التاريخ: تشرين الثاني ٢١, ٢٠١٩
المصدر: جريدة الشرق الأوسط
توقيف {خليفة الترابي» في قضية انقلاب 1989
واشنطن تعمل على تسريع شطب السودان من قائمة رعاة الإرهاب
الخرطوم: أحمد يونس
اقتادت قوة من الشرطة الأمين العام لحزب المؤتمر الشعبي، علي الحاج محمد، إلى النيابة الجنائية للتحقيق معه في بلاغ ضد مدبري انقلاب الإنقاذ 1989، مدون ضد المخططين والمشاركين في الانقلاب الذي قاده الرئيس المعزول عمر البشير، في حين لا يزال القيادي إبراهيم السنوسي طليقاً لم يلق القبض عليه رغم صدور أوامر القبض ضده، وهي اتهامات تصل عقوبتها الإعدام والسجن المؤبد.

وخلف الحاج زعيم الإسلاميين السودانيين الراحل حسن الترابي وتولى الأمانة العامة، التي تعد أعلى منصب في الحزب الذي أنشأه الترابي، بعد انشقاقه من المجموعة الحاكمة 1999 ومغادرته حزبها «المؤتمر الوطني»، وأطلق عليه «حزب المؤتمر الشعبي».

وخاض الحزب الجديد معارضة شرسة ضد «الإخوان السابقين» في الحكم وتعرض خلالها قادة الحزب وأمينه العام للاعتقال المطول والمطاردات، بيد أن الترابي وقبيل رحيله بوقت قصير قرر «التصالح» مع إخوانه السابقين.

وعاد الترابي وحزبه إلى السلطة بعد قطيعة طويلة، من بوابة ما أطلق عليه «الحوار الوطني» الذي كانت ثمرته، أن حزبه كان مشاركاً في السلطة بمساعد رئيس وأكثر من وزير وعضوية في المجلس الوطني، حين أسقط النظام الإخواني في أبريل (نيسان) الماضي بالثورة الشعبية المعروفة.

وألقت قوة من النيابة العامة القبض على الحاج داخل منزله، على خلفية بلاغ مدون ضده على اتهامات المشاركة في تنفيذ انقلاب الإسلاميين ضد الحكومة الديمقراطية المنتخبة وتقويض النظام الدستوري، وبحسب تقارير صحيفة، وصف الحاج القبض عليه بأنه عمل عدائي ضد الدولة وكيد سياسي متوقع الحدوث، وأبدى استعداده للمثول أمام النيابة، وقلل من القبض عليه واعتبره عملاً انصرافياً، بيد أنه لوح بترتيبات وتدابير سيتخذها حزبه.

وكان الحزب قد هدد في وقت سابق، بحشد جماهيره ومحاصرة مكتب النائب العام، حال القبض على الحاج وإبراهيم السنوسي الأمين العام السابق، معتبراً القبض على الرجلين «تصفية حسابات وخصومة سياسية».

وذكر القيادي بالحزب الأمين عبد الرازق في تصريحات عقب القبض على الحاج، أن قوة من رجال الشرطة جاءت للمنزل تحمل أمر قبض، ثم أخذته لنيابة الخرطوم شمال مستقلاً سيارته الخاصة.

ونشر الحزب في مواقع التواصل الاجتماعي فيديو سجل خلاله لحظة القبض على الحاج، وحوله مجموعة من مؤيديه وأنصار حزبه، وهم يهللون ويكبرون، ويلوحون بشارات النصر، في حين صعد الحاج إلى سيارة صغيرة بيضاء وهو يمد يده بعلامة النصر، مردداً هتافات مؤيديه.

ونقل عبد الرازق، وهو محامٍ، أن البلاغات المدونة ضد الحاج، تتضمن تهماً بإعلان الحرب والمشاركة في انقلاب الإسلاميين، وقال إن قضية الانقلاب انتهت بالتقادم بعد مرور عشر سنوات عليها بحسب القانون السوداني، واصفاً الأمر بأنه نتيجة لما أطلق عليها دولة «اللا قانون».

