التاريخ: كانون ثاني ٩, ٢٠٢٠
المصدر: جريدة الشرق الأوسط
بوتين وإردوغان يدعوان إلى هدنة في إدلب و«حلول جذرية» في سوريا
أوضاع إدلب وشرق الفرات كانت محور محادثات بوتين ـ الأسد
أنقرة: سعيد عبد الرازق - لندن: «الشرق الأوسط»
أكد الرئيسان: التركي رجب طيب إردوغان، والروسي فلاديمير بوتين، ضرورة ضمان التهدئة في إدلب، عبر تنفيذ جميع بنود الاتفاقيات المتعلقة بها.

وقال بيان مشترك صدر عن الرئيسين التركي والروسي، عقب مباحثاتهما في إسطنبول أمس (الأربعاء) على هامش مشاركتهما في مراسم تشغيل خط السيل التركي (توريك ستريم) لنقل الغاز الروسي إلى أوروبا عبر تركيا، إن الجانبين أكدا ضرورة الحاجة إلى زيادة المساعدات الإنسانية لجميع السوريين، دون تمييز أو تسييس أو شروط مسبقة. وشدد إردوغان وبوتين على الالتزام بحماية سيادة سوريا واستقلالها، ووحدتها السياسية، وسلامة أراضيها.

وقال وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو، في مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره الروسي سيرغي لافروف، عقب مشاركتهما في جانب من المباحثات، إن إردوغان وبوتين تبادلا وجهات النظر حول سوريا ووقف إطلاق النار في إدلب، كما بحثا التوتر الأميركي الإيراني، والوضع في العراق وليبيا.

من جانبه، قال لافروف إن الرئيسين التركي والروسي يعملان لإيجاد حلول جذرية مبنية على السلام في سوريا.

وكانت تركيا وروسيا وإيران قد أعلنت في مايو (أيار) 2017 توصلها إلى اتفاق «منطقة خفض التصعيد» في إدلب، في إطار اجتماعات آستانة، وأنشأت تركيا بموجب ذلك 12 نقطة مراقبة عسكرية في المنطقة، ثم وقَّعت تركيا وروسيا في سوتشي في 17 سبتمبر (أيلول) 2018 اتفاقاً لتثبيت خفض التصعيد، وإنشاء منطقة عازلة منزوعة السلاح، للفصل بين قوات النظام والمعارضة في إدلب.

وجرت اتصالات عدة بين مسؤولين أتراك وروس خلال الأسابيع الأخيرة، في محاولة للتوصل إلى هدنة، ووقف هجوم النظام على إدلب.

ومنذ أشهر يتعرض الريف الجنوبي والشرقي من محافظة إدلب، الواقعة في شمال غربي سوريا، لقصف جوي غير مسبوق من قوات النظام وروسيا، تزامناً مع اشتباكات تشهدها محاور القتال بين فصائل المعارضة المسلحة وقوات النظام المدعوم من روسيا وإيران، خسرت فيها المعارضة مئات من مقاتليها إلى جانب الآليات والعتاد العسكري.

وقالت جمعية «منسقي الاستجابة المدنية في الشمال السوري»، المعنية بجمع البيانات عن النازحين، إن عدداً كبيراً من سكان مدينة معرة النعمان والقرى المحيطة بها، نزحوا باتجاه المناطق القريبة من الحدود التركية، مشيرة إلى أن إجمالي عدد النازحين من إدلب منذ نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي وصل إلى 359 ألفاً و418 نازحاً، بحاجة إلى المأوى والمساعدات.

ويعاني النازحون من غياب أبسط الخدمات الأساسية للعيش، من قبيل التغذية، والخدمات الصحية، وغيرها، كما تزيد ظروف الشتاء القاسية من معاناتهم. وتواصل الأمم المتحدة إرسال المساعدات إلى المحتاجين في محافظة إدلب والنازحين، بالتزامن مع تواصل قصف قوات النظام وروسيا على ريف إدلب الجنوبي والشرقي.

وعشية لقاء إردوغان وبوتين، قالت الرئاسة التركية إن «نظام بشار الأسد يواصل بدعم من روسيا ارتكاب المجازر ضد المدنيين في إدلب، وهو ما يخالف جميع القوانين الدولية والاتفاقيات التركية - الروسية».

