التاريخ: كانون ثاني ١٦, ٢٠٢٠
المصدر: جريدة الشرق الأوسط
«الجيش الوطني» يعزز قواته في طرابلس... و«الوفاق» تتهمه بخرق الهدنة
ألمانيا تخفّض سقف توقعاتها لمؤتمر برلين
ألمانيا تخفّض سقف توقعاتها لمؤتمر برلين  
مشاركة السراج وحفتر في القمة غير مؤكدة... وتساؤلات حول أسباب إقصاء تونس والمغرب واليونان 


برلين: راغدة بهنام 
خفضت ألمانيا من سقف توقعاتها لمؤتمر برلين حول ليبيا الذي طال انتظاره، والذي سيُعقد يوم الأحد المقبل.

ووصفت أولريك ديمر، نائبة المتحدث باسم الحكومة الألمانية، المؤتمر بأنه «مهم»، لكنها عدّته مجرد «بداية» فقط، وقالت إن برلين تأمل أن يشكل المؤتمر «حجر الأساس على طريق الحل السياسي». مشددةً على أن «حل كل المشكلات» التي تعاني منها ليبيا «لا يمكن أن يتحقق خلال يوم واحد».

في سياق ذلك، أعلنت الحكومة الألمانية، أمس، أنه لم يتضح بعد ما إذا كان فائز السراج، رئيس حكومة الوفاق الوطني الليبية، المعترف بها دولياً، وخصمه الجنرال خليفة حفتر، قائد الجيش الوطني الليبي، سيشاركان في المؤتمر المقرر عقده في برلين بشأن ليبيا.

وقالت ديمر إنه من المنتظر أن يشارك في المؤتمر الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، والمبعوث الأممي الخاص إلى ليبيا غسان سلامة، وممثلون عن الولايات المتحدة وروسيا وبريطانيا وفرنسا والصين والإمارات وتركيا، إضافةً إلى الكونغو وإيطاليا ومصر والجزائر والأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي، والاتحاد الأفريقي، والجامعة العربية.

وأوضحت ديمر أن الحكومة الألمانية تسعى عبر هذا المؤتمر إلى التوصل إلى تفاهم دولي حول التصرف في النزاع الليبي كخطوة أولى، وقالت إن مؤتمر ليبيا في برلين «ليس نقطة نهاية، بل بداية عملية سياسية... وحل كل المشكلات الليبية لا يمكن أن يتم خلال يوم واحد». مشددةً على أن «الهدف هو دعم مساعي الأمم المتحدة من أجل عملية تصالح داخلي في ليبيا، عبر مجموعة من الدول والمنظمات الدولية. ونحن على قناعة راسخة بأنه لا يمكن إنهاء الحرب الأهلية إلا بحل سياسي».

وكان المتحدث باسم الخارجية الألمانية قد أشار أيضاً في وقت سابق، إلى أن مؤتمر برلين «لا يمكن إلا أن يكون بداية عملية طويلة»، موضحاً أن عملية برلين تدعم النقاط الثلاث، التي يسعى المبعوث الأممي إلى ليبيا غسان سلامة لتحقيقها، والتي تهدف في النهاية إلى جمع الأطراف الليبية على طاولة الحوار للوصول لحل سياسي.

في سياق ذلك، عبّر سلامة عن أمله أن يحقق مؤتمر برلين «حداً أدنى من التوافق الدولي»، وقال إنه لجأ إلى ما باتت تُعرف بـ«عملية برلين»، بعد أن فشل في تحقيق توافق دولي في مجلس الأمن المنقسم بشدة على نفسه. كما انتقد سلامة في تصريحات صحافية «الازدواجية لدى الدول المعنية في التعاطي مع الأزمة الليبية»، مشيراً إلى انتهاكات قرار حظر تسليم الأسلحة لأي طرف، موضحاً أن 12 دولة خرقت هذا القرار.

في سياق ذلك، تسبب استثناء برلين لدولتي اليونان وتونس من الدعوة للمؤتمر في استياء البلدين، كما لم توجه ألمانيا دعوة إلى المغرب لحضور المؤتمر، الذي دعت إليه من الدول العربية الجزائر والإمارات ومصر.