وقبل عشرة أيام أعلن منسق اللجنة القانونية في التحالف الحاكم «قوى إعلان الحرية والتغيير» محمد الحسن عربي، في نشرة صحافية، أن النيابة العامة الجنائية طالبت سلطات السجون تسليمها كلاً من «عمر البشير، علي عثمان محمد طه، ونافع علي نافع، وعوض أحمد الجاز»، على خلفية ضلوعهم في تدبير الانقلاب. وأوضح عربي، أن النيابة أصدرت أوامر قبض بمواجهة أعضاء مجلس الانقلاب الأحياء من العسكريين والمدنيين، وأصدرت أوامر باعتقال المدنيين، ومن بينهم «علي الحاج محمد، وإبراهيم السنوسي»، وأصدرت أوامر حظر سفر ضد المتهمين، وألقت القبض على عضو مجلس الانقلاب العميد يوسف عبد الفتاح.

وفي 13 مايو (أيار) الماضي تقدم عدد من المحامين، يترأسهم المحامي الراحل علي محمود حسنين، بعريضة دعوى ضد البشير وقادة الانقلاب في 30 يونيو (حزيران) 1989، تحت تهم تقويض النظام الدستوري في البلاد. وبعد تدوين البلاغ بمواجهة مدبري انقلاب الإنقاذ، استدعت النيابة في 22 يونيو الماضي رئيس الوزراء المنتخب الصادق المهدي واستمعت إلى أقواله بشأن الانقلاب ضد حكومته.

وبحسب مصدر، فإن النيابة حققت مع الحاج، ثم أودعته السجن المركزي في كوبر على خلفية البلاغ الجنائي المدون ضده، ليلحق بكل مع الرئيس المعزول عمر البشير، ونائبه الأسبق علي عثمان محمد طه، ومساعده الأسبق نافع علي نافع، ووزير الدفاع الأسبق عبد الرحيم محمد حسين، وعدد آخر من رموز النظام المعزول، ألقى القبض عليهم غداة سقوط النظام.

ودبر زعيم الجبهة القومية الإسلامية – الاسم السوداني لحركة الإخوان المسلمين – حسن عبد الله الترابي الانقلاب بمشاركة أعضاء مجلس الشورى، ثم استدعى عضو التنظيم العميد عمر البشير لقيادة الانقلاب وتسلم الرئاسة.

ويضم «مجلس قيادة الثورة»، كلاً من العميد عمر البشير، العميد الزبير محمد صالح، عميد فيصل علي أبو صالح، العميد التجاني آدم الطاهر، المقدم فيصل مدني مختار، الرائد إبراهيم شمس الدين، العميد بيويو كوان، عميد دومينك كاسيانو، عقيد مارتن ملوال، مقدم محمد الأمين خليفة، عميد عثمان أحمد حسن، مقدم بكري حسن صالح، عقيد سليمان محمد سليمان، عميد التجاني آدم الطاهر، عقيد صلاح كرار، إلى جانب المدنيين المنتمين للتنظيم الذين ارتدوا الملابس العسكرية للمشاركة في الانقلاب، توفي منهم خمسة.

واشنطن تعمل على تسريع شطب السودان من قائمة رعاة الإرهاب
زيارة وشيكة للجنة من مجلس النواب الأميركي إلى الخرطوم

لندن: مصطفى سري
أكدت الإدارة الأميركية أنها «تتحرك بسرعة» من أجل حذف اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب، باعتباره أصبح شريكاً فاعلاً وليس خصماً كما كان في عهد النظام المعزول، في وقت يتوقع أن تقوم لجنة فرعية تابعة للجنة العلاقات الخارجية في مجلس النواب بزيارة للخرطوم قريبا للاطلاع على الأوضاع في البلاد عن قرب.

وقال مساعد وزير الخارجية الأميركية للشؤون الأفريقية تيبور ناغي لجلسة استماع للجنة الفرعية التابعة للجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب، إن واشنطن «تتحرك بأسرع طريقة ممكنة» من أجل حذف اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب.

وأوضح ناغي في إفادته أن نظرة الإدارة الأميركية للأوضاع في السودان تغيرت، عقب تكوين الحكومة الانتقالية والتغيير الذي جرى بعد الثورة في أبريل (نيسان) الماضي، وتحولت إلى شراكة، وأضاف: «الشيء المهم أننا ننظر الآن إلى السودان كشريك فاعل، نتعامل معه وليس الخصم الذي كنا نتعامل معه في الماضي».

