التاريخ: كانون ثاني ٩, ٢٠٢٠
المصدر: جريدة الشرق الأوسط
ترمب يقابل «التراجع» الإيراني بتفادي التصعيد
{انتقام} إيراني باليستي لسليماني بلا خسائر أميركية
واشنطن: هبة القدسي - بغداد - لندن: «الشرق الأوسط»
قابل الرئيس الأميركي دونالد ترمب، «التراجع» الذي ظهر من إيران من خلال تنفيذها فجر أمس، ضربة «محدودة جداً» على قاعدتين ينتشر فيهما جنود أميركيون في العراق، بتفادي مزيد من التصعيد، وذلك وسط تباين في ردود العراقيين حول «انتهاك» إيران لسيادة بلدهم.

وأكدت السعودية، أمس، سعيها لتجنيب العراق خطر الحرب. وقال نائب وزير الدفاع السعودي الأمير خالد بن سلمان في تغريدة على «تويتر»: «تقف المملكة وقيادتها دوماً مع العراق الشقيق ومع شعبه العزيز، وستبذل ما في وسعها لتجنيبه خطر الحرب والصراع بين أطراف خارجية، وأن يحيا شعبه الكريم في رخاء بعد ما عاناه من ويلات في الماضي».

من جانبه قال الأمير فيصل بن فرحان وزير الخارجية السعودي على موقعه في {تويتر}: {العراق بلد عربي شقيق، وهو أحوج ما يكون اليوم لتكاتف أبنائه الحكماء لتجنيبه الحرب وأن لا يكون ساحة لمعركة هو الخاسر الأكبر فيها، وستقف المملكة كما هو عهدها دوماً مع كل جهود تحقيق الأمن والاستقرار للعراق وتمكينه من تحقيق تطلعات شعبه العزيز}.

وفي كلمة متلفزة للأمة من البيت الأبيض، أمس، رأى ترمب أن طهران «تخفف من حدة موقفها على ما يبدو» بعدما دأبت في الأيام الماضية على التلويح بـ«انتقام قاسٍ» من الأميركيين لقتلهم القائد العسكري البارز قاسم سليماني في بغداد.

وقال ترمب إنه «لم يُصَب أي أميركي بأذى» في الضربة الصاروخية التي استهدفت قاعدتين عسكريتين في الأنبار وأربيل. وأعلن فرض عقوبات اقتصادية إضافية «قاسية» على إيران، إلا أنه رحّب بإشارات إلى «أنها تخفف من حدة موقفها»، في تلميح إلى أن الولايات المتحدة لا تنوي الرد عسكرياً على القصف الإيراني. وقال: «يبدو أن إيران تخفّف من حدة موقفها، وهو أمر جيد لجميع الأطراف المعنيين وللعالم. لم نخسر أي أرواح أميركية أو عراقية».

وكان «الحرس الثوري» قد أعلن فجر أمس، أنه «تم تنفيذ الثأر» لمقتل قاسم سليماني، قائد ذراعه الخارجية «فيلق القدس»، معلناً إطلاق عشرات الصواريخ متوسطة المدى باتجاه قاعدتي «عين الأسد» في الأنبار و«الحرير» قرب أربيل. وحذّر «الحرس»، في بيان، من الرد على الهجوم، ولوّح باستهداف المناطق التي قد تكون منطلقاً للرد الأميركي. وأوضح أن وحدته الصاروخية أطلقت 15 صاروخاً باليستياً من إيران على الأراضي العراقية، زاعماً أن 80 أميركياً قُتلوا.

ونقلت وكالة «رويترز» عن مصادر حكومية أميركية وأوروبية مطّلعة على تقديرات المخابرات، أنه من المعتقد أن إيران سعت عمداً لتجنب وقوع أي خسائر في صفوف الأميركيين.

