التاريخ: كانون الأول ٦, ٢٠١٩
المصدر: جريدة الشرق الأوسط
المتظاهرون في لبنان يتجهون إلى التصعيد لإسقاط الحكومة قبل تشكيلها
عملاء البنوك يشككون في تدابير المصرف المركزي وقلقون على سلامة مدخراتهم
بيروت: كارولين عاكوم
منذ اللحظة الأولى للإعلان عن شبه الاتفاق على المهندس سمير الخطيب لترؤس الحكومة المقبلة ودعوة رئيس الجمهورية ميشال عون للاستشارات النيابية يوم الاثنين المقبل، جاءت ردّة فعل المحتجين سلبية، وكانت دعوات للتظاهر وإقفال الطرقات مساء الأربعاء مع التأكيد على أن هناك تحضيرا لتحركات تصعيدية رفضا لتشكيل هذه الحكومة التي اعتبروها لا تختلف عن سابقاتها وتتجاهل مطالب الشارع.

وبينما أشارت بعض المعلومات إلى أن هناك بحثا بين المتظاهرين في المناطق للدعوة إلى التظاهر يوم الاثنين على طريق القصر الجمهوري في بعبدا منعا لوصول النواب للمشاركة في الاستشارات، لم تحسم مصادر في أوساط الناشطين هذا الأمر وكان التأكيد في الوقت عينه على توجه لتصعيد التحركات خلال اليومين المقبلين خلال عطلة نهاية الأسبوع.

وفي هذا الإطار، يقول أحد الناشطين في طرابلس لـ«الشرق الأوسط» إن التنسيق بدأ بين المجموعات في المناطق للاتفاق على تحركات تصعيدية من الآن حتى يوم الاثنين موعد الاستشارات. ويلفت إلى أن التركيز سيكون على إقفال الطرقات وتنفيذ وقفات احتجاجية في مختلف المناطق على ألا تؤدي إلى إزعاج الناس أو تذمّرهم، مشيرا في الوقت نفسه إلى أنه في بعض الأحيان قد يكون هناك عوائق في التنفيذ كما حصل أمس بسبب تساقط الأمطار أو منع الجيش لهم وحرصهم على عدم المواجهة معه.

التوجّه نفسه يشير إليه الناشط إبراهيم منيمنة، مؤكدا أن الجو العام في أوساط المتظاهرين هو رفض كل ما حصل فيما يتعلق بتشكيل الحكومة، حيث أظهر تجاهلا واضحا لمطالب الناس والمعايير التي يفترض أن يتشكّل عبرها مجلس الوزراء، وبالتالي لا بد من إسقاط الحكومة قبل تشكيلها.

ويقول منيمنة لـ«الشرق الأوسط» ما قام به المسؤولون في مسار تكليف رئيس للحكومة وتأليفها هو تحايل على الدستور وانتقاص من صلاحيات الرئيس المكلف كما أنه إمعان في تجاهل الشارع والمعايير التي يطالب بها المتظاهرون وكأن المسؤولين يريدون الدخول في مواجهة معهم. ويشير منيمنة إلى أن التسريبات التي انتشرت حتى الآن حول الحكومة تشير إلى أنهم يتصرفون بالذهنية السابقة لجهة المحاصصة الطائفية وغيرها تحت عنوان الميثاقية، وكان تعطيل وتأخير موعد الاستشارات بانتظار الاتفاق على اسم رئيس للحكومة على غرار ما حصل عند تعطيل الانتخابات الرئاسية لفرض الشروط التي يريدونها.

من هنا يؤكد منيمنة ضرورة إسقاط الحكومة قبل تأليفها والعمل على تغيير الأسس التي بنيت عليها هذه السلطة وعلى رأسها القانون الانتخابي الذي تم بموجبه تشكيل المجلس النيابي الحالي، وفيما يعتبر أن هذا البرلمان سقط في الشارع، يؤكد: «لو كنا في بلد يحترم نفسه لكنا ذهبنا فورا إلى انتخابات نيابية مبكرة، لكن للأسف السلطة تتجاهل الشعب».

ويرى منيمنة أنه لا يمكن تسليم البلاد لهذه السلطة مرة جديدة وهي التي أثبتت من خلال تشكيل الحكومة أنها لم تتغير وبالتالي لم ترسل أي إشارة حسن نية للمتظاهرين المنتفضين في الشارع منذ أكثر من شهر ونصف الشهر. ويلفت إلى التوجه إلى تصعيد التحركات التي يتم البحث بأشكالها بين الناشطين والمناطق لتنفيذها في اليومين المقبلين، مؤكدا: «لم يعد هناك أي خيار أمام الناس الذين باتوا يخسرون وظائفهم ورواتبهم وأموالهم إلا المواجهة والاستمرار حتى تحقيق المطالب».

عملاء البنوك يشككون في تدابير {المركزي}... وقلقون على سلامة مدخراتهم
إعادة هيكلة وخفض لعوائد الشهادات والودائع المصرفية


بيروت: علي زين الدين
لم يلق أول تدابير البنك المركزي الهادفة إلى تهدئة الأسواق ردود فعل إيجابية تذكر في أوساط المدخرين وفي التبادلات اليومية للدولار لدى الصرافين، حيث يتواصل الازدحام في ردهات المصارف، وتواصلت معه المشكلات اليومية في عمليات التحويل والسحب، ترافقا مع ندرة الدولار الورقي (البنكنوت) وزيادة تقنين السيولة بالليرة إلى حدود الاختناق.