وجاءت إفادات ناغي رداً على سؤال رئيسة اللجنة الفرعية للجنة العلاقات الخارجية في مجلس النواب «كارين باس»، أثناء مناقشتها لميزانية 2020 والأموال المخصصة لأفريقيا، والتي استفسرت فيه بصورة مباشرة عن الأوضاع في السودان بقولها: «أين نحن بالنسبة للعقوبات؟ وهل تتم مراجعة وضع السودان في قائمة الدول التي ترعى الإرهاب، بالنظر إلى التحول الذي حدث والضحايا الذين سقطوا في سبيل ذلك؟».

وقال ناغي: «نحييهم - يقصد السودانيين - على قدرتهم للوصول إلى اتفاق وتشكيل الحكومة الانتقالية في خضم أزمة، سنعمل ما في وسعنا لدعم الانتقال، بخلاف جنوب السودان الذي استمر في فشل وراء فشل».

وأعلن في وقت سابق بالخرطوم أن رئيس الوزراء عبد الله حمدوك سيزور واشنطن مطلع ديسمبر (كانون الأول) المقبل، لبحث ملف قائمة الدول الراعية للإرهاب، وسط توقعات بلقاء بينه وبين الرئيس دونالد ترمب خلال الزيارة التي تستغرق خمسة أيام.

وقطع ناغي بأن حكومته تعمل بجد لدعم عملية الانتقال في السودان، بقوله: «الحوار متواصل مع الخرطوم حول وجود اسمه في قائمة الإرهاب وكيفية حسمه»، وتابع: «نحن في حوار مستمر مع المسؤولين في السودان حول مسألة قائمة الإرهاب وكيفية الوصول إلى نهاية الموضوع، وبالطبع نحن نرى أننا نتعامل مع شريك».

وعند إجابته لسؤال النائبة باس عن مستوى تصنيف السودان في القائمة السوداء والمرحلة التي وصلت إليها عملية إزالته، قال ناغي: «نحن في خضم هذه العملية، وكل الأطراف في المجتمع الدولي توجه السؤال نفسه حول توقيت حذف اسم السودان من قائمة الإرهاب»، واستطرد: «إجابتي هي أن العملية ليست حدثاً كالضغط على مفتاح كهربائي يحدث فجأة، فهذه عملية مستمرة وإجراءات لأن هناك شروطا يجب تطبيقها»، وتابع: «لكني أستطيع التأكيد أننا نتحرك بأقصى سرعة ممكنة».

وأعلنت باس من جهتها عزمها على زيارة السودان في وقت قريب للاطلاع على الأوضاع في البلاد عن قرب، وطلبت من ناغي تنويراً حول عملية حذف اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب والمدى الزمني الذي قد تستغرقه، والإجراءات المستخدمة في هذا الشأن، فأبدى سعادته بالمناقشة بيد أنه اشترط أن تكون الجلسة سرية.

وأدرجت الولايات المتحدة السودان على قائمة الدول الراعية للإرهاب في عام 1993، على خلفية اتهامها نظام المعزول عمر البشير برعاية الإرهاب واستضافته لتنظيم زعيم تنظيم «القاعدة» أسامة بن لادن.

تأجيل المفاوضات بين الحكومة السودانية والحركات المسلحة إلى الشهر المقبل
الأربعاء 20 نوفمبر 2019 
لندن: مصطفى سري - الخرطوم: محمد أمين ياسين

أعلنت وساطة جنوب السودان، بمحادثات السلام السودانية، تأجيل جولة المفاوضات المباشرة الثانية بين الحكومة والحركات المسلحة إلى العاشر من الشهر المقبل، التي كان مقرراً لها غداً الخميس، في وقت يبدأ رئيس الوزراء، غداً الخميس زيارة إلى ولايتين بشرق البلاد.

وعزا رئيس لجنة الوساطة، توت قلواك، في تصريحات صحافية بجوبا أمس «الثلاثاء»، أسباب التأجيل إلى ارتباط بعض الحركات المسلحة المشاركة في المفاوضات بورشات عمل ذي صلة بعملية السلام. وقال قلواك، المستشار الأمني لرئيس حكومة الجنوب، إن لجنة الوساطة سترسل الدعوات إلى كل الأطراف المشاركة في المفاوضات، إضافة إلى ممثلي الاتحاد الأفريقي ومنظمة «الإيقاد» الراعية للسلام في القرن الأفريقي.