وأعلن الزعيم الشيعي العراقي مقتدى الصدر، مساء أمس، أن الأزمة انتهت، داعياً الفصائل المسلحة إلى وقف أي هجمات ضد الأميركيين، وسط تقارير عن إطلاق صاروخين ليلاً على المنطقة الخضراء، وتهديدات من فصائل شيعية بهجمات انتقاماً لمقتل القيادي في {الحشد الشعبي} أبو مهدي المهندس.

ترمب: أمام إيران مستقبل مشرق إذا أوقفت دعم الإرهاب
تحدّث عن عقوبات اقتصادية جديدة ودعا «الناتو» إلى تعزيز دوره في المنطقة


واشنطن: هبة القدسي
اتّجه الرئيس الأميركي دونالد ترمب، أمس، إلى خفض التصعيد مع إيران، بعد ردّها المحدود على قتل قائد «فيلق القدس» في «الحرس الثوري» الإيراني، قاسم سليماني.

وعرض ترمب، في كلمة ألقاها من البيت الأبيض محاطاً بنائبه مايك بنس، ووزيري الدفاع مارك إسبر، والخارجية مايك بومبيو، ومسؤولين عسكريين، السلام لمن يريد السلام، ملوحاً في الوقت ذاته بفرض عقوبات اقتصادية جديدة، وبحث خيارات أخرى.

وألقى ترمب بالكرة في ملعب طهران، ملوحاً بإمكانية أن يكون لإيران مستقبل مشرق إذا اختارت وقف دعمها للإرهاب وخفض التصعيد والدخول في اتفاق نووي جديد. وبدأ ترمب خطابه بالتأكيد أنه لن يسمح لإيران بامتلاك السلاح النووي، ثم أعرب عن ارتياحه بأن الهجمات الصاروخية الإيرانية على قاعدتين عسكريتين في العراق لم تفض إلى أي خسائر في الأرواح الأميركية أو العراقية نتيجة عمل أنظمة التحذير المبكرة.

وما بين التهديد والترغيب وإظهار تفوق القوة العسكرية الأميركية، قال ترمب إن «العالم تحمل تصرفات إيران المدمرة منذ عام 1979 (...)، وقررنا الأسبوع الماضي وقف التهديدات وقتل الإرهابي قاسم سليماني قائد (فيلق القدس) الذي عمل مع (حزب الله) لإطلاق صواريخ واستهداف أرواح مئات الآلاف، وخطط للهجمات على سفارة أميركا في بغداد، وكان يخطط لهجمات أخرى ضد الولايات المتحدة». وتابع أنه بقتل سليماني «أرسلنا رسالة قوية، مفادها أن الولايات المتحدة ستفرض عقوبات اقتصادية جديدة على إيران حتى تقوم بتغيير موقفها».

وتفاخر ترمب بأن الولايات المتحدة تملك أفضل قوة عسكرية، إلا أن ذلك لا يعني أنها تريد استخدام القوة العسكرية، وتعتبر قوتها العسكرية والاقتصادية أفضل رادع، وتفاخر بأن بلاده أصبحت أكبر منتج للنفط والغاز في العالم، ولديها استقلالية.

وأضاف ترمب أن إيران حصلت على 150 مليار دولار عقب إبرام الاتفاق النووي، وبدلاً من توجيه الشكر لبلاده، كان الإيرانيون يصيحون «الموت لأميركا» وأشعلوا الاضطرابات في اليمن وسوريا ولبنان وأفغانستان والعراق، وقاموا بقتل 1500 شخص في المظاهرات التي عمت كل أنحاء إيران. وطالب الرئيس الأميركي كلاً من بريطانيا وألمانيا وفرنسا وروسيا والصين بالانسحاب مما تبقي من الاتفاق النووي الإيراني، وإبرام اتفاق جديد مع إيران، يجعل العالم أكثر أمناً.