وقال وزير الخارجية اليوناني نيوكوس دندياس، في مؤتمر صحافي، في المغرب، إنه «يستغرب» غياب المغرب واليونان عن المؤتمر، ووجه انتقادات شديدة إلى الاتفاق الذي عقدته تركيا مع حكومة السراج.

من جهته، عبّر السفير التونسي لدى برلين أحمد شفرا عن استغرابه من عدم دعوة بلاده للمؤتمر، وقال في تصريحات لتلفزيون «دويتشه فيله» إن تونس «من أكثر الدول تأثراً بالأزمة الليبية على الصعيدين الأمني والاقتصادي. وما يزيد من الاستغراب من عدم دعوة تونس هو أن العلاقة مع برلين ممتازة، وهي علاقة ثقة».

في سياق ذلك، ذكرت الرئاسة التركية أمس، أن الرئيس رجب طيب إردوغان، بحث في اتصال هاتفي مع نظيره الأميركي دونالد ترمب، التطورات في ليبيا.

ومن جهتها، ذكرت الخارجية الفرنسية، أمس، أن الجهود التي تبذلها روسيا للتوسط في وقف لإطلاق النار بين الأطراف المتحاربة في ليبيا «لم تكن حاسمة»، وحثّت جميع الأطراف، بمن فيهم الداعمون الأجانب، على دعم وقف لإطلاق النار قبيل محادثات يوم الأحد المقبل في برلين.

وقال وزير الخارجية الفرنسية جان إيف لودريان، أمام جلسة برلمانية، أمس: «لا يمكن الخروج من هذا المأزق إلا بعملية سياسية. لن يكون هناك حل عسكري... وعلى كل طرف احترام الهدنة لأن ذلك ضروري لمؤتمر برلين يوم الأحد». وألقى باللائمة على تركيا، خصوصاً في خطواتها العسكرية الحديثة مع السلطات في ليبيا، قائلاً إنها «انتهاك واضح لحظر السلاح الذي تفرضه الأمم المتحدة».

بدوره، أعرب الاتحاد الأوروبي عن أمله أن تسفر قمة برلين عن خطوة نحو عقد هدنة بين طرفي الصراع في الحرب الأهلية في ليبيا.

وقال جوزيب بوريل، مسؤول العلاقات الخارجية في الاتحاد الأوروبي، أمس، إن التكتل يتوقع أن تسهم القمة في «دفع العملية السياسية في ليبيا قدماً في ظل احتمال عقد هدنة».

ومن جانبها، أعربت روسيا عن أملها توجه ممثلين عن أطراف النزاع الليبي إلى القمة التي ستنعقد في برلين لبحث الأزمة الليبية، إذ نقلت وكالة الأنباء الروسية «إنترفاكس» عن وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، قوله أمس خلال زيارته للعاصمة الهندية نيودلهي، إنه «فقط بهذه الطريقة يمكن ضمان أنهم سيقبلون جميع القرارات المتفق عليها خلال الاجتماع... وهذه نقطة مهمة». 

 واصلت «الميليشيات» الموالية لحكومة الوفاق الليبي توجيه اتهامات للجيش الوطني بخرق الهدنة، قالت مصادر إن الجيش عزز قواته قرب طرابلس مع «الالتزام بسريان الهدنة».

وكشفت مصادر في الجيش الوطني لـ«الشرق الأوسط»، أمس، عن «وصول تعزيزات عسكرية لقوات الجيش في العاصمة طرابلس، مع الالتزام بالهدنة ووقف العمليات العسكرية مؤقتا في مختلف محاور القتال، وذلك رغم التجاوزات المستمرة من الميليشيات الموالية لحكومة السراج».

وناقش السراج أمس في طرابلس، مع غسان سلامة، رئيس بعثة الأمم المتحدة في ليبيا، ونائبته للشؤون السياسية ستيفاني ويليامز، «مستجدات الأوضاع في البلاد، وعملية وقف إطلاق النار، والمشاورات الجارية لعقد مؤتمر في برلين لإيجاد حل سلمي للأزمة».

