ضد المظاهرات، واعتقال متظاهرين في العاصمة وفي مدن أخرى، يؤكد حسب مراقبين، هوة كبيرة بين إشادة الرئيس الجديد بـ«سلمية وتحضر الحراك»، وتصرفات رجال الأمن في الميدان. فيما يخشى قطاع من الملاحظين من احتمال عجز السلطة الجديدة عن التحكم في الجهاز الأمني، الذي عاد بقوة ليبسط نفوذه على الشأن العام منذ اندلاع الأزمة قبل 11 شهرا.

وتفيد مصادر قريبة من الحكومة لـ«الشرق الأوسط» بأن الرئيس يتحاشى التدخل في ملف معتقلي الحراك، تجنبا لما يمكن أن يفهم أنه يؤثر على قرارات القضاء في هذا الملف. وكان تبون قد وصف الحراك بأنه «مبارك»، وتعهد بألا يتصدى له إن أصبح رئيسا للبلاد.