إلى ذلك، أشار ترمب إلى أنه سيطلب من حلف الناتو تعزيز دوره في منطقة الشرق الأوسط، مذكّرا بأن إدارته «قضت على تنظيم (داعش) بنسبة 100 في المائة، وقتلت زعيمه (أبو بكر) البغدادي». وقال إن «(داعش) هو العدو الأول لإيران، ويمكن العمل معنا في هذه الأولويات المشتركة»، وأضاف موجهاً كلمته للنظام الإيراني: «يمكن أن يكون لكم مستقبل مشرق، والولايات المتحدة مستعدة لتقديم السلام لمن يريد السلام».

وبعث إلقاء ترمب خطابه، وهو محاط بالقادة العسكريين وأرفع المسؤولين في إدارته، رسالة قوّة واضحة، رافقت دعوته إلى إحلال السلام وخفض التصعيد وفرص بمستقبل واعد للنظام الإيراني.

وكان ترمب قد التقي مع فريق الأمن القومي والقادة العسكريين في غرفة العمليات طوال الصباح، قبل إلقاء خطابه الذي تأخر لأكثر من نصف ساعة. واختار ترمب إلقاء الخطاب من صالة «غراند فوايي»، وهي صالة الاستقبال الرسمية الرئيسية في البيت الأبيض، وليس المكتب البيضاوي أو الغرفة الدبلوماسية التي خرج منها خطابات رؤساء أميركيين حملت تاريخياً إعلانات حرب أو إعلان انتصارات في حروب.

تأتي تصريحات ترمب في أعقاب إطلاق إيران 22 صاروخاً باليستياً، فجر الأربعاء، بالتوقيت المحلي، على قاعدتين عسكريتين في العراق تستضيفان قوات أميركية وقوات في التحالف الدولي لمكافحة «داعش»، رداً على مقتل سليماني. وطوال ليل الأربعاء وصباح الخميس، عبّر المحللون عن تفاؤل حذر بأن الضربات الصاروخية الإيرانية قد تؤدي إلى نهاية للتصعيد، بدلاً من مواجهة أكبر تتحول إلى حرب شاملة، فيما حذر آخرون من أنه إن قامت طهران وواشنطن بتخفيف فرص الصدام العسكري على المدى القصير، فإن الصراع سيستمر بطرق أخرى من خلال وكلاء إيران الذين بإمكانهم إثارة المتاعب والاستفزازات للقوات الأميركية في المنطقة أو للدول العربية الحليفة للولايات المتحدة، إضافة إلى احتمالات هجمات سيبرانية.

{انتقام} إيراني باليستي لسليماني بلا خسائر أميركية
بيان لـ{الحرس} لوّح بمهاجمة أهداف إسرائيلية... وخامنئي يذم دعوات التفاوض


لندن - طهران: «الشرق الأوسط»
أطلق «الحرس الثوري» الإيراني عشرات الصواريخ أرض - أرض الباليستية على قاعدتين لقوات تقودها الولايات المتحدة في العراق أمس، رداً على ضربة أميركية قضت على الرجل الأول في تنفيذ العمليات العسكرية والمخابراتية الإيرانية، قاسم سليماني؛ ما عمّق المخاوف من نشوب حرب جدية في الشرق الأوسط، رغم أنها لم تسجل أي خسائر في القوات الأميركية.

وأعلن «الحرس الثوري»، الموازي لـ«الجيش» الإيراني، في بيان رسمي، أمس، أن وحدته الصاروخية، نفذت «الوعد بالثأر الصعب» لمقتل سليماني بإطلاق عشرات صواريخ على قاعدة عين الأسد، أكبر قاعدة جوية عراقية تستخدمها القوات الأميركية في العراق، وذلك في عملية حملت اسم سليماني رمزياً، قبل أن تكمل مراسم دفنه بعد ساعتين على الهجوم.