وفي استطلاع ميداني أجرته «الشرق الأوسط» شمل عينة من عملاء بنوك متنوعة، أمكن التثبت من وجود مزاج جماعي بعدم الثقة بأي إجراءات حمائية أو تقنية جديدة ما لم تقترن ببدء تخفيف القيود المشددة التي تعتمدها المصارف في تلبية حاجات المدخرين للسيولة، وتوفير ضمانات حسية بشأن سلامة الودائع ضمن سقف واقعي، بدلا من الحد الأقصى الحالي البالغ أقل من 2300 دولار فقط بالأسعار السائدة.

وركز أغلب العملاء على عدم أولوية موضوع الفوائد الذي قاربه البنك المركزي في تعميمه الجديد ضمن حزمة هواجسهم القلقة والمتفشية حاليا. فالمخاطر، بالنسبة لهم، تهدد «مدخرات العمر»، وهي أضحت الملاذ الوحيد لعشرات الآلاف من العاملين في القطاع الخاص الذين ينضمون أفواجا إلى البطالة التامة، ومثلهم من ينتظر بعدما أقدمت أغلب المؤسسات وفي كل قطاعات الإنتاج على خصم 50 في المائة من مستحقات الأجور للشهر الثاني على التوالي. توازيا مع إقفال مئات الشركات التجارية والصناعية والمطاعم وسواها، وصولا حتى إلى محطات التلفزة التي صرفت نصف الرواتب فقط للعاملين لديها.

واعتبرت مصادر مصرفية متابعة أن «البدء بإعادة هيكلة منظومة الفوائد السارية على المحافظ الاستثمارية والودائع في الجهاز المصرفي - وعكسها لاحقا على محافظ التمويل والتسليفات - يمكن أن يسهم في تهدئة العمليات بين المركزي والجهاز المصرفي وفي إعادة هيكلة كلفة الودائع لدى المصارف. لكنه لا يحقق في الظروف الحالية مساهمة فعلية - ولو جزئية - في تهدئة الأسواق أو تضييق الفجوة بين الأسعار الواقعية للدولار لدى الصرافين وأسواق الاستهلاك التي تتجاوز 2200 ليرة لكل دولار، وبين السعر الرسمي المضغوط عند 1507 ليرات... وهو غير المتوفر –بالأساس - إلا بكميات محدودة ومشروطة بتعقيدات تثير غضب المتعاملين مع البنوك».

وأكدت المصادر أن «المتعاملين ينشدون الاطمئنان إلى أموالهم. وباتوا غير مبالين بأي إجراءات ذات طابع تقني أو تنظيمي إذا لم تسمح لهم بحيازة السيولة التي تستحق لهم، وحتى ضمن التقنين المعتمد. كذلك من الضروري ملاحظة مقدار الشكوك العالية التي تستتبع مجمل التصريحات الصادرة عن المسؤولين، وبما يشمل الموضوعات المالية والنقدية، وخصوصا بعد التيقن من عدم صدقية التطمينات السابقة التي جزمت بعدم وضع أي قيود على السحوبات بالعملة الوطنية وتقييدها جزئيا بالدولار. إذ أن التعاملات تزيد تعقيدا، وتقنين السيولة تدنى إلى مليون ليرة أسبوعيا في بعض المصارف. كما تم منع التحويلات إلى الخارج بشكل مطلق تقريبا، بخلاف توجيهات معلنة بإتاحتها وفقا لتحركات العميل السابقة، وتحت بند الضرورات العائلية والاستشفائية والدراسية وسواها، والتي انضمت إلى المحظور أو التعقيد الشديد».

وبالفعل، فإن الانعكاسات الأولى للتعميم الجديد من شأنها خفض الأعباء على ميزانية البنك المركزي أولا، وبدرجة أقل على ميزانيات المصارف. على أمل أن تساهم لاحقا في إعادة التوازن النسبي إلى السوق المالية المحلية. فهو يقضي بأن «يقوم مصرف لبنان استثنائياً، بدفع الفوائد على الودائع لآجل بالدولار الأميركي المودعة لديه، من المصارف العاملة في لبنان بنسبة 50 في المائة بالدولار و50 في المائة بالليرة اللبنانية. كما يقوم مصرف لبنان استثنائياً بدفع فوائد شهادات الإيداع بالدولار، المصدرة منه، التي تملكها المصارف العاملة في لبنان بنسبة 50 في المائة بالدولار و50 في المائة بالليرة..... وأيضا، على المصارف العاملة التقيد بالحد الأقصى لمعدل الفائدة الدائنة على الودائع، التي تتلقاها أو تقوم بتجديدها اعتبارا من اليوم (الأمس)، بنسبة 5 في المائة على الودائع بالعملات الأجنبية (دولار أو غيره من العملات الأجنبية)، وبنسبة 8.5 في المائة على الودائع بالليرة اللبنانية. وتسديد العوائد المستحقة على الودائع بالعملات الأجنبية مناصفة بين الليرة والدولار».