من جهته، قال رئيس تحالف الجبهة الثورية الدكتور الهادي إدريس في تصريحات إن الجبهة تلقت إخطاراً من فريق الوساطة من جنوب السودان بتأجيل الجولة الثانية التي كان من المفترض أن تنعقد غداً الخميس، وأضاف أن التأجيل بسبب ترتيبات فنية وإدارية، موضحاً أن وفد الجبهة الثورية مستعد للجولة الثانية في الموعد الذي ستحدده الوساطة.

ووقعت الحكومة السودانية والجبهة الثورية والحركة الشعبية بقيادة عبد العزيز الحلو، الشهر الماضي، على إعلان مبادئ يحدد أجندة المفاوضات.

في غضون ذلك، قال المتحدث باسم الحكومة، وزير الإعلام والثقافة، فيصل محمد صالح، إن رئيس الوزراء، يستأنف زياراته المعلنة للولايات، يبدأها غداً الخميس بزيارة مدينتي بورتسودان وكسلا شرق البلاد. وقال صالح في تصريحات صحافية، إن زيارة رئيس الوزراء إلى بورتسودان تكتسب أهميتها بعد الأحداث التي شهدتها مؤخراً.

وشهدت مدينة بورتسودان اشتباكات قبلية على خلفية استقبال رئيس الجبهة الشعبية المتحدة أدت إلى مقتل 2 وإصابة 20 آخرين، أعلنت على إثرها السلطات حالة حظر التجوال في المدينة.

في أثناء ذلك وصل المدينة وفد رفيع المستوى برئاسة عضو مجلس السيادة، حسن شيخ إدريس ووزراء الداخلية والثقافة والإعلام والبني التحتية، لقيادة وساطة بين القبيلتين.

ومن جهة ثانية، اتهم والي ولاية البحر الأحمر، اللواء حافظ التاج المكي، جهات لم يسمها بالاستفادة من تكرار أحداث العنف بالولاية. وشهدت مدينة بورتسودان، أحداثا مماثلة بين قبيلة البني عامر والنوبة، في أغسطس (آب)، الماضي، خلفت 50 قتيلا و200 من الجرحى.

ومن جانبه، طالب حزب الأمة القومي، بزعامة الصادق المهدي، الحكومة بتحمل مسؤولياتها في حفظ الأمن والفصل بين أطراف النزاع فورا في بورتسودان؛ لأن تكرار المواجهات القبلية تنسف الاستقرار وتعيق عملية السلام. ودعا الأمة في بيان إلى إجراء تحقيق في الأحداث التي شهدتها المدينة بواسطة لجنة قضائية فنية مستقلة لتحديد الجناة ومحاسبتهم وتعويض المتضررين. وناشد حزب الأمة المكونات القبلية في ولاية البحر الأحمر بضبط النفس والاستجابة لصوت الحكمة، وتفويت الفرصة على المتربصين ووقف العنف والتشرذم القبلي.

في سياق آخر، استمع مجلس الوزراء، إلى تنوير من وزير الري بشأن اجتماعات اللجان الفنية لسد النهضة التي عقدت بأديس أبابا الأسبوع الماضي. وقال صالح، إن الاجتماعات هدفت لمعالجة القضايا الخلافية بين الدول الثلاث، وأحرزت تقدماً ملحوظاً في حصر نقاط التفاوض الست.

وأوضح صالح أن نقاط الخلاف في عدد سنوات ملء سد النهضة، والتي قد تصل إلى سبع سنوات أو تقل، اعتمادا على هيدروجية النهر وحجم المياه المتدفقة، بجانب الخلاف بشأن قضية حجم التصريف السنوي خلف السد.

وأشار المتحدث باسم الحكومة إلى أن النقاش سيستمر خلال الثلاثة اجتماعات المتبقية للجان الفنية بشأن سد النهضة، للتوصل إلى حلول لهذه الخلافات. وقال إن الدول الثلاث توافقت على جزء كبير من معامل وإجراءات الأمان حول سد النهضة ولا تزال هناك بعض النقاط المتبقية.