وعادت وسائل الإعلام الإيرانية بعد ساعة ونصف الساعة على الهجوم الأول لتعلن أن «الحرس الثوري»، أطلق موجة ثانية من الهجمات الصاروخية، واستهدفت قاعدة الحرير، بالقرب من أربيل مركز إقليم كردستان.

وبث التلفزيون الرسمي، مباشرة أولى لحظات إطلاق صواريخ متوسطة المدى من طراز قيام مداه 750 كلم وذو الفقار الذي يتراوح مداه بين 700 و750 كلم. وفي الوقت نفسه، أشارت وكالة «فارس» التابعة لـ«الحرس» إلى استخدام صاروخ فاتح 313 البالغ مداه 500 كلم. وذكرت وكالة «تسنيم» الناطقة باسم جهاز استخبارات «الحرس»، أن الصواريخ أطلقت من قاعدة كرمانشاه. وقالت في تقريرها الرئيسي: «استهدفنا العاصمة الأميركية في العراق».

قال التلفزيون الرسمي نقلاً عن «مصدر مطلع» في «الحرس»، إن إيران أطلقت 15 صاروخاً باليستياً من أراضيها على أهداف أميركية في العراق. مضيفاً أن 80 «إرهابياً أميركياً» قتلوا ولحقت أضرار بطائرات هليكوبتر ومعدات عسكرية أميركية. ولم يورد دليلاً على مصدر معلوماته.

ونفت الولايات المتحدة وقوع إصابات. وقال جوناثان هوفمان، المتحدث باسم البنتاغون «في إطار تقييمنا للموقف ولردنا، سنتخذ كل الإجراءات الضرورية لحماية أفراد القوات الأميركية وشركائنا وحلفائنا في المنطقة». وقالت ألمانيا والدنمرك والنرويج وبولندا وايطاليا والنروج، بأنه لا إصابات وقعت بين قواتها في العراق.

ونقلت وكالة «تسنيم» عن نائب قائد عمليات الحرس، عباس نيلفروش، أن قواته اتخذت قراراً لـ«عطل» القاعدة التي وصفها بـ«غرفة عمليات إصدار القرار (مقتل سليماني) ومركز قيادة عمليات الاستكبار في المنطقة». لكنه أشار إلى الجاهزية التامة للقوات الأميركية لحظة الهجوم. ومع ذلك، قال إن ذلك «لم يؤدِ إلى تحريف مسار سقوط الصواريخ الباليستية»، مشدداً على أنها «أصابت أهدافها بدقة».

ووجّه «الحرس الثوري» في بيان رسمي أربع رسائل تحذير، أولاها إلى الولايات المتحدة التي سماها «الشيطان الأكبر»، من أن «أي خطوة ستواجه رداً أكثر إيلاماً وقسوة». أما الرسالة الثانية، فكانت لـ«الدول التي تستضيف قواعد أميركية»، ومفادها أنها «ستُستهدف إذا ما كانت منطلقاً للخطوات المعادية أو لاعتداءات». وخص إسرائيل بالرسالة الثالثة التي شدد فيها على أنه «لا يعتبر إسرائيل منفصلة» عن استهداف سليماني. ونقلت وكالة «تسنيم» الإيرانية بعد البيان، عن مصادر لم تسمها أن «أي رد أميركي على هجوم عين الأسد سيقابل بهجوم صاروخي على إسرائيل».

أما الأخيرة، فوجهها إلى الشعب الأميركي «لمنع المزيد من الخسائر في صفوف الجنود الأميركيين باستدعائهم من المنطقة»، مطالباً الأميركيين بـ«ألا يسمحوا للنظام الحاكم بقبض مزيد من أرواح الجنود».

