التاريخ: تشرين الثاني ٢٦, ٢٠١٩
المصدر: جريدة الشرق الأوسط
المرزوقي يستقيل من رئاسة «حراك تونس الإرادة» ويعتزل السياسة
الجملي يتحدث عن «تقدم» في مشاورات تشكيل الحكومة
تونس: المنجي السعيداني
أعلنت الهيئة السياسية لحزب «حراك تونس الإرادة» قبول استقالة منصف المرزوقي الرئيس التونسي السابق، من رئاسة الحزب الذي أسسه سنة 2015، وقررت تكليف خالد الطراولي رئيس الهيئة السياسية، برئاسة الحزب إلى حين عقد مؤتمر انتخابي. وأشارت قيادات الحزب إلى نضالات وتضحيات المرزوقي والإرث الفكري والمعرفي الذي تركه وقررت تعيينه رئيساً شرفياً.

وتقدم حزب حراك الإرادة إلى الانتخابات الرئاسية والبرلمانية الأخيرة، ومني المرزوقي بالهزيمة في الدور الأول ولم يحصل سوى على 2.97 في المائة فقط من أصوات الناخبين، ولم يستطع الانتقال إلى الدور الثاني الذي انحصرت المنافسة فيه بين قيس سعيد ونبيل القروي، وكانت النتيجة النهائية لفائدة سعيد بأكثر من 70 في المائة من الأصوات. أما على مستوى نتائج الانتخابات البرلمانية، فلم يحصل حزب «حراك تونس الإرادة» على أي مقعد برلماني وهو ما عجل برحيل المرزوقي والتوجه نحو تجديد القيادة السياسية للحزب.

وكان المرزوقي قد شغل منصب رئيس الجمهورية من 2011 إلى 2014 وخاض المنافسات الرئاسية ضد الرئيس الراحل الباجي قائد السبسي، لكنه مني بالهزيمة في الدور الثاني من الانتخابات الرئاسية. يذكر أن الهيئة السياسية لهذا الحزب أبقت على هياكل الحزب وكلفتها بالانطلاق في تنفيذ برنامج عمل مرحلي معمق هدفه التقييم الشامل لأداء الحزب ولأسباب الهزيمة المدوية التي تعرض لها خلال الاستحقاقات الانتخابية الأخيرة.

على صعيد آخر، أعلنت مجموعة من الأحزاب التونسية الصغيرة التي فازت بعدد قليل من المقاعد البرلمانية، اصطفافها إلى جانب الأحزاب المعارضة للائتلاف الحكومي الذي تتزعمه حركة النهضة. وفي هذا الشأن، قال فوزي الشرفي رئيس حزب المسار الديمقراطي الاجتماعي (حزب يساري) أن حزبه غير معني مباشرة بالمشاركة في الحكومة المقبلة لكنه سيظل ملماً بالشأن الوطني والسياسي وسيكمل مسيرته في كل المراحل السياسية، مؤكداً أن حزبه معني بكل ما يمس القرارات التنفيذية في الدولة.

وفي السياق ذاته، أعلن حزب «آفاق تونس» الذي كان يتزعمه ياسين إبراهيم قبل أن يقدم استقالته، أنه اعتذر عن تلبية دعوة رئيس الحكومة المكلف الحبيب الجملي قائلا إن «الحزب غير معني بالصفقات والمحاصصات في إطار المشاورات التي تعقدها حركة النهضة الحزب الفائز في الانتخابات لتشكيل الحكومة». وكان حزب آفاق تونس الفائز بمقعدين برلمانيين قد أعلن شغور منصب رئيس الحزب وتكليف رئيس المجلس الوطني، خالد الفراتي بمهام رئاسة الحزب بالنيابة، وذلك إثر استقالة ياسين إبراهيم. وحدد الحزب تاريخ مؤتمر وطني جديد نهاية أبريل (نيسان) 2020، وتكليف المكتب السياسي بالإعداد لهذا المؤتمر طبقا لأحكام النظام الداخلي للحزب.

من ناحيته، قال زياد الأخضر، رئيس حزب الوطنيين الديمقراطيين الموحد (حزب يساري فائز بمقعد برلماني وحيد) إن حزبه غير معني بتشكيل الحكومة المقبلة، وأكد إثر لقاء جمعه مع رئيس الحكومة المكلف أن حزبه يبقى قوة سياسية معنية بتحقيق أهداف ثورة 2011 التي لم تتحقق طيلة السنوات الماضية.

في غضون ذلك وعلى الرغم من الصعوبات التي تعيق المشاورات حول تشكيل الحكومة التونسية المقبلة، فقد اعتبر عماد الخميري المتحدث باسم حركة النهضة أن اللقاءات التي عقدها الحبيب الجملي مرشح النهضة لرئاسة الحكومة كانت «مفيدة» من ناحية شرح فكرته حول تشكيل الحكومة وما يراه مناسباً من أولويات على مستوى الرؤية والبرنامج، كما أنها أخذت منحى شاملاً اتجه نحو جميع الأطراف، مما وسع دائرة التشاور. وبشأن سعي حزب «قلب تونس» بزعامة نبيل القروي للمشاركة في الحكومة مقابل رفض حزبه لذلك، قال الخميري إن «حركة النهضة هي الحزب الفائز في الانتخابات البرلمانية، وقد قطعت وعوداً على نفسها أمام ناخبيها، وهي ضد إشراك «قلب تونس» في الحكم، وما على رئيس الحكومة إلا إثبات قدرته على التفاوض».