وذكر المتحدث باسم الرئاسة التركية، إبراهيم كالين، أن موقف بلاده من نظام بشار الأسد واضح، وأن الأسد «فقد صفة القائد الذي سينقل سوريا إلى مستقبل ديمقراطي وتعددي يسوده السلام».

وأضاف كالين، في مؤتمر صحافي الليلة قبل الماضية، عقب اجتماع للحكومة التركية في أنقرة برئاسة إردوغان، أن مواصلة النظام السوري هجماته على إدلب، دليل على أنه لا ينوي إقامة سلام دائم فيها.

ولفت إلى أن الوضع الحرج في إدلب عاد مجدداً إلى جدول أعمال العالم في الأيام الأخيرة، مشيراً إلى أن هجمات النظام السوري وروسيا مخالفة لاتفاقيتي آستانة وإسطنبول (المتعلقة بوقف إطلاق النار في نهاية 2017).

وتابع بأن بلاده جددت دعواتها للنظام السوري بضرورة إيقاف هجماته، وأيضاً لروسيا التي لولا دعمها الجوي لما تمكن النظام من التقدم على الأرض.

وأشار كالين إلى أن بلاده مكَّنت أكثر من 360 ألف سوري من العودة الطوعية إلى مناطقهم، بعد تأمينها وعودة الحياة إلى طبيعتها، في أعقاب عمليات عسكرية نفذتها في شمال سوريا، مضيفاً أن بلاده أفشلت ما سماه «مشروع إنشاء دولة إرهابية» على الحدود مع تركيا، بدعم من الولايات المتحدة، في إشارة إلى الدعم الأميركي للأكراد في شمال سوريا. وكان إردوغان وبوتين قد دشنا رسمياً في حفل في إسطنبول خط الأنابيب التركي للغاز (تورك ستريم)، الذي يرمز إلى تقاربهما، في ظل توتر إزاء النزاع في كل من ليبيا وسوريا.

ووصف إردوغان تدشين خط الأنابيب الذي سينقل الغاز الروسي إلى تركيا وأوروبا عبر البحر الأسود، بأنه «حدث تاريخي للعلاقات التركية - الروسية وخريطة الطاقة الإقليمية». وقال بوتين من جهته، إن «الشراكة بين روسيا وتركيا تتعزز في كل المجالات، رغم جهود من يعارضونها».

وبعد كلمتيهما، فتح الرئيسان صماماً رمزياً لأنبوب غاز، للإشارة إلى بدء العمل بهذا الخط. ووصل بوتين إلى تركيا في ساعة متأخرة الثلاثاء، بعد زيارة مفاجئة لدمشق هي الأولى له منذ اندلاع النزاع، وسط تصاعد التوتر في الشرق الأوسط على خلفية اغتيال قائد «فيلق القدس» الجنرال الإيراني قاسم سليماني، بضربة أميركية في العراق. ويسمح خطا أنابيب «تورك ستريم» و«نورد ستريم» اللذان يمران تحت بحر البلطيق لروسيا، بزيادة إمداداتها من الغاز إلى أوروبا، من دون المرور بأوكرانيا.

غير أن هيمنة موسكو المتزايدة على أسواق الغاز الأوروبية أقلقت الولايات المتحدة التي فرضت الشهر الماضي عقوبات على شركات مرتبطة بمشروعي «تورك ستريم» و«نورد ستريم – 2» الذي يقترب من الإنجاز.

ولا تزال سوريا تمثل برميل بارود محتملاً لعلاقة إردوغان وبوتين. وصعدت القوات الحكومية السورية المدعومة من روسيا عمليات القصف التي استهدفت آخر معاقل الفصائل في محافظة إدلب في الأسابيع الأخيرة، ما أدى إلى نزوح آلاف الأشخاص باتجاه الحدود التركية. ودعا إردوغان إلى وقف لإطلاق النار في إدلب، في أعقاب هدنتين موقتتين تم التوصل إليهما مع روسيا: في أواخر 2018، وفي أغسطس (آب) الفائت.

وقال يوري بارمين، مدير دائرة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في مجموعة «موسكو بوليسي» للأبحاث، إن «مطالب روسيا بسيطة جداً. على تركيا بذل مزيد من الجهود للقضاء على الخلايا الإرهابية في إدلب. ستتناول النقاشات هذه الفكرة».