وقال نائب قائد فرقة «ثأر الله»، في «الحرس الثوري» المسؤولة عن حماية طهران، إسماعيل كوثري، إن الهجوم الصاروخي على قاعدة عين الأسد في الأنبار فجر اليوم (أمس) «خطوة أولى»، مشدداً على أن قواته «لن تترك الأميركيين». وأضاف لوكالة «مهر» الحكومية «على الأميركيين أن يعلموا أن عليهم مغادرة المنطقة». كما دعا المسؤولين الأميركيين إلى «التصدي لترمب»، وطالب بالضغط على الرئيس الأميركي «لوقف خطواته الشريرة، وإلا ستتضرر قواتكم في المنطقة، وأقل خطوة سيقابلها رد».

ونقل التلفزيون الإيراني عن مسؤول بمكتب خامنئي قوله، إن الهجمات الصاروخية هي السيناريو «الأضعف» ضمن الكثير من السيناريوهات. وأفاد «موقع نور نيوز»، الناطق باسم مجلس الأمن القومي الإيراني، بأن «كل مدن (مخابئ) الصواريخ الإيرانية تحت الأرض في حالة تأهب بنسبة 100 في المائة لاستهداف أهداف محددة سلفاً». ونقل الموقع عن مصدر مسؤول لم يسمه، أن «أي خطوة غير حكيمة رداً على الهجوم الانتقامي ستواجه بهجمات قاسية ضد جميع الأهداف المحددة».

وعلى غرار تغريدة الرئيس الأميركي دونالد ترمب بعَلم بلاده بعد قتل سليماني، غرّد ممثل المرشد الإيراني علي خامنئي في مجلس الأمن القومي سعيد جليلي بعَلم إيران بعد الهجمات الصاروخية. وبعد ساعة من الهجوم الصاروخي الإيراني عرض التلفزيون الحكومي لقطات لدفن سليماني، حيث بدأ مئات الأشخاص يكبّرون عندما تم الإعلان عن الضربات عبر مكبرات الصوت. وقال التلفزيون «أخذنا بثأره».

وقضى نحو 59 شخصاً في حادث تدافع أول من أمس أثناء مرور نعش سليماني بوسط مدينة كرمان مسقط رأسه في جنوب شرقي إيران.

في بغداد، قالت قيادة العمليات المشتركة العراقية، أمس في بيان، إن 22 صاروخاً سقطت في خلال نصف ساعة على قاعدتي عين الأسد في غرب العراق، وأربيل في الشمال. وقالت وكالة الصحافة الفرنسية، إن البيان نشر بعد نحو سبع ساعات من الهجوم ولم يشر إلى إيران. وأشار إلى أن القصف نفذ في التوقيت ذاته الذي اغتيل فيه سليماني قرب مطار بغداد الجمعة، واستمر «من الساعة 01.45 (22.45 ت غ) إلى الساعة 02.15 (23.15 ت غ)».

وسبق إطلاق الصواريخ، خطاب سنوي للمرشد الإيراني علي خامنئي أمام أنصار بمدينة قم، معقل المحافظين في إيران. واعتبر خامنئي الهجوم بأنه «صفعة على وجه» الولايات المتحدة التي وصفها بـ«الكاذبة وغير المنصفة»، وإنه ينبغي لها سحب قواتها من المنطقة. وكان يخاطب حشداً يردد «الموت لأميركا» بحسب وكالة «رويترز».

واستبعد خامنئي استئناف المحادثات مع واشنطن في عبارة بدا منها أنها موجهة للداخل الإيراني. وقال إن «التراجع أمام الولايات المتحدة خطأ فادح». وكان خامنئي يخاطب من قال في وصفهم «البعض (الذي) يعتقد تراجعنا خطوة سيؤدي إلى توقف أميركا عن العداء». وبوضوح أكبر وصف مطالب التفاوض بـ«غير مقبولة».

وبعد ذم التفاوض، انتقل خامنئي للإشادة بقائد «فيلق القدس» قاسم سليماني الذي يعد أبرز الخسائر العسكرية الإيرانية على مدى أربعين عاماً. وعاد مرة أخرى لمخاطبة «البعض» قائلاً إنهم «حاولوا أن يظهروا نهاية الثورة في إيران، لكن سليماني أزاح الغشاوة من العيون».