الجملي يتحدث عن «تقدم» في مشاورات تشكيل الحكومة
الاثنين 25 نوفمبر 2019 
تونس: المنجي السعيداني

طمأن الحبيب الجملي رئيس الحكومة التونسية المكلف، الساحة السياسية والأطراف المشاركة في المشاورات التي يجريها لتشكيل الحكومة على حسن سير مخطط المفاوضات بقوله «هناك تقدم جيد في المشاورات لتشكيل الحكومة المقبلة».

وأكد، في تصريح إعلامي أمس في دار الضيافة بقرطاج حيث تدور المفاوضات، تسجيل تفهم كبير من قبل كل الأطراف السياسية والخبراء والمنظمات الوطنية التي تم الالتقاء بها خلال الأسبوع الأول من المشاورات، وكذلك فيما يتعلق برؤيته لإدارة الحكومة في المرحلة المقبلة، مضيفاً أن حكومته «ستكون حكومة متجددة من حيث الشكل والمضمون».

وكان الجملي قد توقع النجاح في تشكيل الحكومة خلال مدة لا تزيد عن الشهر وهي تنتهي منتصف ديسمبر (كانون الأول) المقبل. ورغم لهجة التفاؤل التي طبعت هذه التصريحات، فإن معظم التصريحات التي أعقبت اللقاءات التي جمعته مع الأطراف السياسية والمنظمات الاجتماعية والنقابية، لم تعكس تطوراً على مستوى التفاهمات الممكنة حول طبيعة الحكومة المنتظرة وحول الأحزاب السياسية التي قد تعرف مشاركة فيها.

وتنتظر الساحة السياسية الأسبوع الثاني من هذه المفاوضات، لتبين المواقف السياسية النهائية والأطراف السياسية التي ستشارك في الائتلاف الحاكم بزعامة حركة النهضة الحزب الفائز في الانتخابات البرلمانية الأخيرة. ومن المنتظر أن تكون المواقف المتعلقة بمشاركة حزب «قلب تونس» في الحكومة المقبلة محدداً للمشهد السياسي المقبل. وقال نبيل القروي رئيس حزب «قلب تونس» إنه يطالب بتحييد وزارات السيادة وهو نفس مطلب «حركة النهضة»، كما يطالب بمزيد من الحريات الإعلامية. وفيما يتعلق بالمشاركة في الحكومة المقبلة، فإن الحسم في ذلك سيكون مرتبطاً ببرنامج عمل الحكومة وأولوياتها وطبيعة المشاركين فيها، على حد تعبيره.

وبخصوص إقصاء راشد الغنوشي رئيس حركة النهضة لحزب القروي من المشاركة في حكومة الحبيب الجملي، قال القروي بأنه يحترم الغنوشي بصفته رئيساً للبرلمان ورجلاً وطنيا، لكنه مطالب بأن يكون رئيس برلمان كل التونسيين خاصة أن حزب «قلب تونس» يمثل القوة البرلمانية الثانية بعد «حركة النهضة» وهي قوة لا يمكن التغافل عنها في المشهد البرلماني المقبل وفي دعمها للحكومة المقبلة.

أما على مستوى نتائج لجنة الخبراء التي كلفها رئيس الحكومة المقبلة بوضع برنامج عمل الحكومة، فإن المواقف ما تزال متضاربة من ذلك حيث لم تنجح خلال الأيام الأولى من المفاوضات في الإفصاح عن مقترحات موحدة لخطة العمل المقترحة.

ويرى مراقبون أن هذه اللجنة التي ضمت ممثلين عن «حركة النهضة»، هما نور الدين العرباوي وخليل العارمي، في انتظار تعيين حزب «قلب تونس» و«حزب التيار الديمقراطي» و«ائتلاف الكرامة» لمن يمثلهم وهي الأحزاب التي قد تكون مشاركة في الحكومة المقبلة، ستحدد أرضية العمل المشترك بين مختلف الأحزاب السياسية والتقريب بينها دعما للحكومة المقبلة.

في غضون ذلك، أعلن نور الدين الطبوبي الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل (نقابة العمال) عن رفضه المشاركة في حكومة الحبيب الجملي قائلا إن الاتحاد «لن يشارك بشكل مباشر أو غير مباشر في أي حكومة». وكان الطبوبي قد صرح إثر اللقاء الذي جمعه الأسبوع الماضي برئيس الحكومة المكلف أن الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية الصعبة تتطلب «العودة إلى الرشد» على حد تعبيره، في إشارة إلى ضبابية المشهد السياسي وصعوبة الاتفاق بين الأطراف المرشحة للمشاركة في الحكومة المقبلة. وفي السياق ذاته، دعا الطبوبي إلى تقديم برامج عمل فعلية قابلة للتنفيذ وتجاوز التجاذبات السياسية وظاهرة «اقتسام الغنائم والمناصب»، على حد قوله.

وكان اتحاد الشغل قد تعرض لانتقادات عدة إثر انغماسه في المشاورات السياسية سواء عند الإطاحة بـ«حكومة الترويكا» التي قادتها «حركة النهضة» سنة 2013 وكذلك خلال الاجتماعات التي سبقت تشكيل حكومة يوسف الشاهد السابقة ودعم الاتحاد لها، ثم الانقلاب عليها والدعوة إلى إسقاطها.