وكان السراج قد أكد لدى عودته مساء أول من أمس إلى طرابلس، بعد جولة شملت إيطاليا وتركيا وروسيا، ثقته في «قدرة القوات الموالية لحكومته»، وقال في بيان وزعه مكتبه: «مستعدون لمسارات السلم، الذي يحتاج إلى شجاعة، وإذا اختاروا الحرب فنحن مستعدون وواثقون من قدراتنا». مشيدا بـ«تضحيات» قواته، والقوات المساندة التي قال إنها «أفشلت بشجاعتها وتضحياتها مشروع عسكرة الدولة»، كما أشار إلى أنه «وقّع في موسكو على وقف إطلاق النار وإجراءات استتباب الاستقرار، استجابة لمبادرة تركيا وروسيا، وحقناً لدماء الليبيين، وفي إطار الثوابت الوطنية».

وأعلنت «عملية بركان الغضب»، التابعة لحكومة «الوفاق»، أنها «رصدت خرقاً من الجيش الوطني في محوري الرملة وصلاح الدين بالعاصمة طرابلس»، مشيرة إلى أن «قواتها ردّت على مصادر النيران».

كما اتهمت على لسان الناطق باسمها في بيان مساء أول من أمس، قوات الجيش بـ«إطلاق بعض القذائف عشوائيا خلف خطوطها باتجاه الأحياء السكنية»، وتحدثت عما قالت إنه «رصد لتحشيد للمرتزقة، مع تحليق للطيران المسير في سماء العاصمة».

ودعت «بركان الغضب» الأهالي النازحين إلى «توخي الحيطة والحذر، واستبعاد فكرة العودة لمنازلهم في هذا التوقيت، الذي تسرح فيه الميليشيات، وتبحث عن أي فرصة للانتقام»، على حد قولها.

ومع ذلك، فقد نقلت وسائل إعلام محلية موالية لحكومة السراج عن اللواء أسامة الجويلي، آمر غرفة العمليات المشتركة بالمنطقة الغربية، التزام قواته بوقف إطلاق النار، لكنه اعتبر في المقابل أن ذلك «لا يعني عدم الرد على الاعتداءات حسب قواعد الاشتباك».

إلى ذلك، وفيما بدا أنه بمثابة رفض إيطالي لمطالب الجيش الوطني بسحب القوات الإيطالية، الموجودة في مدينة مصراتة بغرب ليبيا، نفى وزير الدفاع الإيطالي لورينزو غويريني وجود «تهديدات مباشرة» للجنود الإيطاليين في المدينة. وقال إن «هناك ما وصفه بـ(قيمة إيجابية) لمشاركة حفتر في مؤتمر برلين المرتقب»، موضحا أن «صمود وقف إطلاق النار لأجل غير محدود يبقى الهدف الأساسي لتطوير حوار سياسي بين الليبيين، يقود في نهاية المطاف إلى وقف نهائي للأعمال العدائية، وإلى حل الأزمة الإنسانية الجارية هناك».

وكان رئيس الحكومة الإيطالية جوزيبي كونتي قد أكد أمس أن «حكومته لن ترسل جنوداً إيطاليين لمراقبة وقف إطلاق النار في ليبيا إن لم يكن ذلك في ظل ظروف آمنة، وفي سياق سياسي واضح للغاية».

وبسؤاله عن التزام محتمل لبلاده بعمليات مراقبة السلام في ليبيا، قال كونتي في تصريحات نقلتها وكالة «آكي» الإيطالية: «نحن لا نستبعد على الإطلاق هذه الفرضية، وسنتحدث عن ذلك في مؤتمر برلين»، موضحا أن «إيطاليا مستعدة بالتأكيد للقيام بذلك، ولكن يتعين علي ومع البرلمان ضمان أمن القوات الإيطالية».
 
إلى ذلك، أعلن «مصرف ليبيا المركزي» الموجود في طرابلس، أن إيرادات البلاد النفطية بلغت 31 مليار دينار ليبي (نحو 22 مليار دولار أميركي) خلال العام الماضي، وقال في بيان إن «إجمالي الإنفاق العام بلغ 45.8 مليار دينار (ما يعادل 32.7 مليار دولار)».