أوضاع إدلب وشرق الفرات كانت محور محادثات بوتين ـ الأسد

لندن: «الشرق الأوسط»
شكر الرئيس السوري بشار الأسد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على مساهمة موسكو في دعم دمشق في السنوات الأخيرة، وذلك بعد محادثات جرت أول من أمس تناولت الأوضاع في إدلب وشرق الفرات قبل لقاء بوتين والرئيس التركي رجب طيب إردوغان في إسطنبول أمس.

ونشرت الرئاسة السورية جانبا من اجتماع بوتين والأسد في مقر تجمع القوات الروسية في دمشق. وأضافت «عقدت محادثات ثنائية بين الجانبين الروسي والسوري، وأشار في سياقها بوتين إلى أنه يمكن الآن الإعلان بثقة، عن قطع شوط كبير في اتجاه إعادة بناء الدولة السورية ووحدة أراضيها».

كما أشار بوتين خلال المحادثات إلى استتباب الوضع الأمني الذي تمكن من مشاهدته أثناء تنقله في دمشق، وبدا ذلك في عمل المحال التجارية وحركة السيارات الطبيعية، لافتا أن علامات استعادة الحياة السلمية في شوارع دمشق يمكن مشاهدتها بالعين المجردة.

من جانبه، شكر الأسد بوتين على «الزيارة وأعرب له عن تقديره لمساعدة روسيا والجيش الروسي في الحرب ضد الإرهاب، واستعادة الحياة السلمية في سوريا». وأفادت وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا) أن الأسد رافق بوتين إلى المطار لوداعه بعد زيارة هي الأولى منذ 2011، حيث عقدا «اجتماعاً في مقر تجميع القوات الروسية بدمشق، واستمعا إلى عرض موسع لتقارير عسكرية بحضور وزيري دفاع البلدين».

وتابعت: «قدم بوتين التهاني والتبريكات للقوات الروسية العاملة في سوريا بمناسبة عيد الميلاد المجيد، وهنأهم على أداء واجباتهم إلى جانب زملائهم من الضباط والجنود السوريين والتي أثمرت دحراً للإرهاب وعودة للأمن، والاستقرار في الكثير من المناطق السورية، ومنها دمشق التي عبر بوتين عن سروره بمظاهر الحياة والأمان التي شاهدها فيها خلال طريقه من مطار دمشق الدولي».

كما هنأ الأسد «الضباط والعسكريين الروس بمناسبة عيد الميلاد»، حسب «سانا». وأضافت «أعرب عن تقديره وتقدير الشعب السوري لما حققوه من إنجازات كبيرة خلال الأعوام الماضية، ولما قدموه من تضحيات إلى جانب أقرانهم من أبطال الجيش العربي السوري والذين أكدوا بذلك على الإرث النضالي والأخلاقي والإنساني الذي ورثوه عن أجدادهم الذين قارعوا النازية وانتصروا عليها قبل عقود».

بعد ذلك، ناقش الرئيسان الأسد وبوتين في اجتماعين أحدهما مغلق «التطورات الأخيرة في المنطقة وخطط استكمال الجهود المشتركة للقضاء على الإرهاب الذي يهدد أمن وسلامة المواطنين السوريين في إدلب».

وتطرق اللقاء إلى «تطورات الأوضاع والإجراءات التي تقوم بها تركيا في شمال شرقي سوريا، إضافة إلى سبل دعم المسار السياسي وتهيئة الظروف المناسبة له بما يزيل العقبات التي توضع في وجهه ويثبت الإنجازات التي تحققت عبر الجهود السورية الروسية المشتركة في مكافحة الإرهاب».

وأكد الرئيسان الأسد وبوتين أن «الهدف الأساسي من المسار السياسي هو عودة الاستقرار والأمن إلى جميع المناطق السورية، وتحقيق مصالح الشعب السوري في الحفاظ على وحدة سوريا واستقلالها وسلامة أراضيها، بما يدفع باتجاه توفير بيئة اقتصادية أفضل للانطلاق بعملية إعادة الإعمار». كما جالا في العاصمة دمشق وزارا الجامع الأموي الكبير، وقدم بوتين نسخة تاريخية من القرآن الكريم تعود للقرن السابع عشر هدية للجامع، وسجل كلمة في سجل الزوار. وفي نهاية الجولة اختتم بوتين زيارته لسوريا، حيث ودعه الرئيس الأسد على أرض مطار دمشق الدولي.أوضاع إدلب وشرق الفرات كانت محور محادثات بوتين ـ الأسد