التاريخ: كانون الأول ٤, ٢٠١٩
المصدر: جريدة الشرق الأوسط
المغرب: تأجيل جديد لمحاكمة قيادي إسلامي في قضية مقتل طالب يساري
الرباط: «الشرق الأوسط»
قررت غرفة الجنايات بمحكمة الاستئناف في مدينة فاس المغربية (وسط)، أمس، إرجاء محاكمة عبد العلي حامي الدين، القيادي في حزب «العدالة والتنمية»، متزعم التحالف الحكومي، والذي يواجه تهمة المساهمة في القتل العمد للطالب اليساري محمد آيت الجيد بنعيسى، في تسعينات القرن الماضي، إلى فبرابر (شباط) المقبل.

جاء التأجيل الجديد للمحاكمة بناءً على ملتمَس تقدم به دفاع المطالب بالحق المدني بسبب وفاة منسق الهيئة، وهو الأمر الذي استجابت له المحكمة وحددت 11 فبراير 2020 موعداً لمواصلة المحاكمة.

كانت غرفة الجنايات بمحكمة الاستئناف في مدينة فاس قد حددت 3 ديسمبر (كانون الأول)، موعداً للنطق بالحكم في الملف، بعد رفض الدفوعات الشكلية التي قدمها دفاع القيادي في «العدالة والتنمية»، الذي عدّ إعادة فتح الملف «خطوة سياسية، وسابقة تمسّ استقلالية السلطة القضائية بالبلاد». وكانت المحكمة ذاتها قد قضت في سبتمبر (أيلول) الماضي، بالسجن 3 سنوات في حق كل من توفيق كادي، وعبد الواحد كريول، و3 أشهر في حق كل من عبد الكبير عجيل وقاسم عبد الكبير، وهم أعضاء في حزب «العدالة والتنمية»، بعدما كانت المحكمة الابتدائية قد أصدرت حكماً بالبراءة، قبل أن تتم إعادة فتح الملف.

وسبق لهيئة الإنصاف والمصالحة أن أقرت بتعويض مالي لفائدة حامي الدين، بعد أن ثبت لها تعرضه لاعتقال تعسفي من المستشفى، الذي كان يرقد فيه بفاس بسبب إصابته بجروح في الرأس خلال الأحداث التي أدت إلى مقتل بنعيسى.

وتعود وقائع القضية إلى سنة 1993، حينما تعرض الطالب اليساري المنتمي إلى فصيل الطلبة القاعديين، للقتل قرب كلية العلوم القانونية والاقتصادية بفاس، إبان الصراع الآيديولوجي الدامي الذي كانت تعرفه الجامعة المغربية بين الحركات اليسارية والإسلامية.

وأُدين حامي الدين بالمشاركة في المشاجرة، التي أدت إلى مقتل بنعيسى، رغم أن حامي الدين ينفي ذلك، ويعدّ نفسه «ضحية». ووُجهت تهمة المشاركة في القتل إلى طالب من «جماعة العدل والإحسان» الإسلامية، شبه المحظورة، يدعى عمر محب، اعتُقل عام 2006 وحُكم عليه بـ10 سنوات سجناً نافذاً، فيما تقول جماعته إنه «بريء ومحاكمته سياسية».

تقرير رسمي يكشف ارتفاع شكاوى المغاربة من الإدارات
يتصدرها قطاعا العدل والداخلية


الرباط: لطيفة العروسني
أقر محمد بنعليلو، رئيس مؤسسة «الوسيط» المغربية، المتخصصة في تلقي شكاوى المواطنين ضد الإدارات، أن ارتفاع عدد الشكاوى والتظلمات التي تتلقاها المؤسسة يكشف أن المواطن لا يلمس أثراً لبرامج الإصلاح في علاقته اليومية بالمؤسسات العامة، الأمر الذي يعمّق ضعف ثقة المواطن في الإدارة.