وقال خامنئي «مثل هذا العمل العسكري لا يكفي. المهم هو إنهاء الوجود الأميركي المفسد في المنطقة». وقال: «هذه المنطقة لن تقبل وجود أميركا». واتهم الولايات المتحدة بأنها «جلبت الفتن والدمار إلى المنطقة وتصر على تنفيذ الفساد والدمار بشأن إيران».

في الأثناء، هدد الرئيس الإيراني حسن روحاني الأميركيين بقطع قدمهم عن المنطقة، وصرح خلال اجتماع الحكومة بأن إيران «أثبتت بوضوح أنها لا تتقهقر أمام أميركا». وقال: «إذا أرادت الولايات المتحدة أن ترتكب جريمة أخرى، عليها أن تعلم أنها ستلقى رداً أكثر حزماً»، مضيفاً في كلمة لمجلس الوزراء «لكن إذا كانوا عقلاء، لن يفعلوا أي شيء آخر في هذه المرحلة»، وفقاً لوكالة الصحافة الفرنسية.

وأضاف روحاني «إذا قاموا بخطوة إضافية، فإن شعبنا وقوانا المسلحة جاهزة» للرد. لكنه اعتبر أن «كل ذلك ليس كافياً»، متابعاً «من وجهة نظري أن الرد الأساسي على أميركا يجب أن تقوم به أمم المنطقة». وقال أيضاً «لقد قطعوا يد عزيزنا سليماني (...) ينبغي الثأر له عبر قطع الطريق أمام أميركا في هذه المنطقة»، في تكرار للخطاب الإيراني الرسمي لجهة أن مقتل سليماني يجب أن يكون فاتحة لطرد القوات الأميركية المنتشرة في الشرق الأوسط. وأضاف روحاني «إذا قطعت الطريق أمام أميركا في هذه المنطقة، وإذا قطعت يدها (الشريرة) في شكل نهائي، (فإن ذلك يعني) رداً فعلياً ونهائياً لأمم المنطقة على أميركا».

بدوره، قال وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف، إن بلاده اتخذت «إجراءات محسوبة» في إطار الدفاع عن النفس ولم تحاول تصعيد المواجهة. ويبدو أن الخطوة التالية ستقوم بها واشنطن. وقال إن الضربات «أكملت» رد إيران على مقتل سليماني. وأضاف على «تويتر»: «لا نسعى إلى التصعيد أو الحرب، لكن سندافع عن أنفسنا في وجه أي عدوان».

وأفادت وكالة «رويترز» نقلاً عن مصادر حكومية أميركية وأوروبية مطلعة على تقديرات المخابرات، بأن من المعتقد أن إيران سعت عمداً إلى تجنب وقوع أي خسائر في صفوف الجنود الأميركيين.

وأضافت المصادر، أن من المعتقد أن الإيرانيين تعمدوا أن تخطئ الهجمات القوات الأميركية للحيلولة دون خروج الأزمة عن نطاق السيطرة مع توجيه رسالة عن قوة العزم لدى إيران. وقال مصدر في واشنطن خلال الليل، إن الدلائل الأولية تشير إلى عدم سقوط قتلى في صفوف الأميركيين بعد الضربات التي تعرضت لها قاعدة عين الأسد الجوية وقاعدة أخرى في أربيل.

وقالت ثلاثة مصادر، إنه يُعتقد أن إيران حاولت ضرب أجزاء معينة بالقاعدتين لتقليل الخسائر البشرية إلى أدنى حد، ولتفادي قتل

أميركيين على وجه الخصوص. وأضافوا، أن التقدير تضمن بعض معلومات المخابرات من داخل إيران تؤكد طبيعة خطة الهجوم.

وقال مصدر أميركي «أرادوا الرد مع عدم التصعيد بشكل يقترب من اليقين».