وأوضح بنعليلو خلال عرضه تقرير المؤسسة لعام 2018 في لقاء نظّمته، أمس، وكالة الأنباء المغربية، أن المؤسسة وصلت إليها 9865 شكوى في 2018، «وهو رقم كبير جداً يعكس ضعف رضا المواطن عن الإدارة». وأشار إلى أن عدد الشكاوى زاد بنسبة 5%، وهو ما عدّه «ظاهرة غير صحية». لافتاً إلى أن معظم هذه التظلمات يتعلق بشكاوى مرتبطة بقطاع العدل والتظلم من أحكام قضائية، يليها قطاع وزارة الداخلية وشكاوى من أعوان السلطة.

أما أهم القطاعات المعنية بالشكاوى، التي تدخل في اختصاص المؤسسة، فيتصدرها قطاع وزارة الداخلية بنسبة 30.4%، يليه قطاع الاقتصاد والمالية بنسبة 18.3% (نزاعات حول التعويضات المالية)، ثم قطاع التربية والتعليم بنسبة 11%، والجماعات الترابية بمعدل 10% من مجموع عدد التظلمات.

وبخصوص ما سماها «جغرافية التظلمات»، قال بنعليلو إن التقرير خلص إلى أن جهة «طنجة - تطوان – الحسيمة» (شمال) تأتي في مقدمة المناطق التي تَرِد منها الشكاوى، وذلك بنسبة 18%، تليها جهة «فاس – مكناس»، ثم جهة «الدار البيضاء – سطات»، وجهة «الرباط - سلا – القنيطرة»، وجهة الشرق.

وحول تصنيف الشكاوى، أوضح بنعليلو أن الشكاوى ذات الطبيعة الإدارية تتصدر القائمة، تليها القضايا المالية والعقارية، ثم الشكاوى المتعلقة بتنفيذ الأحكام القضائية. أما بخصوص مآل التظلمات، فقد أبرز المسؤول المغربي أن عدد الشكاوى التي جرت تسويتها لم تتعدَّ 480 قضية، فيما 2110 لم تجد طريقها إلى الحل، وبالتالي فإن نسبة التنفيذ لا تتجاوز 23%، وهو ما عدّها «نسبة متواضعة لا تصل إلى درجة الطموح»، معتبراً ذلك «علامة سوداء في علاقة الإدارة بمؤسسة الوسيط»، وإن كان هذا الحكم غير معمم لوجود إدارات متعاونة.

من جهة أخرى، سرد المسؤول المغربي عدداً من اختلالات الإدارة المغربية، وصنّفها إلى صنفين: عامة وأخرى مرتبطة بقطاعات معينة، وقال إن الصنف الأول ينتج عن تغيير هيكلة الحكومة، وإدماج بعض الوزارات، ثم بطء تنزيل اللاتمركز الجهوي، وعدم تخويل الصلاحيات للإدارة الجهوية، وهو ما يسمح للموظفين بالتملص من المسؤولية.

فيما يتمثل أغلب الاختلالات القطاعية في تعثر تنفيذ الأحكام الصادرة ضد الإدارة، وفي أداء المستحقات المالية، وعدم الالتزام بقانون نزع الملكية.

أما بشأن التوصيات التي تلجأ إليها المؤسسة بعد فشل كل محاولات التسوية الودية، فقد أوضح بنعليلو أنه منذ 2011 وإلى غاية 2018 أصدرت المؤسسة 1941 توصية في مختلق القطاعات، نُفذ منها 41% فقط، مقابل 58% لم تُنفّذ، وهي نسبة كبيرة جداً. وتتصدر الجماعات الترابية (البلديات) المؤسسات التي لا تنفذ التوصيات، تليها الولايات والعمالات (المحافظات)، ثم رئاسة الحكومة والداخلية والتربية والتعليم.

في سياق ذلك، أشار تقرير مؤسسة الوسيط إلى أن 3% من التوصيات لم تتوصل المؤسسة بشأنها إلى أي جواب، وهو «أمر غير مقبول»، حسب بنعليلو. مبرزاً أنه «رغم الجهود التي تبذلها المؤسسة فإنه ليس لعملها وقع على المواطن... وما نرجوه هو المكاشفة، ونجاحنا لا يكمن في جرد الاختلالات وإصدار التوصيات، بل إيجاد الحلول من أجل دعم ثقة المواطن في الإدارة».